مؤتمر صحافي

مؤتمر صحافي عقب إعلان الحسم في نهر البارد

وزير الدفاع: الجيش إقتحم أوكار الإرهابيين ولكم أن ترفعوا رؤوسكم وتعتزوا بالضباط والجنود


رئيس الأركان ومديرو المخابرات والعمليات والتوجيه شاركوا وأسئلة الصحافة وجدت لديهم الأجوبة

«نفِّذ الأمر،
حسم الجيش معركة البارد، وسحق أوكار الغدر والإرهاب، لم يتركوا أمام الجيش خياراً، تصوروا صبره ضعفاً، ظنوا حكمته تردداً، حسبوا إنذاره كلاماً فكان القرار واضحاً وحاسماً: «إما ان يستسلم القتلة الإرهابيون وإما الحسم العسكري»! رفضوا، فاقتحم الجيش أوكارهم، وأسقط كل مراكزهم العسكرية»...
هذا الكلام جاء على لسان وزير الدفاع الوطني الياس المر خلال المؤتمر الصحافي الذي عقد في قاعة العماد نجيم في مبنى وزارة الدفاع في اليرزة، إثر انتهاء المعركة، وقد كان بحضور رئيس الأركان اللواء الركن شوقي المصري، مدير المخابرات العميد الركن جورج خوري، مدير العمليات العميد الركن فرانسوا الحاج، وحشد من الضباط وعدد كبير من وسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية.

 

كلمة مدير التوجيه
إفتتح المؤتمر بالنشيد الوطني اللبناني ومن ثم الوقوف دقيقة صمت إجلالاً لأرواح شهداء الجيش والوطن الذين سقطوا نتيجة الاعتداءات الاسرائيلية في حرب تموز وفي مواجهة الإرهاب في نهر البارد وكل شهيد سقط وهو يدافع عن لبنان.
ثم ألقى مدير التوجيه العميد الركن صالح حاج سليمان كلمة نوّه فيها بتضحيات أبناء المؤسسة العسكرية، مشدداً على أن «وحدة اللبنانيين هي السدّ المنيع الذي يحول دون تسلل الأمراض إلى جسم الوطن، والخلافات هي المناخ المناسب لكي تنمو الطفيليات وتنتشر الأوبئة وتفتت الجسد». ومما قاله في كلمته:
«في العشرين من شهر أيار، امتدت يد الغدر محاولة النيل من إستقرار لبنان، وتهديد الكيان، باستهدافها حراس هذا الوطن الأوفياء. هبّ الجيش مستنداً إلى قوة حقه وإرادة اللبنانيين الجامعة، وبقرار حاسم من قيادته ومواكبة مستمرة من السلطة السياسية والتأييد الشعبي العارم والتضامن من الشعب الفلسطيني الصابر على آلامه، لينتصر للوطن ويقطع دابر الفتنة التي حاولت أن تمد رأسها وتبث سمومها انطلاقاً من منطقة الشمال، هذه المنطقة الأبية، التي ترفد الجيش بخيرة شبابها والتي روت جذور الأرز بدماء أبنائها، فاستطاع الجيش بوحدته أن يقف سداً منيعاً بوجه العواصف ويربح كل الرهانات عليها. لقد زرع أبناء المؤسسة العسكرية أجسادهم على مساحة الوطن، ومنحوا مجد الشهادة كل بيت وعائلة وقرية. من كل الوطن جاؤوا ولكل الوطن بذلوا الدماء بسخاء من أجل وحدته وأمنه واستقراره.
إن وحدة اللبنانيين هي السد المنيع الذي يحول دون تسلل الأمراض إلى جسم الوطن، والخلافات هي المناخ المناسب كي تنمو الطفيليات وتنتشر الأوبئة وتفتت الجسد.
اليوم، ونحن نعلن الإنتصار على الإرهاب لا بد أن ننحني أمام جلال صانعي النصر، شهداء الوطن من الجيش والقوى الأمنية والصليب الأحمر والمواطنين الأبرياء والإخوة الفلسطينيين الذين أبوا إلا أن يساهموا في عطاء الدم لإبعاد شبح الإرهاب عنهم، واعتبار الجميع كشهداء الجيش قرابين على مذبح الوطن.
كما لا بد أن نهدي هذا الانتصار لعائلات الشهداء الأبطال، ولكل الشعب اللبناني الذي عبّر عن تضامنه مع الجيش كما لم يعرف تاريخنا مثيلاً له، وللأخوة الفلسطينيين لأنه انتصار لوحدتهم وإبعاد لشبح الخلافات والتجاذبات عنهم وليس انتصاراً عليهم.
لقد استطاع الجيش أن ينهي «تنظيم فتح الاسلام» ويجتثّه نهائياً ويقضي على مشاريعه المشبوهة للتغرير بالمواطنين وجعلهم من ضحاياه.
وإن ما بذله العسكريون من تضحيات جسام من أجل تحقيق العدالة وعودة هيبة الدولة وتجنيب المدنيين ويلات الحرب، لا يمكن مقارنتها بالخسائر البشرية مع عناصر هذا التنظيم الارهابي، الذين نالهم المصير المحتوم ليكونوا عبرة لمن تسوّل له نفسه التعدي على صيغة لبنان الفريدة في العالم، والتي أثبتت الوقائع أن هذا التنوع هو غنى للبنان».


