إعرف جيشك

لواء الدعم: تطوّر يواكب تكنولوجيا العصر في فوج الإشارة
إعداد: ندين البلعة

 

من إسمه تعرفونه وحيث تكون الحاجة تجدونه
إسمه يدلّ على دوره وأهميته... إنه اللواء الذي يمدّ المؤسسة العسكرية بالدعم اللازم لتتمكن كل قطعة فيها من إنجاز مهمّاتها والقيام بأعباء مسؤولياتها. شهد لواء الدعم منذ تأسيسه تعديلات كثيرة في تسميته والمهمات التي يتولى تنفيذها، ورسا الأمر في النهاية على هيكلية تتضمّن ثلاثة أفواج تتبع له إداريًا: الإشارة والهندسة والفوج المضاد للدروع، والتي يضّطلع كل منها بمهمة أساسية ضمن اختصاصه.

 

تواريخ وتسميات
في نظرة إلى تاريخ لواء الدعم مع قائده العميد الركن علي الحاج، يتبيّن أن هذا اللواء عرف الكثير من التغييرات حتى وصل إلى ما هو عليه اليوم. إذ أُنشئ بموجب مذكرة الخدمة الرقم 241/ع د/ت/س تاريخ 21/1/1983 تحت اسم «لواء مقر عام الجيش»، وعُدِّلت التسمية العام نفسه إلى «لواء الدعم العام» الذي ضمّ في حينها القيادة وسرية القيادة، فوج الهندسة، الكتيبتَين 801 و 901 وفوج مدفعية مضادة للطائرات. لكن العام نفسه شهد أيضًا تعديلات كثيرة كان من بينها تغيير تسمية اللواء (سُمِّي اللواء التاسع).
بعد عام من ذلك توسّع اللواء وبات يضمّ في هيكليته كتيبة الشرطة العسكرية وسرية موسيقى، هذه الأخيرة أصبحت في ما بعد «موسيقى الجيش»، وتوالت التعديلات في الأعوام اللاحقة بالتوازي مع ما شهدته قطع أخرى في الجيش من إعادة تنظيم، إلى أن كان التعديل الأخير العام 1995: فُصِلت موسيقى الجيش عن لواء الدعم، الذي بات يضمّ في هيكليته، القيادة وسرية القيادة، فوج الهندسة، الفوج المضاد للدروع، فوج الإشارة والكتيبة اللوجستية.

 

مهمات اللواء
من خلال الأفواج التابعة له، يقوم لواء الدعم بمهمات لمصلحة مختلف قطع الجيش في أمكنة انتشارها، فهو يؤمن الدعم الهندسي، والاتصالات، ويضطلع بالقتال ضدّ المدرعات، بالإضافة إلى تنفيذ مهمات حفظ أمن عندما تدعو الحاجة وبناءً على أوامر قيادة الجيش.
عملانيًا، ينفّذ فوج الهندسة عدة مهمّات أساسية أولها تمشيط حقول الألغام وتنظيفها، وتفجير الذخائر غير المنفجرة والكشف على الأجسام المشبوهة، ولذلك كان له دور مهمّ في معالجة مشكلة الألغام والقنابل العنقودية وسواها من الذخائر في مختلف المناطق اللبنانية. هذا الدور بدأ مطلع التسعينيات من خلال معالجة آثار الحرب، ثم توسّع في مراحل لاحقة بعد انسحاب العدو الإسرائيلي وبعد العدوان الذي شنّه على لبنان العام 2006. إلى ذلك يتولّى فوج الهندسة تركيب جسور الحديد وتفكيكها حين تقتضي الحاجة ذلك، وهذه المهمّة تولاها بجدارة في عدة محطات خصوصًا عندما دمّر الطيران الإسرائيلي المعادي العديد من الجسور في الجنوب ومناطق أخرى. إلى ذلك، يشارك الفوج في خطة الإغاثة وعمليات الإنقاذ في أثناء الكوارث، كما يؤمّن الدعم الهندسي التدريبي من خلال تنظيمه دورات خبراء متفجرات وتعطيل ذخائر وهندسة قتال.
العميد الركن الحاج تطرّق إلى أبرز الأعمال التي اضطلع بها اللواء والتي نفّذتها وحداته، بدءًا بدعم ألوية المشاة بحضائر الصواريخ المضادة للدروع اعتبارًا من العام 1991، والإشراف على أعمال التفجير التي حصلت في وسط بيروت وإعادة إعمار القرى. وأشار إلى أن الفوج المضاد للدروع هو فوج ذو هيكليّة مرنة فبالإضافة إلى القتال ضد المدرعات يمكن إدخال أنواع الأسلحة الأخرى إليه (برية، بحرية وجوية) للتصدّي لتهديدات العدو. هنا يستذكر العميد الركن الحاج شهداء اللواء ويبلغ عددهم 39 شهيد ساحة شرف و18 شهيد واجب أقيم في مركز اللواء نصب يخلّد ذكراهم.

