مدى فعالية عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة فس يوغوسلافيا وأفريقيا 1990 -1996

مدى فعالية عمليات حفظ السلام للأمم المتحدة فس يوغوسلافيا وأفريقيا 1990 -1996
إعداد: د. محمد المصالحة
أستاذ مشارك في العلوم السياسية ـ الجامعة الأردنية.

جاء إنشاء الأمم المتحدة عام 1945 كمنظمة دولية مُناط بها هدفان أساسيان هما حفظ السلام والأمن الدوليين, ثم تحقيق التعاون الدولي في مختلف المجالات. وقد تمّ صياغة الميثاق وتشكيل الأجهزة لهذه الهيئة الدولية على أساس انّها تفي بتحقيق هذين الهدفين.
ولم يغب عن بال الدول المؤسّسة للأمم المتحدة الإستفادة من تجربة سابقة تمثّلت في وجود عصبة الأمم التي أخفقت في تحقيق أهدافها, وانهارت مع اندلاع الحرب العالمية الثانية من جرّاء خروج الدول الكبرى على مبادئها وعدم الإلتزام بعدم إستخدام القوّة المسلّحة في علاقاتها مع الدول الأخرى. وهكذا جاءت الأمم المتحدة, من حيث الأهداف, والوسائل والمؤسّسات التي تتكوّن منها, بغية التعامل مع الواقع الدولي عبر إدارة تنظيميّة دوليّة جماعيّة ومناهج متنوّعة للعمل الدولي. ومما لا شكّ فيه أنّ الخبرة التي تميّز بها عمل الأمم المتحدة منذ نشأتها وحتى يومنا هذا, تمثّل في محيطه من حيث طبيعة توزيع القوّة بين القواعد الدوليّة المختلفة, وتفاعلات العلاقات بين أطراف هذا النظام بما يجعلها ذات أداء متغيّر بين مرحلة وأخرى, طبقاً لأوضاع التوافق والتعارض بين القوى الرئيسيّة التي تملك ناصية القرار والتأثير في حركة السياسة الدوليّة واتجاهاتها, من جهة, ومن جهة ثانية, التأثير في أداء الأمم المتحدة لوظيفتها الأساسيّة وهي عمليات وإجراءات حفظ السلام والأمن الدوليين.
وسنحاول في هذا البحث أن ندرس فعاليّة الأمم المتحدة في مجال محدّد هو “عمليات حفظ السلام الدولي” الذي يُعتبر من الأهداف الأساسيّة التي أوجدت الهيئة من أجلها, وشدّد عليه ميثاقها. والبحث هنا يركّز بشكل مباشر على فترة زمنية تبدأ مع انتهاء الثنائيّة القطبيّة وحرب الخليج الثانية التي كانت إيذاناً بتحوّل ملحوظ وواضح في سرعة حركة ونوعية أداء المنظمة, وبشكل خاص مجلس أمنها. وسندرس الموضوع في مجال ما طبّقته الأمم المتحدة في كلّ من يوغوسلافيا السابقة (البوسنة والهرسك) وبعض الدول الأفريقيّة حتى عام 1997.
ويهدف البحث من خلال تناول وتحليل الأجواء والظروف التي تحيط وتتداخل بعمليات حفظ السلام, ومن ثم استعراض بعض تلك العمليات وفي مواقع مختلفة من العالم, يهدف إلى إثبات فرضية مؤدّاها أنّ “هناك علاقة إيجابيّة بين انتهاء الثنائيّة القطبيّة ودور هيئة الأمم المتحدة في وظيفة حفظ السلام الدولي”, وبصرف النظر عما إذا كانت نتائج عمليات حفظ السلام التي قامت بها المنظمة ناجحة, أو فاشلة في مناطق مختلفة من العالم.

تحليل بعض عمليات حفظ السلام
مع نهاية الثنائيّة القطبيّة, كان هناك أمل كبير بأنّ الأمم المتحدة يمكن أن تقبل رؤية أكثر شمولاً للنظام الدولي. إذ أنّ نظرة الأمم المتحدة كانت تسعى لخلق عالم يَعتبرُ العدوان والعنف لتحقيق الغايات والأهداف عملاً غير أخلاقي, ومرفوضاً عالمياً([1]), وتؤكد على ضرورة مجابهته إذا وقع من خلال الأمن الجماعي.
لكنّ الواقع أنّ حُلم الأمم المتحدة ما زال منذ خمسين عاماً محاصراً, فالصرب أخذوا العديد من قوات حفظ السلام رهائن, ورواندا اتهمت قوات حفظ السلام فيها بالتحيّز وتمزيق أراضيها, وأعضاء الكونغرس الأميركي يقولون إن الأمم المتحدة تُضيِّع أموالها بطريقة غير واعية([2]).

