تحقيق عسكري

مدرسة القوات الخاصة
إعداد: جان دارك أبي ياغي

هكذا ندرّب عسكريينا ليحققوا الأداء الأفضل

التدريبات في مدرسة القوات الخاصة لها بداية وليس لها نهاية. حركة لا تهدأ على مدار السنة. متابعة حثيثة وجدية هدفها الإرتقاء بقدرات العسكريين إلى المستوى الأفضل، خصوصًا في ظل التحديات التي يواجهها الجيش في حربه ضدّ الإرهاب.
مجلة «الجيش» زارت مدرسة القوات الخاصة في حامات والتقت قائدها العقيد الركن المغوار البحري فادي مخول الذي تحدّث عن المناهج التدريبية المتّبعة في المدرسة.

 

تدريبات نوعية
 في بداية اللقاء يوضح العقيد الركن مخول أن عدد الدورات التدريبية في المدرسة ارتفع بشكل لافت خلال العام المنصرم، ففي حين كان بمعدل 4 إلى 5 دورات سنويًا، شهد العام 2014 تنفيذ 24 دورة. وفي ما خصّ النوعية فإن التركيز ينصب على تزويد العسكريين القدرات اللازمة لخوض أشرس المعارك في أصعب الظروف المناخية والبيئية. وإلى الدورات السابقة المعتمدة أضيفت دورة القتال في الأماكن المبنية (أي في الشوارع والمدن)، حيث يتم تدريب سرية عضوية في الألوية وفي أفواج التدخل. مع الإشارة إلى أن مدة هذه الدورة هي خمسة أسابيع مقسمة الى ثلاث مراحل:

- المرحلة الأولى، مخصصة للقتال الفردي والرماية، يتولى التدريب فيها مدربون من مدرسة القوات الخاصة بإشراف فريق تدريب أميركي، وتنفذ في حقل الرماية الذي تم استحداثه في المدرسة لصالح هذا البرنامج. تمتد هذه المرحلة على مدى أسبوعين من التدريب، وتتضمن دروسًا عن القتال الفردي، رمايات غزيرة (قد تصل إلى 500 أو 600 طلقة)، رمايات خاطفة، ردات فعل سريعة في مختلف الأوضاع (انبطاحًا، وقوفًا، جلوسًا، أهداف متحركة، أهداف سريعة)، بالإضافة إلى المبادئ الأساسية في دهم الغرف.

- المرحلة الثانية، وهي مرحلة التدرب على عمليات حفظ الأمن. المدربون من مدرسة القوات الخاصة وهم يعملون بإشراف فريق تدريب بريطاني. تنفذ هذه المرحلة في مدينة حفظ الأمن التي بناها البريطانيون سابقًا، والتي تمّ ضمها إلى قطاع مدرسة القوات الخاصة منذ أشهر قليلة... تمتد هذه المرحلة أيضًا على مدى أسبوعين من التدريب، وتتوّج بمناورة ميدانية موضوعها توقيف مطلوب يتحصن في مبنى بعد عزل هذا المبنى.
ويشير العقيد الركن مخول إلى أن تقنيات التدريب الأميركي لا تتعارض مع تقنيات التدريب البريطاني إذ تمّ اعتماد مفهوم موحد في التدريب. مثلًا، تقنيات استعمال السلاح أو الدخول إلى الغرفة هي ذاتها عند الفريقين.

- المرحلة الثالثة، هي تتويج للأسابيع الأربعة السابقة، مدّتها أسبوع واحد وتتضمن تمرينًا تكتيًا بالذخيرة الحية بقيادة مدرسة القوات الخاصة. ينفذ التمرين على أرض مزرعة حنوش (قضاء البترون) وتستعمل فيه أنواع الأسلحة المتوافرة في اللواء وتشارك فيها فصيلة دبابات وحضيرة هندسة وحضيرة هاون وسلاح الجو وفريق إخلاء طبي... كانت التمارين التكتية تنفذ نهارًا، إلا أن قيادة مدرسة القوات الخاصة بدأت بتنفيذها ليلًا مما يعتبر تطورًا نوعيًا على صعيد التدريب. فالعمليات الليلية تزيد من جرأة العسكريين وتمرسهم، إضافةً إلى تطوير منظومة القيادة والسيطرة على حركة الوحدات وتنسيق الدعم الناري ليلًا.. وقد ظهرت نتيجة هذه الدورات في معارك طرابلس وعكار الأخيرة التي شارك فيها عناصر من فوج التدخل الأول ومن اللواءين الثاني والعاشر خضعوا لهذه الدورة، فكان أداؤهم مميزًا على الأرض.
والجدير بالذكر هنا أن المدرسة افتتحت 14 دورة قتال في الأماكن المبنية في العام 2014، وسوف تتضمن روزنامة العام 2015، 14 دورة مماثلة، من ضمنها الدورة التي سوف يخضع لها تلامذة الضباط - السنة الثالثة في الكلية الحربية قبل تخرّجهم، والتي تنتهي بمناورة بالذخيرة الحية. أهمية هذه الدورة في كونها تكسب التلميذ الضابط المبادئ والتقنيات الأساسية للقتال في الأماكن المبنية، مباشرة قبل تخرجه وقبل تنفيذه لأي مهمة عملانية على الأرض.

