ناس وحقوق

ماذا تفعلين إذا تعرّضت للعنف؟
إعداد: جان دارك أبي ياغي

كيف يحميكِ القانون؟

لا يكفي صدور قانون يحمي الحقوق لكي تكون هذه الحقوق مؤمّنة لأصحابها. معركة المواطن بما أعطاه إياه القانون هو خطوة أولى أساسية، ومعرفته بكيفية التصرّف إذا انتهكت حقوقه أيضًا خطوة أساسية، ومن ثم يكون على القضاء وسواه من جهات معنية، القيام بما يلزم...

 

التوعية وثقافة الحقوق
تؤدي التوعية دورًا مفصليًا في بناء ثقافة الحقوق والمواطنة، وهذا ما تحاول جهات عديدة التركيز عليه. وفي هذا السياق تأتي توعية النساء حول الحقوق التي يوفرها لهن ولأطفالهن القانون 293 (قانون حماية النساء وسائر أفراد الأسرة من العنف الأسري).
وتحت عنوان «تساؤلات زلفا» أعدّت جمعية «كفى» مجموعة أسئلة وأجوبة، جرى نشرها عبر وسائل إعلامية مختلفة، بهدف تقديم أكبر قدر ممكن من المعلومات إلى النساء اللواتي يتعرضن للعنف ولا يمتلكن المعرفة القانونية الكافية للتصرّف بشكل يؤمن لهن الحماية.
فما هي «تساؤلات زلفا» وما هي أجوبة الخبراء؟

 

تساؤلات «زلفا»
• السؤال الأوّل: ماذا يمكنني أن أفعل في حال تعرّضتُ للعنف؟

في حال كنتِ تتعرّضين حاليًّا للعنف، يمكنكِ:
أولاً، الاتصال على الرقم 112 (غرف عمليّات قوى الأمن الداخلي).
ثانيًا، التوجّه خلال 24 ساعة إلى أقرب مخفر للتقدّم بشكوى.
بعد انقضاء 24 ساعة على وقوع العنف، تصبحين مضطرّة إلى التوجّه إلى النيابة العامة لتقديم شكوى بحق المعنِّف.
إنّ الهدف من قيام النيابة العامة بإبعاد المعنِّف عن المنزل 48 ساعة، أو توقيفه 48 ساعة، حتّى حين لا يكون حجم الضرر يستوجب التوقيف، هو إعطاؤكِ الوقت اللازم للحصول على قرار حماية من قاضي الأمور المستعجلة.
بعد التقدّم بالشكوى، بإمكانكِ الحصول على صورة عن محضر الشكوى ورقمها والتوجّه إلى قاضي الأمور المستعجلة للحصول على قرار الحماية قبل انقضاء الـ 48 ساعة.

 

كيف تحصلين على الحماية؟
• السؤال الثاني: إذا كان قد مرّ على آخر شكوى تقدّمتُ بها بضعة أيام أو أشهر، وما زلت أشعر بالتهديد والخطر على حياتي، هل أستطيع الحصول على الحماية؟

بإمكانكِ التوجّه إلى قاضي الأمور المستعجلة للتقدّم بطلب حماية في حال شعرتِ بالتهديد مجدّدًا ولم تكوني قد تقدّمتِ بشكوى أو قد مرّ على شكواكِ بضعة أيّام أو أشهر...
ملاحظة: الهدف الأساسي من قرار الحماية هو إبعاد المعنِّف عنكِ لبعض الوقت حتّى يتسنّى لكِ اتّخاذ القرار المناسب في ما يخصّ علاقتكِ به، أو لإعطاء المعنِّف فرصة جديدة لاستئناف الحياة العائليّة على أساس سليم.

 

من هو قاضي الأمور المستعجلة؟
قاضي الأمور المستعجلة هو قاضٍ مدنيّ موجود في جميع قصور العدل في مختلف المناطق اللبنانية. لكن لا بدّ من أن تسألي في المنطقة التي تقيمين فيها عن أيّام الأسبوع التي يكون موجودًا خلالها. إذ إنّ قضاة الأمور المستعجلة يداومون لأيّام وساعات محدّدة. كذلك، لا يمكنكِ اللجوء إليه بعد الساعة الثانية من بعد الظهر، أي بعد انتهاء الدوام الرسمي، ولا في أيّام العطل الرسمية.

