متقاعد يتذكر

متقاعد يتذكر
إعداد: باسكال معوّض بو مارون

حاول أن يعمل في مجال آخر، إلاّ أن الجيش ما انفك يناديه ليضمّه إليه: المؤهل الأول محمد حمود بدأ حياته العملية مدرّساً، لكنه ورغم المردود المادي الكبير الذي كان يجنيه كأستاذ مدرسة آنذاك، فقد تبع حلمه مذ كان صغيراً، فيوم كانت الطائرات الاسرائيلية تزرع الرعب في قلوب الجنوبيين كان الولد الصغير الخائف من «الطرّاد» الإسرائيلي (هكذا كان أهل البلدة يسمّون الطائرة الإسرائيلية) يحلم بوضع حدٍ له. عندما كبر لم يرضه أن يصبح أستاذ مدرسة فترك التعليم وانخرط في مؤسسة الجيش في آذار من العام 1962.

 

المؤهل الأول المتقاعد محمد حمود

في الجيش أحلى أيام عمري وحنيني إليه كبير

من مركز التطوّع في عين ابل قرب بلدته برعشيت انتقل الى معهد الأغرار في طرابلس، حيث بدأت مسيرته العسكرية التي يحدثنا عنها قائلاً:
بقيت 6 أشهر في طرابلس، حيث حللت الأول على 1300 متطوّع في العلوم العامة.
بعد التخرّج، شكّلت مع 10 عناصر من حملة الشهادات أمثالي الى قاعدة رياق الجوية، حيث التحقنا بدورة تموين فني ومن ثم خضعنا لدورة أخرى لنيل الشهادة الابتدائية في الإدارة، وحصلنا على ترقية لرتبة عريف إداري.
عملت في مصلحة العتاد في قاعدة رياق كمموّل فنّي في مخازن العتاد الجوّي، وبقيت هناك حتى العام 1972 وقد حصلت خلال هذه الفترة على شهادة تكميلية في الإدارة وعلى رتبة رقيب إداري.
في العام 1972 ، انتقلت مصلحة العتاد الجوّي الى قاعدة بيروت الجوية، فعملت فيها كأمين لجنة استلام العتاد لتجهيز المطار الجديد، وكنت أعمل في بعض الأحيان 24/24 ساعة متواصلة.
في العام 1979، فُصلت إلى وزارة المالية من قبل مصلحة العتاد الجوّي لتصفية نفقات الجيش - سلاح الدفاع الجوّي، وعملت لمدة سنة سُرّحت بعدها من الجيش وكنت برتبة معاون منذ العام 1978.
في العام 1984، تم استدعاء المتقاعدين الى اللجنة الفنية مع قوات الفصل الفرنسية، وكان مركزي أولاً في مطل شملان وبعدها في مبنى عند مدخل وزارة الدفاع وهو مركز اللجنة الأمنية، حيث كنت أمين سرّ الفرع الرابع، وعندما انتقلت اللجنة الى مركز سباق الخيل عملت كمراقب من قبل الجيش اللبناني.
انتقلت الى قيادة منطقة بيروت كأمين سرّ فرع التجهيز في العام 1988 وبعد نحو 4 سنوات، أصبحت أمين سرّ لجنة التلزيم في المديرية العامة للإدارة لمدة سنة، نقلت بعدها الى ثكنة هنري شهاب وتحديداً اللواء السادس وعملت كمحاسب معدّات حتى بداية العام 1996، حيث سُرّحت  برتبة مؤهل أول.
لم أتعرّض طوال حياتي العسكرية لأي عقوبة، فقد كنت أعتبر نفسي جزءاً من القانون. اليوم ما زلت أشعر كلما دخلت ثكنة عسكرية، أنني في بيتي الحقيقي، حيث قضيت أحلى أيام عمري، وحنيني إلى تلك الأيام كبير جداً.
ويختم قائلاً: الجيش علّمني الانضباط أولاً وأخيراً، ونمّى فيّ الروح الوطنية، فحوّلني من حب الجزء الى حب الكل، ومن حب قريتي الصغيرة الى حب وطني الكبير، ومن الدفاع عن تراب برعشيت الى الدفاع عن كل حبة تراب من شمال لبنان الى جنوبه، وبقاعه وعاصمته.
لقد علّمني الجيش حب الآخرين والتفاني لأجلهم مهما كانت توجهاتهم أو مستوياتهم، فهم مواطنون في هذا البلد. كما تشرّبت منه الشجاعة من دون تهوّر، والايثار والتضحية والذود عن الوطن الغالي.