أولاً: يوغوسلافيا السابقة (البوسنة والهرسك)
(
United Nations Protection Force) (قوّة الأمم المتحدة للحماية)
ـــ في ما يخصّ فعاليّة الأمم المتحدة:
تمّ إعطاء اللواء الكندي “لويس ماكنزي” في عام 1992 ثلاثة أيام فقط لوضع خطة لتشكيل قوّة حفظ السلام في البوسنة والهرسك, وقد أمضى نصف ذلك الوقت في المقصف “البيروقراطي” للأمم المتحدة, بما في ذلك الانتظار في الطابور لشراء شيكات سياحية([3]).
ويرى دومينيك دافيد ـ عضو المؤسّسة الفرنسية للعلاقات الدولية ــ, أنّه عندما تدخّلت الأمم المتحدة في الحرب بين الصرب والبوسنة كانت النار قد استعرت بشكل بات من غير الممكن إطفاؤها, لهذا فشلت “القبعات الزرقاء” في وقف المجازر, وعمليات الإبادة بحق المسلمين. وأثّرت في ذلك عوامل أميركيّة وروسيّة, مما عقّد المشكلة, وجعلها مفتوحة على الاحتمالات كافة, التي تنعكس على السلام العالمي([4]).
وهذا يوضّح انّ العمليّة منذ بدايتها لم تلقَ الاهتمام الذي تستحق, ولم يكن هناك سعي جادّ للتعامل معها خارج إجراءات التسويف التي تعيق الإنجاز السريع, وأنّ زيادة المهام المسندة إلى قوّة الحماية نالت من قدرتها على القيام بولايتها الأساسيّة, فكان ان تسبّب ذلك بما يلي:([5])
1 ــ تعرّضت القوة بسبب تأثّر حيادها لحوادث إعاقة ومضايقة متزايدة في ما يتعلّق بمهمتها الإنسانيّة, خاصة من الطرف الصربي البوسني, والطرف الكرواتي البوسني.
2 ــ لم تُومّن للمهام الجديدة الموارد الكافية على وجه السرعة.
3 ــ تصدّي قوّة الحماية للأهداف العسكرية لأحد الأطراف, وضع تلك القوّة موضع الشبهة من حيث حيادها.
ولم يقتصر الأمر على الطعن في حياديّة المنظّمة, بل تعدّاه إلى وصفها بأنها غير فعّالة, وعدم فعاليّة عمليّة الأمم المتحدة في البوسنة يمكن إثبات جزء منه, من خلال الوقوف على بعض مخالفات قوّات صرب البوسنة:
1 ــ لم تسمح لقوّات الحماية الدولية بمرافقة قوافل المؤن إلى المناطق الآمنة في البوسنة, وسَطَتْ على بعضها([6]). وقبلت قوات الأمم المتحدة في البوسنة شروط الصرب بأن تقوم بتسيير قوافل إغاثة إلى سراييفو من دون أن ترافقها قوات المنظمة, وهو ما انتقده مادك كوتس ــ رئيس المفوضيّة العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في سراييفو ــ باعتبار أنّ الصرب يملون بذلك أوامرهم على المنظمة, وكذلك انتقدت حكومة البوسنة هذا الموقف([7]).
2 ــ احتجزت قوّات الصرب جنوداً من قوات الحماية الدولية. فقد احتجزت أكثر من 50 فرداً من تلك القوات لاستخدامهم كدروع بشرية لمنع حلف الأطلسي من شن المزيد من الغارات الجوية ضدهم([8]).
وهكذا فإن قوات الأمم المتحدة التي ذهبت إلى البوسنة لحماية المناطق الآمنة, إنتهى بها الأمر إلى عدم قدرتها على حماية نفسها([9]).
3 ـ قامت قوات صرب البوسنة بقصف الأمم المتحدة, وهو ما يعني قصف الإرادة الدولية. وقد نجم عن ذلك القصف وفاة العديد من العاملين في قوة الحماية أو إصابتهم بجروح.
4 ـ ضربت قوات صرب البوسنة حصاراً على قوات الأمم المتحدة, وهذا إجراء آخر يدلّ على المستوى غير الإنساني الذي وصل إليه الصرب في التعامل مع أفراد المنظّمة, الذين يُفترض أن يعاملوا باحترام, لأن وجودهم يهدف إلى إنهاء الحرب ونشر السلام.
5 ـ رفض زعيم صرب البوسنة رادوفان كارادزيج استقبال الأمين العام للأمم المتحدة لإيجاد حلّ سلمي للحرب.
ومنذ اندلاع الحرب في البوسنة والهرسك, اتخذت الأمم المتحدة عدداً من الإجراءات التي لا تساعدها على القيام بشيء. فمجلس الأمن كان قد أعلن بقراره رقم “824 تاريخ 6/5/1993” المدن التالية والمناطق المحيطة بها مناطق آمنة: سراييفو, وتوزلا, وزيبا, وغورازدي, وبيهاتش, وسريبرينيتشا. وبقراره رقم “836/أ تاريخ 4/6/1993”, تمّ توسيع ولاية قوة الأمم المتحدة للحماية لتمكينها من القيام بعدّة أمور منها ردع الهجمات التي تُشن على المناطق الآمنة(64).
لكن قوات الأمم المتحدة عجزت عن حماية المناطق الآمنة في البوسنة. وقد كان جلياً أنه في ما يتعلّق بأزمة البوسنة والهرسك, ـ والتي هي عضو في الأمم المتحدة, “قرار الجمعية العامة 46/237 لعام 1991” ـ فإن مجلس الأمن قد كرّر في معظم قراراته ضرورة التوصّل لحلّ سلمي, أو حلّ سياسي عن طريق المفاوضات, وأكّدت الجمعية العامة على ذلك أيضاً([10]).
إن النمو المتزايد في إساءة إدارة عمليات حفظ السلام, يعمل على أكثر من إضعاف المنظمة مادياً ومؤسسياً. وقد كان هذا نتيجة لفشل ستراتيجية المنظمة, وهو ما كان واضحاً وجلياً في البوسنة, (16) فنفقات مهمة المنظمة في يوغوسلافيا بلغت خلال خمسة أيام خمسة ملايين دولار, وهو ما يعادل نفقات سنة كاملة في عمليات ليبيريا([11]).
فالمسلمون البوسنيون هم الذين تعرّضوا للنتائج الأكثر خطورة, وهم ضحايا السياسة الإجرامية الهادفة إلى التطهير العرقي أيضاً. وقد سمحت حيادية “القبعات الزرقاء” للقوات الصربية باجتياح 70% من أراضي البوسنة, وسقوط حوالى 250 ألف قتيل, وتهجير مليون شخص إلى الخارج, وهجرة 1.3 مليون شخص هجرة داخلية, وبذلك كانت تلك القوات مجرّد شاهد على المجازر بحق الإنسانية والسلام العالمي.
لقد أكّد الصليب الأحمر أن ستة آلاف مسلم فُقدوا شرق البوسنة, ونشرت الولايات المتحدة صوراً, قالت إنها لمقابر جماعية دُفن فيها آلاف المسلمين الذين قُتلوا بالمدافع الرشاشة خارج سريبرينيتشا التي اجتاحها صرب البوسنة([12]).
وبعد توقيع اتفاقية دايتون, وافق مجلس الأمن في 22/12/1995 على تفويض الأمم المتحدة إرسال قوة شرطة مدنية يزيد قوامها على 1700 فرد إلى البوسنة, وهي أكبر قوة من نوعها تُرسلها المنظمة في مهمة, وسيكون واجبها قيادة وتجنيد وتنظيم الشرطة المحلية([13]). وقد بدأت هذه القوات فعلاً بالوصول إلى هناك, وتشارك فيها مجموعة من الشرطة الأردنية.
وبتاريخ 2/3/1996, أنهت قوة الحمـاية التـابعـة للأمم المتحدة مهمتهـا لحفظ السلام في البوسنة وقد دامت أربع سنوات, وذلك بعد أكثر من شهرين من تولي القوة متعددة الجنسيات بقيادة حلف شمال الأطلسي مهمة حفظ السلام بموجب اتفاقية دايتون([14]).

