ملف العدد

مزيد من القدرات دعمًا لتنفيذ القرار 1701
إعداد: ريما سليم

في إطار الجهود المبذولة لدعم تعزيز انتشار الجيش اللبناني في قطاع جنوب الليطاني، تؤدي اللجنة العسكرية التقنية دورًا محوريًا في تعزيز القدرات البشرية واللوجستية من خلال تطويع العسكريين وتدريبهم وتجهيزهم قبل دمجهم في الوحدات المنتشرة في قطاع جنوب الليطاني. وفي ظل التحديات المتزايدة، وضعت اللجنة خطة عمل تشكّل نموذجًا للتعاون الدولي الهادف إلى تمكين الجيش اللبناني من أداء دوره الحيوي في تنفيذ القرار 1701 وضمان أمن الجنوب واستقراره.
تُعتبر اللجنة العسكرية التقنية من الركائز الأساسية لعملية تعزيز انتشار الجيش اللبناني في قطاع جنوب الليطاني، وهي تضم إلى جانب الجيش اللبناني، ممثلين عن عشر دول هي: الولايات المتحدة الأميركية، كندا، المملكة المتحدة، الدنمارك، بلجيكا، هولندا، إيطاليا، إسبانيا، فرنسا، وألمانيا، كما أبدت بعض الدول العربية رغبتها للانضمام كمراقبين. يترأس اللجنة ضابط برتبة لواء من الجيش الإيطالي ويعاونه فريق مشترك من الجيش اللبناني والدول الأعضاء في اللجنة. تتمثل مهمة اللجنة الأساسية في وضع الخطط اللازمة لتأمين الشروط الضرورية لنجاح مهمة الجيش اللبناني في الجنوب، بما يشمل تطويع عسكريين وتجهيزهم، وتدريبهم قبل إلحاقهم بالوحدات المنتشرة.

خطة العمل ومراحل التنفيذ
تعقد اللجنة اجتماعات شهرية لمتابعة سير العمل، وقد وضعت خطة متكاملة تهدف إلى تطويع ستة آلاف جندي وتدريبهم وتجهيزهم لتعزيز وحدات الجيش المنتشرة في قطاع جنوب الليطاني، بغية أن يصل مجموع عسكرييها إلى حوالي عشرة آلاف عسكري.
تمّ تقسيم الخطّة إلى أربع مراحل مع تحديد عدد العسكريين الذين سيلتحقون في كل مرحلة، والمتطلبات المادية لالتحاق كل دفعة من ناحية التدريب واللوجستية وغيرهما. بدأت المرحلة الأولى بتطويع 1500 عسكري وفق قرار صادر عن مجلس الوزراء. وبعد إجراء الامتحانات والفحوصات الطبية اللازمة، التحقت الدفعة الأولى من الجنود المتمرنين في أوائل كانون الثاني من العام الحالي بمعهد تدريب الأفراد عرمان ومراكز التدريب في الوحدات المنتشرة في القطاع، حيث باشروا التدريب المشترك لمدة شهرين، سيليه تدريب نوعي لشهرين إضافيين، ومن المرتقب أن يلتحقوا بقطعهم جنوبًا في شهر نيسان.

 

لجنة التنسيق ودورها
لضمان نجاح الخطة وتذليل العقبات والصعوبات، تم إنشاء لجنة إشراف وتنسيق برئاسة نائب رئيس الأركان للتخطيط العميد الركن يوسف حداد، تُشرف على مجموعات عمل متخصصة، تشمل: الموارد البشرية، النقل، البنى التحتية، العتاد، العمليات والتدريب، التعاون العسكري المدني، التواصل الاستراتيجي، الأموال، والمتابعة والتقييم، بالإضافة إلى النشاطات المتعلقة بالأعمال الهندسية، الأشغال، اللوجستية المتقدمة وغيرها. تجتمع اللجنة أسبوعيًا لتصويب العمل، وشهريًا مع الدول المانحة لمتابعة النشاطات وعمليات التقييم لتحديد الثغرات.

 

التعاون مع الدول المانحة
عملت اللجنة العسكرية التقنية بالتنسيق مع الدول المانحة لتأمين التمويل اللازم لتطويع العدد المطلوب من العسكريين وتجهيزهم وتدريبهم. وقد تولّت هذه الدول وبعض المنظمات الدولية تطوير معهد تدريب الأفراد في عرمان لتأمين التدريب الأساسي للمتطوعين، ومراكز للتدريب النوعي في السعديات، الصالحية، والزهراني، وذلك بهدف إعداد المتطوعين للالتحاق بالوحدات الأمامية. كما تولّت هذه الجهات تأمين التمويل اللازم لتحقيق عتاد وتجهيزات فردية وإجمالية، وقد تمّ تقسيم هذا التمويل استنادًا إلى حاجات الجيش بما يتلاءم مع أصناف التموين الرئيسية.
يُذكر في هذا السياق، أنّه سبق أن تمّ تخصيص حوالي 200 مليون دولار لدعم الجيش اللبناني في مؤتمر باريس الذي انعقد في 24 تشرين الأول عام 2024، وشارك فيه وزراء خارجية الدول المانحة. وقد أصرّ الرئيس الفرنسي على وجود ممثلين عن الجيش اللبناني، تأكيدًا على ثقة الدول المانحة بالمؤسسة العسكرية. وسيصار لاحقًا إلى تأمين متطلبات التمويل اللازمة في مؤتمرات ومحطات أخرى لاستكمال تنفيذ الخطة.

التحديات
على الرغم من المساعدات المذكورة، تواجه الخطة تحديات كبيرة، أبرزها استمرارية تأمين التمويل اللازم للتطويع، التدريب والتجهيز، مع العلم أنّ الكلفة الإجمالية التقديرية للخطة تبلغ حوالي المليار دولار. ولكن مع تطور الخطة، أبدت بعض الجهات المانحة رغبتها في دعم الجيش اللبناني، وقد تُرجم ذلك برفع سقف التمويل الأوروبي من 40 مليون يورو إلى 80 مليون يورو، ومن المرتقب بدء تسلّم العتاد والتجهيزات اعتبارًا من ربيع 2025.
في ظل التحديات الكبيرة، تسير الخطة وفق الجدول الزمني المحدد، مع تطلعات لتأمين دعم إضافي من الدول المانحة. ويبقى الهدف الأساسي تعزيز قدرات الجيش اللبناني لتنفيذ القرار 1701 لضمان أمن المناطق الجنوبية واستقرارها، في إطار التعاون الدولي المستمر.

اللجنة الخماسية
على الصعيد التنفيذي، وُضعت خطة عمليات تحوّلت، بعد دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيّز التنفيذ، إلى أمر عمليات لتعزيز انتشار الجيش في الجنوب، فتم نشر وحدات إضافية بانتظار البدء بإلحاق دفعات المتطوعين الجدد فور تخرّجهم. وتم تشكيل لجنة خماسية تضم ممثلين عن: الولايات المتحدة، فرنسا، لبنان، الأمم المتحدة، و«إسرائيل»، تعمل بالتنسيق مع اللجنة العسكرية التقنية للإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار ومتابعة تنفيذ القرار الدولي 1701.