أجهزة القيادة

مديريّة التأليل
إعداد: ندين البلعة خيرالله

الباب الذي عبر منه لبنان إلى عصر المعلوماتية ما زال مشرّعًا للتطوّر

في العام 1968 خطا لبنان أولى الخطوات باتجاه المعلوماتية من خلال إنشاء الجيش للمركز الإلكتروني للإدارة، الذي كان فريدًا من نوعه في البلاد.
مطلع الثمانينيات عُدّل اسم المركز ليصبح مديرية التأليل، والمديرية التي نمت وتطوّرت تمثّل اليوم أحد أبرز وجوه مواكبة التكنولوجيا المعاصرة في لبنان.
مدير التأليل العميد الركن مروان الشكر يتحدّث لـ«الجيش» عن مهمات المديرية، ويرافقها في جولة على الأقسام تسلّط الضوء على آلية العمل، بدءًا من إعداد البرامج وصولاً إلى تحقيق أمن المعلوماتية.

 

المموّن الرئيس

• ما هي المهمات التي أوكِلت للمديرية؟
- تعتبر مديرية التأليل المموّن الرئيس لعتاد التأليل ومتمّماته في الجيش، فهي تتولّى تحقيق وصيانة العتاد والبرامج وشبكات التأليل، لمصلحة القوى المنتشرة على مختلف الأراضي اللبنانية. كذلك، تقوم المديرية بإدارة السلفات الموضوعة بتصرّف مدير التأليل (سلفة تجهيزات المعلوماتية وسلفة صيانتها)، وتعدّ معظم برامج تأليل القطع والوحدات وتقوم بتحديثها، معتمدةً بشكل أساسي على قدرات عناصرها من ضباط ورتباء وأفراد وموظفين مدنيين وكفاءاتهم.
إضافة إلى ما سبق، تدير المديرية أنظمة التأليل وشبكاته في الجيش، وتؤمّن خدمة الإنترنت، كما تنظّم المواصفات الفنية لعتاد التأليل ما يتطلّب متابعة كل المستجدات في هذا المجال، وتدرّب عناصرها وعناصر الجيش في مدرسة المعلوماتية من خلال دورات ومكاتب.

 

مشاريع مواكبة المتطور
• نعيش عصر سرعة هائلة تشهد يوميًا تطورات وتغيّرات في مجال الإنترنت والمعلوماتية وتكنولوجيا التواصل والاتصال، فما هي الإجراءات والتدابير التي تقومون بها لمواكبة قطار التطوّر السريع؟
يجيب العميد الركن الشكر بالقول: في سياق مواكبة التطوّر التكنولوجي الهائل والسريع نفّذت المديرية عدّة خطوات، منها:
- نشر التأليل في مختلف المجالات في الجيش، وتوزيع خدمة الإنترنت على كل الوحدات المنتشرة، والعمل على حمايتها بواسطة أمن المعلوماتية بالتعاون مع وزارة الاتصالات.
- إنشاء شبكات تأليل تغطّي كامل الأراضي اللبنانية ووصل المراكز العسكرية ببعضها (منها ما تمّ تحقيقه ومنها ما يُعمل على إنجازه).
- سعي قيادة الجيش بالتعاون مع المديرية إلى إنشاء مركز للمعلومات Data Center يساهم في توحيد قواعد البيانات، ويمهّد لاعتماد نظام قيادة وسيطرة مستقبلاً.
- استحداث قسم أمن المعلوماتية في المديرية، والعمل مستمرّ في هذا القسم للإطّلاع على كل جديد من خلال دراسات وأبحاث، بالإضافة إلى التواصل مع شركات متخصّصة، ومتابعة محاضرات وندوات ومؤتمرات في الخارج.
- دراسة إمكان اعتماد الأنظمة البيومترية (التي تعمل على البصمات) في الجيش.
- المساهمة في إنجاز دراسة تؤمّن الدمج بين مديريّتَي التأليل والإشارة، عبر استحداث ركن جديد للاتصالات والمعلوماتية.
ويضيف مدير التأليل، تتألّف المديرية من خمسة أقسام، هي: قسم الأمن والتوجيه، القسم التقني، القسم الإداري، أمن المعلوماتية وقسم التعليم، إضافة إلى مدرسة المعلوماتية، وتتوزّع المهمات على هذه الأقسام.

