محاضرة

مئات آلاف النساء والأطفال يجري استغلالهم سنويًا بعناوين مختلفة
إعداد: جان دارك أبي ياغي

الإتجار بالبشر: جميعنا يجب أن نعرف جميعنا يجب أن نتصرّف

مطلوب آنسات للعمل في شركة... الراتب مغرٍ، المظهر الخارجي مهم... هذا الإعلان نموذج لإعلانات يتم من خلالها اصطياد فتيات يبحثن عن عمل، أو أخريات يطمحن إلى كسب سريع أو شهرة... فينتهي بهن الأمر ضحايا استغلال متعدد الأوجه والأشكال. إنه الرق الحديث، أو التجارة بالبشر والتي تتّسع مجالاتها لتشمل العديد من الممارسات والفئات خصوصًا منها الأكثر ضعفًا.

 

ماذا وكيف ومن؟
«الإتجار بالبشر» كان موضوع محاضرة ألقاها المقدم مروان العريضي في مدرسة الصحة العسكرية، بدعوة من الطبابة العسكرية، وفي حضور عدد من ضباطها ورتبائها وأفرادها.
بداية عرّف المقدم العريضي بالإتجار بالبشر الذي يشمل تجنيد أشخاص لاختطاف بشر بواسطة التهديد أو استعمال القوة أو الإحتيال أو الخداع، أو إساءة استعمال السلطة أو استغلال حالة استضعاف، أو دفع مبالغ مالية لنيل موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر بغرض استغلال الأخير.
ثم تطرّق إلى دواعي الإتجار معتبرًا أن من أبرزها ممارسة الدعارة وسائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة والخدمة قسرًا، أو الرق والممارسات الشبيهة به، أو الاستعباد، أو نزع الأعضاء، بهدف كسب المال. وأوضح أن هذه التجارة تطال النساء والرجال والأطفال على السواء.
هناك أشكال مختلفة للإتجار بالبشر منها السخرة أو العبودية (العمل من دون أجر)، الإتجار بأعضاء البشر، والإستغلال الجنسي (نساء وأطفال)...
وميّز بين التهريب والإتجار، إذ إن البشر المهربين يتركون لشأنهم عند الوصول إلى الوجهة النهائية، أما البشر المتاجر بهم فيبقون تحت السيطرة. وفي كلا الحالتين، تتم العملية بهدف الربح المادي.
أما الأسباب الكامنة وراء عملية الإتجار بالبشر فتعود أولا إلى الفقر، ثانيًا إلى عدم المساواة (بين الجنسين)، ثالثًا إلى الربح المادي الذي توفّره (إذ تعتبر ثالث صناعة مربحة في العالم وغير قانونية)، ورابعًا من أجل الإباحية.
كيف تتم عملية الإتجار بالبشر؟ المُتاجر بهم يتم خداعهم والتغرير بهم وإيهامهم بأنهم سوف يعملون في عرض الأزياء مثلاً، أو الرقص، أو العمل في الفنادق والملاهي الليلية، ويتم التغرير بهم عبر إعلانات زائفة.
وسأل: لماذا علينا أن نهتم؟ ليجيب: لأن الإتجار بالبشر يشكّل صدمة وانتهاكًا واضحًا لحقوق الإنسان والرق في العصر الحديث. وهي عملية تحدث اليوم هنا، وغدًا هناك وبعده في كل مكان. زد على ذلك أنها قد تحصل لمقربين منك أو لأحد أفراد عائلتك.

 

آثار وأرقام
تحدّث المقدم العريضي عن الآثار التي يعانيها الأشخاص المتاجر بهم ولخّصها بالنقاط الآتية:
إنعدام الثقة، الغضب، الخوف، إنعدام الأمان، الإرتباك، الشعور بالخجل والذنب، الإحباط والعجز، واضطراب ما بعد الصدمة.
أما الأرقام فتشير إلى أن هناك 600000 إلى 800000 ألف إمرأة وطفل يتاجر بهم سنويًا. ويوجد حوالى 27 مليون شخص يتاجر بهم حول العالم بهدف الإستغلال الجنسي والسخرة ونزع الأعضاء. وبذلك تكون «صناعة» مربحة تنتج مليار دولار سنويًا.
وتناول التشريعات الاوروبية لمكافحة الإتجار بالبشر، متطرقًا إلى بروتوكول باليرمو الذي نص على منع الإتجار بالبشر ومكافحته، وحماية الضحايا ومساعدتهم، وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال. كما عرض تشريعات أخرى على صعيد الإتحاد الأوروبي تقضي بتأمين منزل آمن لضحايا الإتجار، تأمين المساعدة الطبية والمعالجة النفسية، تمديد تصاريح الإقامة للأشخاص المتاجر بهم، والتعويض عن الإنتهاكات التي تعرّضوا لها.

 

ماذا يمكن أن نفعل؟
كيف نحارب هذه الآفة وماذا نستطيع أن نفعل؟ تتعدد مستويات المعالجة بحيث تشمل الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع الأهلي والأفراد. وهي تفترض أولاً توعية الأفراد حول مفهوم الإتّجار بالبشر، والمشاركة في المعلومات، الإفادة عن الأحداث المشتبه بها التي تحدث في المحيط الذي نعيش فيه، وتشجيع أفراد المجتمع للتحدث في ما بينهم عن هذه الظاهرة البشعة، توقيع العرائض، تعزيز اللاعنف في جميع الحالات، احترام كرامة جميع الأشخاص، وتعزيز التجارة العادلة والتحقق من التجارات الأخرى التي تجني أرباحًا غير معقولة.