تربية وطفولة

متى نعلّم أولادنا السباحة وكيف؟
إعداد: ماري الأشقر
اختصاصية في علم النفس

يصعب على الصغار، أكثر من الكبار، مقاومة رغبة التمتّع بشمس الصيف وممارسة السباحة. فالماء بالنسبة إلى الأطفال عالم مليء بالتشويق والبهجة، وتعلّم السباحة تجربة فيها الكثير من الفرح. ولكن هذه الرياضة قد تصبح مصدرًا للقلق والإزعاج للأهل.


تحصل في أثناء السباحة حوادث كثيرة، وعلى الرغم من معرفتنا المسبقة بأنواعها، تبقى محاولة تجنّبها والسيطرة عليها مسألة صعبة نسبيًا. فالسباحة وألعاب المياه الأخرى تعتبر مصدرًا من مصادر البهجة والفرح، لكن التوفيق بين توفير الأمان للطفل وشعوره بالفرح خلال ممارسته هذه الرياضة هو من العقبات أو التحدّيات التي تواجه الأهل. لذلك، فإنّ إعطاء الطفل دروسًا خاصة في السباحة من أفضل الطرق لضمان سلامته، ومساعدته في بناء الثقة بنفسه، إنما يجب أن نعرف الوقت المناسب للبدء بهذه الدروس.

 

آراء متباينة
لقد بات شائعًا في العديد من البلدان تعليم الأطفال السباحة في مرحلة مبكرة. فدروس السباحة تساعد الأولاد في اكتساب عادة البقاء في الماء، وتعطي الأهل فرصة ممارسة السباحة مع أطفالهم بشكل آمن من خلال برامج معيّنة. في المقابل، يقول أطباء الأطفال إنّ هذه الدروس لم تثبت فاعليّتها في تأمين السلامة التامّة للأطفال، فالأولاد الذين تجاوزوا السنة من العمر بمقدورهم ممارسة السباحة، أمّا أولئك الذين ما يزالون أطفالًا رُضّعًا فلا يستطيعون ذلك. وبرأيهم، إنّ إعطاء مثل هذه الدروس قد يكون مفيدًا فقط لإنماء عامل الترابط العائلي بين الأهل والأولاد، أمّا تعلّم السباحة في الأشهر الأولى من عمر الطفل مسألة مشكوك فيها، وقابلة للنقاش.

 

من الثالثة وما فوق
أصدرت الأكاديمية العالمية لطبّ الأطفال بيانًا يقضي بعدم إعطاء دروس السباحة للأطفال الذين لم يتجاوزوا السنة الثالثة من العمر، وحذّرت من الأخطار الصحية الناجمة عن تقاسم الأهل والأطفال أحواض السباحة. كما أشار البيان إلى أنّ المياه الدافئة تدفع الأطفال إلى التبوّل وبالتالي تكون النتيجة تكاثر الجراثيم والميكروبات في الأحواض، ما يزيد من مخاطر تعرّض الأطفال لأمراض صحية وجلدية مختلفة.
يجمع العديـد من الخبراء على القول بأنّ العمر المناسب لإعطاء الأطفال دروسًا في السباحة يبدأ من سن الثالثة وما فوق، ففي هذا العمر يستطيع الأولاد تعلّم أسس هذه الرياضة، كالعـوم وتوقيع حركات القدمين واليدين مما يزيد اعتمادهم على أنفسهم ويحررهم من الخوف. ويقول الخبراء إنّ إفساح المجال أمام الطفل استكشاف عالم الماء بطريقة تدريجية ومنظمة، هو الخطوة الأولى في اتّجاه إتقانه رياضة السباحة على أسس سليمة.
إنّ تشجيع الطفل على السير في المياه من دون أن يتعدّى مستواه أعلى القدمين ثم الخصر، وأخيرًا الكتفين، هو وسيلة صحيحة ومضمونة يعتاد الطفل من خلالها ملامسة الماء لجسمه، ويكتشف مدى قدرته على مقاومتها، وفي الوقت نفسه يسمح هذا التدرّج بمعرفة ردّات فعل الطفل حيال التجربة الجديدة.
إنّ مشاركة الطفل في ممارسة بعض الألعاب المحببة إليه في أحواض السباحة، كالتراشق بالماء وإحداث الفقاقيع... أمور من شأنها تعزيز ثقته بنفسه ومواجهة خوفه من الماء. فالأطفال يشعرون بالثقة في الأجواء التي تمنحهم الراحة والأمان. لذلك من الضروري أن تتحدثي مع طفلك عن الماء وتشرحي له المخاطر التي قد يتعرّض لها في أثناء السباحة من دون إخافته. فالمقصود هو أن يفهم خصائص الماء ليستطيع السباحة واللعب فيها بأمان.

 

إرشادات ضرورية
لتجنّب حوادث السباحة ينبغي مراعاة أمور أساسية أهمها:
• عدم السماح للطفل بالنزول إلى الماء منفردًا.
• تحذير الأولاد من اللعب واللهو بالقرب من أحواض السباحة.
• منع الأولاد من الغوص في الماء إلا بمرافقة شخص خبير وبالغ.
• إنذار الأولاد بعدم دفع بعضهم البعض بقوة باتجاه الماء.
• إرتداء الذين لا يتقنون السباحة والأطفال الذين لم يتجاوزوا سن الثالثة، السترة الواقية قبل النزول إلى الماء.
• منع الأولاد من تخطّي الحواجز التي تحدّد المنطقة المخصّصة للسباحة.
بالإضافة إلى هذه الاحتياطات، يجب العمل على جعل الطفل يتأقلم مع السباحة بالثياب أولًا، ومن ثم الانتقال إلى إرتداء «المايوه» وذلك بطريقة دورية ومنتظمة، وردعه عن النزول إلى الماء ساعة يشاء. كذلك يجب عدم السماح للطفل بوضع رجليه في الماء، حيث من السهل انزلاق إحدى قدميه وبالتالي السقوط في الحوض.