 

فوج الإشارة... البداية
تقع مهمة تأمين الاتصالات السلكية واللاسلكية للجيش على جميع الأراضي اللبنانية على عاتق فوج الإشارة في اللواء. هذه المهمة الحيوية تجعل الفوج بمنزلة القلب بالنسبة إلى المؤسسة، وعن تفاصيلها يتحدث قائد فوج الإشارة العقيد فوزي حمادي: «منذ تأسيس الجيش، أوكِلت مهمة الاتصالات فيه إلى لفيفَي الهندسة والمخابرات». العام 1957 أُلغي اللفيفان وأُنشِئت قطعتان مستقلّتان هما فوج المخابرات وفوج الهندسة، كما أنشئت مفرزة المواصلات المركزية التابعة لقيادة الجيش مباشرة، وتمركزت في ثكنة شكري غانم - الفياضية حيث كانت أيضًا المدرسة الإلكترونية التي سُمِيت في ما بعد مدرسة الإشارة.
العام 1969 أضيف إلى فوج المخابرات مركز مخابرات القيادة العليا، ثم أطلق عليه اسم كتيبة الإشارة العام 1970 وتغيّرت التسميات تباعًا من الكتيبة 701 إلى الفوج 97 إلى أن أنشئ فوج الإشارة في 1/3/1982 وألحق بلواء القيادة والدعم وارتبط به عضويًا في 9/5/1983.

 

مهمّات متنوّعة
يرتبط فوج الإشارة عضويًا وإداريًا بلواء الدعم، وينفّذ مهمّات تأمين الاتصالات والحفاظ على أمنها وسريّتها استنادًا إلى أوامر أركان الجيش للعمليات وبالتنسيق مع مديرية المخابرات. فعلى عاتق هذا الفوج تقع مسؤولية نظام اتصالات متكامل للجيش، وتشغيله وتعهّده بغية دعم وظائف القيادة على مختلف المستويات من قيادة وإمرة، واستعلام، ودعم قتالي ولوجستي، واتصال مع قيادتي القوات البحرية والجوية.
يؤمّن فوج الإشارة أيضًا الاتصالات الداخلية لقيادة الجيش وأركانها، ويشمل ذلك كل من مراكز القيادة الأساسي والبديل والتكتي. كما يقوم من جهة أخرى بتدريب العسكريين في القوات البرية على سلاح الإشارة، وتأمين الدعم اللازم لمختلف وحدات الجيش على صعيد الاتصالات.
لا يقتصر دور فوج الإشارة على ذلك وحسب، بل يشمل تأمين وتعهّد العتاد العضوي الخاص به وعتاد الألوية والأفواج من موزعات وأجهزة عائدة للشبكة الخلوية المقفلة، وأجهزة لاسلكية UHF وأنظمة مراقبة وإنذار. كما يعمل تقنيو الفوج ومهندسوه باستمرار على تطوير مستوى الاتصالات ووضع الدراسات لمواكبة التطور والتكنولوجيا ذات الصلة.
يُضاف إلى ما سبق ذكره تنفيذ مهمات حفظ الأمن والمهمات الاستثنائية بتكليف من قيادة الجيش.

