في ثكناتنا

مدرسة القوات الخاصة
إعداد: ندين البلعة

من برمانا إلى حامات
إعداد النخب مستمرّ


هنا ينشأ عناصر القوات الخاصة... من هنا تخرَّجت النخبة وتتخرّج حاملةً لقب مغوار وشهادة تَمَيُّز في الحياة العسكرية... أساس كل اختصاصات الوحدات الخاصة في الجيش اللبناني.
إنها مدرسة القوات الخاصة، التي هي وكما يدلّ اسمها، منشأ عناصر القوات الخاصة في الجيش من مغاوير ومغاوير بحر ومجوقل ومكافحة. لا يدخل إليها ولا يتخرّج فيها أيٌّ كان!! بل هم المميّزون، النخبة، الذين يصمدون في وجه كل الصعوبات التدريبية حتى النهاية، الذين يستحقّون لقب «مغوار» وبالتالي الإنتساب لأيٍّ من الأفواج الخاصة.


تواريخ
قبل إنشاء مدرسة القوات الخاصة، كانت سرية من فوج المغاوير مع آمرها، تقوم بتدريب عناصر الفوج وإعدادهم للقب مغوار، وذلك حتى العام 1988 مع انتهاء الدورة الثانية عشرة. العام 1991 أنشئ ما سُمِّيَ «بمخيم تدريب المغاوير» الذي تولّى إعداد الدورة الثالثة عشرة، لتقرّر من بعدها قيادة الجيش تخصيص امتياز للمغاوير، كما في مختلف جيوش العالم، وتأسيس «مدرسة المغاوير والقوات الخاصة» العام 1992، التي ارتبطت عضويًا بفوج المغاوير وكانت مهمتها تدريب عناصر لمصلحة الفوج. عُدِّلَت تسمية المدرسة العام 1994 وأصبحت تُعرَف بمدرسة المغاوير لتستقلّ من بعدها عن الفوج باسم «مدرسة القوات الخاصة» بتاريخ 2/9/1996 وترتبط مباشرةً بقيادة الجيش – أركان الجيش للعمليات، فتوكَل إليها منذ العام 2000 مهمة تدريب عناصر وإعدادهم لصالح الوحدات الخاصة في الجيش.
تمركزَت المدرسة في محلّة مار شعيا - برمانا حتى تاريخ 20/8/2010 حيث انتقلت إلى مكان تمركزها الجديد في حامات - قضاء البترون وهي تتبع اليوم إدارياً لفوج مغاوير البحر وعملانياً لقيادة الجيش - أركان الجيش للعمليات.

 

أسباب الإنتقال
قائد مدرسة القوات الخاصة العقيد الركن الياس ساسين يقدّم شرحًا مسهبًا عن ماهية المدرسة الجديدة في مقرّها الحالي، وتميّزها.


• لماذا انتقلت المدرسة إلى منطقة حامات؟
- إنّ تغيير الموقع الجغرافي لمدرسة القوات الخاصة هو من ضمن خطة التطوير والتحسين في ماهية المدرسة وفعاليتها. وتبرز أهمية موقعها الجديد هذا من حيث قربها من القوات الجوية - قاعدة حامات الجوية، ومن البحر، بالإضافة إلى أنّ المنطقة هذه غير مأهولة بالسكان وبالتالي هي تناسب طبيعة التدريبات المبكرة والمتنوّعة التي كانت تسبّب  إزعاجًا في المقرّ السابق للمدرسة.
إذاً هذا الموقع الجديد للمدرسة مثالي، إذ يؤمّن الأسس الطبيعية الثلاثة التي تقوم عليها التدريبات وهي: البرّ والبحر والجوّ، ما يسهّل تطبيق التمارين التدريبية.


• إلى ذلك، ما الذي يختلف في المدرسة الجديدة؟
- توسّعت هيكليّتها فأصبحَت تضمّ عددًا أكبر من الضباط المدرّبين في حين كان سابقًا يتمّ فصل ضباط من الوحدات الخاصة للتدريب في المدرسة. إذاً أصبح للمدرسة فريق عملها الخاص، طبعًا مع متابعة التحسين لزيادة عدد المدرّبين في المستقبل.

