مستوصفاتنا

مؤسسة تحتضنهم ويحتضنونها

إذا كان تناقص عدد الأطباء في المؤسسات الطبية اللبنانية واقعًا معروفًا، فإنّ الواقع الموازي في مراكز الطبابة العسكرية هو أنّ اندفاع العاملين فيها يغطي النقص الحاصل بمزيدٍ من الجهود. هكذا مثلًا يعاين أحد أطباء الأمراض النسائية المرضى من الثامنة صباحًا وحتى الثالثة والنصف بعد الظهر في مستوصف حلبا، رافضًا مغادرة العيادة قبل معاينة جميع من أتوا إليها... وهو ليس الوحيد الذي يسلك هذا المسار من التضحية.

 

يُغطي مستوصف حلبا – عكار منطقة كبيرة يرتدي القسم الأكبر من شبابها البزّة العسكرية، ويبذل العاملون فيه جهودًا جبارة لتلبية حاجة المستفيدين إلى الخدمات الطبية. هنا مقدمو الخدمات والمستفيدون منها يعرفون بعضهم بعضًا، يتشاركون الواجب والواقع الصعب، ويتبادلون العطاء في كنف مؤسسة تحتضنهم ويحتضنونها.

 

وضعنا جيد بشكلٍ عام

يؤمّن العمل في المستوصف طاقم يضم ٣٣ طبيبًا من مختلف الاختصاصات و٣ ضباط و١٠٤ عسكريين. ويشير الملازم الأول حمزة المصري مساعد رئيس المستوصف، إلى أنّ عدد زواره يوميًا يراوح بين ٣٠٠ و٤٠٠، وقد وصل العدد في العام الماضي إلى ١٣٥ ألف مستفيد.

«وضعنا جيد بشكلٍ عام ونحن نسيّر الأمور بما يتوافر لنا»، هذا ما يخبرنا به الملازم الأول المصري لافتًا إلى أنّ أي مشكلة تطرأ على صعيد اللوجستية يتم حلها وفق الإمكانات. يُعطي مثلًا في هذا السياق: واجهنا مشكلة في تأمين محابر لآلات الطبع، وكان الحل محليًا بفضل عسكريين في المستوصف استطاعوا تعبئة المحابر يدويًا وأمّنوا استمرارية العمل». 

 

تحية للجهود الكبيرة

يؤكد الملازم الأول المصري أنّ التعاون بين العاملين بمختلف فئاتهم، والاندفاع الذي يميّز أداءهم يعوّض النقص النسبي في أعداد الأطباء. وهو إذ يرى أنّ هذه الفترة العصيبة لا بد أن تنتهي، يحيّي كل الجهود المبذولة للتخفيف من وطأة الأزمة على أهلنا، وتوفير العناية الطبية لهم. 

كسواه من المستوصفات المركزية يقدّم مستوصف حلبا الخدمات الطبية المتنوعة، فهو يضم الأقسام التي تُغطي معظم الحاجات الطبية مثل: الصحة، الطوارىء، الأطفال، القلب، العين، العظم، الجهاز الهضمي، الأنف والأذن والحنجرة والأمراض النسائية، فضلًا عن قسمَي الأشعة والمختبر، والقسم الأخير يؤمّن ٩٠ في المئة من الفحوصات المخبرية، وقد أضيف إليها في الآونة الأخيرة الفحص الخاص بالكوليرا. 

يحتاج المستوصف حاليًا إلى أطباء أسنان، وطبيب صحة يساند الأطباء الموجودين بسبب التدفّق الكبير للمرضى.

في ظل الارتفاع الجنوني في أسعار الدواء تتضاعف أهمية الصيدلية في المستوصف، ففي حين تؤمّن الصيدلية العسكرية عددًا كبيرًا من الأدوية المجانية، يجد المستفيدون في صيدلية الشراء أدوية بنوعياتٍ جيدة وأسعار مقبولة.

 

«كتّر خيرن»

«الجميع في هذا المستوصف من مسؤولين وأطباء وعاملين هم خير وبركة، يقومون بعملهم على أكمل وجه رغم أنّ الظروف صعبة على الجميع تقول السيدة نهاره حداد (زوجة مؤهل أول متقاعد) حين نسألها عن الخدمة التي تلقاها في المستوصف. وهي تضيف: «الطبابة العسكرية تساند أولادها، رغم كل المعوقات، ولولاها لما تتطبب جزء كبير من الشعب اللبناني». وتختم بعبارة: «كتر خيرن».

يعاني المعاون أول المتقاعد إبراهيم عبود عدة أمراض مزمنة، لذلك فهو مضطر لزيارة المستوصف بانتظامٍ، وإذ يشيد بالأطباء وسائر العاملين يقول: «كلما احتجتهم وجدتهم... يُعاملوننا بلطفٍ واحترام، الصحة هي الأهم خصوصًا في هذا الوقت العصيب، وبفضلهم نلقى العناية المناسبة».