متاحف في بلادي

متحف أبونا يعقوب الكبوشي
إعداد: جان دارك أبي ياغي

شاهد على رسالة الطوباوي وأعماله وإيمانه

يضمّ معبد سيدة البحر في جل الديب حيث رفات الطوباوي «أبونا يعقوب الحداد الكبوشي» متحفاً يعتبر تراثاً ثميناً ومركزاً حضارياً لما يحوي من أشياء مقدسة استعملها «أبونا يعقوب» في حياته. وتبرز بشكل خاص سبحته التي «برت» حباتها رؤوس أنامله والتي كانت تردّد مع قلبه وعقله على طرقات لبنان: «السلام عليك يا مريم» أو «يا يسوع الوديع المتواضع القلب».
مجلة «الجيش» زارت المتحف الذي يعبق بالقداسة وجالت بين غرفه فإذ في كل غرفة رسالة محبة ومعرفة.

 

عند مدخل كنيسة سيدة البحر حيث ضريح «أبونا يعقوب» ومتحفه يرتفع تمثال برونزي له بارتفاع مترين ونصف المتر نحته خصيصاً لاحتفال التطويب، الفنان مزمانيان وهو من أصل أرمني روسي. ويحيط بالتمثال جهة القاعدة طفل بلباس مدارس راهبات الصليب يرمز الى البعد التربوي في رسالة الخدمة لجمعية راهبات الصليب، ومريض وهو رمز للمهمل والمتروك والمتألم في رسالة الجمعية، أما الراهبة فهي رمز لكل راهبات الجمعية التي أسسها «أبونا يعقوب» وهدفها الخدمة.
شيّد المتحف العام 1985 بهمة «بنات أبونا يعقوب» في جمعية راهبات الصليب التي أسسها بتاريخ 8 كانون الأول 1930، وشهد في العامين 2007 و2008 عملية ترميم واسعة لمناسبة التطويب أشرف عليها المهندس يوسف صقر وارتكزت على روحانية الإنجيل وعلى الزِفر (أي الحمل الثقيل) في صنع الواجهات الزجاجية التي تحمل ثياب «أبونا يعقوب» وأغراضه وذخائره، هو الذي حمل تعب الناس وهموم المهمّشين طيلة حياته، كما شرحت لنا الدكتورة ليلى هبر التي أشرفت على الهندسة الداخلية للمتحف.
أما الصخر الذي استعمل فقد استقدم من بلدة عين عيا (قضاء البترون) للدلالة على الصخرة التي بنى عليها المسيح كنيسته، من هنا الارتباط المعنوي والمادي بين الزِفر وبين حياة «أبونا يعقوب».

 

في أرجاء القداسة
يتألف المتحف من طابقين يضمان غرفة في الطابق السفلي و7 غرف في الطابق العلوي تتوزّع فيهما أغراضه الشخصية وكل ما استعمله في حياته، ليخرج الزائر حاملاً من كل غرفة رسالة من «أبونا يعقوب».
في غرفة الطابق السفلي على يسار الضريح نجد: أجزاء من رفاته، التابوت القديم المصنوع من الخشب، مخطوطات عائدة لأبونا يعقوب، مراحل دعوى التطويب من مراسلات وشهادات وأختام، الأقمشة التي استعملت لتنظيف جثمانه في مرحلة الكشف عليه ونقله الى الضريح الحالي، الثياب التي كان يرتديها عند الوفاة، الأوسمة مع البراءات التي نالها من الدولة اللبنانية والسلطات الدينية والمدنية. وأبرزها: وسام الاستحقاق اللبناني الفضي ذي السعف من قبل الرئيس إميل اده الذي كان أول من أبدى إعجابه بالأب يعقوب الحداد الكبوشي، من بين الرسميين.
بعد ذلك منحه الرئيس الشيخ بشارة الخوري (العام 1949) وسام الاستحقاق اللبناني المذهّب تقديراً لأعماله الوطنية، ووسام الأرز اللبناني من رتبة ضابط (العام 1951).
ومن الرئيس كميل شمعون نال الأب يعقوب آخر وسام بشري قبل مثوله أمام محكمة الذي لا يعطي إلا الأوسمة المستحقة، وكان وسام الأرز المذهّب (العام 1954). لكن «أبونا يعقوب» كان يردد في كل حفل تقلّد خلاله وساماً: «أنا وسامي الصليب».