كلمة وزير الدفاع
بدأ وزير الدفاع الياس المر كلمته بالانحناء أمام شهداء الجيش الأبطال، وأمام الجرحى وكل جندي وضابط قدّم حياته لأجل لبنان: «إن القضية التي استشهد من أجلها أبطال الجيش ودفع الجرحى من دمائهم قد انتصرت وانتصر لبنان».
واستهل كلمته بالقول:
أيها اللبنانيون،
نفّذ الامر.
حسم الجيش معركة البارد، وسحق أوكار الغدر والإرهاب. لم يتركوا أمام الجيش خياراً. تصوروا صبره ضعفاً، ظنوا حكمته تردداً، حسبوا إنذاره كلاماً، فكان القرار واضحاً وحاسماً: «إما ان يستسلم القتلة الارهابيون وإما الحسم العسكري»! رفضوا، فاقتحم الجيش أوكارهم وأسقط كل مراكزهم العسكرية من الخان إلى النورس والوحش وصامد والتعاونية ومجمّع مدارس الأونروا، وبالتالي، أعلنّا انتهاء العمليات العسكرية في حينه، في المخيم الجديد.
لم يتجاوبوا مع دعوة القيادات الفلسطينية لتسليم أنفسهم.
فرّوا إلى داخل المخيم القديم، اتخذوا المدنيين دروعاً بشرية، واصلوا حربهم الخبيثة، مدمرين ما تبقى من منازل أبناء المخيم.
فكانت المرحلة الثانية من الحسم العسكري، حيث طاردهم الجيش مجدداً، وحقق النصر الكبير. بلغ عدد القتلى الإرهابيين 222 إرهابياً منذ بداية المعارك. وبلغ عدد الموقوفين 202 إرهابياً، إضافة إلى عدد غير محدد بعد من القتلى الإرهابيين، طمرهم رفاقهم في مقابر جماعية خلافاً لكل دين وشرع وإنسانية.
أيها اللبنانيون، لكم أن ترفعوا رؤوسكم بالجيش، لكم أن تعتزّوا بضباطكم والجنود، لكم أن تؤمنوا بغدٍ مشرقٍ لأولادكم، سطّره الشهداء بأرواحهم، والجنود ببطولاتهم.
مئة وستة أيام، قيل فيها الكثير:
«إذا دخلتم، سوف ينكسر الجيش أو ينقسم»...
«إذا دخلتم، إن الجيش لن يقدر على الحسم»...
«إذا دخلتم، سيغرق الجيش في مستنقع كما غرقت جيوش كثيرة في ظروف مشابهة»...
106 أيام،
168 شهيداً بطلاً خطّوا بدمائهم صفحات مشرّفة في تاريخ لبنان والجيش. حيث أن كل شهيد افتدى بحياته مئات المدنيين، كان الإرهابيون يحضّرون لاستهدافهم في الأماكن العامة.
هذا الإنتصار، إستأصل أكبر تهديد واجه الشعب اللبناني، لأن تنظيم «فتح الاسلام» كان ليمتد وينتشر كما الخلايا السرطانية. إن أي كلفة لتعزيز الجيش تبقى أقل ثمناً من أي خطر يهدد استقرار لبنان.
وعدّد الوزير المرّ سلسلة مسلّمات بعد انتصار الجيش:
بعد انتصار الجيش، بات التسليح والتحديث أولوية وطنية وواجباً دولياً. ليس مقبولاً بعد اليوم، أن يعاني الجيش من نقص نوعي وكمي في السلاح والتجهيز، فيقاتل جنودنا باللحم الحي.
بعد انتصار الجيش، نجدد التزامنا حماية الجنوب من العدو الإسرائيلي، وتطبيق القرار 1701، ومراقبة الحدود اللبنانية السورية، ومراقبة المياه الإقليمية، وتعزيز الأمن والإستقرار، وحماية إتفاق الطائف.
بعد انتصار الجيش، نؤكد عزمنا على الإستمرار في مكافحة الإرهاب.
بعد انتصار الجيش، نؤكد على أهمية الدولة القادرة الموحدة، فتحصّن الاستقلال، وتحمي الكرامة الوطنية.
وحذّر المرّ من أن يذهب البعض بلبنان إلى حكومتين فلبنانين، فيُذهِبَ هدراً تضحيات أبطال لبنان.
وحذارِ أن يمرّ موعد الإستحقاق الدستوري من دون رئيس للجمهورية فتكتمل الجريمة بحق لبنان وحق الجيش وشهدائه. فالدولة التي انتصرت على الإحتلال والإرهاب لا يجوز أن تهدر إنجازاتها على حلبة الصراع السياسي في دوامة التجاذب والانقسام.
ووجه الوزير المر تحية إلى كل الأشقاء والأصدقاء الذين وقفوا إلى جانب لبنان، من المملكة العربية السعودية إلى الإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن والولايات المتحدة الأميركية والمجموعة الأوروبية.
وتحية من القلب إلى قائد الجيش،
أب الشهداء،
تحية إلى كل جندي ورتيب وضابط،
تحية إلى أركان الجيش،
تحية إلى قوى الأمن الداخلي وشهدائها،
تحية إلى الصليب الأحمر والدفاع المدني، وشهدائهما،
تحية إلى رجال الإعلام في الميدان وكل مكان، دفاعاً عن الحرية والانسان.
وإلى أهالي الشهداء قال:
«ارفعوا رؤوسكم عالياً
أبناؤكم لم ينحنوا ولم يركعوا، منعوا سقوط لبنان، رسموا العزة والكرامة لكل اللبنانيين،
استشهدوا ليبقى الوطن، عصياً شامخاً، لا تهزه ريح ولا يسقطه عدو.
وإلى اللبنانيين جميعاً، أقول فخوراً:
لا تخافوا،
الجيش معكم، الجيش معكم، الجيش لكم».
عاش الجيش، عاش لبنان