 

سرايا ناشطة
لكل من سرايا فوج الإشارة دور فاعل تؤدّيه بحسب اختصاصها، فسرية القيادة والخدمة تؤمن الخدمات اللوجستية والقيادة، وسرية الاتصالات الثابتة تقوم بخدمة الموزّعات العسكرية في منطقتَي بيروت وجبل لبنان، إلى تأمين حماية الاتصالات في الموزعات المدنية وصيانة الشبكات والخطوط الهاتفية. وتؤمن سرية الاتصالات العملانية خدمة مراكز الإشارة الوسطية، بينما تنفّذ سرية الدعم العملاني مهمات تأمين اتصال الألوية ودعمها عند الحاجة. وتتولى سرية الرموز والشيفرة تشفير الأجهزة اللاسلكية وتحضير مفاتيح التشفير اليدوي وخدمة الموزعات العسكرية في منطقتَي بيروت وجبل لبنان. أمّا السرية الفنية فمهمتها مساعفة عتاد الإشارة واستثمار وإدارة برمجة الموزعات وآلات التاكسيفون وتركيب الشبكات الصوتية، بينما تقوم سرية الربط السلكي واللاسلكي بمساعفة أعتدة الربط الخاصة وتركيبها.

 

تقدّم في تكنولوجيا الاتصالات
حقّق فوج الإشارة تقدّمًا ملحوظًا وإنجازاتٍ في مجال تكنولوجيا الاتصالات على مختلف أنواعها، وفق ما يفيدنا العقيد فوزي حمادي.
فعلى صعيد الاتصالات السلكية، تمّ تحقيق موزّع هاتفي جديد لمصلحة وزارة الدفاع الوطني وقيادة الجيش، يعمل بتقنية (IP Internet Protoco). كما تمّ ربط الموزّعات الهاتفية العسكرية عبر خطوط تأجيرية أو رقمية من وزارة الاتصالات، وتمّ استبدال الموزّعات الهاتفية الرئيسة بأخرى حديثة تعمل بالتقنية ذاتها (IP). هذا الربط سمح باستخدام نظام جديد للتاكسيفون يعتمد على بطاقات مسبقة الدفع (Armytel)، بالإضافة إلى قدرة هذه الموزّعات على تأمين المكالمات بنسبة كبيرة. إلى ذلك تمّ تطوير شبكات الربط السلكي وهي تتألّف من ثلاث شبكات مختلفة:
الشبكات العاملة بتقنية ADSL (Asynchronous digital subscriber
(lines وهي التقنية المعتمدة من قبل شركات الإنترنت لتوصيل الخدمة إلى المنازل. تستعمل هذه التقنية في الجيش لوصل المباني المتباعدة ضمن الثكنات العسكرية لمسافات تفوق المئة متر، حيث يتعذّر استعمال تقنية الكابلات النحاسية المستعملة في شبكات التأليل.
شبكة الخطوط التأجيريّة (Leased Lines) وهي عبارة عن خطوط اتصال عبر شبكة وزارة الاتصالات، يستفيد منها الجيش لربط الموزعات العسكرية في ما بينها.
شبكة الألياف الضوئية (Fiber optic) لربط 82 مركزًا عسكريًا على مختلف الأراضي اللبنانية، ويتمّ تنفيذها ضمن شبكة وزارة التصالات.
على صعيد الاتصالات اللاسلكية، أعيد توزيع المحطات الوسيطة على مختلف الأراضي اللبنانية بهدف توسيع بقعة التغطية لهذه المحطات. كما أُجرِيت تجارب اتصال على عدّة أنواع من الأجهزة اللاسلكية التكتيّة بهدف اختيار ما يتناسب مع المهمات التي ينفّذها الجيش والطبيعة الجغرافية للأراضي اللبنانية.
من جهة أخرى، ومن ضمن برنامج المساعدات الأميركية للجيش اللبناني، يتمّ العمل على تحقيق نظام اتصال لاسلكي جذعي (Tetra)، على أن يغطّي هذا النظام كامل الأراضي اللبنانية، بالإضافة إلى تنفيذ خطة مساعفة أجهزة الداترون (Datron) التي يملكها الجيش.
يعمل فوج الإشارة أيضًا على وضع خطة لتحديد حاجة الجيش الى الأجهزة اللاسلكية بعد الإنتقال من البث التماثلي (analogue) الحالي إلى البث التلفزيوني الرقمي (digital)، بالإضافة إلى خطة خمسيّة لتعزيز قدرات الجيش في مجال الاتصالات.
أماّ في ما خصّ شبكات الربط اللاسلكي، فهي أيضًا ثلاث شبكات:
الشبكة الأساسية  SDH Synchronous Digital Hierarchy وتمتدّ من تربل شمالاً حتى صور جنوبًا فتربل - البقاع شرقًا.
 