 

القسم التقني
يضمّ هذا القسم فرعَين أساسيَّين: فرع الدراسات وفرع الشبكات. ويوضح رئيسه الرائد المهندس ألكسندر صايغ، أنّ فرع الدراسات يُعنى بوضع البرامج لمصلحة قطع الجيش ووحداته. وقد أنجز لغاية اليوم ما يُقارب المئة برنامج، معتمدًا بشكلٍ كامل على كفاءة ضباطه وعسكرييه وموظّفيه. إنّ البرامج المستثمرة حاليًا في القطع الإدارية والعملانية، حتى مستوى سريّة، تشمل مختلف المجالات المالية والإدارية والتدريبية والعملانية. إنّ توافر هذه البرامج إضافة إلى إمكان ربط مختلف القطع والوحدات بشبكة القيادة، أدّى إلى وفر كبير في الوقت وحركة الآليات، كونه أتاح تبادل الملفات الإلكترونية على مختلف أنواعها من خلال خدمة الـFTP.
يتضمّن عمل الفرع أيضًا دراسة الحاجات، ووضع البرامج وتجريبها ثم تحميلها لدى القطع المستفيدة، وتدريب العناصر على استخدامها. وتُستخدم في هذا الإطار تقنيات برمجة مختلفة (Win- Web- Mobile) بحسب طبيعة عمل البرنامج، ووفق ما يتوافر من عديد تقني وعتاد وشبكات تأليل لدى القطع المستفيدة. هذه البرامج تساهم في ضبط العمل الإداري وتؤمّن إحصاءات أساسية للسّلطة صاحبة القرار.

 

من أهم البرامج المنفّذة:
- توحيد التأليل في الألوية والأفواج في ما يتعلّق بـ: الإضبارة، محاسبة العتاد ونتائج الدورات والمكاتب الدراسية.
- برنامج الرواتب لمصلحة مديرية القوامة، الذي يسهّل احتساب الحقوق والمحسومات، وتوطين الحقوق في المصارف.
- برنامج مداولة البريد حتى مستوى كتيبة، حيث أصبح من السهل البحث عن مراسلة وإحصاء البريد ومتابعة مهل التنفيذ. وسيُصار إلى دراسة اعتماد التوقيع الإلكتروني في هذا المجال.
- محاسبة العتاد لدى المموّنين الأساسيين، الزبائن والمستفيدين.
- وضع ترقيم محلي للعتاد المستخدم في الجيش والعمل على وضع برنامج جديد موحّد لمحاسبة العتاد وفق التعليمات الجديدة.
ويُضاف إلى ذلك، برامج المساعدات المرضية والمدرسية والاجتماعية، إدارة المحروقات ومراقبتها، محاسبة بيوت الجندي، وبرامج عملانية مثل برنامج نيران المدفعية والهاون وغيرها.
أمّا فرع الشبكات التابع للقسم التقني، فيُعنى بمدّ شبكات المعلوماتية في الجيش، وبتوسيع الشبكات المتوافرة وفق الحاجة، مثلاً ربط طبابات المناطق والمستوصفات العسكرية التابعة للطبابة المركزية في بدارو, إضافة إلى مسك هذه الشبكات وبرمجتها وتيويمها وإدارة أنظمة الخوادم وتوزيع خدمة الإنترنت. تتوافر حاليًا شبكات معلوماتية داخلية (LAN) في معظم الوحدات الثابتة وعدد من قيادات القطع العملانية. وقد تمّ توفير خدمة الإنترنت بعد تحديد حقوق القطع منها، وتوزيعها وفق جدول الحقوق، وباتت قيادة الجيش تؤمّن هذه الخدمة (ISP) للقطع بدلاً من الشركات المدنية. كما تمّ نقل خادم البريد الإلكتروني army.gov.lb من شركة مدنية إلى الجيش.
ويدرس القسم حاليًا مشاريع مختلفة أبرزها: تأمين ربط القطع والوحدات بشبكة قيادة الجيش بسرعة اتصال عالية نسبيًا، طلب تأمين مركز معلومات لمصلحة القيادة بعد الانتهاء من تنفيذ الشبكات واسعة النطاق (WAN) وتشغيلها، وتحديد حاجات الجيش من البرامج العملانية التي تساهم في تطوير نظام القيادة والسيطرة.

