تحقيق عسكري

لواء المشاة الخامس المنتشر جنوبًا
إعداد: الجندي جيهان جبّور

طائر فينيق ينثر رماده على مساحة الوطن
إسمه راسخ في ذاكرة الوطن. قدّم خيرة من أبطاله شهداء في مواجهة الإرهاب. جاهز دائمًا وأبدًا لتلبية نداء الواجب الوطني. شعاره طائر الفينيق الذي ينبعث من رماده أكثر شبابًا وجمالًا.
إنّه لواء المشاة الخامس الذي شارك في أخطر المعارك التي شهدها لبنان بحرفية عالية، ومناقبية ملفتة، ومنذ إنشائه حرص على أن يكون وفيًا لشعاره «رمادي حياة للبنان».

 

مهمات وعشرات الشهداء
مجلة «الجيش» زارت اللواء والتقت قائده العميد الركن عفيف صالح في منطقة البياضة (الجنوب)، فاللواء ينتشر منذ العام 2010 في قطاع جنوب الليطاني على مساحة توازي 10% من مساحة لبنان، ويمتد من مارون الراس شرقًا إلى رأس الناقورة غربًا، ومن الغندورية إلى القاسمية.
أنشىء اللواء في العام 1983، وهو اضطلع بالعديد من المهمات الدفاعية في مواجهة العدو الاسرائيلي، كما نفّذ عمليات حفظ الأمن حيث دعت الحاجة. في مطلع العام 2000 واجه الارهاب في الضنية، وفي الـ2007 كان في مواجهة «فتح الإسلام» في نهر البارد. تلك المعركة التي دامت 106 أيام وشاركت فيها عدّة قطع في طليعتها القوات الخاصة، كلّفت اللواء الخامس 53 شهيدًا ومئات الجرحى. التضحيات التي قدّمها اللواء دفعت القيادة إلى منحه وسام الحرب الذي علّق على بيرقه وقطعه ووحداته، وفي ثكنة ريمون حايك (صربا) حيث يتمركز, شيّد في العام 2013 نصبًا تذكاريًا لشهدائه.

 

قطاع واسع وصعوبات لوجستية
يوضح قائد اللواء العميد الركن صالح أنّ اتساع قطاع اللواء يقتضي سهرًا متواصلًا وجهوزية عالية لمواجهة العدو الاسرائيلي وحماية الاستقرار في المنطقة.
ولدى سؤالنا عن الصعوبات التي يواجهها اللواء، يوضح قائده أنّها تقتصر على اللوجستية، فثمة حاجة إلى المزيد من الأسلحة النوعية. أمّا على صعيد العديد، فعسكريو اللواء يتميّزون بالكفاءة والاندفاع وهم على أتمّ الاستعداد لخوض أي معركة متى دقّ ناقوس الخطر.


الجنوب يحضن الجيش
ما هي طبيعة العلاقة التي تجمع اللواء بأهالي الجنوب؟ يجيب العميد الركن صالح بالقول إنّ الجيش يحضن الأهالي الذين يحتضنونه بدورهم ولا يترددون في مؤازرة عناصره متى استطاعوا، ويعربون عن ثقتهم به قاطعين الطريق على أي محاولات للاخلال بالأمن وتهديد السلم والعيش المشترك في الجنوب.

 

التدريب والتعاون مع اليونيفيل
يستعرض قائد لواء المشاة الخامس أبرز التدريبات التي يقوم بها عناصر الفوج، وهي ثلاثة أنواع: التدريبات المقرّرة سنويًا، التدريبات الخاصة التي تشمل الرماية بالأسلحة الثقيلة، فضلًا عن التمارين التي تتمّ في «مدينة الفينيق» وهي منشأة تدريبية استحدثها اللواء منذ حوالى 6 أشهر وفيها 6 مشاغل: مشغل الاعداد البدني، مشغل جولة المقاتل، مشغل الحركة والنار، مشغل مداهمة المنازل، مشغل حلقة الاشتباك، ومشغل الهبوط.

إلى ذلك، ينفّذ اللواء تدريبات مشتركة مع قوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب، وفي هذا الإطار تمّ تنفيذ تمرين «العاصفة الفولاذية» الذي استخدمت فيه الذخيرة الحية.
ولدى سؤالنا له عن الكتيبة البلجيكية التي أنهت مهمتها في لبنان، أوضح أنّ الكتيبة الفيجية ستتولى مسؤولية القطاع الذي كانت تؤمنه الكتيبة المغادرة. وفي هذا السيـاق أشار إلى النشاطات التي تقوم بها قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، ففضلًا عن مهماتها العسكرية، تؤدي هذه القوات مهمات انسانية وخدماتية تشمل تقديم خدمات طبية، واجتماعية وزراعية وإنمائية.

من جهته يتحدّث قائد الكتيبة 53 عن آلية التعاون مع قوات الأمم المتحدة، حيث تؤدي الكتيبة التي يتولّى إمرتها مهمات تقتضي التواصل مع هذه القوات بشكل دائم. ويوضح أنّ تنسيق المهمات يخضع لتوجيهات قيادة الجيش ويشمل العمليات العسكرية الانسانية والخدماتية على السواء.

 

في مدينة الفينيق
تابعنا جولتنا في الجنوب واتجهنا نحو مدينة التدريب الخاصة باللواء (مدينة الفينيق). تزامن وصولنا إلى هناك مع تنفيذ دفعة من العسكريين دورة تستمر أسبوعين وفق ما يفيدنا مديرها. إلى الإعداد البدني يتابع العسكريون تمارين وجولة المقاتل وحلقة الاشتباك والـrappel والـpoulie.
المدربون مفصولون من مغاوير البحر، يعاونهم عناصر من اللواء سبق أن تابعوا دورات تؤهلهم للتدريب.
التدريب المستمر يكسب العسكري مزيدًا من الثقة بنفسه ويؤدي إلى تغلّبه على الخوف والتردّد، كما أنه يعزّز كفاءته ليصبح قادرًا على القتال مهما كانت ظروف الطقس، على حد قول مؤهل أول من مغاوير البحر (مدرّب).

التصميم والاندفاع من أبرز أسلحة العسكري وهذا ما شاهدناه بأم العين خلال تأدية العسكريين تدريباتهم. اندفاعهم انتقل إلينا ومشاركتنا في بعض التدريبات كانت تجربة لا تنسى. كذلك كلمات بعض العسكريين ظلت ترافقنا طوال طريق العودة: رقيب أول أصيب شقيقه في معركة عرسال، كان ذلك حافزًا جديدًا له، وهو يتمنى أن تتاح له فرصة القتال ضدّ الإرهابيين... جندي يتحمّل مشقات التدريب وتنفيذ المهمات يقول انّ خشونة الحياة العسكرية جعلته يكتشف في نفسه قدرات جديدة... ومجنّد يحمل قسمه عهدًا مقدّسًا ويردّد مع رفاقه: بزّة الجيش هي شرفنا وعهدنا حماية الوطن...