ملف العدد

مدرسة القوات الخاصة
إعداد: ندين البلعة خيرالله

أعلى مستويات الاحتراف

 

الارتقاء بالعسكرين إلى أعلى مستويات الاحتراف هو الهدف الأساسي لمدرسة القوات الخاصة منذ تأسيسها. وتحقيق هذا الهدف يقتضي تدريبات متخصصة مكثفة ومتواصلة، يخضع لها آلاف العسكريين سنويًا في دورات لا تُحصى، تقوم قيادة المدرسة بتحديثها وفق ما تقتضيه حاجة الأفواج الخاصة في الجيش.

«Train The Trainers»، أي تدريب المدربين يحتل حيزًا مهمًا من نشاطات المدرسة، وهذا ما أمّن لها كادرًا تدريبيًا متكاملًا يتولى العمل في كل الدورات.

 

المدرسة مسؤولة عن تدريب الدورات الخاصة جميعها، وقد وضعت منهاجًا خاصًا لكل منها. وتقتصر متابعة هذه الدورات على العسكريين الذين يجتازون الاختبارات المحددة في منهاجها. وهؤلاء يخضعون مجددًا لاختباراتٍ أسبوعية جسدية وتقنية، يجب أن يجتازوها بنجاحٍ ليتأهلوا للمرحلة اللاحقة وصولًا إلى التخرج.

أهم الدورات التي تنظّمها المدرسة هي الآتية:

 

عددها في السنة اسم الدورة
٢ تنشئة مغوار
٢-٣ تدخّل
١٠-١٤ القتال في الأماكن المبنية
٣-٤ المداهمة
٣-٤ القنص
١-٢ قتال وجهًا لوجهٍ
١ معلم هبوط
١ مدرب مغوار

• تنشئة المغوار:

تُقسم هذه الدورة إلى ثلاث مراحل:

- المرحلة الأولى تتضمن تدريبات تعزّز القدرة الجسدية، وأبرزها: جولة المقاتل، جولة المحارب، جولة المخاطرة، حلقات الاشتباك، الحراب... والهدف منها اختبار قدرة المغوار على تحمّل الظروف القاسية وتجاوز الصعاب والعراقيل والحواجز.

- المرحلة الثانية تقنية، يتم التركيز فيها إلى جانب التدريب الجسدي، على علم الأسلحة وقراءة الخرائط، الإشارة، الهندسة، الحبال والعقد، تقنيات الدوريات (العمل خلف خطوط العدو) والمداهمة في الشوارع.

- المرحلة الثالثة تكتية، تُختتم بها الدورة وتتضمن تنفيذ فرضيات قتال في وحدات صغيرة في الجبال SUT، وكمائن وغارات وتقفّي أثر وتفجير مواقع للعدو.

 

• التدخّل:

تستمر هذه الدورة على مدى شهرين، وفي السابق كانت تُنفَّذ ضمن أفواج التدخل، لكن الحاجة إلى توحيد المنهاج وأساليب التدريب والمعارف، حصرت تدريبها بمدرسة القوات الخاصة. وُضعت لهذه الدورة معايير عالية مستقاة من تلك التي يعتمدها الجيشان الأميركي والبريطاني، وهي تتضمن مرحلتَين أساسيتَين: الأولى تركّز على الرماية والتدريبات النظرية، التي تتمحور حول عمليات حفظ الأمن والحواجز والدوريات وردات الفعل في أثناء الانتقال داخل الشوارع وتوقيف مشبوهين. تتخلّل هذه المرحلة تمارين جسدية وتقنية (أسلحة ورمايات على أنواعها). أما المرحلة الثانية فتكتية، قوامها تدريبات ومداهمات في الشوارع وفرضيات حفظ أمن.