 

القسم الإداري
يتولّى القسم الإداري وفق ما يفيدنا رئيسه، العقيد الإداري بسّام النابلسي مهمّات اللوجستية على مستوى المديرية (محاسبة معدات، تسديد سلفات خدمات، مسك إضبارات، نقل، حراسة...) وهو يؤدّي دور المموّن على مستوى الجيش ككلّ في ما يخصّ عتاد التأليل.
يحدّد القسم الإداري حاجات الجيش من عتاد التأليل، ويحضّر الموازنة السنوية للمديرية، ويحقّق العتاد المطلوب لمشاريع التأليل الكبرى على مستوى الجيش، ويدير هذا العتاد بعد تحقيقه واستلامه (عبر التلزيم أو الشراء)، ثم يقترح خطط توزيعه على قطع الجيش ووحداته. لكن دوره لا ينتهي هنا، فهو يقوم بمساعفة العتاد بعد التوزيع طالما هو قيد الاستعمال.
من ضمن العتاد الذي حقّقه القسم مع انتشار التأليل وتطوره في الجيش، زيادة عدد أجهزة الحاسوب من 4300 جهاز في العام 2014 إلى حوالى 7000 في منتصف العام الحالي. كذلك، ارتفع عدد الألواح التفاعلية active board ليبلغ حتى اليوم 41 لوحًا، موزّعة بشكلٍ أساسي في الكليات والمعاهد العسكرية، أسوة بأرقى الكليات والمعاهد الجامعية التي تعتمد أساليب التدريب الحديثة. وتمّ تنظيم حوالى 3300 سجلّ حياة لعتاد تأليل مختلف.
أعمال التعهّد والمساعفة ينفّذها المشغل الإلكتروني في القسم، حيث بلغ عدد أجهزة التأليل التي أُدخِلَت إلى المشغل في العام 2015 حوالى 2600 جهازًا، تمّت مساعفتها من دون أن تكون هناك حاجة إلى الاستعانة بفنيّين من خارج المؤسّسة. من جهة أخرى، أنشأت المديرية مشغلاً حديثًا لتعبئة الحبر وذلك لتوفير كلفة محابر الطابعات في الجيش (حوالى 3200 طابعة).
هنا يُشار إلى أنّ المديرية أوفدَت عسكريّين لمتابعة دورات مقتضبة وتمرّس لدى كبرى الشركات الموردة في لبنان، لتنمية معارفهم التقنية وخبراتهم، ممّا أدّى إلى زيادة الاكتفاء الذاتي للقسم والتقليل من الاعتماد على القطاع المدني في مساعفة العتاد المعطّل. وبذلك تمّ تحقيق وفر جيّد، بالإضافة إلى تأمين أقصى درجات الحيطة في ما يخصّ أمن المعلومات العسكرية.

 

قسم التعليم
يتألف قسم التعليم من 3 فروع هي: التأهيل، المكتبة والتوثيق والطباعة.
هذه الفروع تؤدّي مهمات رئيسة، أبرزها وفق ما يفيدنا رئيس القسم الرائد ربيع بغدادي: اقتراح المناهج والوسائل الآيلة لتعليم عناصر المديرية في حقل اختصاصهم، والتنسيق مع مدرسة المعلوماتية بهدف تحديد المناهج على صعيد الجيش وتحديثها كلّما دعت الحاجة. كذلك، يطّلع القسم على خطة التعليم السنوية الصادرة عن قيادة الجيش ويطبّقها على صعيد المديرية من خلال تحديد المحاضرات والزيارات التعليميّة وكل ما يلزم لتطبيقها.
كما يدير القسم مكتبة المديرية ويجهّزها بالمراجع العلمية الحديثة في حقل المعلوماتية.

