متاحف في بلادي

متحف سمير شمعون
إعداد: جان دارك أبي ياغي
تصوير: المجند الياس مرعب

لكل جميل وأصيل مساحة واهتمام

فنان المواهب المتعددة يحكي بلغة مختلفة

 

جذبه التراث فحوّل منزله في زحلة الى متحف جمع فيه كل ما تقع عليه يده من تحف قديمة، وكل ما تعشقه عينه من أثريات. أحب الغناء فجمع أقدم أدواته وأضخمها. عشق مدينته زحلة فأنجز تصميماً لجانب من جبالها. وأحب الصيد فجمع أسلحته.
إنه الفنان الزحلي، المعروف بـ«فنان بالجملة»، سمير شمعون الذي يمارس جميع أنواع الفنون والذي يبحث دوماً عما يسميه «أنتيك». فهو يفتش عن كل قديم ويرصد كل ثمين.
مجلة «الجيش» زارت «صومعة شمعون» كما أسماها الموسيقار محمد عبد الوهاب، وعادت بالآتي.

 

عربات الزهور

عندما نتحدث عن الفنان الزحلي سمير شمعون تحضر الى ذهننا مهرجانات الزهور التي تقام سنوياً في عاصمة البقاع زحلة، والتي يتميز فيها من خلال الرموز الوطنية التي يجسدها في تصميم عربات الزهور ممثلة الجيش اللبناني، في تحية منه للمؤسسة العسكرية التي يحترم ويجلّ».
وهذا الحب الكبير للوطن وللجيش جسّده شمعون في عربات الزهور، التي اتخذت أشكالاً وألواناً مختلفة، منذ العام 1936 وحتى يومنا هذا، وكانت له الجائزة الأولى في كل عام. كما شارك في مهرجانات سياحية عديدة حيث كان لعربته عناوين كبيرة تدعو الى السلام وعودة المغتربين الى وطنهم، ونال دروعاً كثيرة تقديراً لجهوده وعطاءاته الفنية الدائمة.

 

متعدد النشاطات والهوايات

سمير شمعون فنان لا يكلّ ولا يملّ. وأقل ما يقال فيه إنه «فنان بالجملة»، فهو يمارس عدة هوايات فنية، والداخل الى منزله يخال نفسه في عالم ليس من هذا العالم لما يحتوي على تحف لا تقدر بثمن تختصر حقبات مهمة من التاريخ.

اشتهر سمير شمعون بالعزف على العود وأقام أول حفلة موسيقية عامة أحيتها نخبة من كبار الهواة الموسيقيين في زحلة على مسرح سينما «أمبير» حيث عزف على عوده تشجيعاً للموسيقى في زحلة. وللبيئة حصة في اهتماماته فقد نظّم لجنة للنظافة مع محافظ البقاع وبلدية زحلة لاختيار أجمل وأنظف محل مستوف الشروط الصحية القانونية، وإعطاء جائزة تتمثل بشهادة تقدير وكأس فضي لكل محل تجاري يتمتع بالمواصفات المطلوبة تشجيعاً للنظافة والجمال. ولم ينس سمير شمعون إيلاء المناظر الطبيعية الجميلة بعضاً من وقته فنظم لجنة مهمتها اختيار أجمل حديقة وشرفة زهور وتخصيص جائزة تشجيعاً لزرع الزهور وإظهار جمال المدينة.
عـمل سمـير شمعون لمدينته زحلة فجنّد كل طاقاته وإمكـاناته في خدمـتها. وتقديراً لجهوده، نال أوسمة عديدة أجنبية ولبنانية، منها وسام الاستحقاق اللبناني ووسام الأرز الوطني من رتبة فارس، وحصل على درع رئاسة الجمهورية اللـبنانية ودرع وزارة الثقافة والتعليم العالي ودرع وزارة الدفاع ودرع بلدية زحـلة ودرع بلدية قب الياس ودرع السـياحة للمهرجانـات ودرع قائد وضباط منطقة البقاع العسكرية وشعار قيادة الجيش وشعار اليوبيل الذهبي للجيش اللبناني ودرع رمز العطاء والوفاء والمحبة من اللجنة الوطنية لرعاية الطفل في لبنان، وأقيم له حفل تكريمي في الجامعة الأميركية في قاعة «الأسمبلي هول».

