اخبار جيشنا

محاضرة للدكتور يوسف الكفروني في قاعة العماد نجيم عن “مقاومة التطبيع”
إعداد: نينا خليل-ريما سليم-باسكال معوض-تريز منصور

ألقى الدكتور يوسف الكفروني محاضرة بعنوان “مقاومة التطبيع” في قاعة العماد نجيم, بحضور العميد الركن الوليد سكرية نائب رئيس الأركان للعديد ممثلاً قائد الجيش العماد ميشال سليمان, وعدد كبير من الضباط من مختلف الألوية والقطع في الجيش.

بداية ألقى العقيد ريمون الهبر رئيس قسم البحوث والدراسات في مديرية التعليم كلمة ترحيبية عرّف فيها بالدكتور الكفروني, الذي استهل محاضرته بالاشارة الى تفاوت العلاقات بين الشعوب والدول المتجاورة, من تصادم وصراع الى حسن جيرة وتعاون.
ثم انتقل بالحديث الى التطبيع المطروح بين الكيان الصهيوني والمجتمعات العربية, المختلف جذرياً عن أي تطبيع آخر, وذلك لأسباب نابعة من طبيعة الوجود الصهيوني غير الطبيعي, ومن طبيعة مشروع هذا الوجود الذي يشكّل تهديداً لوجود الآخرين, وهو آخر حلقة من حلقات الاستعمار الإستيطاني ومن أخطر وأبشع الحالات التي ظهر فيها الإستعمار الإستيطاني في العالم...


وتحدّث المحاضر عن الوجود الصهيوني قائلاً: “إنه وجود قائم بالقوة الغاشمة المالية والعسكرية والمدعوم من قوى عالمية عظمى, ورغم القوة الكبيرة التي يمتلكها, ظلّ يفتقد الى شرعية الإعتراف به من قبل دول وشعوب العالم العربي المعنية أساساً بالصراع معه... إنه بحاجة ماسة للإعتراف به ولجعل وجوده طبيعياً, ليس فقط على المستوى السياسي بل على المستوى الإقتصادي والثقافي والإجتماعي...”.
وأشار الدكتور الكفروني الى أن “التطبيع هو فعل صهيوني ­ أميركي, نابع من الرؤية الصهيونية الأميركية, وقد بدأ بالتبلور كرؤية متكاملة بعد حرب 67, وأنشئت له أجهزة ومؤسسات يهودية وأميركية وحقق إختراقه الكبير في إتفاقية كامب دايفيد, وبعد ذلك في اتفاقات اوسلو ووادي عربة...”.
وأوضح المحاضر أن التطبيع يستهدف الوجود العربي بكل مستوياته: السياسية والثقافية والإقتصادية والإجتماعية. وأشار الى “أن ما تريده إسرائيل على المستوى السياسي هو الإعتراف العربي بشرعيتها من دون تقديم أي ثمن, وقد حصلت على هذا الإعتراف من معظم الدول العربية وتحوّل الصراع من صراع وجود الى صراع حدود... ومن هنا نفهم الموقف الحكيم للدولتين اللبنانية والسورية والتنسيق في ما بينهما بخصوص هذا الموضوع. وهو موقف متمسك بقرارات الشرعية الدولية ويقول بالسلام على أساس هذه القرارات...”.
وتابع قائلاً: “إن مواجهة التطبيع السياسي الذي تحاول أميركا فرضه علينا, جاء الرد عليه من قبل الدولتين اللبنانية والسورية بالتمسك بقرارات الشرعية الدولية, حيث يستحيل على الكيان الصهيوني تنفيذها لأنها تناقض جوهر مشروعه الذي قام على أساسه. وكان الرد عليه أيضاً بالتمسك بحق الشعب المحتلة أرضه بمقاومة المحتل بكل الوسائل المتاحة, لأن هذا الحق مكرّس في كل المواثيق والأعراف الدولية, ولا يجوز التخلّي عن هذا الحق بأي شكل من الأشكال. ولاستكمال هذا الرد ينبغي العمل عربياً, أي مطالبة الدول العربية التي أقامت علاقات مع الدولة اليهودية بقطع هذه العلاقات, تماشياً مع الحد الأدنى من التضامن العربي في مقاومة حملة الإبادة التي تشنها الدولة اليهودية ضد الشعب الفلسطيني, وتماشياً مع الحد الأدنى من الكرامة وإحترام الذات وحفظ المصالح العربية...
أما دولياً فينبغي العمل على فضح النظام السياسي الصهيوني وتعرية مخالفة هذا النظام لمفاهيم الدولة الحديثة التي تسود قيمها في ما يسمى العالم المتحضّر, ومطالبة هذا العالم وعلى رأسه أميركا والدول الأوروبية إلزام الدولة الصهيونية وضع دستور لها... وهو في حال وضعه سيكشف زيف الديموقراطية وزيف إحترام حقوق الإنسان, وسيظهر بشكل جلّي وواضح بشاعة هذه الدولة وعقم مشروعها واستحالة إستمرارها وديمومتها”.


