تحية لها

لينا مكرزل: العالم أصبح مكانًا أفضل للمرأة

رئيسة مجلس المرأة العربية السيدة لينا مكرزل من الناشطات في مجال تعزيز حقوق المرأة وصولًا إلى إرساء مبدأ تكافؤ الفرص أمام الجنسين. في ما يأتي تتحدث مكرزل عن وضع المرأة العربية عمومًا، وتتناول العوامل التي ما زالت تحول دون حصولها على حقوقها كاملة.

 

ترى السيدة مكرزل أنّ المرأة خاضت كفاحًا تاريخيًا في مختلف دول العالم في سبيل مساواتها بالرجل، وقد توصلت المرأة العربية في مطلع القرن العشرين إلى المطالبة بحقها في التعليم والحصول على عمل يؤمن لها دخلًا، وفي التصويت في الانتخابات والترشح لها. وما أن حلّت نهاية هذا القرن حتى كانت قد حظيت بالاعتراف بتلك الحقوق في لبنان ومعظم المجتمعات، وأثبتت قدرتها وأحقيّتها للعمل فتبوّأت مراكز متقدمة في مجالات متعددة.


تكافؤ الفرص
وتضيف: «بعد أن كفل القانون للمرأة حق المساواة في الحقوق والواجبات مع الرجل، فإنّنا نطالب الآن بتفعيل مبدأ تكافؤ الفرص لا سيما للكفاءات من كلا الجنسين، لأنّ النهوض بالأوطان يتمّ من خلال مشاركة فعّالة للوصول إلى مجتمع أفضل اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا وإنسانيًا، وعبر تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 السبع عشرة التي دعت إليها الأمم المتحدة».
وتؤكد مكرزل أنّ «مجلس المرأة العربية انطلاقًا من أهدافه المتضمنة تمكين المرأة العربية والتوعية بقضاياها وحقوقها وغاياتها المتمثلة في عملية التنمية وأهمية توفير الكرامة الإنسانية والعدالة والحرية والمشاركة الفعالة في الحياة العامة، يعقد المؤتمرات وينفّذ الأنشطة التي تتناول قضايا مختلفة لتعزيز قدرات المرأة وتحقيق مصالحها التنموية وإرساء حقوقها».

 

نظرة المرأة إلى نفسها
حول أبرز العوامل التي ما زالت تحول دون حصول المرأة العربية على حقوقها، والمسؤولية التي تتحملها في هذا المجال، تقول مكرزل:
«حتى يومنا هذا ما زالت بعض فئات النساء تواجه أشكال تمييز معقدة بسبب عدة عوامل، منها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، علمًا أنّ المساواة بين الجنسين هي في صميم حقوق الإنسان، وتقع على عاتق جميع الدول مسؤولية حماية حقوق المرأة وتعزيزها على نحو فعّال يتطلب فهمًا شاملًا للهياكل الاجتماعية وعلاقات القوة التي لا تحدد إطار القوانين والسياسة فحسب، ولكنّها تحدد أيضًا إطار الاقتصاد والأعمال والحياة الأسرية والمجتمعية التي من شأنها أن تحقق تمكين المجتمعات وتطويرها.
وهنا يجدر بنا أن نذكر أنّ التحديات تشمل نظرة المرأة لنفسها، والتي عليها أن تثق بنفسها وتعي حقوقها وحجم إمكاناتها وطموحها، فتحافظ على مكتسباتها وتدعو إلى ممارسة حقوقها السياسية الواردة في الدساتير والأنظمة، وتسعى إلى بناء خطط عمل في هذا الشأن. وللوصول إلى ذلك، لا بد من تضامن الجهود على المستويين الرسمي والشعبي وإيجاد قنوات اتصال قادرة على الوصول إلى المجتمع ومخاطبته بصورة تدفعه للوقوف إلى جانب المرأة ودعمها.
لكن، رغم كل شيء فالعالم أصبح مكانًا أفضل للمرأة عما كان عليه من قبل، إذ تمكنت من تحقيق إنجازات عظيمة في مختلف أنحاء العالم خلال القرن الماضي. فقد ارتفع عدد النساء اللواتي يحصلن على التعليم العالي، ومع ارتفاع درجة تأهيل المرأة، زادت أيضًا فرص حصولها على عمل أفضل. والنساء أصبحن يتسلّمن مراكز مهمة وقيادية، والمرأة جاهزة للمنافسة في كل الميادين وقادرة على إثبات جدارتها وكفاءتها».

