مخيمات

مخيم «النشاط والإنضباط» نموذج لنشاطات عديدة
إعداد: ندين البلعة

مؤسسة المقدم المغوار الشهيد صبحي العاقوري تهدي الفرح لأبناء الشهداء

 

الجيش والأولاد عنوانان بارزان في حياة المقدم المغوار الشهيد صبحي العاقوري، نذر حياته للأول وحضن الثاني بكل ما أوتيَ من حنان.
اليوم، ثمة مؤسسة بإسمه تواصل إغداق الحنان وفاءَ لذكراه ولذكرى الشهيد. ومن نشاطات هذه المؤسسة مخيم صيفي بالتعاون مع قيادة الجيش.

 

فكرة... فمؤسسة...فمخيم
«بعد استشهاد صبحي، تخبرنا زوجته السيدة ليا، قمنا أنا وبعض الأقرباء والأصدقاء بالكثير من النشاطات إكراماً لذكراه وتحقيقاً لما كان يرغب به. في ما بعد ارتأينا جمع المشاريع والنشاطات التي كنا ننظمها في إطار رسمي فكانت «مؤسسة المقدم المغوار الشهيد صبحي العاقوري».
المؤسسون والممولون هم من الأقرباء والأصدقاء تواكب عملهم قيادة الجيش بدعمها ورعايتها كل النشاطات.
عن المخيم الصيفي الذي نظمته المؤسسة لأولاد الشهداء تقول السيدة العاقوري: «انطلقت فكرة المخيم من النشاطات التي أقوم بها مع أولادي. وبالتعاون مع قيادة الجيش ورعايتها، قررنا تنظيم هذا المخيم، فاهتممنا بالناحية الإدارية واستقدمنا فريق القديس بولس (St Paul) لتنظيم النشاطات على الأرض، وتمّ ذلك بالتنسيق مع الفوج المجوقل».
أما عن مكان المخيم «فقد أردنا أن نكون قريبين من الجيش لنشعر بالأمان، ووجدنا «البيت الكشفي» في غوسطا بالقرب من الفوج.
الفكرة الأساسية من هذا المخيم كانت إسعاد الأولاد وتسليتهم في فترة الصيف. هذا بالإضافة إلى المخزون الثقافي الذي يمكن أن يكتسبوه من خلال النشاطات والزيارات التي يقومون بها، يضاف إلى ذلك التعرّف إلى الجيش عن كثب».

 

فرص التلاقي
على الرغم من بعض الصعوبات والعراقيل، إلا أن الإنطباعات التي تلت المخيم بدت إيجابية، الفريق المنشّط تحدث عن «فخامة هذا المخيم». أما الأولاد أنفسهم وأهاليهم فقد عبّروا عن فرحهم وارتياحهم خصوصاً لما أمّنه المخيم من فرص التلاقي ومعايشة الحياة العسكرية.

 

الوقائع
جمعت مؤسسة المقدم المغوار الشهيد صبحي العاقوري، نحو ثمانين ولداً من أبناء شهداء الجيش الذين استشهدوا في معركة نهر البارد، ضمن مخيم ترفيهي تربوي في مركز المخيم في غوسطا، بالقرب من ثكنة الفوج المجوقل (من 20/7/2009 وحتى 27/7/2009).
جاؤوا من كل نحوٍ وصوب تاركين وراءهم الفروقات الإجتماعية والدينية، وتوحّدوا في نشاطات مشتركة حضّرها لهم فريق من جمعية القديس بولس بالتعاون مع عناصر من الأفواج العسكرية.
وصل الأولاد صباح يوم الإثنين 20/7/2009 إلى المخيم، فكان التعارف وقسّمهم المنظمون إلى فرق وأعطوهم التعليمات والتوجيهات اللازمة.ضمن برنامج محدد، حضّره الناشطون مسبقاً، تعلّم الأولاد صرخات وأغنيات مميّزة، بالإضافة إلى نشيد المخيم. كما قاموا بألعاب ونشاطات منوّعة مثل لعبة القانون، ألعاب الساعة، لعبة الليل وغيرها.

 

الزيارات
لم يكن هذا المخيم روتينياً أو عادياً، بل تميّز بالرحلات والزيارات الخارجية إلى عدة أماكن. ففي اليوم الثاني للمخيم زار الأولاد قاعدة جونية البحرية فقاموا برحلة بحرية، زاروا من بعدها نادي الضباط في جونية حيث مارسوا السباحة.
الزيارة الثانية كانت إلى ثكنة الفوج المجوقل في غوسطا. العقيد الركن جورج نادر، قائد الفوج تحدث عن الدور الذي تولاه فوجه في ما يخص المخيم: «كلّفتنا قيادة الجيش الإشراف على المخيم نظراً الى قرب موقعه من ثكنتنا، فتولينا السهر على حراسته وتأمين المستلزمات للأولاد والناشطين من ماء وكهرباء وغذاء وطبابة وغيرها، مع نقل طلباتهم إلى الأجهزة المختصة بغية معالجتها. فهم بالنهاية أولاد شهدائنا، ولهم منا كل اهتمام، وهذه هي فكرة القيادة أساساً».