 

شريط مصور وشرح من مدير العمليات
بعد كلمة الوزير المر عُرض شريط مصوّر لبعض المشاهد الحيّة خلال عمليات نهر البارد التي نفّذها الجيش، وما رافقها من نشاطات وتشييع للشهداء واحتفالات شعبية.
ثم تولى مدير العمليات العميد الركن فرانسوا الحاج عرض إيجاز لسير العمليات في نهر البارد والأحداث الأمنية، وقال: «أنشئ المخيم العام 1948 في شمال مدينة طرابلس وتبلغ مساحته 14 كيلومتراً مربعاً تقريباً على امتداد الشاطئ البحري شمال نهر البارد، وأقامت الفصائل الفلسطينية العديد من الملاجئ والتحصينات والأنفاق للحماية من أخطار اعتداءات العدو الإسرائيلي، وتمكنت من تخزين كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر حيث لم يكن هناك أي وجود للجيش اللبناني أو لقوى الأمن الداخلي».
وتابع: «بعد انتهاء حرب تموز 2006 ظهر شاكر العبسي مع عناصر في مخيم شاتيلا وانتقل إلى مخيم نهر البارد وسيطر على مراكز «فتح الانتفاضة» فيه، ثم بدأت تظهر أفكاره الدينية المتشددة، مما أثار حفيظة بعض الفصائل الفلسطينية في المخيم. وصدرت بيانات تتهمه بالإنتماء إلى تنظيم «القاعدة»، طلب العبسي على أثرها من بعض عناصره الإنتقال إلى مخيم البداوي.
في 23 تشرين الثاني 2006 وقع اشتباك بين «اللجنة الأمنية» في البداوي وبعض عناصر شاكر العبسي، وأقدمت اللجنة على طردهم وأوقف الجيش في حينه إثنين منهم أحيلا على القضاء. وعلى الأثر، أعلن العبسي ولادة تنظيم «فتح الإسلام»، وأخذ يستقدم مناصرين من جنسيات عربية وأجنبية مختلفة بلغ عددهم التقريبي نحو 300 عنصر خضعوا لدورات عسكرية كثيفة داخل مراكز هذا التنظيم، وكانت تظهر عليهم علامات التطرّف الديني. إلى ذلك، عمد العبسي إلى تجميع الأسلحة الحربية والذخائر والعتاد بكميات كبيرة خصوصاً من بودرة الألمنيوم التي كانت تستقدم بطريقة التهريب، واستخدمت لاحقاً في تفجير العبوات الناسفة وتصنيع المتفجرات، وضبط الجيش كميات كبيرة منها. وليل 19-20 أيار 2007، أقدمت قوى الأمن الداخلي على تطويق عناصر مسلحين من هذا التنظيم في حي الزاهرية وشارع المئتين في طرابلس، كانت سطت على مصرف في بلدة أميون. وصباح 20 أيار قامت مجموعة من عناصر هذا التنظيم ردّاً على تطويقها بمهاجمة أماكن الجيش في منطقة المحمّرة شرق مخيم نهر البارد».