2 ـ دور أوروبا في التأثير سلباً على فعالية الأمم المتحدة في البوسنة:
إن السؤال الذي يواجهنا هو: لماذا لم تلجأ المنظمة إلى وسيلة “إنقاذ السلم” في البوسنة كما تم في حرب الخليج؟. والجواب هو أن التدخل العسكري من قبل الأمم المتحدة لوضع حد للحرب في البوسنة كان مستحيلاً بسبب عدم توافر الأجواء السياسية الملائمة, ودقّة العلاقات لدولية, وحسابات تتعلّق بمصالح الدول الأوروبية كلّها, ومصلحة روسيا, والولايات المتحدة الأميركية, وهذه كلّها مصالح متضاربة ما بينها, وهذا يعني عدم وجود مصلحة واحدة للجميع يسعون لتحقيقها أو الحفاظ عليها, كما هو الحال بالنسبة إلى حرب الخليج. وكان مجلس الأمن بقراره رقم 749 تاريخ 7/4/1992 قد ناشد الأطراف المعنية في البوسنة التعاون مع المجموعة الأوروبية للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار, والتفاوض من أجل حل الصراع سياسياً. وفي وقت لاحق استصدرت دول المجموعة قراراً من مجلس الأمن يُسند مهمة الإشراف على جمع الأسلحة الثقيلة من أطراف الصراع إلى قوات حفظ السلام, العاجزة عن ذلك. وللهروب من التزاماتها الأخلاقية ـ في حدودها الدنيا ـ قامت دول الغرب بتسويف الموضوع من خلال الاستمرار في اللجوء إلى التفاوض من خلال المبعوثين, لكن دون نتيجة.
إن المجموعة الأوروبية وحلف شمال الأطلسي تبدو قادرة على حلّ مشكلاتها على الورق فقط, وقد برهن ذلك على انقسامها وضعفها في معالجة أهم المشكلات التي واجهتها, وهي يوغوسلافيا السابقة وأوروبا الشرقية([15]).
وعندما زادت حدّة الحرب هناك بسبب استمرار الهجوم الصربي, أعلن وزير خارجية فرنسا آنذاك آلان جوبيه, أن الأمم المتحدة قد تجد نفسها مرغمة على طلب سحب قواتها من البوسنة ما لم يتم التوصل سريعاً إلى وقف لإطلاق النار هناك, وأن انسحاب القوات الفرنسية قد يتم بأسرع مما هو متوقّع. وأعلن وزير الدفاع البريطاني أيضاً مالكوم ريفكينز أن بلاده ستبحث قريباً مسألة سحب جنودها من البوسنة إذا استمرّ الوضع الخطير هناك([16]), ومثل هذه الأقوال كانت تُعبِّر عن موقف مؤيّد للقوى الصربية, إذ بدلاً من مواجهتها كان القرار يقضي بالإبتعاد عنها.
وفي 10/6/1995, صرّح الرئيس الفرنسي شيراك, بأن إنشاء قوة التدخّل السريع يهدف إلى مساعدة جنود دوليين على عدم التعرّض للذل, وأن بوسعهم أن يدافعوا عن أنفسهم([17]). وقد تم الإتفاق بين الأمم المتحدة وكلّ من فرنسا,, وهولندا وبريطانيا, على إنشاء قوة تدخّل سريع لإرسالها إلى البوسنة, وقد عارضت روسيا إنشاء مثل هذه القوة([18]).
ولكن كان من غير الممكن التمويه على عدم وجود ستراتيجية أوروبية, عن طريق إنشاء قوة تدخّل سريع, بمبادرة من فرنسا, وبريطانيا, وهولندا, وألمانيا التي انضمّت إلى تلك الدول لاحقاً. فالحكومات كانت مرتبكة, وفشل قادة الغرب سبَّب الذهول, في حين استمرّت الحرب, واستمرّ حصار سراييفو([19]).
وعندما بلغ مجموع القتلى من القوات الفرنسية في البوسنة 37, والجرحى 252, دعا الرأي العام الأوروبي لسحب القوات من يوغوسلافيا السابقة([20]). وبعد أن تمّ التوصّل إلى اتفاقية دايتون ومن ثم التوقيع على اتفاقية السلام في باريس في 14/12/1995 وموافقة حلف شمال الأطلسي على المشاركة في القوات التي ستُرسل إلى هناك, أوضح وزير خارجية فرنسا هرفيه دوشاريت أن فرنسا لن تدع قوات الحلف تُهان وتتعرّض للسخرية مثلما حدث مع جنود حفظ السلام([21]), فالجميع في أوروبا كانوا يعلمون أن قوات الأمم المتحدة تُهان في البوسنة, لكنهم لم يفعلوا شيئاً حاسماً لوقف ذلك.

ــ دور حلف شمال الأطلسي في التأثير سلباً على فعالية الأمم المتحدة في البوسنة:
تقع منطقة يوغوسلافيا خارج المنطقة الجغرافية التي يدافع عنها الحلف, لكنه تدخّل تحت قرار مجلس الأمن رقم 757 الذي دعا إلى فرض عقوبات اقتصادية وعسكرية ودبلوماسية, وحظر تجاري وجوي ونفطي شامل على جمهورية يوغوسلافيا الجديدة. ثم تبنى الاقتراح الروسي الفرنسي ـ الذي وافقت عليه واشنطن ـ بعقد مؤتمر دولي جديد حول البوسنة. ويستند الاقتراح على مبدأ تشجيع الصرب على القبول بالتسوية السياسية من خلال الاستجابة لمطالبهم الإقليمية والإتحاد مع صربيا الكبرى. ويمثل ذلك وقوفاً إلى جانب الصرب ضد البوسنيين.
وإذا كان حلف شمال الأطلسي قد شكا من أن قدراته على التصرّف في يوغوسلافيا السابقة مقيّدة من قبل الأمم المتحدة, الضعيفة والبيروقراطية, فإن موظفي الأمم المتحدة قالوا إن الحلف فظ وقاس ومولع بالقتال, والحالة المؤسفة أن جنود المنظمة كانوا غير قادرين على وقف القتال([22]).
وبسبب فشل تسوية الصراع سلمياً, وعجز القوات الدولية في البوسنة عن وقف الاعتداءات الصربية على المناطق الآمنة, ورفض الولايات المتحدة المشاركة بقوات برية هناك, لجأت المنظمة إلى حلف شمال الأطلسي للقيام بمهمة وضع حد للاعتداءات من جانب أي طرف في الصراع. ومع تصعيد الصرب للحرب هناك, ومحاولة تغيير الوضع القائم بالقوة, سمحت المنظمة للحلف بالقيام بغارات على مواقع صرب البوسنة حول العاصمة سراييفو(42). وعندما نفذت بعض الضربات في 26/5/1995 قام صرب البوسنة باحتجاز 400 جندي من قوات حفظ السلام لاستخدامهم كدروع بشرية. وعندما عاود الصرب قصف العاصمة سراييفو, قام الحلف بشن غارات جوية بالتنسيق مع قوات التدخل السريع, التي قصفت مواقع المدفعية الصربية.
لقد نفذ حلف شمال الأطلسي أكثر من 500 طلعة جوية ضد مواقع صرب البوسنة([23]), جاءت رداً على قيام هؤلاء بقصف سوق سراييفو مما أدى إلى مقتل 37 شخصاً([24]). لكنّ ذلك لم يُؤدِّ إلى إنهاء القوة الصربية, بل مهّدت فقط للدخول في مفاوضات السلام.
وبعد توقيع اتفاقية السلام في 14/12/1995, تقرر أن تكمل قوات حلف شمال الأطلسي انتشارها خلال ثمانية أسابيع من التوقيع. وبلغ عديد القوات الأميركية المشاركة 32 ألف جندي, منهم 20 ألفاً في البوسنة و5 آلاف في كرواتيا, و7 آلاف يُرسلون من هنغاريا وإيطاليا([25]). وهكذا أجاز مجلس الأمن للحلف ان يتولى مهام حفظ السلام في البوسنة.
وبتاريخ 21/12/1995, بدأت مهمة حلف شمال الأطلسي رسمياً لترسيخ السلام في البوسنة, وبدت فرصة استمرار السلام طوال العام جيدة إذا عرفت كلّ الأطراف بما فيها الحلف متى تتشدد ومتى تهادن([26]).
ووافق سفراء حلف شمال الأطلسي الستة عشر على الخطة العملية لقوات تطبيق اتفـاقية السلام, وأعطوا الضوء الأخضر للقـائد الأعلى للحلف في أوروبا الجنرال جورج جولوان كي يطلب من الدول الـ32 داخل الحلف وخارجه تسليم قيادة قواتها, واتفقوا على قوانين الاشتباك التي تسمح لتلك القوات بالبدء بإطلاق لنار إذا لزم الأمر([27]).
وهكذا كان الحلف يلقي بثقل مصداقيته في مستنقع البلقان وهو واثق ان القواعد الصارمة للإشتباك, وهيكل القيادة الواضح المعالم, سيجعلانه ينجح حيث أخفقت الأمم المتحدة من قبل, علماً أنَّ عمليته هذه هي أكبر عملية نشر قوات قام بها خلال الخمسين عاماً الماضية([28])
 