 

دورة مغوار
من جديد المدرسة أيضًا، إفتتاح 4 دورات تنشئة مغوار سنويًا بدءًا من العام 2014 بدلا من دورتين كما كان معتمدًا في السابق. يتابع هذه الدورات جميع عناصر القوات الخاصة (فوج المغاوير، فوج المجوقل، فوج مغاوير البحر، ومدرسة القوات الخاصة). وقد أعيد تنظيم دورة المغاوير لتحاكي مثيلتها في أميركا وبريطانيا من حيث المعايير والتقنيات. وهذه الدورة باتت اليوم تشمل ثلاث مراحل:

- المرحلة الأولى، تمتد لفترة شهر وتهدف إلى تحضير العناصر جسديًا وهي تتضمن: جولات المقاتل، الجولة الهوائية، تمارين السير، حلقات الإشتباك والحراب، والرياضة العنيفة...

- المرحلة الثانية، مرحلة تقنية مدتها شهر، وتهدف إلى تزويد المقاتل الفردي المهارات التقنية اللازمة، وهي: تقنيات الهبوط بواسطة الحبال على برج أو حائط، الدخول إلى مبنى ما عبر الشرفات، الهبوط من الطوافة بواسطة الحبال أو باستخدام الحبل السريع (Fast Rope). كما تتضمّن هذه المرحلة تقنيات الرماية وأسس الدهم والمبادئ الأساسية لتقنيات الدوريات أي العمل خلف خطوط العدو ضمن مجموعات صغرى (إغارة، إقتفاء أثر، استطلاع ومراقبة). ويتم التركيز في هذه المرحلة أيضًا على قراءة الخرائط فهذه التقنية ضرورية للمغوار خصوصًا أن قتاله يكون في الجبال غالبًا.

- المرحلة الثالثة، المرحلة التكتية ومدتها أيضًا شهر، تتضمن التطبيق العملي لمادة تقنيات الدوريات، حيث ينفذ المتدربون دوريات خلف خطوط العدو وسط ظروف صعبة يتعرضون خلالها لضغط نفسي شديد، بسبب مكابدتهم الكثير من المشقات والمصاعب وحرمانهم في الوقت نفسه ساعات النوم.
مع انتهاء كل دورة وقبل بدء أي دورة جديدة، تحرص قيادة المدرسة على إعادة تأهيل المدرّبين في مجال تقنيات المجموعات الصغرى، وذلك بإشراف فريق أميركي.
تواكب هذه الدورات التطور التكنولوجي ونوعية المهمات العسكرية التي ينفذها الجيش، مع التركيز على عاملي اختلاف طبيعة الأرض من منطقة إلى أخرى، والقدرات القتالية عند المسلحين والإرهابيين والتدريبات التي يخضعون لها.

 

روزنامة 2015 حافلة بالتدريبات
خلال العام 2014، نظّمت مدرسة القوات الخاصة ثلاث دورات دهم، إحداها لإعداد مدرّبي دهم وكذلك الأمر في ما خص دورات الرماة المهرة. أما روزنامة العام 2015 فسوف تتضمّن، إضافةً إلى 14 دورة قتال في الأماكن المبنية و4 دورات تنشئة مغوار، 6 دورات دهم و6 دورات رماة مهرة متوازية في التوقيت والتمارين المشتركة. مدة كل دورة سبعة أسابيع وهي مفتوحة أمام عناصر القوات الخاصة والألوية والأفواج، مع إجراء بعض التعديلات على البرنامج المتّبع في السابق. إذ أضيف إليه برنامج القتال الليلي والكثير من الرمايات. لهذه الغاية، طلب قائد المدرسة من قادة الألوية والأفواج أن يخضع لدورة الدهم فصيلة من كل قطعة بدلًا من الأفراد كما كان يجري في السابق، على أن تبقى دورة رماة مهرة على الصعيد الفردي.
يقوم بتدريب دورتي الدهم والرماة المهرة فريقان من مدرسة القوات الخاصة، يتألف كل منهما من ثمانية مدرّبين تمّ إخضاعهم هذه السنة لدورات إعداد بإشراف فرق أميركية. في هذا الإطار يشدد قائد المدرسة على تدريب الرتباء إلى جانب الضباط، وتولّيهم مهمات أساسية في التدريب، الأمر الذي أدّى إلى نتائج جيدة نوّه بها فريق التدريب الأميركي.