وعن التطبيع الإقتصادي قال الدكتور كفروني أن كتاب شمعون بيريز “الشرق الأوسط الجديد” شكّل الرؤية الإسرائيلية الأبرز للتطبيع مع الدول العربية على قاعدة أساسية عنوانها “إسرائيل القطب الإقليمي الأوحد”, حيث يركز في كتابه على تنظيم السياحة المشتركة مع الدول العربية وتنظيم خطوط المواصلات بحيث تكون الدولة اليهودية هي العقدة الرئيسية ونقطة الوصل الوحيدة, في ما بينها, وطالب بحق الدولة اليهودية بالمشاركة في مياه المنطقة وأخذ حصتها لسد حاجاتها من هذه المياه... وهو حرص على التأكيد بأن يكون الشرق الأوسط منطقة مفتوحة إقتصادياً لكل شعوبها معتبراً أن مقولة “إقتصاد الأمة” لم تعد موجودة...
ويتعدى بيريز الى إقتراح إتحاد إقتصادي إسرائيلي ­ فلسطيني, مع الهيمنة السياسية والعسكرية والتفوّق غير القابل للمقارنة وفق أي قياس, فيتحول الفلسطينيون الى يد عاملة مأجورة ورخيصة في خدمة التفوّق الإقتصادي الإسرائيلي, ما يسهّل إمكانيات إحكام السيطرة على السوق الشرق أوسطية برمتها”.
أما عن التطبيع الثقافي فقد قال الدكتور كفروني أنه “يستهدف الأمة بكاملها وهو عمل سياسي بإمتياز يتستّر بالثقافة هادفاً الى إضعاف وشلّ قوى الممانعة في المجتمع ليصبح قبول الجسم الغريب والإعتراف بشراكته في خيرات المنطقة وهيمنته عليها أمراً بديهياً.
ويستهدف قادة الكيان الصهيوني من عملية التطبيع الثقافي تثبيت إنتماء الكيان المصطنع الى المنطقة, وبما أن هوية المنطقة وحضارتها هي عربية, لا يمكنه الإنتماء الى هذه الهوية وهذه الحضارة, لذلك يجري التركيز على هوية جديدة هي الهوية الشرق أوسطية والعمل على تفتيت وإلغاء الهوية القائمة.


أما أهم آليات التطبيع الثقافي فهي:
-­ جذب  النخب  المثقفة  لتبنّي ونشر مفاهيم  السلم الصهيوني ومنها   لقاء  غرناطة ”   (1993) ولقاء باريس (25 ­ 28 تموز 94), ولقاء كوبنهاغن (29 كانون الثاني 1997).
-­ التأثير في وسائل الإعلام لتبنّي ونشر مفاهيم السلم الصهيوني وتجنّب كل ما يتناقض معه.
-­ العمل على تعديل المناهج التربوية وحذف كل ما يشير الى العدو الصهيوني والى ممارسته وتاريخه, وتجنّب النصوص الدينية التي تشير الى اليهود كأعداء وشطب هذه النصوص من المناهج التعليمية.
-­ تقوية عوامل الإنقسام والتفكك في المجتمعات العربية من خلال العمل على تعزيز العصبيات المذهبية والعرقية...”.
وبعد إنتهاء المحاضرة, كان للحضور أسئلة عدة أجاب المحاضر عنها, ثم قام العميد الركن سكرية في مداخلة له بتلخيص الوضع العربي ­ الإسرائيلي الحالي ومحاولات التطبيع القائمة حالياً.
وفي النهاية شكر العقيد الهبر الدكتور كفروني على محاضرته القيّمة, ثم قدّم له العميد الركن سكرية درعاً تذكارية عربون شكر وتقدير من قيادة الجيش.