ـــ دور الولايات المتحدة الأميركية في يوغوسلافيا السابقة:
عندما توعد الصرب الولايات المتحدة بفيتنام جديدة إذا قررت التدخل عسكرياً في البوسنة, صرح وزير الدفاع الأميركي ويليام بيري, في 27/10/1995 بان الصرب أظهروا تفوقاً عسكرياً على الأرض, وان بلاده ليس لديها أي خطط لإرسال قوات برية إلى البوسنة للمشاركة في الحرب. وفي وقت لاحق, أعلن أنتوني ليك ـ مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي ـ أن بلاده ليس لديها الرغبة في التدخل عسكرياً في البوسنة, لأن القتال هناك لا يشكل تهديداً مباشراً لها.
وكان مجلس النواب الأميركي قد أقرّ مشروع قانون يقضي برفع حظر التسليح عن البوسنة, غير أن الرئيس كلينتون هدد باستخدام حق النقض ضد المشروع, نظراً لكونه يتسم بالإنعزالية, ويثير المتاعب, ويضعف جهود أميركا من أجل التوصل إلى تسوية عن طريق المفاوضات([29]). وفي 26/7/1995, صوّت مجلس الشيوخ الأميركي لصالح رفع حظر السلاح عن البوسنة([30]).
واعتبرت أوروبا ذلك القرار تهديداً خطيراً, وهددت بسحب قواتها المشاركة في قوة حفظ السلام الدولية في يوغوسلافيا السابقة, واعتبرت روسيا انه سيشكّل كارثة([31]). لكن الرئيس كلينتون استخدم حق النقض ضد هـذا المشروع, لأن من شـأنـه أن يُعقد الصراع في البلقان, ويؤدي إلى إشراك قوات أميركية في عملية قتالية هناك([32]), وقد أدانت ماليزيا قراره هذا([33]), كونه لا يسمح للبوسنيين بامتلاك السلاح للدفاع عن أنفسهم, في الوقت الذي لا يوفر لهم المجتمع الدولي أي حماية.
وقد قدّم ثلاثة مسؤولين من الخارجية الأميركية استقالاتهم على التوالي احتجاجاً على سياسة بلدهم في البوسنة, ثم تبعهم رابع موضحاً إن السبب في ذلك يعود إلى رفض وزير الخارجية الأميركي كريستوفر, تعريف ما يجري في البوسنة بأنه إبادة جماعية, وبذلك فان الأمر تجاوز ما هو سياسي إلى ما هو أخلاقي([34]).
ولم يشهد مجلس الأمن ضغطاً من الولايات المتحدة لاتخاذ موقف حاسم لوقف الحرب في البوسنة كما أنها لم تتدخل عسكرياً, ولكنها تدخلت سياسياً ونجحت في أن جعلت الأطراف يوقعون على اتفاقية السلام.

ـــ أسباب موقف الولايات المتحدة من الحرب في البوسنة:([35])
1 ـ معاناتها من صعوبات اقتصادية كبيرة ستزداد في حال تدخلها, لأن ذلك سيحملها نفقات كبيرة لحرب قد تطول, وخاصة في غياب دعم مالي خارجي كما حدث في حرب الخليج.
2 ـ عدم وجود مصالح ستراتيجية للولايات المتحدة تدفعها إلى حشد قواتها في البحر الادرياتيكي.
3 ـ الاستفادة من الحرب هناك لإثبات فشل محاولات إقامة أمن أوروبي منفصل عن دور أساسي للولايات المتحدة([36]).
لقد كانت الولايات المتحدة تتخوف من جميع أطراف الحرب في البوسنة, فهي تتخوف من نصر كاسح للصرب الأرثوذكس قد يتسبب في احياء القوة العظمى التي مثلها الاتحاد السوفياتي السابق الذي استند إلى عدة امور من ضمنها العنصر السلافي الأرثوذكسي, وكانت من جهة أخرى تتخوف من نصر كرواتي يتحوّل إلى رصيد معنوي وسياسي لألمانيا الغربية, ثم إنها كانت تتخوّف من انتصار المسلمين المتمثل في إعلان البوسنة والهرسك جمهورية مستقلة ذات أغلبية مسلمة, وكان تدخلها في النهاية حاسماً في عدم إيصال أي من الأطراف الثلاثة إلى مطالبه, وحققت نجاحاً سياسياً كان في الوقت نفسه دليلاً على عجز أوروبا عن حل مشكلاتها بنفسها([37]).
وقد تمّ التوقيع الرسمي على معاهدة السلام في البوسنة بتاريخ 14/12/1995, في باريس, وتقوم المعاهدة على اتفاقية “دايتون” التي تم التوصل إليها بإشراف الولايات المتحدة([38]).

ثانياً: الصومال:
(
United Nations in Somalia 1&11 UNOSOM) (عملية الأمم المتحدة في الصومال2.1)
تخلى مجلس الأمن عن ممارسة الرقابة والاشراف اللازمين على عملية التدخل في الصومال. ومع أن قرار التدخل يُعتبر شرعياً ـ إذا ما استثنينا حقيقة نوايا الولايات المتحدة الأميركية ـ لأنه هدف إلى تأمين قوافل الإغاثة, ووضع حد للمأساة الإنسانية هناك ـ إلا أن سيطرة القوات الأميركية على القوات الأخرى المُشتركة, أعطاها المجال للعمل على تحقيق أهدافها الخاصة.
فقد تدخلت الولايات المتحدة في القضية بزخم منذ بدايتها, وكان لها اليد الطولى فيها, حيث بلغ حجم القوة الدولية المكلفة بحراسة المساعدات الإنسانية في الصومال 30 ألف جندي, منهم حوالى 28 ألف جندي أميركي, وبذلك وُضعت القوة تحت قيادة عسكرية أميركية.
وتعرّضت عملية الأمم المتحدة الثانية في الصومال للانتقادات: حيث انتقدت إيطاليا بشدة الأعمال التي تنفذها قوات الأمم المتحدة في الصومال, وأخذت عليها القيام بدور الشرطي, وهو الدور الذي ترفض المشاركة فيه([39]).
لقد تم وضع 400 جندي باكستاني في مطار مقديشو, ولم تكن بحوزتهم سوى أسلحة خفيفة, بينما جماعة عيديد مُدججة بالأسلحة, مما دفع مسؤولي الإغاثة إلى استئجار مسلحين محليين لتأمين حمايتهم, وهذا الوضع المأساوي هو الذي كانت المنظمة قد قدِمت إلى الصومال من أجل تغييره, هذا وقد نفى الجنرال التركي شفيق بير, ـ الذي كان قائداً للقوات الدولية في الصومال ـ وجود أي تعليمات سياسية أو عسكرية واضحة للقوة الدولية, وأكد أن العمليات العسكرية كانت سيئة

 التنظيم([40]).
وتعرضت الأمم المتحدة والولايات المتحدة لانتقادات بسبب الاعتماد كثيراً على الغارات الجوية الأميركية والمخاطرة بحياة المدنيين([41]). فقد أدى استخدام المنظمة لطائرات الهليكوبتر الهجومية إلى سقوط عشرات القتلى من الصوماليين, وهو الأمر الذي انتُقد من جانب المعنيين بحقوق الإنسان باعتباره قد يكون انتهاكاً للقواعد الدولية للحرب([42]).
وانتقد الرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر دور الشرطي الذي قامت به القوات الأميركية في الصومال, لأنه في اللحظة التي بدأت فيها تلك القوات تستهدف الزعماء السياسيين في المنطقة, حدث تحوّل مؤسف, وهو أمر خاطىء([43]). فقد عرضت الأمم المتحدة مكافأة قدرها 25 ألف دولار لمن يُدلي بمعلومات من شأنها أو تؤدي إلى إلقاء القبض على فرح عيديد. وكذا فعلت الولايات المتحدة الأميركية, لكن ليس حباً في مجاراة الأمم المتحدة, بل لرغبتها الذاتية في إلقاء القبض عليه لأنه وقف في مواجهتها.
أما الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة د. بطرس غالي, فقد ذكر أن العوامل التي أدت إلى فشل مهمة الصومال هي: فقدان الحكومة, وعدم تعاون الفصائل مع المنظمة, وعمليات السرقة والابتزاز التي تعرّضت لها عمليات المنظمة, والاعتداءات على أفرادها ومعداتها([44]). لكنه لم يذكر أي عامل يتعلّق بالمنظمة أو الولايات المتحدة, وفي هذا ابتعاد كثير عن الحقيقة, ذاك أنّ فشل العملية في جانب كبير منه يعود إلى عدم فعالية المنظمة, وعدم فعاليتها مرتبط بوجود أهداف خفية تقف وراء العملية كلّها, انعكست على الأداء بشكل عام.
فقد انتقد وزير دفاع زيمبابوي, موهن ماهاشي, عملية الأمم المتحدة في الصومال, لأن المنظمة فشلت في إقناع الصوماليين بأنها محايدة, وأنه كان على المنظمة أن لا تزُج نفسها في الشؤون الداخلية للصومال([45]).
لقد تحتم في نهاية آذار 1995, إنسحاب آخر القطاعات, بعد مهمة فاشلة كانت تكلف يومياً 2,7 مليون دولار, وخلفت وراءها 130 ضحية من قوات الأمم المتحدة, وعدة آلاف من

