قضايا عسكرية

ما هي الأسلحة الروسية الجديدة التي قد تعيد العالم إلى سباق التسلح؟
إعداد: العميد المتقاعد شارل أبي نادر

يرى الأميركيون، أنّ روسيا قد خرقت معاهدة خفض الصواريخ المتوسطة والقصيرة المدى الموقعة بين الدولتين في العام 1987، وذلك من خلال تطويرها قدرات صاروخية جديدة، تتجاوز حدود المعاهدة وقيودها. في المقابل، ترى موسكو أنّ الأميركيين خرقوا المعاهدة المذكورة من خلال مناورة خداعية، عبر افتتاح قواعد عسكرية جديدة في شرق أوروبا وشمال غرب اليابان وكوريا الجنوبية، ونشر منظومات متطورة في تلك القواعد، مثل منظومة إيجيس الدفاعية المضادة للصواريخ، والتي بإمكانها أنْ تتحول بسهولة إلى هجومية.

 

لا يمكن عمليًا لأي طرف محايد أو حتى للأمم المتحدة، تحديد من الذي خرق المعاهدة، فالمعطيات التي من الممكن أن تعطي فكرة عن ذلك الخرق، يبقيها كل من الطرفين سرية، لأسبابٍ تتعلق بالأمن القومي والاستراتيجي. وبذلك ليس مستغربًا أن يكون الخرق من جانب الدولتين، وبالتالي فإنّ سباق التسلح على المسرح الدولي قد أصبح مفتوحًا من جديد، وعلى الاحتمالات كلها.
تحدث الرئيس الروسي خلال اجتماع موسع في وزارة الدفاع الروسية (18 كانون الأول الماضي، عن «تعزيز الثالوث النووي الروسي»، وذلك عبر القاذفات الاستراتيجية والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، والصواريخ الباليستية التي تطلق من الغواصات النووية. وأشار بوتين إلى بدء تشغيل المنظومات الصاروخية المتطورة، ودعم التقنيات الرقمية للجيش، وتطوير التعاون مع الحلفاء. وقد تعهد بالرد في حال انسحاب واشنطن من معاهدة الصواريخ، وأضاء بشكلٍ مقتضب على الأسلحة الروسية الجديدة التي اعتبر أنّها ستشكل الرد الحاسم على التحدي الأميركي في سياق سباق التسلح.
سنحاول في هذه الدراسة السريعة، الإضاءة على بعض الأسلحة الروسية الجديدة، والتي اعتبرها الرئيس بوتين كافية لإعادة فرض التكافؤ الاستراتيجي النووي مع الأميركيين وحلفائهم، مستبعدين الإضاءة على أسلحة أميركية مماثلة والمقارنة بين الاثنين. والسبب أنّ الروس فقط هم من نشروا معطيات عن أسلحتهم الجديدة، بينما يتحفظ الأميركيون عن ذلك.

 

صاروخ «أفانغارد»
شكك خصوم روسيا بداية في وجود هذا الصاروخ أصلًا، إذ اعتبروه ضربًا من الخيال، ولكن عمليًا تم إجراء أول تجربة له (التاريخ مجهول)، بإشراف الرئيس بوتين في شبه جزيرة كامتشكا شمال روسيا، وهو سيكون صالحًا للاستخدام في منتصف العام 2019.
تفوق سرعة أفانغارد سرعة الصوت بعشرين مرة، ويصل إلى شمال القارة الأميركية عبر الطبقة الكثيفة من غلاف الأرض الجوي. يُحلّق نحو الهدف بمسارٍ غير باليستي على ارتفاع عشرات الكيلومترات.
صمم لتجنب مجال عمل المنظومات الدفاعية الصاروخية وهو قادر على اتباع مسار يصعب تحديده إذ يمكنه تغيير اتجاهه ومستوى تحليقه، فضلًا عن قدرته على المناورة عاموديًا وأفقيًا لتفادي منظومات الدفاع المتطورة.

