في كل بيت

ما هي الأعراض المقلقة وكيف يمكن التعامل معها؟
إعداد: ندين البلعة خيرالله

 

إلى المدرسة سر... لكن الأمور لا تسير جيدًا مع طفلك!

الاستيقاظ باكرًا، كثرة الفروض، الامتحانات وغيرها، أسباب تجعل الكثير من الأولاد يتذمرون، وقد يرفضون الذهاب إلى المدرسة. وأحيانًا يتخطّى الأمر هذه الحدود إلى أعراض مقلقة مثل الصداع وآلام البطن والأذن، واضطرابات النوم، والطفح الجلدي. ومن هذه الأعراض أيضًا العصبية وحدّة المزاج، والكآبة والعدائية تجاه الأهل والزملاء... والتغيّب عن المدرسة وحتى الهروب في بعض الأحيان. عندها يجب دقّ ناقوس الخطر، فالأمر لم يعد يقتصر على الانزعاج بل أصبح «فوبيا مدرسية» أو «رفضًا مقلقًا للمدرسة».

 

الظاهرة وأسبابها
لاحظ الأطباء النفسيون ازدياد نسبة الأولاد الذين يُصابون بـ«فوبيا المدرسة» التي تظهر على شكل قلق مزمن، في فترتَين تعليميتين محوريّتَين هما السنوات الأولى من المدرسة والمرحلة الثانوية، كما يمكن أن تظهر في السنة الأولى من الجامعة.
تتعدّد الأسباب التي تؤدّي إلى هذا النوع من الفوبيا وتتنوّع، فبعض الأولاد يخاف من العلامات المتدنية ومن كثرة الواجبات المدرسية، ويعاني الشعور بالتخلّف وعدم القدرة على التركيز، وبالتالي عدم القدرة على إنجاز الفروض والواجبات المدرسية. البعض الآخر يخاف من المضايقة أو التعنيف، اللذين قد يكون مصدرهما المعلم أو الرفاق.
من جهة أخرى، يمكن أن تعود هذه الفوبيا إلى الخوف من مغادرة المنزل بسبب قلق الولد على أحد أفراد العائلة ورغبته بالبقاء في المنزل والانتباه له. يضاف إلى ذلك الاهتمام الزائد بالولد وعدم استقلاليته وقدرته على الاهتمام بأموره الخاصة.
سبب آخر أساسي للفوبيا المدرسية يتمثل بالضغوط التي يعانيها التلميذ منذ السنوات الدراسية الأولى، إذ يشعر بأنه يجب أن ينجح بأي ثمن، وهذا الشعور يكون مصدر إزعاج لا يُحتمَل وقد يصل إلى حدّ الهوس، ويعاني منه المتفوّقون أكثر من سواهم.

 

ما هو العلاج؟
لرفض المدرسة نتائج يمكن أن تكون خطرة ويجب أن تدفع الآباء وأطباء الأطفال والمعلّمين والأطبّاء النفسيين إلى البحث في وسائل للمساعدة.
هل نتساهل مع ولدنا ونسمح له بملازمة المنزل، أم نضغط عليه ونلزمه بالعودة إلى المدرسة؟
سؤال يطرحه أهل كل ولد يعاني الفوبيا المدرسية، أما الجواب الأساسي فهو: يجب ألًا نغضّ الطرف عن هذا الأمر، إذ ينبغي التصرف بكل جدية. وعلى الأهل كما المدرسة والمعلّمين مسؤولية في هذا المجال. على الأهل أولًا أن يشعروا ولدهم بالمحبة والاهتمام (نحن نحبّك ولذلك نريدك أن تذهب إلى المدرسة)، بالإضافة إلى تحفيزه على تحمّل المسؤولية والتحلّي بالشجاعة، ومتابعته من خلال حضور الاجتماعات المدرسية، وإشعاره بأنه موضع اهتمام. ولا ننسى ضرورة مساعدته في إنجاز فروضه اليومية حتى لا تتراكم، والتحدّث معه عن يوميّاته وأصدقائه ومساعدته في حلّ مشاكله...
من جهتها تؤدّي المدرسة دورًا مهمًا في دعم الأسرة ومساعدة الولد لتخطّي مخاوفه، بدءًا بقبوله واحترامه، وغمره بالمحبة ومعاملته بلينٍ وإلفة، وتقديم الإرشادات له حول كيفيّة حلّ الواجبات ومكافأته عند أدائها، وصولًا إلى الإصغاء إلى مطالبه والأمور التي يودّ الإفصاح عنها، وخلق جوّ من الألفة والمحبة بين مختلف التلامذة والتساهل قليلًا مع الأخطاء في السنوات الدراسية الأولى.

 

التشخيص والعلاج
الأهم إلى جانب كل ذلك، هو استشارة طبيب الأطفال النفسي الذي بدوره يقوم بتشخيص الأعراض والتأكد من الشكاوى النفسية الغامضة لدى الولد. فعلى الرغم من أن حالة رفض المدرسة لا يمكن إدراجها ضمن الاضطرابات السريرية، غير أنه يمكن ربطها بالعديد من الاضطرابات النفسية من قلق الانفصال إلى الرهاب الاجتماعي واضطراب السلوك. من هنا ضرورة التقييم الشامل لحال الولد.
ويرى بعض المتخصّصين ضرورة خضوع الولد الذي يعاني هذه الاضطرابات، للعلاج باستخدام الطب النفسي والعلاج السلوكي المعرفي، حيث يبدأ الطبيب بتعليم الطفل مهارات التأقلم الجديدة، ويبحث في خلفية الأسباب التي أدّت إلى الفوبيا لدى الطفل وأبرزها المشاكل العائلية.
فإذا رفض طفلك رفضًا قاطعًا الذهاب إلى المدرســة وأبــدى عــوارض مقلقــة، اســتشيري الاختصاصيين فورًا للتوصّل إلى حــلّ مــبكر قبل تفــاقم الحــالة وفــوات الأوان.