 الصوماليين([46]).

ثالثاً:رواندا: (United Nations Observer Mission Uganda - Rwanda)

(بعثة مراقبي الأمم المتحدة في رواندا ـ أوغندا)
(United Nations Assistance Mission for Rwanda UNAMIR)

(بعثة الأمم المتحدة لتقديم المساعدة إلى رواندا):

عندما كانت صور القتل الجماعي في رواندا تُعرض على كلّ العالم, لم يتساءل أي شخص من الأمم المتحدة عما إذا كان سيُسمح لرواندا بالاحتفاظ بمقعدها في مجلس الأمن. وهو المقعد الذي احتلته حتى نهاية 1995.
لقد كان رد فعل المجتمع الدولي قاصرا, مما أدى إلى قيام عدة دول بسحب وحدتها العاملة ضمن القوات الدولية هناك([47]). والسبب الرئيسي هو عدم فعالية المنظمة في ما يخص الجانب المالي, حيث لم تُدفع المخصصات للمشاركين في العملية مما دفعهم إلى الانسحاب منها.
إن تلازم مهام حفظ السلام مع عمليات تقديم الإغاثة الإنسانية, يُعتبر ظاهرة جديدة, ففي شهر واحد تم تأمين المأوى والرعاية الصحية والإغاثة والمياه لأكثر من 800 ألف لاجىء في رواندا والبوسنة وغيرها, لكن العاملين في مجال الإغاثة هناك كانوا يشعرون بالقلق, لأن تقديمهم لإمدادات الإغاثة كان يقود فقط إلى مد أمد القتال, ويتسبب في موتى موفوري الصحة؟!([48]).
ان ما جرى في رواندا يُدين الأمم المتحدة, إذ ان بعض الضحايا كانوا يُخيَّرون ما بين دفع المال مقابل قتلهم بالرصاص, والا فان قتلهم سيتم بالفؤوس(63).
أما انتهاء الثنائية القطبية فلم يسمح بحل المسألة, والأمم المتحدة لم يزد من فعاليتها هناك انتهاء تلك الثنائية. ويبدو أن حل المسألة اعتُبر أمراً ممكن التأجيل ما دامت الأوضاع هناك على ما هي عليه.


الموارد المالية للمنظمة:
لم يُلزِم ميثاق المنظمة الأعضاء بالمساهمة بصورة منتظمة في ميزانيتها, ويدفع كلّ عضو مبلغاً يتحدد استناداً إلى الناتج القومي الصافي ودخل الفرد في الدولة العضو, مما يؤدي إلى أن 75% تقريباً من عائدات الاشتراكات تدفعها نحو عشر دول من الأعضاء فقط, وهو ما يحقق لها دوراً أكبر, وتأثيراً أقوى من غيرها من الدول التي تدفع نسبة ضئيلة من الميزانية.
ومع بدايات إنشاء الأمم المتحدة, كانت حصة الولايات المتحدة الأميركية في ميزانيتها 40%, ثم أصدرت الجمعية العامة تعديلاً جعل الحد الأقصى لمساهمة أي دولة 25%. وكان أن حاولت الولايات المتحدة إقرار نظام “التصويت الترجيحي”, ليحل مكان نظام “التصويت المتساوي” في الجمعية العامة حيث تقر الميزانية, إلا أنها فشلت في مسعاها هذا([49]). فهي لم تكتف بعضويتها الدائمة في مجلس الأمن, بل كانت تريد أيضاً هيمنة على الجمعية العامة, لتصبح المنظمة بحق مكرسة لها, توجهها كيفما تريد, وبسند شرعي يُبرر لها ذلك.
وفي عام 1985, أقر الكونغرس الأميركي “تعديل كاسيبوم Amendement” Ksasebaum الذي يقضي التزام الإدارة الأميركية بدفع 20% فقط من حصتها في المواعيد المحددة في ميزانية المنظمة والوكالات المتخصصة التي لا تأخذ بنظام التصويت الترجيحي, أما باقي الحصة في مخصصات وزارة الخارجية فلا تُدفع إلا للمنظمة التي تقوم بإصلاحات إدارية ومالية توافق عليها الولايات المتحدة.
ومن التناقضات التي ظهرت بعد انتهاء الحرب الباردة “التناقض المالي Financial Contradiction”, فالأزمة المالية التي تعاني منها المنظمة هي أزمة عميقة في ما يتعلّق بعمليات حفظ السلام, إذاً ليس هناك مورد للأموال غير ما تقدمه الدول الأعضاء. وقد ألحق نقص الأموال ضرراً بمصداقية المنظمة, كما حصل في رواندا والمناطق الآمنة في البوسنة. ويرتكز بناء السلم كلياً على توفير المال, وكذلك تعويض الدول التي تتأثر بالعقوبات المفروضة على دولة جارة لها أو شريكة اقتصادياً معها. وكان ذلك واضحاً بالنسبة للأردن, في ما يخص الآثار التي ترتبت عليه نتيجة لحرب الخليج, وفرض العقوبات على العراق.
وأصبحت الأمم المتحدة مدينة لأكثر من 60 دولة, مشاركة في 17 من عمليات حفظ السلام, قدمت قوات ومعدات. والمدين الأكبر هو الولايات المتحدة الأميركية وحصتها 201 بليون دولار([50]). فالأمم المتحدة مفلسة والأعضاء يتقاعسون عن سداد ديونهم, إذ أن 25 ـ 30 دولة فقط دفعت ما يتوجّب في الموعد المحدد([51]).
وقد تم استخدام التأخير في دفع المساهمات الإلزامية أو رفض دفعها, وسيلة لابتزاز المنظمة للحصول على موافقتها لتوجهات سياسية معينة. فمجلس الشيوخ الأميركي وضع شروطاً لقيام الإدارة الأميركية بدفع المساهمات الإلزامية, معتبراً أن القانون الوطني أعلى شأناً من الالتزامات الدولية المبرمة. ففي عام 1993, قرر المجلس تعليق دفع مساهمة الولايات المتحدة في موازنة المنظمة على قيام الأمين العام بإنشاء وظيفة مفتش عام, وكان الاتحاد السوفياتي السابق وفرنسا قد استخدما هذا الأسلوب عام 1961, لاظهار عدم رضاهما عن الوسائل التي اتبعها أمينها العام داغ همرشولد في الكونغو([52]).
وحسبما قال الأمين العام الأسبق للأمم المتحدة د. بطرس غالي, فان على المنظمة أن تضع حداً لتبعيتها للولايات المتحدة على الصعيد المالي, لأن اعتمادها المتزايد على ما يقدمه هذا البلد أو ذاك سياسة غير سليمة([53]).
ويمكن تخطي صعوبة توفير الموارد المالية للمنظمة من خلال:
1 ـ زيادة أموال الصندوق الاحتياطي لحفظ السلام ليستوعب بصورة أفضل احتياجات العمليات.
2 ـ قيام كلّ دولة عضو في المنظمة بإنشاء احتياطاتها الخاصة بها لصالح الاحتياجات المالية غير المتوقعة لغايات عمليات حفظ السلام.
3 ـ أن تُدمج جميع تكاليف عمليات حفظ السلام في ميزانية واحدة تتقاسمها جميع الحكومات([54]).
4 ـ إعطاء الأمين العام الصلاحية للاقتراض من الأسواق التجارية, وتقاضي فوائد على الأموال المتأخرة وإصدار السندات.
كما أن الميزانيات العسكرية يمكن أن تكون مصدراً جيداً لتقديم الأموال للمنظمة. فنفقات الدفاع العالمية مع نهاية العقد الماضي كانت حوالى تريليون دولار سنوياً, أي مليوني دولار في الدقيقة الواحدة. وعلى سبيل المثال, فإنه في عام 1995, بلغت ميزانية الدفاع الأميركية 267 مليار دولار. وعلى الرغم من ضخامة هذا المبلغ فإن واشنطن تضغط على الأمم المتحدة لتقليص حصتها في تكاليف حفظ السلام من 30.4% إلى 26% أو 27%.
كذلك فإن تسهيل النشر السريع لقوات حفظ السلام يتطلب إنشاء صندوق احتياطي كبير خاص بتلك العمليات.
وفي حين يأمل الأمين العام الأسبق للمنظمة في فرض “رسم دولي” ـ حوالى 1.55 دولار ـ على بطاقات السفر يُخصَّص للمنظمة, من أجل تأمين استقلاليتها المالية, اعلن بوب دول ـ زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ الأميركي ـ معارضته لمثل هذا التوجه([55]), كما رفض الكونغرس الإفراج عن المبالغ المستحقة على واشنطن لصالح المنظمة([56]).