 

الحياة العسكرية ليست حكرًا على الرجال
في ما يتعلق بمدى إسهام انخراط الإناث في الجيش في تمكينهنّ وتحقيق المساواة في المجتمع، ترى مكرزل أنّ «حق الشراكة والكفاءة والمقدرة شكّل حافزًا لإفساح المجال للمرأة للانخراط في صفوف الجيش لتتحمل مسؤولية الدفاع عن وطنها مع الرجل. فقد خاضت المرأة هذه التجربة التي شكّلت تحديًا لها وجعلتها تثبت مقدرتها على المشاركة الفاعلة في تحمل المسؤولية، ورسمت صورة إيجابية للجيش لدى المجتمع، كما برهنت أنّ ميادين الحياة العسكرية ليست حكرًا على الرجال فقط.
ويمكن وصف عمل المرأة في السلك العسكري بالجديد وغير التقليدي لأنّه فتح لها آفاقًا جديدة وواسعة لتخرج من حيز الوظائف والمهمات التقليدية، وهو إنجاز لدور أكثر فاعلية للمرأة يتماشى مع التطورات والمستجدات في العالم. وقد خطت المرأة في الجيش خطوات طموحة محققة الكثير من النجاحات في تحقيق المساواة مع الرجل لأنّها تؤمن بأنّ الكثير من قدراتها وإمكاناتها يجب أن يُسخر لمصلحة وطنها وجيشه، يضاف إلى ذلك طموحها ورغبتها الأكيدة في العمل والعطاء.
إنّ أهمية الدور الذي تقوم به المرأة في عملها العسكري وسعيها الدؤوب لاستكمال الدور الريادي الذي تسعى لتحقيقه وضمان حقها ومشاركتها في العمل، عوامل أسهمت في تصويب بعض المفاهيم والصور النمطية العالقة في أذهان شبابنا وشاباتنا والناشئة عن النظـم الاجتماعيـة والثقافية السائدة».

 

حقوق المرأة مسؤولية مشتركة
وفي معرض حديثها عن أهمية عمل الجمعيات الأهلية في ما يتعلق بقضايا المرأة، تقول مكرزل:
«تكمن أهمية تفعيل دور المرأة في نشر الوعي في المجتمع لتعرف النساء حقوقهنّ، وهذه مهمة مشتركة بين المجتمع المدني والدولة، لأنّ تحسين وضع المرأة يستدعي التواصل والتنسيق بين مختلف الفاعلين في هذا المجتمع، وحقوق المرأة هي حقوق الإنسان، وهذه مسؤولية مشتركة يتطلب تحقيقها دعمًا صريحًا لمشاركة المرأة، خصوصًا في صنع القرار.
وهنا يدخل عمل الجمعيات الأهلية الذي يكون في بعض الأحيان قادرًا على تحقيق التغيير في ما يتعلق بقضايا المرأة، من أجل تمكين المجتمع والمزيد من المشاركة الشاملة وتنمية القدرات، أي تطوير قدرات الأفراد والمجتمعات وحل المشكلات ووضع الأهداف البنّاءة وتحقيقها».
وتدعم مكرزل مبدأ التشبيك والتعاون بين مؤسسات المجتمع المدني لتحسين قضايا المرأة وتمكينها وتحفيزها للعمل والإبداع والابتكار وإحقاق حقها في المجالات كافة، ما يؤدي حتمًا إلى مجتمع أفضل، أكثر ثقافة وإنتاجية وتطورًا.
وهي ترى أنّ المرأة العربية بحاجة للدفع قدمًا في إحقاق التوازن وتكافؤ الفرص إذ إنّ نسب تبوّئها مراكز القيادة في الإدارات الرسمية متواضعة، وتلفت إلى أنّ مجلس المرأة العربية يتعاون مع عدة جمعيات أهلية لدعم صاحبات الكفاءة لإيصالهنّ إلى هذه المراكز.
في الختام، ثمّنت مكرزل دور الجيش اللبناني الإيجابي في حماية لبنان أرضًا وشعبًا، وأكدت حرص مجلس المرأة العربية وسعيه إلى الارتقاء بأوضاع المرأة العربية من خلال مشاركة فعالة مع الرجل، للوصول إلى مجتمع أفضل اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا وإنسانيًا.