ندوات ومحاضرات

محاضرة في قاعة العماد نجيم حول الحرب على العراق

العميد الركن المتقاعد نزار عبد القادر: ربح الحرب لا يعني ربح السلام

"الحرب على العراق, دروس وعبر" عنوان المحاضرة التي ألقاها العميد الركن المتقاعد الدكتور نزار عبد القادر, في قاعة العماد نجيم, بحضور نائب رئيس الأركان للعمليات العميد الركن حسين شاهين ممثلاً العماد قائد الجيش, وعدد كبير من ضباط الجيش وقوى الأمن الداخلي والأمن العام.

بعد النشيد الوطني ألقى رئيس قسم التجهيز والدراسات والمكتبات في مديرية التعليم العقيد الركن يوسف عطوي كلمة قال فيها "إن السيطرة على منطقة الخليج واحتياطاتها النفطية الضخمة ما زالت تعتبر واحدة من عوامل إحكام السيطرة على العالم وأحد مرتكزات النظام الدولي المؤثرة على ملامحه", واعتبر أنه "وكنتيجة للحرب على العراق, أصبحنا نجد عالماً منقسماً على أمره, ولا يبدو أن الخنجر الذي انغرس في خاصرة مؤسسات كمجلس الأمن والإتحاد الأوروبي وحلف الناتو وغيرها سيخرج بسهولة بمجرد الإنتهاء من غزو العراق".

بعد ذلك كان الكلام للمحاضر العميد الركن عبد القادر الذي استهل محاضرته بالقول: "في معركة لم تدم أكثر من ثلاثة أسابيع استطاعت القوات الأميركية والبريطانية اسقاط نظام صدام حسين والدخول الى بغداد". وتطرق الى وجوه الحرب على العراق في قراءة تحليلية بهدف استخراج الدروس والعبر.

وعرض المحاضر منظور القيادات الأميركية العليا لمسار الحرب بدءاً من رامسفيلد الذي دعا الى التشديد على سرعة العملية, والتركيز على الأهمية الكبرى للعمل المشترك لأسلحة الجيش الأميركي المختلفة وإعطاء الإستعلام الميداني أهمية خاصة... مروراً بالاستراتيجية العسكرية والطريقة الجديدة للحرب, التي أظهرت أن الإعداد الأميركي ­ البريطاني للحرب وطريقة قيادتها يراعي معظم المبادئ التي أوردها كلوزفيتز عن الحرب والإستراتيجية العسكرية, خصوصاً المبدأ الذي يعتبر أن "الحرب هي متابعة للسياسة ولكن بوسائل أخرى". وقال المحاضر أن سياسة الرئيس بوش ارتكزت الى مجموعة عناصر أبرزها:


1­- التركيز على مفهوم الأمن لمواجهة العدوان, ويضع هذا الخيار القوة العسكرية في موقع متقدم على الديبلوماسية.
2­- تغييب الأحلاف القديمة مثل الناتو عن المشاركة في القرار.
3­- تغييب دور المجتمع الدولي, وخصوصاً مجلس الأمن, لجهة التدخل في تقرير الحرب أو الإشراف عليها, أو قيادة عملية الإشراف على السلام وإعادة البناء.


بعدها لخّص العميد الركن عبد القادر الدروس المستقاة من خطة العمليات والنقاش حول القوة الحاسمة بالآتي:
1­- تحقيق المفاجأة على المستوى الإستراتيجي.
2­- توخي الصدمة المادية بالإضافة الى مفاعيل الحرب النفسية من أجل إضعاف إرادة القتال لدى العراقيين.
3­- اعتماد السرعة والمناورة من أجل بلوغ "نقطة المركز" أي بغداد.
4­- تفعيل العمليات من خلال إستعمال القوات الخاصة ودقة النيران.
5­- الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وخصوصاً الطائرات, وإن أفضل الدروس التي يمكن استخلاصها من خطة الحرب يتمثل في اختيار نقطة المركز, وهي بغداد ورأس النظام العراقي لدفع العراق سياسياً وعسكرياً لحالة من عدم التوازن بحيث تصبح القوى ساقطة عسكرياً.