ــ تقييم عمليات حفظ السلام:
أظهرت التطورات التي حدثت في السنوات الأخيرة, أن احتمالات تدخل القوى العظمى تضعف كلما كانت مصالحها غير مهددة بشكل مباشر, وينطبق هذا بشكل محدد على الأماكن التي لا يكون النزاع فيها قائماً بين دول وإنما كحرب أهلية حيث يصبح عدم التدخل هو القاعدة, والتدخل هو الاستثناء. ويؤيد هذا عدد من الأمور هي([57]):
1 ـ ان عمليات الأمم المتحدة في الصومال, ويوغوسلافيا السابقة, أثارت شكوكاً حول جدوى وفعالية هذه العمليات, كما أثبتت الفظائع التي وقعت في رواندا ضرورة التدخل وصعوبته في وقت واحد.
2 ـ إن العدد الكبير من حالات الطوارىء الدولية, يفوق قدرة المنظمة على التدخل. فمنذ عام 1987, قامت المنظمة بعمليات لحفظ السلام يفوق عددها عدد العمليات التي قامت بها بين الأعوام 1948 ـ 1987.
3 ـ ازدياد مهام الأمم المتحدة بصورة تفوق ما لديها من طاقات, فهي تُطالب الآن عند قيامها بعمليات حفظ الأجهزة الإدارية, وتقديم المساعدات للتطوير الاقتصادي والاجتماعي.
ان قرار استخدام القوة هو بيد الدول, لذلك فإن مجلس الأمن ـ الذي تُسيطر عليه بعض الدول ـ هو الوسيلة التي يُقر بها استخدام القوة. ولم تزود الدول الأعضاء مكتب الأمين العـام بـالموارد المطلوبـة المنوه عنهـا في الميثاق لاستخدام القوة حتى الآن, ونتج عن ذلك أن الأمين العام قام بإدارة عمليات استخدام القوة بأدوات تناسب عمليات حفظ السلام, وهذه الفجوة أدت إلى نتائج مشكوك فيها كما في الصومال والبوسنة([58]).
موجز القول إن عمليات حفظ السلام لا يمكن أن تتحقق إلا حين تكون الدول الأعضاء مشاركة مُشاركة كاملة, وعلى استعداد لتوفير ما يلزم من أفراد ومعدات وأموال, ولكن لا يوجد حتى الآن نظام دائم ومكتمل النمو لحفظ السلم, بل هناك سلسلة مستمرة من العمليات المخصصة.
ولا يعني ما تقدم أن عمليات حفظ السلام كانت كلّها بالمستوى نفسه من حيث ضعف الفعالية والنتائج, فهناك نجاحات للمنظمة غير بارزة في الإعلام مثل السلفادور, وموزامبيق, وليبيريا([59]). كما أن زيادة جهود حفظ السلام أدت إلى إخفاء صراعات في بعض المناطق مثل ناميبيا.
وقد حققت الأمم المتحدة نجاحات في عملية تسريح الجنود في نيكاراغوا, ومراقبة إطلاق النار في السلفادور, والتحضير للإشراف على مراقبة حقوق الإنسان في غواتيمالا.
كما أن فعالية قوات الأمم المتحدة تعتمد في جانب منها على البنية التحتية للمنظمة, التي أمست غير فعّالة, وعاجزة عن مواكبة احتياجات المهمة. فجهود الأمم المتحدة المستقبلية لحفظ السلام سوف تكون أكثر سرعة وفعالية وبأقل عدد من الأفراد لو توافرت أرضية جديدة لأنظمة الاتصالات بواسطة الأقمار الاصطناعية, التي تمكن من إجراء اتصالات سريعة وسهلة بين مختلف محطات الأمم المتحدة والقيادة المركزية([60]).