 

سير العمليات العسكرية
وشرح العميد الركن الحاج أن المعركة العسكرية قسمت إلى ست مراحل اعتباراً من 20 أيار الماضي وحتى تاريخه، رفعت في المرحلة الأولى منها جهوزية الجيش وعزّزت الوحدات في المنطقة بالوحدات الخاصة والقوات البحرية حيث أقفلت القطاع البحري بكامله.
وفي المرحلة الثانية التي استغرقت شهراً، استمر الجيش في التقدم نحو المخيم الجديد، فاحتل مركز صامد والنورس واستراحة الوحش والتعاونية ومحيط مجمع ناجي العلي، في وقت قصف المسلحون مواقع مدنية في محيط مخيم نهر البارد، وهددوا بشن عمليات إرهابية بسيارات مفخخة ضد مراكز الجيش وأهداف مدنية ومراكز «اليونيفيل». وفي نهاية هذه المرحلة سيطر الجيش على كل المخيم الجديد.
المرحلة الثالثة استمرت عشرة أيام بدأت خلالها مهاجمة المخيم القديم من الجهة الشرقية، وتمت السيطرة عليها سيطرة تامة خلال عشرة أيام، وأخفقت في حينه مساعي استسلام المسلحين.
أما في المرحلة الرابعة، فتابع الجيش مهاجمة الجزء الغربي من المخيم القديم وتضييق الخناق على المقاتلين.
وفي المرحلة الخامسة تمّ تضييق الخناق وأخرجت عائلاتهم وبلغ عدد أفرادها 22 أمرأة و43 طفلاً.
وتكلّلت المرحلة السادسة والأخيرة من العملية بعد تكثيف القصف الجوي بمحاولة يائسة للإرهابيين للفرار عن طريق مهاجمة مراكز الجيش الذي تصدى لهم، موقعاً في صفوفهم 45 قتيلاً و24 أسيراً، وتتابع وحدات الجيش ملاحقة الفارين خارج المخيم.

 

أحداث أمنية متفرقة
لفت العميد الركن فرانسوا الحاج إلى أن «هذه المرحلة تزامنت مع أحداث أمنية مهمة، الغاية منها إشغال الجيش بمهمات أخرى، وتمثلت بالعديد من التفجيرات منها: إنفجار عبوة قرب محلات «ABC» في الاشرفية، إنفجار عبوة تحت سيارة في فردان، إنفجار عبوة في مدينة عاليه، إقدام مجهول على رمي عبوة يدوية في محلة القياعة في صيدا، رمي رمانات يدوية على مراكز الجيش في محيط مخيم عين الحلوة، إنفجار عبوة ناسفة خلف كنيسة مار تقلا - سد البوشرية، تفكيك عبوات على شاطئ صور وإنفجار عبوة في ذوق مصبح، إطلاق النار على الشيخ محمد الحاج عضو «تجمع علماء فلسطين» داخل المخيم، إنفجار عبوة في محلة المنارة أدت إلى إستشهاد النائب وليد عيدو ونجله وأربعة مدنيين، إطلاق صواريخ كاتيوشيا من خراج بلدة عديسة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، إشتباك بين عناصر الجيش والمسلحين إثر دهم أماكن مشبوهة ومقتل خمسة مسلحين ومصادرة أسلحة، إنفجار عبوة ناسفة في دورية إسبانية على طريق نبع الدردارة - الخيام، دهم قوى الجيش كهوفاً في منطقة ددة وقتل خمسة مسلحين من جنسيات مختلفة ومصادرة أسلحة وألبسة، فيما نظمت مظاهرات في مخيم البداوي احتجاجاً على معارك نهر البارد تخللها إطلاق نار باتجاه عناصر الجيش، مما اضطر الجيش إلى إطلاق النار في الهواء لتفريق المتظاهرين.