 

إجراءات طلب الحماية
• السؤال الثالث: ما هو طلب الحماية المنصوص عنه في القانون الرقم 293؟

هو طلب تستطيعين التقدّم به أمام قاضي الأمور المستعجلة في حال تعرّضكِ لأي شكل من أشكال العنف الأسري (جسدي، جنسي، معنوي، اقتصادي...)، وتطلبين بموجبه أخذ قرار بالحماية يُمنع على أساسه المعنِّف من التعرّض لكِ ولأطفالكِ ولسائر أفراد الأسرة المقيمين معكِ من خلال مجموعة تدابير حمائيّة تُنفّذ لفترة محدّدة قابلة للتعديل أو التجديد. وإذا كنتِ قد تقدّمتِ بدعوى سابقة لا تزال جارية، يمكنكِ التقدّم بها أمام القاضي الناظر في الملفّ.
ملاحظة: يجدر بالإشارة أنّ طلب الحماية الذي تتقدّمين به هو طلب رجائي، أي لا يجب إبلاغه إلى المعنِّف، ولا يتمّ استدعاء هذا الأخير أمام القاضي للاستماع إليه قبل إصدار قرار بالحماية، فالقاضي يكتفي بالاستماع إليكِ ليصدر قراره.
لكن بعد صدور القرار، يحقّ لكِ وللمعنِّف الاعتراض عليه أمام القاضي نفسه، أو استئنافه أمام محكمة الاستئناف. كما يمكن مراجعة القاضي في أي وقت للرجوع عن القرار، أو تعديله، أو إضافة تدابير عليه، وذلك وفق المستجدّات.
يمكن أن يطلب القاضي الاستماع إلى الطرفين إذا لم يكن هناك أدلّة كافية على وقوع العنف.

 

من يشمل قرار الحماية؟
من نتائج التعديلات التي أدخلها النوّاب على مشروع قانون حماية النساء من العنف الأسري، أنّه لم يعد في شقّه الحمائي محصورًا بالنساء، فبات بإمكان الرجال أيضًا التقدّم بطلب حماية. لذا ننبّه أنّ بعض الأزواج قد يستغلّون مسألة عدم تخصيص الحماية للنساء والتقدّم بطلبات حماية مقابلة وغير مبرّرة نكايةً بالضحيّة.
ملاحظة: بحسب القانون 293، يُقصد بالأطفال من هم في سنّ حضانة للضحية بحسب قوانين الأحوال الشخصية، أي تلك التابعة للطوائف. لذا في حال لم يكن أطفالكِ في سنّ حضانة تبقيهم معكِ، قد لا يتمّ شملهم في قرار الحماية. غير أنّه بإمكان قاضي الأمور المستعجلة الذي يُصدر قرار الحماية النظر إلى الطفل على أنّه، وبصفته شاهد عنف، هو أيضًا ضحيّة ومعرّض للخطر، وبالتالي يشمله بقرار الحماية بغض النظر عن سنّ الحضانة.

 

مضمون قرار الحماية
• السؤال الرابع: ماذا يتضمّن قرار الحماية؟

يتضمّن قرار الحماية الذي يصدره قاضي الأمور المستعجلة أحد أو بعض التدابير الآتي ذكرها:
- منع المعنِّف من التعرّض لكِ وسائر الأشخاص المقيمين معكِ نتيجة إشغالكِ لمنزل الأسرة.
- إبعاد المعنِّف عن المنزل لفترة يحدّدها القاضي وتكون قابلة للتمديد.
- نقلكِ وسائر المشمولين معكِ في قرار الحماية إلى مكان آمن على نفقة المعنِّف.
- إلزام المعنِّف دفع سلفة نفقة مأكل وملبس لكِ ولأطفالكِ.
- إلزام المعنِّف دفع سلفة نفقة العلاج الطبي الناتج عن العنف الذي تعرّضتِ له.
- منع المعنِّف من التصرّف بالأموال والممتلكات المشتركة.
- إلزام المعنِّف تسليمكِ ممتلكاتكِ الشخصية.
هذه الحالات هي على سبيل المثال وليس الحصر.

 

كيفية الحصول على القرار
• السؤال الخامس: كيف أحصل على قرار الحماية؟

للحصول على قرار الحماية، يجب أن تتوجّهي إلى قاضي الأمور المستعجلة الموجود في قصر العدل حيث مكان إقامتكِ الحالي، أو مكان وقوع العنف.
لدى قاضي الأمور المستعجلة، تتقدّمين بطلب خطّي للحصول على قرار حماية يُسجَّل في قلم المحكمة، تعرضين فيه واقع العنف الذي تتعرّضين له وتحدّدين طلباتكِ بما يتناسب مع وضعكِ وخياراتكِ. وقد يتضمّن طلب الحماية تدبيرًا أو أكثر من التدابير المذكورة في السؤال الرقم 4، كما ويمكن أن يتضمّنها كلّها.
ملاحظة: يعطي القانون 293 صلاحية للنيابة العامة في إصدار مجموعة تدابير مهمّة تعزّز حمايتكِ، إنّما للأسف لا يعطيها صلاحية إصدار قرار الحماية المذكور أعلاه، الأمر الذي كان ليوفّر عليكِ الكثير من التعقيدات!