 

كشافة القبيات
خلال وجود الاولاد في ثكنة الفوج المجوقل، قام فريق من كشافة القبيات بزيارتهم، فأرادوا مشاركة الجيش في عيده وشكره على التضحيات التي يقوم بها.
عن هذه الزيارة أوضح العقيد الركن نادر أن قيادة الجيش تسمح عادةً، قبل أسبوعين من عيد الجيش، باستقبال وفود طالبية وكشفية لزيارة الثكنات العسكرية. وكشافة القبيات كانت من ضمن هذه الوفود.
من النشاطات التي تابعها الأولاد في الفوج المجوقل العروضات التي أدهشتهم.
«قمنا بهذه العروضات لأنها تؤثر كثيراً في نفوس الأولاد، فتبقى معهم كذكرى طوال حياتهم. بدأنا بتقليد ثابت لدى الفوج، حيث نطلب من أي وفد قادم لزيارتنا، إحضار إكليل من الزهر لوضعه على النصب التذكاري لشهدائنا إكراماً لأرواحهم. قمنا بعدها بالمراسم القانونية لرفع العلم مع فرقة من موسيقى الجيش وقدّمنا العرض العسكري للمجوقل.
بعدها كانت نشاطات أكل الحية، الهبوط بالحبل على أنواعه وكل العروض التي تشمل المخاطرة، حتى نشجّع الأولاد على الإنخراط في الحياة العسكرية والتعرّف على نمط الحياة الذي كان آباؤهم يعيشونه. قمنا إذاً بكل العروض التي تشوّقهم وتقرّبهم منا».


الى العلى
السيدة برناديت اسكندر أشرفت على زيارة كشافة القبيات للفوج. وهي تشرح الهدف من مشاركة أولاد الشهداء: «أردنا أن تكون زيارة الكشافة إلى ثكنة المجوقل في اليوم نفسه لوجود أولاد الشهداء فيه حتى يشعر أولادنا بقيمة أهلهم ويدركوا أن أولاداً غيرهم حُرموا من آبائهم ليبقى الوطن وينعم أهله بالسلام والأمان.
كما أردنا أن نتعرّف أكثر على الجيش فلا تبقى حواجز بيننا وبينه. والحقيقة أننا شعرنا بحفاوة الاستقبال في ثكنة المجوقل».
وقد وجهّت السيدة اسكندر، بإسم كل أولاد الكشافة، تحية الى الجيش في عيده وقالت: «إن العُلى الذي نسعى إليه في نشيدنا الوطني، لن نعرفه إلا مع جيشنا... فإلى العلى ما دام العلو مجداً».


مشاركة
في حاضرة الفوج المجوقل أيضاً التقينا الأب ميشال عبود، الذي اعتبر إن فكرة النزول إلى المناطق ومشاركة المدنيين نشاطات الأفواج ممتازة، لتعريف الناس على الجيش الذي يعيش التضحية الحقيقية.
فبدل أن ينزل شبابنا إلى التظاهرات ويسمعوا الخطابات، يجب أن يشاركوا جيشنا تعبه لحمايتهم.
من ناحية أخرى، إن أولادنا يرون الجيش في الوجه المرح بعيداً عن الجبهة والحواجز. والأهم أن هذا المخيم يجمع أولاداً من كل المناطق والطوائف...
وأخيراً في عيد الجيش ألف تحية لمن يأكلون لقمتهم ليس من عرق جبينهم فحسب، بل مُغمّسة بدماء الشهادة.


تسلية مفيدة
تضمّن برنامج المخيم يوماً كشفياً، اختُتِم بسهرة نار. كما قاموا بنزهة في التلفريك، وزاروا فوج المغاوير ومدينة الملاهي، وشاهدوا عروض سيرك.
المسؤول عن الفريق المنظّم، باتريك أبي عقل، تناول أهمية هذا المخيم الذي ضمّ نحو ثمانين ولداً من أديانٍ وانتماءاتٍ مختلفة: «هنا تكمن الصعوبة، بحيث ينبغي إيصال رسالة المحبة للجميع، وتعويدهم على تقبّل بعضهم البعض، هذا إضافة إلى تنمية الثقة بالنفس والاستقلالية عند الأولاد بعيداً عن أهلهم.
المقدم الطبيب كوليت الفرنجي شاركت في التنظيم وهي ترى أن الأولاد يكتسبون الكثير من حياة المخيم، كاحترام علم وطنهم، إذ يشاركون في احتفال رفعه كل يوم صباحاً، قبل أن يبدأوا نشاطاتهم اليومية.
الهدف من النشاطات والزيارات التي يقومون بها، إشعارهم باحتضان الجيش لهم ووفائه لذكرى آبائهم.
ولاحظت، أن مشاركة الأولاد بعروض الفوج المجوقل كانت حافزاً لهم ليشعروا كم هم أقوياء ويستطيعون أن يعطوا مثل آبائهم.