 

أسلحة الإرهابيين وخلاصة المعارك
وأشار العميد الركن الحاج إلى أن الأسلحة التي كان يستعملها  تنظيم «فتح الإسلام» تتضمن بنادق خفيفة ورشاشات متوسطة وبنادق قنص من عيارات مختلفة، وقاذفات «آر. بي. جي»، وأسلحة مضادة للطائرات وصواريخ كاتيوشيا عيار 107 ملم، ومدافع هاون من مختلف العيارات (60 ملم - 81 ملم - 120ملم)، ومختلف أنواع المتفجرات المتطورة منها أو المصنعة يدوياً، ورمانات يدوية، وتركزت عملياتهم على القنص واستعمال المتفجرات والأفخاخ بشكل كثيف.
أما الحصيلة البشرية للجيش فبلغت 168 شهيداً، ومئات الجرحى اختلفت إصاباتهم بين بليغة وطفيفة. كما صادرت القوى المقاتلة في المخيم كميات كبيرة من الأسلحة والذخائر والمتفجرات يجري تجميعها وإحصاؤها ونقلها إلى الثكنات للكشف عليها.
وختم العميد الركن فرانسوا الحاج بالقول: «إن انتهاء المعارك لا يعني انتهاء الأعمال العسكرية في هذا المخيم، ولا يعني أن الحرب على الإرهاب انتهت لأنها عملية مستمرة تقضي بديمومة الجهوزية واليقظة والحذر والتصدي لأي أعمال إرهابية مستقبلية».

 