 

متى يصدر القرار ومن يقدّمه؟
• السؤال السادس: ما هي المدّة التي يستغرقها صدور هذا القرار؟

بعد التقدّم بطلب الحماية وفق الأصول المذكورة سابقًا، على قاضي الأمور المستعجلة إصدار قراره خلال 48 ساعة. إذا صدر القرار بردّ الطلب، يمكنكِ استئنافه أمام محكمة الاستئناف.

 

• السؤال السابع: هل يمكنني التقدّم بطلب بالحماية من دون الاستعانة بمحامٍ؟
إنّ تقديم طلب الحماية لا يستدعي وجود محامٍ إلّا في حال وجدتِ صعوبة في معرفة آليّات الحصول على قرار الحماية، أو في حال أردتِ استئناف قرار ردّ طلب الحماية، فعندها لا بدّ من الاستعانة بمحامٍ.

 

الالتزام المعنوي والكلفة المادية
• السؤال الثامن: ماذا يحصل عندما لا يلتزم المعنِّف قرار الحماية، أو عندما يكرّر العنف أو يهدّدني بتكراره بعد عودته إلى المنزل؟

إنّ قرار الحماية لا يتضمّن بحد ذاته قرارًا بالحبس، إنّما مخالفة أيّ بند من بنوده هي التي تؤدّي إلى حبس المعنِّف. وتُشدَّد فترة الحبس حين تُرافَق المخالفة بارتكاب للعنف.

 

• السؤال التاسع: هل من كلفة مادية محدّدة لإصدار هذا القرار؟
إنّ طلب الحماية معفيّ من جميع الرسوم ولا يتطلّب أيّ مصاريف، بما فيها الطوابع المالية. لكن نظرًا إلى أنّ قرار الحماية يصدر عن قاضي الأمور المستعجلة وغالبًا ما يُكلَّف كاتب المحكمة بتنفيذه، من الممكن في بعض الأحيان أن يقوم القاضي بتخصيص بدل انتقال للكاتب المسؤول عن إبلاغ القرار للمعنِّف، وقد تصل كلفة انتقال الكاتب إلى مئتي ألف ليرة لبنانية.

 

صلاحيات القرار
• السؤال العاشر: هل يمكنني أن أحصل على الطلاق من خلال هذا القرار؟

إذا كان الطلاق طلبكِ المباشر، لا تستطيعين اللجوء إلى قرار الحماية، أو قانون رقم 293 عمومًا، لأنّ المحاكم المختصّة في البتّ بقضايا الطلاق هي محاكم الأحوال الشخصية، أيّ المحاكم التابعة للطوائف، إذا كان الزواج زواجًا دينيًا، أو المحاكم المدنية فيما لو كان الزواج زواجًا مدنيًا.
لكن من المهمّ أن تعلمي أنّ الطلاق يمكن أن يكون ردّة فعل أوليّة للمعنِّف إذا كان الزواج معقودًا أمام محاكم الطوائف الإسلامية. لذلك، عندما تقرّرين التقدّم بطلب للحصول على قرار حماية، يجب أن تكوني مستعدّة لاحتمال أن تكون ردّة فعل المعنِّف قراره بالطلاق تهرّبًا من تنفيذ قرار الحماية.

 

• السؤال الحادي عشر: هل بإمكاني الحصول على حضانة أولادي من خلال هذا القرار؟
الحضانة موضوع لا يمكن البتّ به من قبل قاضي الأمور المستعجلة إنّما هو من اختصاص محاكم الأحوال الشخصية المُشار إليها في السؤال الرقم 10.
لكن قرار الحماية يشمل الأطفال في حال كانوا في حضانة الضحية بحسب قوانين الأحوال الشخصية، كلّ طفل بحسب عمره. وبإمكان قاضي الأمور المستعجلة الذي يصدر قرار الحماية النظر إلى الطفل على أنّه، وبصفته شاهد عنف، هو أيضًا ضحية ومعرّض للخطر، بغضّ النظر عن سنّ الحضانة. وبالتالي، يبقيه بموجب قرار الحماية مع الضحية إلى حين صدور قرار بالحضانة عن محاكم الأحوال الشخصية.

 

لا تترددوا في التبليغ
على الرغم من كونه صدر حديثًا (العام 2014)، أنقذ القانون 293 حياة عشرات السيدات وأطفالهنّ عن طريق أوامر حماية أصدرها قضاة.
كذلك بدا واضحًا تطوّر تعاطي عناصر قوى الأمن الداخلي مع نداءات الاستغاثة التي تبلّغوها مباشرة من سيدات معرّضات للعنف، أو وصلتهم بطريقة غير مباشرة من أقارب الضحايا أو جيرانهم.