 

خطوة نحو المستقبل
في مجال آخر، وفي خطوة نحو المستقبل، أشار العقيد الركن المغوار البحري فادي مخول إلى أن المدرسة تسعى الى التدريب في اختصاصات جديدة بما يعني أن تصبح قادرة على تأمين التدريب في جميع الاختصاصات اللازمة على مستوى الحضائر، وهي: آمر حضيرة قوات خاصة (Eighteen Alfa)، اختصاصي أسلحة قوات خاصة (Eighteen Bravo)، اختصاصي هندسة قوات خاصة (Eighteen Charlie)، اختصاصي مسعف ميداني قوات خاصة (Eighteen Delta)، اختصاصي إشارة قوات خاصة (Eighteen Echo)، واختصاصي إستعلام قوات خاصة (Eighteen Fox). وقد بدأ بالفعل إعداد مناهج وتعليمات كل دورة، والتنسيق قائم بين قيادة الجيش ومكتب التعاون الدفاعي في السفارة الأميركية لتحقيق هذا المشروع في المستقبل القريب.
ويضيف العقيد الركن مخول أنه بقرار من قائد الجيش العماد قهوجي، أفسح المجال لتطويع مدنيين لمصلحة مدرسة القوات الخاصة.
 كما يشار الى أن هذه المدرسة، ومنذ أيلول الماضي، أصبحت قطعة مستقلة إداريًا تابعة مباشرة لقيادة الجيش بعدما كانت مرتبطة إما بفوج المغاوير أو بفوج مغاوير البحر.

 

تطوير المنشآت
علــى صعيــد المنشآت شهدت المدرسة في العــام 2014 ورشــة كــان أبــرز نتائجهــا إنشاء:
• حقل تدريب مؤلف من جولة مقاتل بمواصفات عالمية بنته سواعد عسكريي المدرسة بإشراف العقيد المهندس جورج متى، أما المواد الأولية فهي تقدمة من أصحاب الأيادي البيضاء.
• برج الهبوط المصنوع من 30 هنغارًا كانت مرمية جانبًا وتحـوّلت إلى قطعة هندسية وفنيـة مؤلفـة من أربعـة طـوابق يتم استعمالها في تمارين الهبوط (rappel). والبرج بات يستوعب اليوم 12 عنصرًا بدلًا من اثنين وهم يؤدون تمارينهم فيه بطريقـة آمنة جدًا.
كما يمكن الاستفـادة منه في تمـارين الدهـم الليلية بفضل السلالم التي جهز بها من الداخل، إلى تنـفيذ تمـارين التسلق والهبوط من الطوافة، وحبل الثقة. أضف إلى ذلك 9 حبال للتسلّق مما يسهل التمارين في حال تزايد عدد التلامذة.
• حاجز (full regain) يساعد العسكري في تمارين حبل الثقة، في حال تعثّر، فيعيد تموضعه فوق الحبل ويكمل زحفه لتنفيذ المهمة.
• جولة المخاطرة وهي عبارة عن حواجز صعبة كما يدل اسمها. هذه الجولة مزيج بين جولتين معتمدتين لدى المغاوير في أميركا (Darby Queen) وفي بريطانيا (TARZAN COURSE).
أهمية هذه الجولة أنها تقوي الجزء العلوي من الجسم، وتعـزز ثقة العسكري بقدراته، وتطبّـق فقـط في المرحلة الثانية من دورة المغـاوير نظرًا لصعوبتها، على ألا تقل تمارينها عن ساعتين يوميًا.
• جولة هوائية جديدة وواسعة بارتفاع 10 أمتار.
• حقل رمي.

أما في العام 2015، فسوف يتم العمل على:
• انتقال حلقة الاشتباك الموجودة في قطاع قاعدة حامات الجوية إلى حقل التدريب في المدرسة.
• استحداث شارع للدهم تقوم الغرف على جانبيه يمينًا وشمالًا، وينتهي بمبنى لتدريب العسكر على الدهم وكيفية الانتقال في الشوارع بواسطة الذخيرة الحية.
• إنشاء مخازن ومشاغل جديدة للمدرسة.
• إنشاء قاعة طعام وقاعة محاضرات، ومبنى منامة للعسكر إذ أنّهم لغاية اليوم ينامون في الخيم.
في الختام، أشار قائد المدرسة إلى أن المدرسة ما زالت تتمركز على أرض تابعة لقاعدة حامات الجوية، وقد أعدّت دراسة لفك هذا الإرتباط في المستقبل القريب.