 

مفاهيم أكثر تحديدًا


• كيف يمكن وصف منهجية العمل في مدرسة القوات الخاصة؟
- نعمل على تحديد مفهوم «دورة المغاوير» وتطبيقها بقوانينها. فهي قد أصبحت أساسًا لكل دورات تخصّص القوات الخاصة التي انطلاقًا منها ينتقل العنصر المغوار ليتابع باقي الدورات – وصولاً إلى تحسين مفهوم القوات الخاصة، لناحية نظام النجاح والرسوب في الدورة، التدريب على متطلبات المهمات في لبنان (مكافحة الإرهاب والعدو الإسرائيلي)، والعمل على قانون «by the book» وفق كتاب مفهوم القوات الخاصة ويشمل مثلاً: تطبيق معيار النقاط السوداء (عقوبات ومحاسبات، هي كعلامات تُعطى بالنظر إلى الإنضباط والعمل بروح الفريق أو الغش ومخالفة التعليمات الداخلية والعامة... يرسب العنصر في الدورة إذا حصل على أكثر من ثلاث نقاط سوداء)، بالإضافة إلى توقيت تمارين السير السريع والأوزان والجولات وامتحانات العبور من مرحلة إلى أخرى... وغيرها.
والأهم هو منهاج العمل في تدريب المغوار على تنفيذ عمليات خلف خطوط العدو، الذي تمّ تثبيته وتطويره في المدرسة.


هيكلية المدرسة
تتألّف هيكلية مدرسة القوات الخاصة من عدة أقسام تُوزَّع عليها مختلف المهمات كلٌّ ضمن اختصاصه:
• قيادة المدرسة وأركانها.
• سرية التعليم التي تتولّى تدريب العناصر في مختلف الدورات التي تُنظَّم في المدرسة.
• سرية الحماية والخدمات وتضمّ فصيلة تموين ونقل، فصيلة حماية ومفرزة صحية. وتتولّى المهمات المتعلّقة بالخدمات والصيانة والحماية.
• قسم تحضير الدروس لإعداد برامج التدريب لمختلف الدورات. وهذا القسم يتولّى التنسيق مع المدرّبين ومنفّذي البرامج للتمكن من تنظيم أكثر من دورة في الوقت نفسه.
تتولّى مدرسة القوات الخاصة عدّة مهمات تدريبية تصقل مهارات العسكريين، عناصر الوحدات الخاصة، وتؤهّلهم ليكونوا النخبة في الجيش.

 

دورة مغوار
هي الدورة الأساسية لمختلف اختصاصات القوات الخاصة، ومنها ينطلق العسكري إلى التخصّص.
 تهدف إلى إعداد نخبة من المقاتلين الذين يتمتّعون بلياقة بدنية ونفسية وتقنية عالية من أجل تنفيذ مهمات في ظروف غير اعتيادية تصعب على المقاتل العادي.
تمتدّ على ثلاثة أشهر وتنقسم إلى ثلاث مراحل، أُضيفَت إليها مرحلة رابعة هي مرحلة الـ100 ساعة. تبدأ بالمرحلة التحضيرية التي هي عبارة عن الإستعداد البدني والفحوصات الطبية والإختبارات الجسدية والدروس النظرية العسكرية. تليها المرحلة الأولى، مرحلة تحمّل المشقات والتدريب البدني للقتال. تأتي من بعدها المرحلة الثانية وهي مرحلة تقنيات ودوريات القتال والإستطلاع خلف خطوط العدو.وأخيرًا مرحلة الـ100 ساعة التي تقتضي ضرورة إنشاء مجموعات متخصّصة في عمليات الدهم وإخضاعها لعمليات تدريبية مكثّفة ومشابهة للواقع.

 

دورة مدرّب مغوار
هي تهدف إلى إعداد مدرّبين للقيام بتنشئة عناصر القوات الخاصة وإعدادهم، من خلال التركيز على تقنيات التدريب واكتسابهم والتمرّس على الأمور الفنية والتقنية لهذا الإختصاص. فهي دورة تخصّص تمتدّ على فترة هرَين، وتتضمّن تمرّسًا على الأمرة وإعطاء الدروس والتركيز على التدريب والمواد الأساسية التي قد يعطيها المدرّب في الدورة (اشتباك، حراب، خرائط، أسلحة، توجّه، متفجّرات...). ويمكن للمدرّب أن يكون رتيبًا أو ضابطًا مغوارًا.