 

منظومة «كينجال» (الخنجر)
«وصف الرئيس بوتين هذه المنظومة بأنّها السلاح الذي لا حماية منه. وقال الجنرال سيرجي سوروفكين قائد القوات الجوية الفضائية الروسية إنّ «كينجال» ينطلق نحو الهدف المطلوب تدميره من طائرة سريعة مثل مقاتلة الجيل الخامس «سو-57» أو من المقاتلة الاعتراضية «ميغ 31» التي تنقله إلى موقع الإطلاق في دقائق.
تصل سرعة الصاروخ بعد إطلاقه إلى 4 ماخ، أي ما يفوق أضعاف سرعة الصوت، خلال ثوانٍ معدودة. وهذه الميزة تمكنه من الوصول إلى هدفه قبل أن تعترضه وسائط الدفاع الجوي المعاصرة، وهو قادر على إصابة الهدف المحدد بدقةٍ متناهية في أي وقت من النهار والليل.
يبلغ طول «كينجال» نحو 3 أمتار، ويستطيع التحليق إلى مسافة 2000 كلم، وهو دخل الخدمة الفعلية التجريبية في جنوب روسيا في أواخر العام 2017، وتحمله حاليًا المقاتلة الاعتراضية «ميغ-31 بي إم» التي تستطيع أن تحمل صواريخها إلى مسافة 720 كيلومترًا.
وقد ذكرت صحيفة «ناشيونال أنتريست» الأميركية، أنّ السلاح الروسي «كينجال»، هو «الأسرع من بين الصواريخ التي تخترق سرعة الصوت»، وليس له نظير في العالم. كما قال الخبير الأميركي دايف ماجومدار: «لا يوجد في العالم صاروخ باليستي يتمّ إطلاقه من الجو، ولذلك يحق لموسكو الإعلان أنّ منظومة «كينجال» ليس لها نظير خارج حدود روسيا».
وأشار ماجومدار أيضًا إلى أنّ صاروخ «كينجال» تمّ تصنيعه ليكون قادرًا على المناورة في الجو والتحليق في مسار لا يمكن التنبؤ به، وهذه الخصائص تجعل من الصعب جدًا اعتراضه، علمًا أنّه قادر على ضرب الهدف عن بعد أكثر من 2000 كلم.

 

صاروخ «سارمات» المجنّح
مبدئيا تستطيع الدفاعات المضادة للصواريخ اعتراض معظم الصواريخ الباليستية الحالية التي تطير وفق مسار معيّن. ومن هنا تأتي أهمية الصاروخ الروسي «سارمات» وخصوصيته، فهو صاروخ باليستي عابر للقارات، يمكن إطلاقه عبر المنطقة القطبية الخالية من الدرع الصاروخية. والأهم أنّ «سارمات» قادر على حمل أكثر من 20 وحدة حربية، أو ما يزيد عن 5 أضعاف حمولة صواريخ عابرة للقارات مماثلة له، من الجيل السابق.


الصاروخ المجنّح «بوريفيستنيك»
زُوّد هذا الصاروخ محركًا نوويًا، وهو بذلك سلاح فريد من نوعه يشبه الصاروخ الأميركي «توماهوك» الذي يصل مداه إلى 2500 كلم، لكن مسافة تحليقه محدودة بحمولته من الوقود. يتجاوز الصاروخ الروسي «بوريفيستنيك» هذه المشكلة من خلال محركه النووي الذي يعمل بشكلٍ متواصل.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت أنّ الصاروخ المجنّح ذي المحرك النووي من طراز «بوريفيستنيك» سيكون قادرًا على التغلب على أنواع المنظومات التابعة لنظام الدرع الصاروخي جميعها، سواء الموجودة حاليًا أو المستقبلية، وأنّ عملية تصميمه تجري وفق الخطة الزمنية المقررة. كما أشارت إلى أنّ هذا الصاروخ يتميز بالتحليق على علو منخفض، وبرأسٍ نووي ومدى إطلاق غير محدود تقريبًا، بالإضافة إلى خط طيران لا يمكن التنبؤ به، مع إمكانات لتطويق خطوط الاعتراض المضادة له.