الرد على أسئلة الصحافيين
بعد عرض العمليات العسكرية ونتائجها تولى كل من رئيس الأركان اللواء الركن شوقي المصري ومدير المخابرات العميد الركن جورج خوري ومدير العمليات العميد الركن فرانسوا الحاج الردّ على أسئلة الصحافيين وشرح استراتيجية المعارك العسكرية بالتفصيل.
بداية كان سؤال: «فهمنا من دولة الرئيس الخطر الذي كان يمثله هؤلاء، ولكن لم نعرف حتى الساعة المرجعية التي تقف وراءهم. هل هم تابعون للقاعدة؟ لأجهزة استخبارات عربية وغيرها؟ وكيف دخلوا إلى لبنان؟ وما الأحداث التي تورطوا فيها بالفعل؟ وهل يقفون وراء اغتيال الشهيد بيار الجميّل؟ وما هو مخططهم؟ وهل صحيح أنهم كانوا ينوون ويحضرون لاغتيال البطريرك صفير؟»، فأتت إجابة مدير المخابرات العميد الركن جورج خوري على الشكل التالي:
«أكدت التحقيقات أن تنظيم «فتح الإسلام» مرتبط بتنظيم القاعدة، وأنه على علاقة واتصال دائمين به وبخاصة مع المسؤولين. تبين الأمر من خلال التحقيقات السابقة ومن خلال الموقوفين وعبر الإتصالات التي تمت مع خلايا القاعدة خارج لبنان؛ وتبين الأمر أيضاً من جراء اعترافات الموقوفين». أما بالنسبة الى موضوع دخول تنظيم «فتح الإسلام» إلى لبنان فقال: «ليس هناك من شك أن عدداً من الأشخاص دخلوا عبر المرافق الرسمية. وقد دخل أشخاص غير معروفين عبر المطار من خلال الحدود الدولية. هذا بالاضافة إلى الأشخاص الذين دخلوا بطريقة التهريب إلى لبنان». وأضاف، أن التحقيق مستمر، وأن حادثة عين علق ما زال التحقيق فيها جارياً من قبل القضاء اللبناني الذي سيعلن نتيجة التحقيقات كاملة. وأكد أن التحقيق لم ينته بعد من قضية إغتيال الوزير بيار الجميل.
ثمًّ أوضح أن «أحداث مدينة طرابلس الأخيرة في آذار سمحت بتوقيف بعض الأشخاص مع الأسلحة والعتاد الالكتروني المتطور الذي كان بحوزتهم، ومن خلال التحقيقات تبين أنهم ينتمون إلى تنظيم «فتح الإسلام» وبالتالي إلى القاعدة وثبت ضلوعهم بالتفجيرات المتنقلة التي استهدفت المناطق اللبنانية والتي ارتبطت تماماً بالتطورات العسكرية في نهر البارد. فنجد أن التزامن لهذه التطورات أتى مع الأعمال العسكرية في المخيم».
وسئل عن المعلومات التي تحدثت عن سيارة مرسيدس كانت في محيط المخيم عند خروج عائلات المسلحين وإمكان وجود موكب لملاقاة من يستطيع الفرار، قال العميد الركن جورج خوري: «نحن متفاجئون مثلكم تماماً من أين أتى هذا الخبر، إذ ليس لدينا أية معلومات حول موكب لسيارات كانت تنتظر في المنطقة لحظة هروب المسلحين من المخيم. والتحقيق جارٍ حول هذه السيارة، وأما بالنسبة الى الأشخاص الذين ضبطوا داخلها، فهم من المخيم؛ صاحب السيارة رجل مسنّ من عائلة الرفاعي وهو سائق أجرة اعتاد القيادة يومياً في السادسة صباحاً. وكان الرجل يقلّ العمال باكراً إلى مزارعهم. وصودف أن استعان الفارون من المخيم به ليقلّهم خارج المنطقة فتفاجأوا بحاجز الجيش اللبناني في طريقهم وحصل الإشتباك».
وأما عن سؤال حول ما إذا كان هنالك تخوّف من إندلاع معارك أخرى في المخيمات الفلسطينية، وحول ما إذا كان هنالك من شكوك في ضلوع نساء «فتح الإسلام» في نقل المعلومات خارج نطاق مخيم نهر البارد فأجاب العميد الركن خوري:
«في ما يتعلق بخروج نساء «فتح الإسلام»، كان الأمر واجباً إنسانياً على الجيش نُفّذ فور الطلب الذي صدر عن «فتح الاسلام». أما في ما يتعلق بالعلاقة بين مخيم عين الحلوة ومخيم نهر البارد، فليس هنالك من شك أن أبو هريرة كان على علاقة بأشخاص من مخيم عين الحلوة.
وأما بالنسبة الى النساء اللواتي خرجن من نهر البارد فهن لسن من مخيم عين الحلوة، وأنه لو كان لهن أي ارتباط بالمخيم في عين الحلوة لوجدن فيه. ولكن المؤكد أن لبعض الأشخاص من «فتح الإسلام» علاقات تربطهم بتنظيمات داخل مخيم عين الحلوة».

 