للأولاد آراؤهم
تظهر الضحكة على وجوه الأولاد، ويمكن أن نلاحظ مدى فرحتهم في البرنامج الذي حضّره لهم القيّمون على هذا المخيم. بعضهم عبّر عن شعوره على طريقته.
• جويس عاقوري تعبّر عن إنبهارها بالمفاجآت اليومية والضيوف الذين يزورون المخيم، وتشكر الجيش الذي تعب معهم.
• أما مروى فتشعر بفرح كبير، فقد تعرّفت على أصدقاء جدد والأهم أنهم شعروا بالأمان لأن الجيش كان يحيط بهم ويحميهم.
• جوليان وجوليا الرحباوي أخبرا عن استمتاعهما بالأوقات المسلية التي يقضونها في هذا المخيم.
فجوليان فرح بمشاركة الفوج المجوقل النشاطات والتدريبات، وخصوصاً أكل الأفاعي والمشوار بالملالات.
وجوليا تعلمت أغانٍ ورقصات وتصفيقات جديدة، بالإضافة إلى الإنضباط والتنظيم.
• مايا وجينفر هلالي شعرتا بالأمان والسعادة مع الرفاق الجدد الذين تعرفتا عليهم وتمنيتا رؤيتهم من جديد.
وهما توجهان تحية إلى الجيش في عيده وتشكران الناشطين في هذا المخيم.


حط إيدك بإيدي
أحب أولاد الشهداء الذين شاركوا في هذا المخيم أن يوجّهوا تحية إلى الفوج المجوقل فصرخ الناشط باتريك أبي عقل: «تأهب»، فأدّوا التحية صارخين: «مجوقل». وغنوا أغنية تعبّر عن وحدتهم على الرغم من إختلافهم:
«يا خيّي حط إيدك بإيدي، وغمرني تنبني الإنسان، ونخلّي جمعتنا سعيدة، شو ما صار ما بدنا أحزان، ما في فرق يا خيّي، بيّك هوي بيّي، كلنا ولاد الرب الحنّان».


الحفلة الختامية
في اليوم الأخير من المخيم، اختُتمت النشاطات بسهرة مميزة عرض فيها الأولاد ما تعلّموه مع الناشطين والمنظمين. افتتحت السهرة بالنشيد الوطني اللبناني، بحضور العقيد الركن جورج نادر قائد الفوج المجوقل، مع عدد من الضباط والفنانين وأهالي الأولاد، إضافة إلى الهيئة الإدارية للمخيم وفاعليات إجتماعية ومدنية.
ثم ألقى قائد الفوج كلمة توجه فيها إلى أبناء الشهداء كي يتذكروا آباءهم دائماً، لأنهم فخر الجيش اللبناني.
تضمّنت السهرة لوحات فنية متنوعة من إعداد حركة القديس بولس. كما شاركت الفنانة باسكال صقر فرحة الأولاد بأغنيات وطنية أضفت جواً من الفرح على السهرة. وفي الختام، قدّمت المؤسسة والفوج المجوقل الدروع التكريمية إلى كل مَن ساهم في إنجاح المخيم.

 

نشاطات متنوعة
تحضّر مؤسسة المقدّم الشهيد صبحي العاقوري لنشاطات منوّعة أولها أسبوع يُنظم في منطقة دير الأحمر، مسقط رأس الشهيد، للأولاد والشباب يُختتم بوضع أكاليل على النصب التذكاري للشهيد وسهرة ختامية وقداس.
كما يتم التحضير لنشاط في إطار عيد رمضان تتبعه عدة نشاطات مترابطة لزرع الفرح في قلوب العائلات في الأعياد.
هذا بالإضافة إلى التحضير لإقامة حديقة عامة في منطقة «البوار» على إسم الشهيد المقدّم صبحي العاقوري.

 

قائد الجيش في المخيم
زار المخيم العديد من الشخصيات المشهورة من ممثلين وفنانين انبهر الأولاد بحضورهم. ولكن الزيارة الأهم التي أدهشتهم كانت زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي غير المتوقّعة.
«عند وصول العماد قهوجي إلى باب المخيم تفاجأ به الأولاد فاندفعوا بعفوية وحماسة إلى إستقباله قرب سيارته، كانت هذه الزيارة دعماً معنوياً لهم، اشعرتهم بأهميتهم وأهمية آبائهم الشهداء بالنسبة الى المؤسسة العسكرية وقائدها، وساهمت في تعزيز معنويات الفريق المنشّط أيضاً.
أمضى العماد قائد الجيش بعض الوقت في المخيم، جالَسَ الاولاد وتحدث إليهم، سألهم عن انطباعاتهم وما تعلّموه في المخيم... أما هم فتصرّفوا على سجيّتهم معبّرين عن فرحهم بوجوده.