 

متحف للفن والتراث

يضم متحف التراث اللبناني في زحلة، مجموعة أسلحة أثرية قديمة العهد، وهي من أكبر المجموعات الأثرية في لبنان، والغرفة المخصصة لها من أجمل غرف المتحف. في هذه الغرفة نجد:
- «بواريد ابراهيميات دك» و«جفوت» وطبنجات «دك» مفرد ومزدوج بعضها على حجر الصوان والداخون وبعضها على خوذات رومانية وعربية.
- مجموعة مسدسات قديمة العهد ورماح وأقواس نشاب مع نبال وسنكات و«تاتريات» وخناجر مطعّمة بالفضة و«تروس» منقوشة وسيوف مجوهرة إفرنجية وفارسية وعربية، بينها سيف يعود الى ما قبل السيد المسيح نقشت عليه نجمة داوود بالفضة، وكتب عليه باللغة الهندوانية، وسيف قبل النبي محمد عليه السلام، كتب عليه «الله برٌ قلته» سنة 510 ميلادية.
- حجارة أثرية منها، تيجان رومانية وكورنسية منقوشة وعواميد محفورة وأجران وخشبيات مطعمة بالصدف والعاج ومجموعة أراكيل ملونة أثرية كبيـرة، ومجموعة زجاجيات وفخاريات أثرية وعدة فونوغرافات مختلفة، ومجـموعة سجـاد عجمي إيراني ثمينة جداً يعـود صـنع البعض منها الى 350 سنة.
- مجموعة صور لرؤساء الجمهورية اللبنانية قبل الاستقلال وبعده.
- مجموعة نحاسيات مطعّمة قديمة الصنع وآلات موسيقية وترية منها ما يعود تاريخها الى 800 سنة.
- مجموعة صواني معدنية قديمة، ومجموعة مسابح مختلفة الأحجار ومجموعة علب كبريت، من كل دولة «كبريتة».
وفـي ركن آخر من منزلـه، يعـرض الفنان شمعـون مجموعة كبرى ونفيسة من الطوابع الأثرية التي لا تقدر بثمن، وفي ناحية أخرى مجموعة كاملة لجميع مراحل إنشاء العملة اللبنانية وأخرى لأعلام مختلف دول العالم، كل هذا بالإضافة الى التصاميم المجسمة (الماكيت) التي اشتهر بصنعها الفنان سمير شمعون للقصور والفيلات، محفورة على الخشب والكرتون، وهي من روائع فنه، وقد راودته فكرة تصميمها يـوم كان في عمر السابعة عشرة لتنظيم منطقة ضهور زحلة، واليوم قد تحقق حلمه وأصبحت ضهور زحلة عامرة بالقصور والفيلات كما تخيلها في سنة 1963.
أما حديقة منزله فيظنها الزائر قلعة بعلبك بعواميدها الستة وحجارتها المنقوشة. وقد جمعها الفنان شمعون بصعوبة وبناها بتنظيم هندسي رائع، ونالت هذه الحديقة الجائزة الأولى كأجمل حديقة في زحلة سنة 1972.

 

عبد الوهاب و«صومعة شمعون»

بتـاريخ 12/8/1971، زار الموسـيقار الكبـير الأسـتاذ محمد عبد الوهاب متحف سمير شمعون حيث استمع إليه يعزف على عوده وكتب له كلمة إعجاب وتقدير جاء فيها: «يسعدني أن أتعرف على الأخ سمير شمعون، فقد وجدت فيه الفنان الأصيل والأديب الذكي والمخـلص الوفي، وقد زرته في منـزله فوجدت المنزل عبارة عن صومعة فنـية بكل ما فيها من تحف جميلة واستمعت إليه يعزف على العود فأعجبت به وبصوته المعبّر... أرجو له التوفيق في حياته العامة وأرجو له الاستمرار في ممارسة هوايته الرفيعة».

 

مغارة الميلاد

إشتهر الفنان سمير شمعون بصنع أجمل مغارة ميلاد في لبنان حيث أقام لأول مرة مغارة في مكتب بلدية زحلة - المعلّقة - برعاية المحافظ ورئيس البلدية، ثم انتلقت بعدها لتزور كنائس وأديرة المنطقة. وفي العام الماضي أقام مغارة الميلاد في القصر الجمهوري.