من واقع الحال

مزاجك سيّئ؟ هيّا إلى الكتاب...
إعداد: ريما سليم ضوميط

يعاني معظم الأفراد اليوم القلق والإحباط واليأس. بعضهم يبحث عن السلوى من خلال إعداد وصفات طعامٍ جديدة، ومنهم من أعاد إحياء حديقته، فيما حمل البعض كتابًا ينقله إلى عالمٍ مختلف لا مكان فيه للقلق والخوف على المستقبل.

 

أصبحت القراءة من أجل المتعة أمرًا مهمًا خلال العامين الأخيرين، فالكتاب بات أشبه بعلاجٍ نفسي في وقتٍ يعاني ملايين الرجال والنساء حول العالم مشاكل في الصحة النفسية مثل الاكتئاب والقلق، بسبب جائحة كورونا العالمية. وفي حديثٍ نشرته صحيفة The Post and Courier تقول فاليندا ميلر صاحبة متجر للكتب في كاليفورنيا والتي تملك خبرةٍ طويلة مع القرّاء، إنّ الكتاب هو الوسيلة الأفضل لتثقيف الذات، لكنّه في الوقت نفسه وسيلة رائعة للهروب من واقعٍ غير مرغوب.

 

مفاعيل تضاهي اليوغا
وتضيف ميلر أنّ للقراءة مفاعيل مماثلة لجلسة يوغا أو مشاهدة فيلم كوميدي من حيث الاسترخاء وتهدئة النفس. في السياق نفسه تؤكد الدراسات أنّ القراءة لمدة ثلاثين دقيقة تساعد في خفض معدل ضربات القلب وضغط الدم، فضلًا عن تقليل الضغط النفسي، وذلك لأنّها تدفع القارئ إلى الانشغال في واقعٍ بديل، ما يخفّف من مشاعره السلبية.
 

دروس قيّمة
في إطارٍ مماثل، يرى سكوتي ماكلينان مدرّس مادة «الأخلاقيات في عالم الأعمال» في جامعة ستانفورد، أنّ الأدب الجيد يساعد الأفراد في فهم العلاقات الإنسانية، ويشجعهم على الاتحاد وتعزيز الروابط في ما بينهم لمواجهة مختلف التحديات، وهو ما تحتاجه المجتمعات في الوقت الحالي. أمّا الأهم، يقول ماكلينان، فهو الأمل الذي يكتسبه القراء حينما يقرأون عن حوادث تاريخية مشابهة للواقع الذي يعيشونه، مثل جائحة الإنفلونزا الإسبانية التي ضربت العالم في العام ١٩٢٠، وتسببت بمقتل خمسين مليون شخص، لكنّ إرادة الحياة كانت أقوى، إذ عادت الشعوب إلى ممارسة حياتها الطبيعية إثر القضاء على الفيروس، واليوم بالكاد نجد من يذكرها.
 

ماذا نقرأ؟
في ظل الظروف الحالية، هل يجب أن نقرأ كتبًا مليئة بالتفاؤل والأمل، أم كتبًا تعمّق معرفتنا بالواقع والحقائق المحيطة بنا؟ الاثنان معًا، يقول الدكتور نبيل خوري الاختصاصي في علم النفس العيادي، موضحًا أنّ كل القراءات مفيدة. فمن يهوى الكوميديا سوف يجد مبتغاه في القراءات المضحكة التي تمنحه السرور والشعور بالطمانينة، ولكنّه قد يصل إلى وقت يشعر بالملل لأنّ الدعابة تمنح الشعور براحةٍ آنيّة، لذلك يُستحسن التوجّه إلى القصص. ومن كان مهتمًّا بالقراءة، ننصحه بالتبحّر في المجلدات التي تضم سلسلة قصصية مهمة، كتلك التي تتناول السيرة الذاتية لشخصيات أدّت دورًا مهمًا في تاريخ البشرية والانسانية إذ يمكن أن تُبنى عليها مفاهيم وقواعد خلقية وفكرية جديدة.
ويضيف الدكتور خوري أنّ قراءة الكتب صارت ضئيلة جدًا في أيامنا هذه، وأنّ معظم القرّاء باتوا يستسهلون القراءة عبر الانترنت حيث يقومون بتحميل الكتب والمجلات الإلكترونية، موضحًا أنّ النصوص العلمية هي الأكثر رواجًا في الفترة الحالية، وهناك أيضًا مجالات واسعة للقراءات والأبحاث الفكرية والفلسفية لمن يرغب بالموضوع، كما أنّ القراءات الكوميدية متاحة لمن يريد الترفيه وكذلك مجلات المنوعات والفن التي تشكل مادة تسلية للبعض. إذًا، كل إنسان يقرأ المحتوى الذي يناسب طاقته الفكرية. أما القراءات التي تمنح التفاؤل فهي القراءات العلمية التي تساعد متصفّحها على إدراك مدى تطور البشرية وأهمية التقدم التكنولوجي في إطار تطوير الفكر البشري تجاه المعادلات الاجتماعية، كما تعرض مواضيع مهمة في إطار التطور الطبي ما يضفي على القارئ مسحة تفاؤل حول ما يمكن أن يحدث في المستقبل، وحول إمكان توافر العلاج الذي يسمح له بالبقاء بصحة جيدة تمكّنه من العيش عمرًا مديدًا والتمتع بشيخوخته مع أولاده وأحفاده.
من هنا، فإنّنا ننصح كل من يعاني يومًا سيئًا، أن يحمل أي كتابٍ يروقه، ويُغرق فكره بين صفحاته ومن المؤكد أنّه سيجد راحةً نفسية عظيمة.

 

روابط إلكترونية لبعض الكتب:

https://openlibrary.org
https://frenchpdf.com
https://www.kutub-pdf.net