 

• القتال في الأماكن المبنية:

تستمر هذه الدورة على مدى خمسة أسابيع، وهي تعطي فكرة واضحة عن حجم النشاط التدريبي المتواصل في مدرسة القوات الخاصة. عندما بدأ العمل بهذه الدورة، كان الفريق الأميركي يدرب المرحلة الأولى منها، بينما يتولى الفريق البريطاني المرحلة الثانية، ومدربو المدرسة المرحلة الثالثة. لكن ومنذ سنتَين تقريبًا، استطاعت المدرسة تكوين كادر تدريبي لكل مرحلة، وحاليًا أصبح التدريب بمجمله على عاتقها، أما مهمة الفرق الأجنبية فمحصورة بالإشراف من دون التدخل في تفاصيل التدريب.

تتابع هذه الدورة سرية عضوية ضمن ثلاث مراحل: في المرحلة الأولى، يتدرّب العسكريون على مختلف أنواع الرمايات وتقنيات المقاتل الفردي، بالإضافة إلى الوثبة والحركة والمراقبة، والحركة والنار. في المرحلة الثانية، يتعلم العسكري كيفية التعامل مع التفجير الانتحاري، وتقنيات الدورية في الشارع، وتلقّي النيران والرد عليها، تطويق مبنى بداخله مشتبه ومداهمته وتفتيشه واستخراج المعلومات الأساسية التي تساعد في عمليات لاحقة. وفي المرحلة الثالثة، تُختتم الدورة بتمرينٍ تكتي بالذخيرة الحية، هو عبارة عن عملية مشتركة Combined Operation بين القوى البحرية والجوية والبرية، مع استخدام مختلف أنواع الأسلحة. ويهدف هذا التمرين الفائق الأهمية إلى صقل مهارات سدنة الأسلحة بالرمايات، والتنسيق بين مناورة القوى الأرضية، والدعم الجوي القريب والدعم المدفعي.

 

أرقام

في العام ٢٠١٨، بلغ عدد الذين تابعوا دورات خاصة في المدرسة، ٣٩٥٠ تلميذًا بما يعادل ٤٥ دورة. هذا الرقم عالٍ نسبيًا، ويزداد سنويًا بشكلٍ ملحوظ. أما عدد المتخرجين فبلغ ٢٥٠٩ تلامذة فقط، ما يؤشر إلى المستوى العالي للتدريب، وإلى القدرات الاستثنائية التي يتمتع بها المتخرجون وتخولهم تجاوز مختلف أنواع الصعوبات.

 

• المداهمة:

مدة هذه الدورة ثلاثة أسابيع، والشرط الأول لمتابعتها هو أن يكون المتدرب قد تابع دورة قتال في الأماكن المبنية، واكتسب الثقة اللازمة بالنفس لتنفيذ مداهمات. في المرحلة الأولى منها يتم التشديد على تقنيات المقاتل الفردي والرمايات، وفي المرحلة الثانية، ينفّذ المتدربون تدريبًا عمليًا في مداهمة: غرفة، ممر، طابق، درج، مبنى وشارع، وصولًا إلى مداهمة مجمّع بتقنياتٍ أكثر تقدّمًا، ومن ثم تنفيذ مداهمة ليلية.

تتلازم دورة المداهمة مع دورة قنص، نظرًا لأهمية تناسق العمل والتدريب بين الفصيلة المُداهمة والقناصين، وفي ختام كل دورة تُنفَّذ مناورة مشتركة بالذخيرة الحية، هدفها اختبار عملية التنسيق هذه.

 

• القنص:

تستمر هذه الدورة ثلاثة أسابيع، وتتضمن مراحل ثانوية تبدأ بتقنيات الرماية التأسيسية واستخدام البندقية القناصة، بالإضافة إلى الرماية على مسافات مختلفة وفي عدة ظروف. وقد أدخلت قيادة المدرسة حديثًا رماية القنص في المناطق الجبلية والمبنية والمفتوحة.

