كلمتي

متى يستريح الجندي؟

تتتابع المهمات وتتوالى الواجبات، ويقفز الشر بين المباني في ساعات الظلام، فكأنّه الأفعى تتوارى بين الحصى، أو النار تتقلب بين الورق قبل أن يطفئها سعاة السلام. إلا أن التعب لم يعرف طريقه إلى المهمة العسكرية، ولا الشكوى صرخت في الحناجر.     إنّ الوقت هو للعمل في عُرف الجنود، وليس للمؤسسة الكبرى إلا أن تواجه الأعباء الكبرى، وهذه هي رسالتها الطوعية منذ البداية. أتينا إليها ونحن نتوقع ما ينتظرنا، وتدربنا فيها على مواجهة الكثير، وتخرجنا في معاهدها ونحن على استعداد لتحمل الأكثر والأصعب والأضنى.

ففي الوقت الذي كان الجيش خلاله يلاحق المطلوبين للعدالة، والمعتدين على مال الناس وخبزهم وقوت يومهم في مكان،  ويواجه المخلين بالأمن،  والساعين إلى تعكير الأجواء، في مكان آخر، سارع إلى ضبط الأوضاع في الجنوب، وتعزيز الوحدات العسكرية المنتشرة هناك، ومؤازرة قوات الأمم المتحدة في تطبيق القرارات الدولية الهادفة إلى نشر السلام في الربوع.

 وهو يقف كما في كل وقت إلى جانب مواطنيه في تلك الربوع، ممّا يزيد ارتباطهم بأرضهم، ويعمّق انتماءهم للوطن، خصوصاً في الفترة الأخيرة التي رافقت العدوان الإسرائيلي الهمجي على غزة، والتي شهدت بعض حالات الظهور المفاجئ للصواريخ، المعد منها للإطلاق وغير المعد، الصالح منها وغير الصالح. صواريخ مجهولة المصدر، ضبابية الهدف، اللهم إلا ما يستشف من إمكانية تهديدها لأمن البلاد، والضرب على طبول حرب  كادت تأتي، لو أتت، في غير زمانها ومكانها، في بلد لم يتأخر يوماً عن واجباته الوطنية والقومية، ولم يتردد في التحضير والبناء والتدريب والاستعداد للمهمات الكبيرة.

لا ينكر أحد وعورة أرضنا الحدودية، ولا إمكانية وجود الصواريخ مطمورة تحت تراب الأماكن التي تمّ نصبها فيها، كما لا ينكر أحد إمكانية السعي والتسلل في الليل وفي النهار للقيام بعملٍ مشبوه أو غير مسؤول، إلا ان الجيش وضع حداً للموضوع، فمنع استمراره وعالج ذيوله، وهو يتعقّب مسببيه.

استحقاقات تليها استحقاقات، يبقى الجيش مواكباًَ لها، مستبقاً حصولها، ماضياً في متابعتها بإرادات لا تهون، وعزائم لا تستريح... وهل للجندي أن يستريح؟

العميد الركن صالح حاج سليمان
مدير التوجيه