أما الدروس والعبر من القصور ونقاط الضعف لدى العراق فحددها كالتالي:
* الدروس الأولية:
1­- لا يمكن لحكم أوتوقراطي سلطوي أن يحقق وحدة الشعب وأن يدعو كل الشعب لمواجهة الغزو مجتمعاً.
2­- إن عملية تسييس الجيش, الى جانب تقسيمه الى جيش عادي وفرق نخبة قد قضت على قدراته ومعنوياته. والسؤال المطروح هو لماذا تركت بغداد من دون أي نظام للمدافعة, وماذا حدث لفرق الحرس الجمهوري؟ فلقد ارتكبت القيادة العراقية خطأ عملانياً جسيماً, عندما عرّضت أربع فرق من الحرس للتدمير الكامل بإصدارها الأوامر لهذه الفرق للانتقال الى عمق 150 كلم جنوبي بغداد لوقف تقدم القوات الأميركية.


* الدروس الأساسية:
1­- عدم إدراك القيادة العراقية للمتغيرات الدولية والتي تفترض تجاوباً كلياً مع قرارات الأمم المتحدة وبناء علاقات إقليمية ودولية.
2­- خالفت القيادة العراقية معظم مبادئ ومفاهيم الحرب وخصوصاً الرابط بين الحرب والسياسة.
3­- لا يمكن لجيش قطعت موارد تسليحه أن يتحضر لمعركة مشرّفة ضد عدو بحجم الولايات المتحدة.
4­- فقدت القيادة العراقية فعاليتها النسبية بعد عاصفة الصحراء.
5­- إن سوء استعمال العراق للممرات المائية لتقوية دفاعاته أو لتأخير القوات المعادية كان من الأخطاء الكبرى.
كما تحدث العميد الركن عبد القادر عن الدروس والعبر من الحرب المشتركة, فلخصها بنقاط أربع:


1­- تلازم العمل المشترك بين القوات البرية والقوات الجوية والبحرية في صنع النصر العسكري.
2­- إن قوة الإندفاع في الهجوم ولدت صدمة قوية عسكرية وسياسية لدى الجانب العراقي.
3­- شهدت تكنولوجيا الإستعلام والمراقبة والإستطلاع تطوراً انعكس ايجاباً على سير المعركة.
4­- سهّلت التكنولوجيا الخاصة العمل المشترك بين الجيوش وساهمت في تفعيل جهوزية القيادة والسيطرة باستعمال جهاز "FBC B2", وهو برنامج يسمح بتنسيق عمل وانتشار القوة حتى مستوى فصيلة, بحيث يتمكن كل آمر سرية من رؤية انتشار كل من قواته والقوى المعادية.
أما الدروس الخاصة بالقوات الجوية كما حددها المحاضر فتمثلت في السيطرة الجوية ونتائج القصف بدلاً من حجم القصف والدقة العالية للقصف وعودة القاذفات )نفذت 555 طلعة ما بين 19 آذار وأول أيار(.
وأخيراً إعتبر المحاضر أن الدروس المستقاة في مجال صنع السلام وفرض الإستقرار وإعادة البناء, توضح أن الجيوش قادرة من خلال تجهيزها وتدريبها وخططها الناجحة على ربح الحرب, ولكن ذلك لا يؤهلها لربح السلام, وهذا ما حدث في الغزو الإسرائيلي للبنان والذي يمكن أن يتكرر في العراق, ويمكن استخلاص مجموعة من الدروس والعبر في هذا المجال:


1­- لم تكن هناك خطة أميركية واضحة لمرحلة ما بعد الحرب.
2­- ان ما حدث يؤكد سوء قراءة بعض القيادات للمعلومات والمعطيات حول دخول الأميركيين الى العراق.
3­- هناك مجموعة من الأخطاء التي تسببت بالتدهور الحاصل أبرزها تخريب مؤسسات الحكم وعدم وجود مخطط عام للاستقرار.