 

دورة معلّم هبوط
هو تخصّص في مجال القوات الخاصة في التسلّق والهبوط بأشكاله كافة، ويقتضي معرفة تامة بالحبال والعتاد المستعمَل، والتركيز على دروس الهبوط عند تنفيذ التمارين والمهمات التكتية. هذه الدورة تخوّل العسكري التدريب بحيث يتابع دروسًا في التعامل مع الطوافات، عقد الحبال، تسلّق وهبوط على أنواعه، وبالتالي يكون مخولاً لأن يكون مسؤولاً عن مشاغل التدريب في جميع أنواع التمارين المماثلة.

 

دورة الدعم الهندسي
في أساس تنظيم تشكيل مجموعة القوات الخاصة، يجب أن تتضمّن كل حضيرة عنصرًا هندسيًا، إذ تقضي الضرورة العملانية تحضير عناصر من مختلف الوحدات وتدريبهم على استعمال المتفجرات العسكرية والتعامل معها وتفكيك الألغام على أنواعها ونزعها، ووضع النسفيات...

 

دورات التخشّن
هي خاصة بالتلامذة الضباط والتلامذة الرتباء، كما يمكن أن يتابعها بعض الأفواج بغية التعرّف على مختلف نشاطات القوات الخاصة في مجال البرّ والبحرّ والجوّ والإطّلاع على بعض التقنيات المستعملة من قبل هذه القوات.


دورات أخرى
يُضاف إلى ما ذُكِر دورات تحضير عناصر منتدَبين لمتابعة دورات خاصة في الخارج، من خلال تمارين إعادة تأهيل وذلك لتفادي رسوبهم في الخارج. إلى جانب دورات تعهّد قتال خاص للألوية والأفواج، ودورات اختصاص قوات خاصة لمكاتب 1-2-3-4-5.
كما تتولّى مدرسة القوات الخاصة مهمات أمنية وأخرى قتالية بناءً على أوامر قيادة الجيش.


• ما هي المميزات المطلوبة لمتابعة دورة المغوار الأساسية؟
- يخضع المتقدّم إلى الدورة لفحوصات طبية ونفسية محدّدة للقوات الخاصة، ويجب أن يتميّز بقدرة جسدية عالية ومستوى فكري وعلمي مقبول. كل من يتخطّى هذه الفحوصات التي هي بمنزلة مباريات دخول، يكون مؤهلاً لمتابعة دورة مغوار. ولكن لا يستطيع الجميع المتابعة والصمود حتى النهاية، ففي الآخر نحن النخبة ونحتاج إلى النخبة.


• ما هي الحوافز التي تُقدَّم في هذا المجال؟
- إنّ لقب «مغوار» هو حافز مهمّ بحدّ ذاته يجذب العسكريين، رتباء وضباطًا لمتابعة هذه الدورة. إضافة إلى أنّ هذه الدورة تفتح أبوابًا واسعة على دورات إلى الخارج، كما تعطي الجنود امتياز التطوّع والإلتحاق بالوحدات الخاصة. أمّا بالنسبة إلى الضباط فهي تؤثّر على مستقبلهم العسكري.


مشاريع مستقبلية
بطبيعة الحال، وقد انتقلت المدرسة إلى مقرّها الجديد، فهي في ورشة عمل قائمة لتحسينها وتطويرها. فقد أصبحت المدرسة تتمتّع باكتفاءٍ ذاتيٍ نسبيٍ من حيث عدد الضباط، ويتم العمل على إعادة إعمار المبنى وتوسيعه.
وفي هذا المجال تمّ إنجاز عدد من المشاغل كالجولة الهوائية، ونُقِل برج الهبوط (rappel) من برمانا، وجولة أرضية قيد الإنشاء ومشبّه الرمي EST2000.
هذا بالإضافة إلى مدينة نموذجية لقتال الشوارع، أنشأها الجيش البريطاني ضمن قطاع المدرسة. ويتمّ العمل على إنشاء مدينة قتال شوارع بالذخيرة الحية كتقدمة من الأميركيين.
ويجدر بالإشارة أنّه، وحتى اليوم، ما تزال دورات تخصّص الأفـواج الخاصـة تُفـتَتَح في مقرّ كل فـوج بعد أن يتابع عناصره دورة المغوار.
ولكن المدرسة تعمل على مشروع زيادة عدد المنشآت لجمع كل دورات اختصاص الوحدات الخاصة فيها (مغاوير بحر، مجوقل ومكافحة إرهاب)، بحيث تُعطى كل الشهادات في هذا المجال من مدرسة القوات الخاصة صانعة الأبطال ومخرّجة الشهداء.