تحقيق عسكري

لواء المشاة الثالث تاريخ مواجهات مع العدوّ وحارس الأمن في البقاع الغربي
إعداد: ندين البلعة خيرالله

«أرضنا لنا»... شعار خطّه لواء المشاة الثالث منذ تأسيسه في العام 1983، بدماء شهدائه وجرحاه وبصمود عسكريّيه أمام اعتداءات العدو الاسرائيلي والتي كان آخرها عدوان تموز (2006).
في الداخل حمل اللواء هذا الشعار في وجه الاعتداءات الإرهابية ومحاولات التخريب والتعديات التي مسّت أمن المواطنين وسلامتهم على امتداد الأراضي اللبنانية. وها هو اليوم بانتشاره في منطقة البقاع الغربي، يثبّت الأمن بأدائه كحارس ساهر على الهدوء والسلام في قطاع تنتشر فيه مخيمات اللاجئين الفلسطينيين والنازحين السوريين.
«لا يجرؤ أحد على زعزعة هذا الاستقرار» يقول قائد اللواء العميد الركن حسن حيدر، «فالمخالفة ليست من مصلحة أحد، والهدوء في القطاع يعود بالفائدة على الجميع».


ولا ضربة كفّ...
من شتورا وصولاً إلى جب جنين، حيث مقرّ قيادة لواء المشاة الثالث، تأسرك المناظر الطبيعية الخلابة والمساحات الخضراء الشاسعة، وعند مدخل عاصمة البقاع الغربي جب جنين، يستقبلك الجسر الروماني الأثري. المعالم الأثرية في قطاع انتشار اللواء (يضمّ قضائي البقاع الغربي وراشيا وجزءًا من قضاء زحلة) عديدة، من أبرزها قلعة الاستقلال في راشيا، لكن جمال الطبيعة ووجود المواقع الأثرية ليسا كل ما يميّز هذا القطاع.
أمنيًا أيضًا هو في أفضل حال، ودور الجيش هنا لا يقتصر على معالجة أي طارئ، بل يتعدّاه إلى استباق حصول أي إشكال، من خلال السهر الدائم والعلاقات الطيبة التي تجمع بين الجيش والمواطنين، والمكانة التي يحتلّها لدى مختلف شرائحهم.
هذه العلاقات تخوّل الجيش أداء دوره الأمني من دون استخدام القوّة في معظم الأحيان. «المجتمع هنا يلفظ المطلوب ويعمد إلى تسليمه»، وفق ما يشرح لنا قائد اللواء مؤكدًا: ننتشر في القطاع منذ العام 2010 ويمكننا القول إنه لم يشهد «ضربة كفّ» حتى اليوم. التدابير التي نتّخذها معطوفة على تقدير المواطنين وتجاوبهم، حقّقت أفضل النتائج.
مع هذا الكلام كدنا نتخيّل أنّ عسكريّي اللواء ينعمون بالراحة، لكن الواقع بعيد عمّا خطر في بالنا لوهلة. فالحقيقة أن الجهود المبذولة هي التي أرست هذا الواقع، وأنّ عسكريّي اللواء ناشطون في تأدية مهمّاتهم الكثيرة، كما سواهم من القطع الأخرى.
يلفت العميد الركن حيدر إلى أنّ قطاع اللواء يقع بين سلسلة جبال لبنان الشرقية وتلال السلطان يعقوب ويتوسّطه الجبل العربي، ويبلغ طوله 50 كلم وعرضه 35 كلم.
ينفّذ اللواء مهمات الدفاع عن قطاع المسؤولية ضد أي اعتداء محتمل جوًّا وبرًّا، يكافح التهريب البرّي للأشخاص والأسلحة والبضائع، ويحافظ على الأمن، ويساند باقي الأجهزة الأمنية عند الطلب. فهو يقيم نقاط مراقبة وكمائن على الحدود الشرقية لمنع عمليات التسلّل والتهريب عبر الحدود السورية، فضلاً عن تركيزه حواجز ثابتة في النقاط المهمة التي تضبط الدخول والخروج من القطاع وإليه، وأخرى ظرفية حيث تدعو الحاجة.

