ملف العدد

لواء المشاة الثاني عشر حسمنا وسنواصل حماية المدينة ولقمة عيش اهلها

 

إنه لشرف كبير أن تكون في ضيافة العسكريين الذين خاضوا معارك طرابلس، وحموا المدينة واهلها من الخطر المتغلغل في احيائها. رجال الجيش من اللواء الثاني عشر نفذوا بكفاءة مهمة صعبة وخرجوا منها مؤكدين أنهم سيواصلون حماية طرابلس واهلها ولقمة عيشهم.
خلال المعارك التي كانت تدور بين منطقتي التبانة وجبل محسن كان الجيش يعالج الأوضاع بكل حكمة ودقة مانعًا الوصول إلى الاسوأ، ما دفع البعض إلى محاولة ضرب المؤسسة من خاصرة ثانية، عبر زرع بعض البؤر والأصوات التي تحرّض على الجيش، وتصوّره على أنه يعمل لفئة محددة. ولكن كل المحاولات باءت بالفشل، فأهل طرابلس خصوصًا، يدركون أن الجيش وحده هو الأمين الأول والأخير على أرواحهم وكراماتهم وممتلكاتهم.


الثاني عشر على خط الهجوم
في الخامسة والنصف فجرًا، تعرّض الجيش لهجوم من ثلاثة محاور وذلك بعد انتهاء معركة الأسواق التي خاضها فوج التدخل الأول وحسمها.
الإرادة الشعبية أعطت للجيش الغطاء ودعته لتخليصها من الإرهابيين. في المقابل اعطت القيادة الأوامر للقيام بعملية هجومية لإزالة البقعة الأمنية التي يتحصن فيها الإرهابيون. ودارت المعارك على ثلاثة محاور:
- محور البيكــادلـي (ســاحة الأســمر).
- محور الأهرام.
- محور البرغشة.
هدفنا الأول يقول ضابط من اللواء، كان الوصول إلى مسجد عبدالله بن مسعود الذي يلجأ إليه المسلّحون. الجيش أخذ القرار بالتصدي مهما كانت الأثمان، وهذا ما حصل.
ويضيف: في الجولات السابقة كنا نعتمد نقاط فصل بين منطقة التبانة وجبل محسن، أما معركتنا هذه فكانت لمنع المسلّحين من جعل طرابلس إمارة خاصة وحاضنة للإرهابيين.

 

مقاتلات في صفوف الإرهابيين
واجه الجيش في هذه المعركة مسلّحين غرباءً مستوردين من الخارج، كنا نتخوف من حدوث باردٍ ثانٍ ولكن الجيش حسم المعركة. لقد واجهنا مقاتلين مدربين تدريبًا محترفًا، كانت المعارك في شوارع طرابلس وأحيائها الضيقة والمكتظة بالسكان، مما أجبرنا على التقشف في استعمال النيران. في المقابل استغل المسلّحون الأبنية والأزقة الضيقة وكانوا مجهزين بالقناصات وقاذفات الصواريخ. وإذ اشار إلى وجود نساء مقاتلات مع الإرهابيين، أوضح أن الخسائر كانت محدودة بين المدنيين لأن الجيش حرص على تحييدهم، وإن على حساب تلقّي عناصره المزيد من الإصابات.
كنا نتوقع هذه المعركة «وناطرين ساعة الصفر» يقول الضابط، ويضيف: جهزنا عسكريينا ودربناهم على جميع الأسلحة وقمنا بمناورات حول العمليات المشتركة في أماكن مبنية، وكذلك بالنسبة إلى عمليات الإخلاء السريع.
وأضاف: كانت عيون الإرهابيين على المدينة، وقد رصدنا تواصل بعض المسلّحين الموجودين في مناطق جرود عرسال بشكل يومي مع مسلّحين في طرابلس. لذلك كان لا بد من الحسم.

 

سير المعركة
كان التنسيق تامًا بين قيادة اللواء وفرع مخابرات الشمال بالإضافة إلى فوجي مغاوير البحر ومغاوير البر. وكان لكل كتيبة من القوى المشاركة غرفة عمليات متقدمة ولكل وحدة محور خاص. لواء المشاة الثاني عشر تسلّم محورين وكان على كل منهما وحدات من المشاة ودبابات. وسلاح الدبابــات حســم المعركــة علــى الأرض.
تقدّم المشاة على ثلاثة محاور بهدف الوصول إلى أقرب نقطة من المسجد، كثافة النيران التي تعرّضوا لها، جعلت الحاجة ملحّة للرمي بالدبابات، يوضح أحد الضباط.
ملازم أول كان مسؤولاً عن محور الأهرام، تقدّم مع سرية مشاة باتجاه مسجد عبدالله بن مسعود، يروي لنا سير الأمور في لحظات حرجة، يقول: عند تقدّمنا دارت اشتباكات مباشرة مع المسلّحين بين المباني، كان لدينا إصابة كل عشر دقائق نظرًا إلى غزارة النيران التي كنا نتعرض لها، مع ذلك الجميع في السرية كان مصرًا على إنهاء المهمة من دون تلكؤ. وكانت المواجهة في أكثر الأحيان وجهًا لوجه، كنا نقاتل مسلّحين مدربين، ونوعية سلاحهم ممتازة.
ويـضـيــف: بـعــد حســم المـعـركــة قمنــا بدهــم المنــازل وكـان بـعـضـهــا مدشمًا ومحصنًا وهذا ما أكد أن المسلّحين كانوا يحضرون لهذه المعركـة.


الروح العالية والاندفاع لدى العسكريين
السائق يقود ويرمي، العسكري المصاب يعالَج ويعود إلى المعركة، هذه الشجاعة المقرونة بالخبرة، ساعدت في حسم المعركة بأقل الخسائر. والفخر الذي يتملّك كل جندي وهو يدافع عن وطنه، عبّر عنه العسكريون الذين التقيناهم.
عريف في الكتيبة 124 (سائق دبابة) يقول، في الجولات السابقة لم تستعمل الدبابات، وكنت أتمنى أن أشارك في القتال لأن ذلك من واجب العسكري، وشرف الجندي في تضحيته.
صداقة الدم، صداقة الخبز، هي رابط أقوى من أي رابط آخر، وفق رأي أحد العسكريين الذي يؤكد: من الصعب أن يدرك ذلك من لا يعيشه.
رقيب من الكتيبة 121 يعقب قائلاً: التراجع يفشل المهمة، وعندما تكون الروابط بين الرفاق قوية، فإنهم يتحركون كرجل واحد ولا يتراجعون.
يؤكد المقولة نفسها جندي من السرية 1240 بالقول: لدينا استعداد لمعركة اكبر من هذه. إصابتي لم تمنعني من العودة إلى القتال لأن رفاقي بحاجة إلي.
بدوره يقول مجند من السرية 1211، كنا نتدرب باستمرار والمعارك التي خضناها سابقًا ساعدتنا في معركتنا الأخيرة. ودم شهداء السرية كان دافعي الأول في المعركة، كما أن اندفاع الرؤساء كان حافزًا لنا كعسكريين.
في ختام جولتنا يؤكد لنا قائد احدى الكتائب في اللواء، أن قضية الجيش بعد تخليص طرابلس من المسلّحين، هي حماية أمن المدينة وحماية ارزاق أهلها وممتلكاتهم. فهذه المدينة العزيزة عانــت الكثيــر، وآن لها أن تعــود كما يريدهــا ابناؤهــا وجميــع المخلصــين: مدينة التلاقي والتعايش والسلام.