أخبار ونشاطات

مدير عام الهيئة العربية للطاقة الذرية: تنمية القدرات العربية ضرورة
إعداد: تريز منصور

حاضر في قاعة العماد نجيم حول التطبيقات السلمية للطاقة النووية

 

أكد المدير العام للهيئة العربية للطاقة الذرية الدكتور محمود نصر الدين «أن بعض الدول العربية بدأ بدراسة جدوى استخدام الطاقة النووية من أجل إزالة ملوحة مياه البحر وتوليد الطاقة»، مشيراً الى أن «استخدام الطاقة النووية يتطلب اتخاذ قرار مسبق وقبل ســـنــوات طويلة بضـــرورة تـــنـــمـــيـــة القــــدرات العـــربية في بناء المحطات النووية للأغراض السلمية وتشغيلها وصيانتها».
كلام الدكتور نصر الدين جاء خلال محاضرة ألقاها في قاعة العماد نجيم تحت عنوان «التطبيقات السلمية للطاقة الذريـــة»، وذلـــك بحضور نائب رئيس الأركان للعمليات العميد الركن حسن محسن ممثلاً العماد قائد الجيش، وعدد كبير من الضباط.
بداية ألقى رئيس قسم البحوث والدراسات والمكتبات في مديرية التــعــلــيــم كــلــمــة قــال فيــها: «إن هــذا الشيء الذي إسمه الذرة، روّضته عقول كبيرة. ونحن في العالم العربي لا تــنــقــصــنــا هذه العقول، بـــل مـــا ينـقــصنا، هو مجالات عــلــمــيــة لتــوظــيــفــهــا، الأمـــر الــــذي دفع بعلمائنا الى الهجرة الى حيث الأمم تكرّم العلم والعلماء».
ثم تناول الدكتور محمود نصر الدين في محــاضـــرتـــه مكونات الذرة التي تحدد صفاتها الكيميائية وأنواع الأشعة التي تبثها.
وتحدّث عن تاريخ بدء استخدام الطاقة المنطلقة من إنشطار نوى بعض العناصر الثقيلة في الأغراض العسكرية في أثناء الحرب العالمية الثانية. وقال: في بداية الخمسينيات، انتبه العالم الى الاستخدام السلمي للانشطار النووي وبالتحديد في توليد الطاقة الكهربائية، حيث أنشئت مفاعلات القوى لأغراض توليد الكهرباء.
وأشار الدكتور نصر الدين الى «أن توليد الطاقة بالمفاعلات النووية أوجد قلقاً لدى جماعة الحزام الأخضر (حماة البيئة)، ولكن سرعان ما خفّ وهج معارضة هؤلاء لا سيما في أوروبا بسبب إزدياد الطلب على استعمال الطاقة، كما إن نسبة الضحايا في محطات إنتاج الطاقة بواسطة المياه أو النفط... هي أعلى من مثيلتها في مراكز المفاعلات النووية. ولكن أي حادث يذكر في هذه المفاعلات يحتاج الى برنامج لتأمين الأمان».
كما أشار الى ان تطور أسعار النفط والتوتر الدولي... وأسباب عديدة دفعت بالأوروبيين وغيرهم الى إنشاء مفاعلات نووية لتوليد الطاقة، ولكن لهذا الاستعمال مخاطر عديدة أهمها: إن الاستثمار بالمفاعلات النووية طويل الأمد ويحتاج الى مبالغ طائلة جداً، إضافة الى المخاطر التي تهدد الطاقة العامة، جراء الاستعمال المتزايد لمادة اليورانيوم المستنفد، والتي تضرّ بالبيئة فتلوّث الهواء وتستقرّ في الدم وفي رئة الإنسان. وهناك تخوّف عالمي من استعمال الوقود النووي للأسلحة العسكرية، لا سيما أن هناك العديد من الدول لم يوقّع الى الآن إتفاقية الضمانات.
وتطرق الى تفسير تكوين الوقود النووي (اليورانيوم) والمراحل التي يمرّ بها، وحاجة الدول اليه والتي قدّرها بـ283000 طنّ في العام 2050 كحدٍّ أقصى...
وأشار الدكتور نصر الدين الى أن إنعدام توليد الكهرباء بالطاقة النووية في الدول العربية ناتج عن أسباب عديدة أهمها، وفرة النفط في بعض هذه الدول، الربط السداسي الذي تم بين مصر، الأردن، سوريا، لبنان، تونس والمغرب وتركيا مستقبلاً من أجل تأمين الطاقة وسدّ الحاجات المتزايدة لها، والناتج عن نسبة النمو السكاني في هذه المنطقة.
وأضاف: إن هذه البدائل والمساعي لتأمين توليد الطاقة في العالم العربي هي آنية وظرفية. لذلك بدأ بعض الدول العربية دراسة جدوى استخدام الطاقة النووية، من أجل إزالة ملوحة البحر وتوليد الكهرباء. وإن اتخاذ قرار باستخدام الطاقة النووية يتطلب اتخاذ قرار مسبق وقبل سنوات طويلة، بضرورة تنمية القدرات العربية في بناء المحطات النووية للأغراض السلمية وتشــغيلها وصيانتها، وإزاء هذا الواقع تقوم الهيئة العربية للطاقة الذرية، بتدريب عدد من العلميين والتقنيين العرب في عدد من ميادين الاستخدام السلمي للطاقة الذرية، بصرف النظر عن وجود قرار بتوليد الكهرباء بالطاقة النووية أم لا.
ولقد صرّح عدد من المسؤولين الكبار في الدول الصناعية، بأن الحكمة تقضي بتنويع مصادر الطاقة على المستوى الدولي أو على مستوى كل دولة سواء كانت صناعية أم نامية.
وتطرّق الدكتور نصر الدين الى استعمالات الإشعاعات النووية في عدة مجالات كالزراعة مثلاً، حيث يمكن من خلالها إطالة فترة التخزين وتسهيل التصدير (ثوم، بصل...)، إبادة الطفيليات، مكافحة ذبابة الفاكهة، الكشف عن متبقيات الأسمدة والمبيدات في المنتجات الزراعية والتربة، وترشيد استخدام المياه... وكذلك في مجال الصناعة يمكن تحديد السماكات والمستويات، صناعة المجوهرات، الصناعات الدوائية والغذائية الثقيلة والعسكرية. وكذلك في مجال الصحة والطب، تستعمل تقنية الأشعة في التصوير والتشخيص والعلاج، وتعقيم الأدوات الطبية... (سيصبح التعقيم بواسطة الأشعة إلزامياً بعد سنوات). وتستعمل الإشعاعات النووية في مجال البيئة وإدارة الموارد المائية، مثلاً أزالة ملوحة مياه البحر، الكشف عن التلوث بواسطة التقنيات النووية، دراسة المياه الجوفية، دراسة درجة التبخّر في البحيرات، تعقيم المياة المبتذلة وغير ذلك...
وفي ختام المحاضرة، أجاب الدكتور نصر الدين عن أسئلة الضباط، وقدم له ممثل قائد الجيش العميد محسن درع القيادة عربون شكر على محاضرته القيّمة.