ولأنّ القنص علم، يتضمن التدريب على تقنياته جداول استخدام المنظار، وحسابات الرطوبة والحرارة والارتفاع عن سطح البحر، وحساب الزاوية. يُضاف إلى ذلك تقنيات التمويه، التسلّل واتخاذ مركز رمي وتخفٍّ، والأهم مكافحة عمليات القنص. وفي هذا السياق، استحدثت قيادة المدرسة دورة للمدربين في هذا المجال.

 

• معلم الهبوط:

تمتد هذه الدورة على مدى شهرَين، وتتضمن التدريب على تقنيات إدارة مشغل الهبوط عن سطح مبنى أو من طوافة. هنا يُشار إلى أنّ المدرسة تملك مشبه طوافة، وأكبر برج هبوط في الجيش يسمح لـ١٢ عسكريًا بالهبوط معًا.

 

• القتال وجهًا لوجهٍ:

هي دورة جديدة. قبل إنشاء هذه الدورة كان تدريس علوم القتال يعتمد على دورات صغيرة منفصلة: كالي، كاراتيه، بوكسنغ، جودو، اشتباك حراب وغيرها. وقد وضعت

لجنة من المدرسة منهاجًا جديدًا يجمع كل تقنيات القتال الأساسية في دورة واحدة تمتد على ثلاثة أشهر، وتعلّم المقاتل كيفية الدفاع عن النفس ضد عدو مُحتمل، وتزيد ثقته بنفسه ولياقته البدنية.

 

أسوةً بالجيوش المتطورة

 

تعمل قيادة مدرسة القوات الخاصة على استحداث اختصاصات تحتاج إليها الوحدات الخاصة، وقد باشرت بوضع مناهج لعددٍ من الدورات الجديدة تمهيدًا للبدء بتدريبها في العام القادم، وأبرزها: آمر رهط قوات خاصة، آمر حضيرة قوات خاصة، اختصاصي إسعاف ميداني قوات خاصة، اختصاصي هندسة قوات خاصة، اختصاصي أسلحة قوات خاصة. وتهدف هذه الدورات إلى رفع مستوى القوات الخاصة أسوةً بالجيوش الأجنبية المتطورة، وخصوصًا الفرق الخاصة الأميركية. ويجري العمل لتطوير حضائر هذه القوات لتحظى باكتفاءٍ ذاتي، وتصبح قادرة على تلبية حاجاتها في أوقات القتال، وأيضًا لرفع مستوى الإدراك الميداني لديها، ومضاعفة فعاليتها والتخفيف من خسائرها.

المدرسة هي الآن أيضًا في صدد العمل على منهاج دورتَين أخريَين جديدتَين سيقوم فريق التدريب الأميركي بالتدريب فيهما، وهما: مداهمة متقدمة (قتال ومواجهة ليلية واستخدام الغاز والتكنولوجيا)، وقنص متقدمة (تقنيات الرماية).

 

مدينة تدريب

في المشاريع المستقبلية، وفي إطار تطوير التدريب على صعيد القوات الخاصة، يتمّ تأسيس مركز تدريب لهذه القوات. هذا المركز الحديث والفريد من نوعه سيفتح آفاقًا كبيرة للمستقبل، إذ سيتضمّن مختلف حقول التدريب التي تفتقدها المدرسة حاليًا (رماية فوق الأرض وتحتها، حقل تفجير، مداهمة تأسيسية ومتقدمة، حقل تدريب على الموقع الميداني المتقدم، مشبه رمي، مسلك ميداني للركض، مسبح أولمبي، جولات مقاتل ومحارب ومخاطر حديثة، حلقة اشتباك...). والأهم أنّ هذا المركز يستوعب ١٨٠٠ عسكري في الوقت عينه (١٢٠٠ تلميذ و٦٠٠ عنصر إداري ولوجستي) مع إمكان تطويره وتوسيعه ليستوعب ٣٦٠٠ عسكري في المستقبل.