 

مدرسة المعلوماتية
تدريب العنصر البشري وتطوير معارفه حول كل جديد في مجال المعلوماتية، ضرورة ملحّة لمديرية التأليل، من هنا أهمية مدرسة المعلوماتية التي يفصّل قائدها العقيد المهندس روبير منصور مهمّاتها التدريبية على الشكل الآتي:
تقوم المدرسة بتدريب المكاتب الدراسية في اختصاص المعلوماتية (1-2-3-4-5- والدورة التأهيلية لرتبة ملازم). وهي تتولّى تحديث مناهج اختصاص المعلوماتية في الجيش، وتنظيم دورات تقوية للرتباء والأفراد حول مناهج المعلوماتية الجديدة، وأخرى متخصّصة في مجال إدارة الشبكات والأنظمة وأمن المعلوماتية والبرمجة. كذلك تنظّم المدرسة دورات حول برامج وتطبيقات ينتجها القسم التقني للتدريب على استخدامها.
من جهة أخرى، تمّ تحقيق 41 لوحًا تفاعليًا Active Board تستخدم ضمن أساليب التدريب الحديثة، ما اقتضى التدريب على استخدامها.

 

التعاون مع Cisco
في موازاة ذلك، ونظرًا لاعتماد الجيش على الكثير من منتجات شركة Cisco العالمية الرائدة في عتاد الشبكات وأجهزة الخوادم، تمّ إنشاء أكاديميّة سيسكو في الجيش اللبناني Lebanese Army Cisco Academy ضمن مدرسة المعلوماتية. في البداية تمّ التعاون مع الجامعة اللبنانية- الأميركية LAU لإعداد مدرّبين في منهاج IT Essentials، ثم أبرمت اتفاقية تعاون أخرى مع الجامعة اللبنانية لتدريب مدرّبين في منهاج CCNA Cisco Certified Network Associate.
على صعيد آخر، تنظّم محاضرات وندوات علمية يحضّرها ضباط المديرية، وفق الاختصاص، أو مندوبون من شركات مدنية متخصّصة لعرض البرامج أو التطبيقات وفق الحاجة، كما تُجرى اختبارات تقنيّة وتطبيقية للراغبين بالتطوّع بصفة رتيب أو فرد اختصاص معلوماتية لمصلحة الجيش، أو حتى للمدنيين الراغبين بالتعاقد مع الجيش في هذا الاختصاص.

 

أمن المعلوماتية
لمواجهة خطر التعرّض للخروقات الإلكترونية، تمّ إنشاء قسم جديد داخل مديرية التأليل يُعنى بأمن المعلوماتية وحماية المعلومات من السرقة والتخريب، ورئيس هذا القسم هو الرائد المهندس مصطفى الندّاف.
يوضح مساعد رئيس القسم الرائد وليم الهاشم أنّ حماية المعلومات تشمل: حماية الشبكة، حماية مكان وضع العتاد والكمبيوترات وضبط الدخول إليها، حماية الكمبيوتر بحدّ ذاته من الخرق أو الأذيّة، وحماية شبكة الأجهزة الموصولة على الإنترنت حتى لا تتمّ سرقة المعلومات منها.
ولتحقيق الحماية، يعمل القسم على تحديث تعليمات أمن المعلوماتية بشكلٍ مستمرّ، كما يقوم بدراسة البرامج المضادة للفيروسات وتحقيق المناسب منها وتحميله. وفي سياق حماية الشبكات والأجهزة من مخاطر التخريب وسرقة المعلومات، تنفَّذ محاولات خرق (Penetration testing) للأنظمة المعتمدة، لتحديد نقاط الضعف المحتملة (Vulnerability Management) والعمل على معالجتها. كذلك، ينظّم القسم ندوات توعية (Awareness sessions) في مجال أمن المعلوماتية، ويقوم بتصنيف المعلومات المتداولة على الشبكات الممسوكة وغير الممسوكة من قبل الجيش. يُنفَّذ هذا العمل من خلال ثلاثة فروع تابعة للقسم: فرع يعمل على استكشاف الأخطار بشكل مستمرّ، فرع الأبحاث الذي يتولّى تأمين وسائل الحماية المناسبة وحماية المستخدم، وفرع التدخل الذي يتحرّك عند وقوع خطر لمعالجته أو للحدّ من انتشاره، ولمراقبة الخروق.
في ختام الجولة، يشدّد العميد الركن الشكر على أن المديرية، وبالرغم من بعض التحديات، تسعى باستمرار إلى تنفيذ المهمات الموكلة إليها بالاعتماد على كفاءة عناصرها. ويوصي بتفعيل أقسام التأليل في المناطق للتخفيف من عبء المهمات الملقاة على عاتق المديريّة...