 

تنسيق مع قطع أخرى
يشير قائد اللواء إلى التنسيق والتعاون العملاني مع قطع أخرى، إذ تنتشر في القطاع وعلى الحدود الشرقية وحدات فوج الحدود البرية الثالث، من عيتا الفخار إلى بركة المحفورة، ويتمّ التنسيق معها بهدف توقيف المتسلّلين وضبط عمليات التهريب. واللواء جاهز دائمًا لتقديم الدعم والمساندة لها حين تتطلّب الأوضاع ذلك، كما تقضي مهمات وحدات اللواء بمساندة القوى المنتشرة في قطاع حاصبيا- شبعا، لصدّ أي اعتداء من قبل العدو الإسرائيلي.
نسأل العميد الركن حيدر: ماذا عن المخيمات الفلسطينيّة وخيم النازحين السوريين، ألا تشكّل تهديدًا أمنيًا؟
فيقول: نمسك بالأوضاع جيّدًا من خلال السهر الدائم وتنفيذ الدوريات وعمليات الدهم بالتعاون مع فرع المخابرات في منطقة البقاع. كما أنّنا نضبط عمليات الدخول والخروج من المخيمات الفلسطينية وإليها، وخصوصًا مخيّم لوسي (السلطان يعقوب التحتا).
إلى ما تقدّم، تجوب دوريات اللواء البلدات والقرى، ما يعزّز شعور المواطنين بالطمأنينة وبأن الجيش موجود إلى جانبهم في أي مكان وأي وقت. هذا الحضور يتجاوز الجانب الأمني، ليشمل تقديم خدمات وأعمال إنمائية، حيث تدعو الحاجة.

 

التدريب
يتطلّب تحقيق الجهوزية الدائمة صقل مهارات العسكريين باستمرار، وهذا ما يوفّره التدريب المتواصل الذي يشمل: تدريب الضباط القادة وآمري السرايا والفصائل والضباط الأعوان في اللواء، فضلاً عن العسكريّين من باقي الرتب. وفي هذا السياق تُقام مكاتب دراسية، ودورات مقتضبة موازية للرتبة، وأخرى في نظم المعلومات الجغرافية (GIS- GPS)، وترميم العتاد، إلى جلسات تدريبية في مجال المعلوماتية وسواها.
وتتابع السرايا تدريبًا مشتركًا بإشراف فرق تدريب أميركية وأخرى بريطانية في مدرسة القوات الخاصة في حامات. ومن التدريبات التي نُفِّذَت حديثًا، دورة هبوط على الحبال بإشراف مدرّبين من الفوج المجوقل، ودورة قتال أساسي بإشراف فريق تدريب أميركي في فوج التدخل السادس- رياق، وتدريب مشترك على القتال في الأماكن الآهلة، وآخر خاص بنزع الألغام مع قوات الأمم المتحدة المؤقتة.
يشهد اللواء ورشة تشمل تطوير مراكز ومنشآت، وإنشاء أخرى. ويعمل حاليًا على إنشاء مركز تدريب (جولة مقاتل وحقل رمي)، وقاعة محاضرات وتدريب، ومشاغل، بالإضافة إلى مبنى لقيادة الكتيبة 32، ومركز لإمرة سرية المدفعية وآخر للمراقبة على الحدود الشرقية.


شعار اللواء
يقسم شعار اللواء الثالث إلى قسمين: الأول أزرق يرمز إلى السماء، والآخر بني ويرمز إلى أرض الوطن. تتوسطه يد ممدودة على سيف مرفوع نحو السماء ويعني الإرادة والتصميم، حاملاً الأرزة الخضراء رمز خلود لبنان، محاطة بالنار التي تقضي على الأعداء، والنور دلالة على بقاء الحق ساطعًا. يحمل الشعار عبارة «أرضنا لنا».


غرفة العمليات
تضطلع غرفة عمليات اللواء بالدور الرئيس في المعالجات بين عمليات القيادة وقيادة اللواء من جهة، وبين قيادة اللواء وقطعه من جهة أخرى. وهي مزوّدة Wall Screen متعدّد الشاشات يتّصل بكاميرات مراقبة حول قيادة اللواء، ونظام GIS لخزن المعلومات، ما يتيح معاينة خطائط تظهر قطاع اللواء وقطاعات القطع والمراكز والحواجز ومسالك الدوريات، بالإضافة إلى الأماكن المشبوهة ومخيمات الفلسطينيين والنازحين السوريّين، وخطط غلق القطاع، وخطة انتشار على الحدود... بغية تسهيل عملية القيادة والسيطرة.
كذلك، جُهِّزَت الغرفة التي تستفيد من طائرة Drone للاستطلاع، بمجموعة خرائط متحرّكة وأجهزة اتصال وأجهزة كمبيوتر.