 

ثيابه ومسبحته
ننتقل الى الطابق العلوي نتجول بين الغرف حيث تتوزع ثياب «أبونا يعقوب» كتبه وأشياء خاصة كان يستعملها:
- ثوبه الرهباني (الثوب البني + الحبل الأبيض) مع سبحته التي اعتاد أن يحملها معه للصلاة وقد انبرى صليبها الخشبي لكثرة الضغط عليها خلال الصلاة في أوقات الشدة.
- مجموعة من ملابسه وشالاته الصوفية والصندل» الذي كـان ينتـعله صيـفـاً وشتـاءً.
- الأغراض التي كان يحملها معه: محفظته، الكتاب المقدس، السبحة التي أعطته إياها والدته للصلاة خصوصاً في أوقات الشدة.
- الأختام الخاصة باسمه وأختام المسؤوليات التي أوكلت اليه.
- أوراقه الثبوتية وبطاقات التعريف الخاصة به.
- مكتبته الخاصة التي تضم حوالى 350 كتاباً في حقل الدين والفلسفة والفكر والعلم والاجتماع... التي كان يطالعها.
- الأرغن الذي كان يحمله من قرية الى قرية في الاحتفالات الليتورجية والدينية من زيارات مريمية وقربانية ورتب القربانة الأولى.
- مركع الصلاة الخاص به.
- أدوات الطعام والحلاقة والاغتسال العائدة له.
- نماذج من العملات المتداولة أيام «أبونا يعقوب».
- قطعة الفرنك الفرنسي التي أعطته إياها سيدة فرنسية ثرية كان قصدها للمساعدة في تمويل مشروع ما، فوضعه في علبة من زجاج قائلاً: «هذه إشارة الى أنه لا يمكن الاتكال إلا على الله وحده».
- الأطر الخاصة بالقداس اللاتيني.
- صلبان التبريك.
- تماثيل (مار بطرس، بابوات).
- كتب الصلوات الخاصة به.
- صورة العذراء التي كانت بجانبه.
- صورة وجه يسوع الفادي هدية من المطران زوهرابيان لمناسبة اليوبيل الخمسين لنذوره الرهبانية.
- البدلات الكهنوتية والأواني المقدسة.
- بدلات القداس الخاصة به وكلها مطرزة بأيادي راهبات الصليب.
- بدلة كهـنوتية مطـرزة بالورود صنعتـها لـه الراهبـات لمناسبـة يوبيلـه الكهنوتي الخمسيني.
- بيرق سيدة البحر الذي كان يُرفع في يوم عيدها في 3 أيار من كل عام ومكتوب عليه طلبة: «يا سيدة البحر ردّي المسافرين الى بلادهم سالمين».
- الابتكارات التزينية التي كان يخصصها للاحتفالات الدينية.
- الخيمـة التي كان يستخدمهـا في زياحات القربـان المقـدس مع شعـاع القربـان، وثياب الملائكة للأطفال الخاصة بالمناسبة.
- مجلة «صديق العائلة» التي أسسها العام 1913 وهي مجلة دينية اجتماعية مفيدة للعائلة.
- آلة للتصوير الفوتوغرافي.

 

غرفته الخاصة
محطتنا الأخيرة في المتحف كانت غرفــة «أبونا يعقوب» الخاصة وقد تمت المحافظة عليها كما كانت: سريره، الشراشف والأغطية، مكتبه الخشــبي وكان يستعـمله خلال العمل والصلاة تزينه صـورة للقديس شربل مخلوف التي حملها معه بعد زيارة لدير ما مارون - عنايا حيث ضريح القديس شربل.
وستوضع في كنيسة سيدة البحر الصورة الرسمية التي رفعت للطوباوي العتيد في أثناء قداس التطويب في ساحة الشهداء، وسيخصص بالقرب من الضريح والمتحف مكان للتذكارات وكتيبات خاصة بالطوباوي الجديد.

 


لمحة عن حياة الطوباوي أبونا يعقوب
- ولد في 1 شباط 1875 في غزير - قضاء كسروان.
- سيم كاهناً في 1 تشرين الثاني 1901.
- أنشأ رهبنة مار فرنسيس للعلمانيين في لبنان سنة 1908.
- باشر ببناء دير الصليب سنة 1921.
- شيّد كنيسة سيدة البحر لتجمّع رهبنة مار فرنسيس للعلمانيين ودشّنها في 3 أيار 1923.
- رفع صليباً على تلة في جل الديب سنة 1923.
- إستقبل في دير الصليب أول كاهن وجده مهملاً في 4 تشرين الأول 1926.
- أسس جمعية راهبات الصليب في 8 كانون الأول 1930، للعناية بالكهنة والعُجّز والمرضى والمقعدين والبؤساء والذين لا سند لهم.
- توفي برائحة القداسة في 26 حزيران 1954.
- أعلن مكرماً في 21 كانون الأول 1992.
- أعلن طوباوياً في 22 حزيران 2008؛ في لبنان للمرة الأولى خارج حاضرة الفاتيكان.


تصوير: راشيل تابت