تساؤلات حول التعاون والتنسيق
وأمن المخيمات
عن موضوع الذخائر والأسلحة أجاب اللواء الركن شوقي المصري: «مبدئياً قبل حرب البارد، كان ثمة إتفاق مع الجيش السوري بتقديم بعض الذخائر والمحروقات لصالح الجيش اللبناني. تمت الإتفاقية قبل انسحاب الجيش السوري من لبنان واستمرت لفترة ما بعد انسحابه وخلال فترة أحداث نهر البارد. أي أن الأمر لم يكن مستجداً، بقي الأمر على حاله في موضوع المساعدات السورية للجيش اللبناني».
وسئل اللواء الركن المصري لماذا لم يشكر وزير الدفاع سوريا، فقال: «المساعدة منبثقة عن الإتفاقية بين الجيش السوري والجيش اللبناني، ليس الموضوع موضوع مساعدة، بل إتفاق سابق وليس بجديد. وأما الدول التي شكرها معالي الوزير فهي الدول التي قدّمت مساعدات خلال المرحلة الراهنة. أما بالنسبة الى الدور السوري فهو مختلف تماماً إذ أنه إتفاق سابق لا يزال ساري المفعول، وسيستمر حتى توقف العمليات في منطقة نهر البارد».
وحول التركيز والتساؤلات حول أمن المخيمات بعد معركة نهر البارد وإمكان وجود خلايا نائمة، أكد اللواء الركن شوقي المصري في هذا الصدد على الكلام الصادر عن المسؤولين السياسيين على اختلافهم، فيما أوضح مدير المخابرات العميد الركن جورج خوري: «أن مواقف القيادات الفلسطينية خلال فترة الأحداث كانت بمعظمها مؤيدة للجيش اللبناني ضد «فتح الإسلام» وليس ضد الفلسطينيين، وبالتالي فإن حرب الجيش ضد تنظيم «فتح الإسلام» الإرهابي ليست حرباً ضد الفلسطينيين، وأنه ليس من الضروري أن ينسب ما حصل في مخيم نهر البارد الى باقي المخيمات، لأن تنظيم «فتح الإسلام» أخذ من نهر البارد من دون سواه ملجأ له، فتحتّم على الجيش الدخول داخل نطاق مخيم نهر البارد للقضاء على هذه الظاهرة الإرهابية بعد أن رفضت الإستسلام وجعلت من المخيم مكاناً للإعتصام متخذة من المدنيين دروعاً بشرية إحتمت فيها، واستفادت من التحصينات الكثيرة واستعانت بكامل الأسلحة الموجودة هناك والتي كانت تمتلكها التنظيمات والفصائل الفلسطينية، فاضطّر الجيش إلى دخول المخيم للقضاء على هذا التنظيم الإرهابي. والأمر لا يعني أبداً أن هذا سيؤدي بالضرورة إلى دخول الجيش إلى المخيمات الفلسطينية الأخرى، لكنه سيمنع أي عمل إرهابي يقع في أي منطقة في لبنان سواء داخل مخيم فلسطيني أو خارجه. إذا حصلت عمليات إرهابية ثانية، والتجأ أصحابها إلى المخيمات، سنسعى طبعاً لمساعدة الفصائل الفلسطينية لوضع اليد على الإرهابيين وتسليمهم للسلطة. وأما إذا شعر الجيش أن المنظمات الفلسطينية تحاول أن تسهل على الإرهابيين عملهم ووجودهم داخل المخيمات، عندها سيتصدى الجيش لهذا الموضوع وبغطاء سياسي بطبيعة الحال».
وأضاف العميد الركن جورج خوري: «موضوع الخلايا النائمة الإرهابية قيد المتابعة، إنتهاء ملف «فتح الإسلام» لا يعني إنطواء ملف الإرهاب. فنحن في حرب دائمة مع الإرهاب. ولهذا السبب نحن بصورة دائمة نتحقق ونتقصى المعلومات عن وجود أي خلية ونتابع الأمر، وسنكافح أي أمر يطرأ يتعلق بالإرهاب وسنقضي عليه على غرار ما حدث في مخيم نهر البارد».
استطراداً، طرح أحد الصحفيين السؤال التالي: «أكد قائد الجيش أن لا علاقة للمخابرات السورية بتنظيم «فتح الإسلام». ولكن هناك تساؤلات حول آليات تمويل هذا التنظيم، إذ لم تقدم حتى الساعة معلومات رسمية حول الموضوع فهل سيتم في المستقبل الكشف عمّن ساعد هذا التنظيم داخل لبنان وسهّل عملية مروره وبالتالي طريقـة تزويـده الأسلحـة والمصارف التي موّلته؟».
فرد رئيس الأركان اللواء الركن شوقي المصري قائلاً: «أثير كلام في هذا الصدد منه ما كان صحيحاً ومنه ما اتخذ طابع الشائعات. نحن في هذا الإطار نتمنى أن نعطي المعلومات مستقبلياً على أساس نتائج التحقيقات. وإننا ومن خلال المعلومات التي ستتوافر لدينا من خلال التحقيق مع الموقوفين السابقين والحاليين سنتوصل إلى معلومات مهمة وسنحيل هذه المعلومات إلى القضاء المختص، وعلى ضوء النتائج النهائية للقضاء سوف نتصرف. نتمنى عدم الغوص في تفاصيل هذا الموضوع قبل صدور عوامل محددة من قبل القضاء».
ورداً على سؤال آخر قال اللواء الركن المصري: لم تتوافر لدينا أية معلومات تشير إلى علاقة تنظيم «فتح الإسلام» بالمخابرات السورية. وأكد من جهة ثانية أن «التحقيقات مع الموقوفين بدأت ولم تنته بعد. بل على العكس، مرحلة التحقيقات أمامنا طويلة خصوصاً مع إلقاء القبض على مجموعة كبيرة من المسلحين في اليوم الأخير من المعارك أي في الثاني من أيلول. ستستمر التحقيقات وستكشف حقيقة الموضوع».