 

الغواصات غير المأهولة «بوسيدون»
هي بمثابة درون (طائرة من دون طيار) ولكنّها تسير تحت المياه، يتمّ توجيهها من غواصة عادية وليس بالضرورة نووية. تتحرك تلك الدرونات المائية تحت البحار والمحيطات بسرعةٍ فائقة لتصل إلى أهدافها تحت أعماق كبيرة بعيدًا من إمكان استهدافها.
كشفت روسيا عن بعض خصائص غواصتها الروبوتية الجديدة «بوسيدون» التي تتمثل مهمتها الأساسية في تدمير قواعد العدو البحرية المحتملة. وأشارت إلى أنّ روبوت «بوسيدون» يستطيع الوصول إلى أهداف تقع وراء المحيط، سابحًا تحت سطح الماء على عمق يزيد عن 1000 متر وبسرعةٍ تراوح بين 60 و70 عقدة.
وسوف تستطيع هذه الغواصة الروبوتية الخالية من طاقم بشري والتي تعمل بالطاقة النووية، أن تحمل أسلحة نووية تُقدَّر قوتها التدميرية بـ2 ميغا طن.
وكانت وسائل إعلام أميركية قد زعمت في وقت سابق أنّ موسكو صنَّعت الغواصة الحربية غير المأهولة التي تستطيع أن تتسبب في الإعصار النووي عند شواطئ الولايات المتحدة الأميركية.

 

منظومة الليزر الحربي «بيريسفيت»
اعتمد الجيش الروسي منظومات الليزر منذ العام 2017 بحسب بوتين. وأكد الرئيس الروسي في هذا الصدد أنّه تمّ تحقيق «نتائج مهمة في تطوير أسلحة الليزر»، وأنّ ذلك «ليس مجرد نظرية أو مشروع أو بداية إنتاج، بل أسلحة تمّ اعتمادها العام الماضي».
من ناحية أخرى، قال الخبير العسكري الروسي ألكسي ليونكوف إنّ منظومات «بيريسفيت» الروسية الليزرية قادرة على مواجهة صواريخ كروز «توماهوك» بعيدة المدى الأميركية العالية الدقة. ووفق ليونكوف، فإنّه «يمكن بمساعدة الليزر التعامل بفعالية مع أسلحة الهجوم الجوي، والأسلحة الدقيقة ومعدات الاستطلاع التي تستخدم الأجهزة الإلكترونية البصرية كأداة. وقد أشار إلى أنّ الإلكترونيات تتعطل بسهولة بفعل تأثير الأشعة القوية، الأمر الذي يجعل من «بيريسفيت» أداة تعمي تقنية العدو بشكلٍ كامل لفترةٍ طويلة.
وأضاف ليونكوف: «على سبيل المثال، عند وصول الصواريخ الأميركية «توماهوك» إلى الهدف، تبحث عنه بصريًا مسترشدة بالصورة الرقمية للمسطح الأرضي، الموجودة في ذاكرة رأس الصاروخ ذاتي التوجيه. وفي حال استهدفت منظومة «بيريسفيت» أجهزة الصاروخ البصرية في هذه اللحظة، فإنّ عملها سيتوقف ويضيع الصاروخ عن الهدف ويدمّر نفسه ذاتيًا».

 

منظومة متكاملة
تكمن أهمية هذه الأسلحة، ودائمًا بحسب وزارة الدفاع الروسية، في كونها تعمل ضمن منظومة واحدة متكاملة، بعد القضاء على منظومات الدرع الصاروخي المعادية، وذلك على الشكل الآتي:
تستطيع منظومة «كينجال» تعطيل منظومة الدرع الصاروخي المتمركزة على البر، أمّا الغواصة غير المأهولة «بوسيدون» فيمكنها تعطيل منظومات الدرع الصاروخي البحرية، وبعد ذلك سوف تصل منظومات صواريخ «سارمات» و«أفانغارد» والصاروخ المجنّح «بوريفيستنيك» إلى هدفها، متفادية الحواجز كلها. وكذلك تستطيع منظومات «بيريسفيت» الليزرية الحربية أداء دور حساس وفعّال لأنها توصل الطاقة إلى الهدف بلحظاتٍ، وهي تمتلك ذخيرة غير محدودة (أشعة ليزر). وتؤكد مصادر وزارة الدفاع الروسية بأنّ هذه الأسلحة الجديدة موجودة الآن في روسيا وجاهزة للاستعمال.

       :المراجع
https://al-ain.com/article/nuclear-weapons-putin-trump-
https://sptnkne.ws/h4gD

صاروخ كينجال ليس له نظير في العالم
https://youtube
https://sptnkne.ws/jdrh
https://arabic.rt.com