لقد نجحت عمليات حفظ السلام التقليدية بسبب التزامها بشروط موضوعية ارتاحت إليها أطراف النزاع. ولكن مع توسع هذه العمليات وتطور مفهوم حفظ السلم, فإن الممارسات لم تستقر بعد بشأن أنجع طرق المعالجة. لذلك فإن فعالية عمليات حفظ السلام ونجاحها يقومان على تحقق شروط عدة منها:
1 ـ حيادية الأمم المتحدة من حيث قراراتها ومن ثم قواتها المشاركة في العملية.
2 ـ ولاية واضحة محددة يمكن تنفيذها.
3 ـ تعاون الأطراف في تنفيذ تلك الولاية.
4 ـ دعم مستمر في مجلس الأمن.
5 ـ استعداد الدول للمساهمة بما يلزم من أفراد ومعدات.
6 ـ قيادة ميدانية فعالة.
7 ـ دعم مالي وإمدادي مناسب.
لقد لقي حفظ السلام ـ كأداة ـ نجاحاً ونكسات لم يكن منها بد, وينبغي أن يتم التعلّم منها, ومن المهم الحرص على عدم الوقوع في خطأ الاستغناء عن هذه الأداة. وهناك من يقول إن الشعبية الحالية لعمليات حفظ السلام الدولية تعكس فعاليتها, فهي مقارنة مع الحرب تُعتبر غير مكلفة لذلك يجب أن يُنفق عليها([61]), وهو ما يدحض ادعاءات البعض بارتفاع تكاليف عمليات حفظ السلام: إن تكلفة يوم واحد مثلاً من عملية “عاصفة الصحراء”, كان يمكن أن تغطي نفقات جميع عمليات حفظ السلام في العالم لمدة عام.
لقد أدى نشوب الحروب القومية والنزاعات المحلية إلى الكشف عن عجز الأمم المتحدة وتعريضها للنقد, لكن ما تقوم به المنظمة ليس سوى انعكاس لرغبات الدول([62]), خاصة الكبرى منها التي تسيطر على مجلس الأمن وبيدها الحل والربط في ما يخص أهم القرارات التي يمكن أن تصدر عنه.
إن إحدى الطرق لتقوية نظام الأمم المتحدة يمكن أن تكون إيجاد المزيد من قوات حفظ السلام القادرة على خلق الاستقرار, وإذا فشلت في ذلك, العمل كصمام أمان للحفاظ ـ على الأقل ـ على الحد الأدنى الضروري من النظام الموجود أصلاً. وهذا ما يؤكد الحاجة إلى تكاتف الجميع إذا أريد لهذا الأمر أن يُصبح واقعاً ملموساً.
إن إنشاء قوة دائمة لحفظ السلام له العديد من الفوائد. إذ يمكن وضع المعايير اللازمة للترتيبات الامدادية والمالية, كما يمكن تنسيق المهام المختلفة التي يقوم بها الأفراد المدنيون والعسكريون في القوة بصورة أفضل. ويمكن تأكيد عدم انحياز مثل هذه القوة ـ وبالتالي مدى قبولها من الدول المختلفة ـ عن طريق التجنيد المباشر, من عدد كبير من مختلف الدول, للأفراد الذي لا يكون هناك شك في ولائهم للمنظمة, عوضـاً عن الاعتمـاد على قـوات حكومـات قد لا تكون في بعض الأحيـان راغبة في ذلك.
ويجب أن تشترك الجمعية العامة وجميع عناصر المنظمة إلى جانب مجلس الأمن في مسؤولية حفظ السلم والأمن الدوليين بمعناها الأوسع, فلكل منها دور أساسي في ذلك([63]), واطلاق يد المجلس وحده في هذا المضمار المهم والخطير هو أمر غير مرغوب فيه.
ان الغرب بعيد جداً عن تبني نهج عالمي, وعن منح الثقة للأمم المتحدة لتنظيم السلام. وقد استمرت التفرقة بين دور “إحلال السلام” ودور “حفظ السلام” الذي أسندته الدول الكبرى مرة أخرى للمنظمة مع بعض الاستثناءات التي يتعذّر الوصول فيها إلى حل([64]).
لكن إخفاق الأمم المتحدة في بعض المهمات الكبيرة لا يقع بالكامل على أجهزة الأمم المتحدة وحدها, بل تشاركها المسؤولية كلّ الدول الأعضاء وعلى رأسها الولايات المتحدة([65]).

النتيجة:
بعد تحليل العلاقة بين انتهاء الثنائية القطبية وفعالية الأمم المتحدة في عمليات حفظ السلام, نصل إلى النتائج التالية:
1 ـ إزداد عدد عمليات حفظ السلام منذ انتهاء الثنائية القطبية زيادة ملحوظة, ساهم فيها الانفراج الذي شهده العالم مع زوال الصراع بين الشرق والغرب والذي كان سبباً رئيساً في عدم انشاء بعض عمليات حفظ السلام, أو تحجيم الكثير منها, خلال فترة الحرب الباردة.
2 ـ أصبحت الأمم المتحدة اكثر تماساً مع الكثير من النزاعات التي شهدها ويشهدها العالم, وغدت مركزاً للبحث في تلك المنازعات, سعياً للوصول إلى حلول وتسويات لها, باعتبار ان كثيرين يرون ان الامكانات الموجودة لدى المنظمة تُمكنها من القيام بدور الوسيط بين أطراف النزاع, وقد قامت بهذا الدور فعلاً في عدد من النزاعات.
3 ـ يحدّ من الدور الذي تقوم به المنظمة في هذا المجال مصالح الدول المتنفذة فيها ـ خاصة الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن ـ التي عندما ترى أن تعاطي المنظمة مع نزاع ما قد يُلحق ضرراً بمصالحها, تُحجِّم ذلك الدور, مما يؤثر سلباً على مكانة المنظمة وسمعتها.
4 ـ كانت عمليات حفظ السلام, بشكل عام, خلال فترة الثنائية القطبية ذات أهداف محددة جداً أبرزها ـ إن لم يكن الوحيد ـ هو مراقبة وقف إطلاق النار بين أطراف النزاع, وهذا يعود إلى تخوف طرفي الثنائية القطبية, ودول أخرى عديدة. ولكن بعد انتهاء الثنائية القطبية, توسع دور عمليات حفظ السلام وتشعب, وشمل أموراً أخرى مثل: تقديم المساعدات الإنسانية, وإعادة اللاجئين, ونزع السلاح, والاعداد والاشراف على تسجيل الناخبين, وإجراء الانتخابات, ومراقبة احترام حقوق الانسان, والتحقيق في انتهاكاتها, وتدريب أفراد الشرطة, والمساعدة في إصلاح الاقتصاد والنظام القضائي, والمساعدة في التوصل إلى اتفاقيات سلام.
5 ـ أصبحت الأمم المتحدة تتدخل في نزاعات داخل دول, وليس فقط في نزاعات قائمة بين دول, كما كان الحال عليه أثناء الثنائية القطبية. كما أنه وفي أكثر من عملية, فوضت قوات الأمم المتحدة استخدام القوة لتأمين المساعدات الإنسانية, وهو ما يعد عنصراً جديداً دخل إلى تلك العمليات.
6 ـ تم استغلال هذا الدور من قبل الولايات المتحدة الأميركية ـ بسبب سيطرتها على مجلس الأمن ـ بأن ضغطت على الأمم المتحدة لإنشاء عمليات حفظ للسلام كانت محاطة بالشكوك من حيث أهدافها وبأنها تخدم مصالحها هي فقط, وكان ذلك واضحاً في حرب الخليج, والصومال, وهاييتي.
7 ـ تبين من خلال مجمل الأزمات والنزاعات التي وقعت في العالم أن المنظمات الإقليمية لم تُعطَ الدور الحقيقي الذي يجب أن تقوم به, بل تم إضعاف دور هذه المنظمات بسبب سيطرة الولايات المتحدة والدول الغربية الكبرى على الأمم المتحدة, وبشكل خاص مجلس الأمن الذي عليه دعم دور تلك المنظمات لحل المنازعات المحلية سلمياً “المادة 52/3 من الميثاق”. ولم ترغب تلك الدول بدعم هذا الدور حتى لا تتم تسوية النزاعات بطريقة أو أسلوب لا تريده هي, أو لا تريد تسويته أصلاً.
8 ـ هناك علاقة إيجابية بين انتهاء الثنائية القطبية ودور الأمم المتحدة في عمليات حفظ السلام. فهذا الدور قد ازداد وبرز وتوسع ليشمل جوانب عديدة. ولا ينفي تلك العلاقة ما ذكرناه من استغلال بعض تلك العمليات لصالح دولة أو دول بعينها, ذلك أن العديد من العمليات ما كانت لتنشأ لو بقيت الثنائية القطبية, مما ساهم في إنقاذ الكثير من الأرواح وإطفاء بعض بؤر التوتر في العالم
 

[1] LEFEVER, W. Ernest: "reining In The U.n.", Foreign Affairs, Vol. 72, 3 Summer 1993.

[2] MEIXLER, Louis: “U.N. At 50 Looks To Redeine Shape, Role”, Jordan Times, No. 5950, 25 June 1995.