الشبكة الفرعية PDH
(Plesiochronous Digital Hierarchy) وهي تربط المستوصفات العسكرية بالطبابة العسكرية - بدارو. يتمّ استكمال هذه الشبكة لربط قيادات الألوية والأفواج وبعض الثكنات العسكرية بقيادة الجيش.
وشبكة قطاع جنوبي الليطاني لربط قيادات الألوية في البيّاضة وكفردونين ومرجعيون بقيادة القطاع.
إلى ذلك، يجري العمل على توسيع الشبكة الأساسية لتغطية جميع الأراضي اللبنانية، والشبكة الفرعية لتشمل قطع الجيش المستقلّة، بالإضافة إلى إنشاء غرف عمليات نموذجية.
مستمرّون على الرغم من الصعوبات
تعترض عمل فوج الإشارة بعض الصعوبات، وهي بغالبيتها تقنية، أبرزها النقص في العديد المتخصّص (BT, TS, LT) لمواكبة التطوّر الحاصل، ولتأمين سرعة التنفيذ على مختلف الأراضي اللبنانية.
تـقوم مـدرسة الإشارة بتدريــب التلامذة الضباط والرتبـاء السنــة الثالثــة - اختــصاص إشارة، مكاتب الدراسة 1، 2، 3، 4 و5 اختصاص إشــارة، ومكـاتب الدراســة 2، 3، 4 و5 اختصاص عـتاد وتعـهّد إلكترونيك عام.
في الختام، يحرص العميد الركن علي الحاج قائد لواء الدعم على التنسيق بين مختلف الأفواج التابعة له، وتوظيف العناصر البشرية والمادية والمعنوية المتوافرة لإنجاز المهمّات المسندة إلى اللواء وأفواجه على أكمل وجه.

 

شعار لواء الدعم

يتألف شعار لواء الدعم من سنابل ذهبية ترمز إلى الكتيبة اللوجستية، يتوسّطها سيف يرمز إلى القيادة وسرية القيادة، وعلى رأسه حلقات متداخلة تمثّل فوج الإشارة، بالإضافة إلى قلعة باللون البني هي رمز فوج الهندسة وصاروخين يرمزان إلى الفوج المضاد للدروع.

 

Armytel
هو نظام تاكسيفون يعتمد البطاقة المسبقة الدفع، ويهدف إلى تسهيل حصول العسكريين على الاتصالات الهاتفية من الشبكة المدنية العامة. يُطلب الرقم المخصّص للدخول إلى النظام العامل بهذه البطاقة (34567) من أي هاتف عسكري داخلي، ثم يتمّ إدخال الرقم السري للبطاقة ومن ثم طلب الرقم المُراد الاتصال به.
يؤمّن هذا النظام القدرة على إحصاء سجلات المكالمات الهاتفية، بما يتيح رصد أي مكالمة مشبوهة أخلاقيًا وأمنيًا. كما يتميّز بكلفة تحقيق متدنّية مقارنةً بالخدمات التي يؤمّنها وعدد المشتركين المستفيدين منه، وبتخفيض فاتورة مكالمات العسكريين الخاصة. أمّا كلفة صيانته فمتدنّية إذ أنها محصورة بصيانة العتاد المركب في وزارة الدفاع الوطني، وهي زهيدة مقارنةً بكلفة صيانة النظام السابق المؤلف من 249 آلة هاتف تاكسيفون. يمكن استخدام هذا النظام من أي هاتف داخلي من دون اللجوء إلى آلات التاكسيفون التي تعتمد القطع النقدية المعدنية، ويمكن توسيعه وفق الحاجة من خلال زيادة سعة خطوط الربط بين الموزعات العسكرية أو زيادة موزعات عسكرية إضافية.