 

جهوزية الجيش وتسليحه
ورداً على سؤال يتعلق بإمكان تعطيل الأجهزة الخلوية والخطوط الهاتفية داخل مخيم نهر البارد التي كان يستخدمها عناصر «فتح الإسلام» والتي سهلت عملية الاتصال في ما بينهم داخل المخيم وخارجه، قال مدير المخابرات العميد الركن جورج خوري: «أوقف عدد كبير من خطوطهم الخلوية وبقرار رسمي، وأما الخطوط الأخرى فتركت لأغراض تكتيكية ولمعرفة سير العمليات ومجرياتها داخل المخيم». وسئل بعدها إذا كانت قيادة الجيش توافق على تشكيل لجنة تحقيق قضائية وعسكرية ونيابية موسعة للتحقيق في الأحداث، فأجاب: «هذا الموضوع عائد إلى وزير الدفاع، وفي حال بحث في مجلس الوزراء وتقرّر إنشاء لجنة تحقيق، فإن وزير الدفاع هو المعني وقيادة الجيش ستكون جاهزة للمساعدة في هذا التحقيق ووضع كل إمكاناتها في تصرفه».
وحول جهوزية الجيش من حيث العتاد والأسلحة لمواجهة أية حالة تشبه حالة «فتح الإسلام»، ومن تراه يتحمل مسؤولية نقص الأسلحة والعتاد لدى الجيش وعدم تسلّمه، أعلن مدير العمليات العميد الركن فرنسوا الحاج عن إستعداد الجيش الدائم لمواجهة أي طارئ وأضاف: «لدى الجيش جهوزية عالية، والدليل على ذلك، ما حصل في البارد فعلى الرغم من النقص ومن المهام الكثيرة الملقاة على عاتق المؤسسة العسكرية، ما يزال عناصر الجيش على إستعداد لمواجهة أي طارئ.
ورداً على سؤال عمّن يتحمّل المسؤولية بالتقصير في تسليح الجيش، قال اللواء الركن المصري: «نحن كقيادة جيش لسنا بوارد أن نقول الآن من يتحمل المسؤولية لأن الأمر ليس جديداً. المهم الآن هو أن الجيش كان وسيبقى جاهزاً لتنفيذ أية مهمة تطلب منه سواء توافر السلاح اللازم أو لم يتوافر، وفي حال عدم توافره سيتحتّم على الجيش متابعة عمله بالطرق المتاحة والتي تكفل إتمام المهام. وهذا ما حصل تماماً في البارد، وقد أتم الجيش ما طلب منه بالأسلحة التي تأمنت لديه. كما طوّر بعض الخبراء والتقنيين من الجيش بعض الأسلحة والقذائف التي أطلقت للمرة الاولى في تاريخ الحروب من الطوافات وهذا إنجاز نعتزّ به، ونفخر بقدرات عناصرنا ضباطاً ورتباء وأفراداً للجهود التي قاموا بها. ونتمنى أن تصلنا التجهيزات اللازمة في القريب العاجل».
وطرح في ما بعد، سؤال عن مصير الموقوفين وعن نتائج التحقيقات التي تمّ التوصل اليها إثر عمليات الدهم في مدينة طرابلس، فردّ العميد الركن خوري أنه لم يطلب من الجيش أي تحقيق حول موضوع دهم الشقة في طرابلس وكيف تم الأمر، وأن من طلب الأمر كان بعض السياسيين. أما في ما يتعلق بقضية الموقوفين فإنه يتم التحقيق معهم عدلياً وسيحالون للقضاء والسلطات المختصة والتي ستبت بدورها بالموضوع.
وفي الختام، شكر رئيس الأركان الشعب اللبناني كله الذي التف حول الجيش في هذه المعركة ضد الإرهابيين، «ونحن في قيادة الجيش نعتبر أن هذا النصر حققه الشعب اللبناني كما حققه الجيش اللبناني تحديداً، ونعتز بانتماء الجيش إلى هذا الشعب ونعتز بوقوف الشعب اللبناني بجانب جيشه، ونتوجه من خلالكم بتحية إكبار إلى شهداء الجيش وشهداء الوطن كلهم والى الجرحى والعسكريين، ولا ننسى الصليب الأحمر والدفاع المدني».