[3] تريمبل جيف وآخرون, “قوات الأمم المتحدة في وديان الموت”, يو. أس. نيوز, مقالة مترجمة نشرت في صحيفة الرأي, عمان, عدد 8348, 24/6/1993.

[4] نكد جان, “الأمم المتحدة 50 عاماً من التشرد والفشل”, محرر: الأسبوع العربي, لبنان, عدد 1822, 12/9/1994.

[5] تقرير للأمين العام, عملاً بالقرار رقم 871 عام 1993م, س/1994/ 300, 16/3/1994.

[6] اسماعيل محمد زكريا, “من أثيوبيا إلى تشيكوسلوفاكيا إلى البوسنة”, السياسة الدولية, القاهرة, عدد 120, نيسان 1995م.

[7] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9053, 12/6/1995.

[8] صحيفة الدستور, عمان, عدد 9973, 1/6/1995.

[9] مقابلة مع المندوب الدائم للجامعة العربية لدى الأمم المتحدة, الكويت, مجلة العربي, عدد 443, تشرين الثاني 1995.

[10] أبو الوفا أحمد, “الأمم المتحدة والنظام العالمي الجديد”, السياسة الدولية, القاهرة, عدد 122, تشرين الأوّل 1995.

[11] غالي بطرس بطرس, حديث مع مجلة دير شبيغل الألمانية, منشور في صحيفة الدستور, عمان, عدد 10170, 15/12/1995.

[12] صحيفة الأسواق, عمان, عدد 64, 12/8/1995.

[13] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9247, 23/12/1995.

[14] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9316, 3/3/1995.

[15] LUCK, C. Edward: “Marking Peace”, Foreign Policy, No. 89 Winter 1992 - 1994.

[16] جاد عماد, “البوسنة: ضغوط لتعديل خطة التقسيم”, السياسة الدولية, عدد 199, كانون الثاني 1995.

[17] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9052, 11/6/1995.

[18] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9047, 6/6/1995.

[19] STAR Barbara: “Peace Keepers To Stay On Says U.N.”, Jane’s Defence Weekly, UK, Vol. 23. No. 21, 27 May 1995.

[20] باكسيتش بوزايد, “حروب صغيرة في البلقان وإخفاق النخبة القومية”, لو موند ديبلوماتيك, مقالة مترجمة نشرت في صحيفة الرأي, عمان عدد 9088, 17/7/1995.

[21] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9239, 15/12/1995.

[22] SARACINO, Perer: “No More Sympatty For The Devil”, International Defence Review, UK, Vol. No. 24/25, 16 December 1995, P. 3.

[23] صحيفة الأسواق, عمان, عدد 663, 2/9/1995.

[24] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9134, 1/9/1995.

[25] STAR, Barbara: “USA Moves To Protect Ifor From “Terrorism”, “Jane’s Defence Weekly, Vol. 24, No. 24/25, 16 December 1995, P. 3.

[26] صحيفة الرأي, عمان, عدد 4296, 22/12/1995.

[27] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9240, 16/12/1995.

[28] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9242, 10/6/1995.

[29] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9051, 28/7/1995.

[30] صحيفة الدستور, عمان, عدد 10030, 28/7/1995.

[31] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9099, 28/7/1995.

[32] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9114, 12/8/1995.

[33] صحيفة الدستور, عمان, عدد 10046, 13/8/1995.

[34] صحيفة الرأي, عمان, عدد 8386, 1/8/1995.

[35] MARSHALL, A.: :"Vosnia Flights Stops As Nato And Un Clash”, The Independent, London, December 1994.

[36] MARSHALL, A.: :"Nato Splis Over US Bosnia Plan”, The Independent, London, November 1994.

[37] الصلح منح, “باطنية السياسة الأميركية”, صحيفة الأسواق, عمان, عدد 768, 2/1/1996.

[38] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9239, 15/12/1995.

[39] صحيفة الرأي, عمان, عدد 8425, 9/9/1993.

[40] “الأمم المتحدة... سلطة الفساد الدولي مهددة بالإفلاس بسبب السرقات وسوء الإدارة”, محرر الشؤون الدولية, الأفق, عمان, السنة الثانية, عدد 90, شباط 1994.

[41] صحيفة الدستور, عمان, عدد 9327, 11/8/1993.

[42] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9117, 15/8/1995.

[43] صحيفة الرأي, عمان, عدد 8416, 31/8/1995.

[44] The United Nations And The Situation In Somalia, Reference Paper, 30 April 1993, United Nations, Department Of Public Information, June 1993.

[45] صحيفة الرأي, مقابلة مع وزير دفاع زمبابوي, نقلاً عن هيرلدتربيون, عمان, عدد 8397, 12/8/1993.

[46] صحيفة الرأي, نقلاً عن دير شبيغل, عمان, عدد 8999, 15/4/1995.

[47] GHALI Boutros Boutros, Herlald Tribune International, Paris, No. 34868, 6 April 1995.

[48] صحيفة الأسواق, عمان, عدد 448, 19/12/1995.

[49] نافعة حسن, “العرب وتطوير الأمم المتحدة”, ورقة قدمت في المؤتمر الستراتيجي العربي الثالث الذي عُقد في الجامعة الأردنية, العرب في الستراتيجيات العالمية, تحرير مصطفى الحمارنة, مركز الدراسات الستراتيجية, عمان, 1994.

[50]  $800M Is Owed To Peace Keeping Nations, Janeصs Defence Weekly, UK. Vol. 24, No. 1, 8, July 1995.

[51] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9013, 29/4/1995.

[52] برتران موريس, “الأمم المتحدة من الحرب الباردة إلى النظام العالمي الجديد”, ترجمة لطيف فرج, دار المستقبل العربي, القاهرة, 1994.

[53] صحيفة الدستور, عمان, عدد 10048, 15/8/1995.

[54] جيران في عالم واحد, نص تقرير: لجنة “إدارة شؤون المجتمع العالمي”, ترجمة مجموعة من المترجمين, سلسلة عالم المعرفة, الكويت, عدد 201, أيلول 1995.

[55] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9275, 20/1/1996.

[56] صحيفة الرأي, عمان, عدد 9308, 24/2/1996.

[57] PASCKE, Karl Theodor: “Why Reform Of The United Nations Souch A Herculean Task?”, Deuschland, Germany, No. 3, June 1995.

[58] PICCO, Giandomenico: “The U.N. And The Use Of Force”, Foreign Affairs, Vol. 73, No. 5, Sep./Oct. 1994.

[59] بن شرف فواز, مقابلة بالهاتف أجراها أحمد شاكر, صحيفة الدستور, عمان, عدد 9910, 26/3/1995.

[60] COOPER, Pat.: “U.N. To Upgrade Communications”, Defense News, U.S., Vol. 10, No 9 March 6 - 12, 1995.

[61] العمري محمد, “الحملة الأميركية ضد الجماهيرية الليبية في ضوء أحكام القانون الدولي”, مستقبل العالم الإسلامي, عدد 6, 1995.

[62] هوش كريستيان, “النظام العالمي الجديد, الأمم المتحدة: المهمة المستحيلة” الإكسبرس, مقابلة مترجمة في صحيفة الرأي, عمان, عدد 8981, 28/3/1995.

[63] KARNIOL, Robert: “An Interesting Assignment” International Defense Review, UK. Vol. No. 24, 5/ 1991.

[64] علي محمد إسماعيل, “الوجيز في المنظمات الدولية”, القاهرة, مطبعة الجبلاوي, 1982.

[65] DLECHMAN, Barry: “The Intervention Dilemma”, The Washington Quarterly, Spring 1995.