مسألة الدولة الفلسطينية في القانون الدولي

مسألة الدولة الفلسطينية في القانون الدولي
إعداد: د. شفيق المصري
أستاذ في القانون الدولي

شهدت فلسطين منذ العام 1922 أربع تجارب قانونية، على الأقل، لتحقيق الدولة الفلسطينية، إلا أن التطورات السياسية الإقليمية والدولية حالت دون إنجاز أي من هذه التجارب. والموضوع، بإطاره القانوني المفروض، يشكّل تحقيقًا لمبدأ تقرير المصير الذي أصبح اليوم من القواعد الآمرة في القانون الدولي. ولكن النظام العالمي السياسي يحاول أن يسخّر النظام العالمي القانوني لمصالحه، وإذا عجز عن ذلك يسعى إلى تغييب هذا النظام المستند أصلاًَ إلى أحكام الشرعية الدولية.

وهنا، يتضح القصد الأكاديمي من هذا البحث، وهو التركيز على معظم الأسس القانونية الدولية التي سبق أن ساهمت في إبراز الدولة الفلسطينية مرات متكرّرة، ثم الوصول إلى الوضع القانوني الراهن لمسألتها على أبواب الأمم المتحدة.

ويمكن إستنادًا لذلك، أن نوزّع هذا البحث على أربعة بنود تمثل المراحل التي شهدت، لغاية الساعة، تجارب تحقيق الدولة وهي:

 

البند الأول: ويغلب عليه الطابع التاريخي - القانوني، وهو الذي يتعلّق ببداية الإنتداب والتجربة الأولى من بوادر الدولة الفلسطينية.

البند الثاني: وفيه تحليل مختصر عن ظروف الإنتداب والأهمية القانونية للقرار 181/1947 الذي رسم الخطوط العامة للدولة الفلسطينية - التجربة الثانية.

البند الثالث: حول تطوّر مسألة الدولة الفلسطينية حتى اليوم، مرورًا بالعام 1988 (إعلان الدولة كتجربة ثالثة).

البند الرابع: حول الوقت الحاضر والمساعي القائمة للإعتراف بالدولة الفلسطينية (التجربة الرابعة) وقبولها في عضوية الأمم المتحدة.

 

البند الأول: التجربة الأولى لتحقيق الدولة الفلسطينية

كان مجلس عصبة الأمم قد كلّف المملكة المتحدة بالإنتداب على فلسطين ومساعدتها من أجل تحقيق إستقلالها عملاً بأحكام نظام الإنتداب، واستنادًا إلى كون فلسطين مصنّفة ضمن الفئة (أ) من هذا النظام[1]. وبذلك كان الهدف الأساسي من الإنتداب تمكين فلسطين والبلدان العربية الأخرى من تحقيق إستقلالها.

وكانت المملكة المتحدة تقوم بوظيفة الدولة المنتدبة بإسم مجلس العصبة وتحت إشرافه بحيث تُضمنُ راحة السكان ويُعجّل في استقلال دولتهم المنتدب عليها.

وكانت هذه المهمة الهادفة تنفّذ، أو يجب أن تنفّذ، وفق متطلبات صك الإنتداب ذاته، ومنها العمل على إصدار عملة وطنية جديدة لفلسطين، وإعتماد علم جديد، وإصدار هويات جديدة، وإصدار دستور فلسطيني أيضًا. وهذه كلها، من عناصر تكوين الدولة وإن كانت واقعة تحت الإنتداب أسوة في ذلك بأوضاع الدول العربية الأخرى.

أما القول بإن وعد بلفور العام 1917 كان العنصر الجديد الذي دخل على صك الإنتداب العائد لفلسطين، وهذا ما جعله مختلفًا عن البلدان العربية الأخرى، فهو نسبيًا صحيح ولكنه لم يمنع قيام دولة فلسطين للأسباب الآتية:

إن وزارة الخارجية البريطانية نفسها أعلنت مرتين، العام 1922 والعام 1939 أن وعد بلفور قضى ببذل المساعي البريطانية للمساعدة في إنشاء وطن قومي يهودي في فلسطين Establishment of a Jewish National Home in Palestine، وهذا الوعد يختلف عن إعادة بناء فلسطين كدولة يهودية This was not the same things as the reconstitution of Palestine as a.Jewish National Home[2] وهذا يعني أن وعد بلفور الذي كُلّفت بريطانيا، كدولة منتدبة، بتعزيز مفاعيله ونتائجه، لم يشمل كل فلسطين، وإنما شمل قسمًا منها فقط. إلاّ أن التطورات المفتعلة من قبل الحركة الصهيونية أدّت إلى ذهاب فلسطين بالتواطؤ، طبعًا، مع بريطانيا والولايات المتحدة. وتنفيذًا لمطالب مجلس عصبة الأمم قامت بريطانيا فعلاً بإصدار العملة الفلسطينية، والعلم الفلسطيني، والجنسية الفلسطينية، وكذلك الدستور الفلسطيني، ذلك بين العامين 1922 و1925. والواقع، أن هذه الإنجازات تعبّر عن ملامح الدولة المستقلة وفق القانون الدولي. ويرى أحد الكتّاب أن عامل الجنسية وحده يؤكد إستقلال الدولة وخاصةً في تصنيف فلسطين آنذاك في الدرجة (أ) من نظام الإنتداب[3].

ثم صدرت معاهدة لوزان 1923 وفيها:

- إعلان زوال الإمبراطورية العثمانية بشكل رسمي وبإعتراف عدد من الدول الأوروبية، وقيام الجمهورية التركية.

- تعهّد تركيا إسقاط كل حقوقها الإقليمية السابقة بما يتعلق بالمناطق التي انفصلت عنها (المادة 16 من المعاهدة).

- إعلان حق الأفراد العثمانيين المقيمين عادة في الأقاليم التي انفصلت عن تركيا في أن يصبحوا حكمًا من مواطني الدولة التي يقيمون فيها بشكل دائم ويخضعون لقوانينها[4]:

المادة 30 من الإتفاقية أو المعاهدة:

«Turkish subjects habitually resident in territory which, in accordance with the provisions of the present treaty, is detached from Turkey will become ipso facto, in the conditions laid down by the local land national of the state to which such territory is transferred»[5]

وبموجب هذه الأحكام في المعاهدة، صدرت بالفعل القوانين المحليَّة التي تنظم مسألة الجنسية في كل منها. وقامت بريطانيا - كما تقدم - بإصدار هذه الجنسية الفلسطينية التابعة للدولة الفلسطينية وتنظيمها.

والواقع أن إتفاقية لوزان حظيت بإعتراف جميع الدول التي قبلتها وهي من الدول الأوروبية الكبرى كبريطانيا وفرنسا وإيطاليا (إلى جانب اليابان) وصربيا ورومانيا واليونان وغيرها. وبالتالي فإن هذه الدول الأوروبية الكبرى إعترفت بالدول العربية الواقعة تحت الإنتداب بما فيها فلسطين، وذلك عطفًا على المادة 30 من معاهدة لوزان كما تقدم.

ويلاحظ بالنسبة لمعاهدة لوزان أن جميع الأقاليم التي انفصلت عن الإمبراطورية العثمانية أصدرت قوانينها المحلية لتنظيم الجنسية العائدة لها. وكذلك الأمر بالنسبة إلى فلسطين التي صدرت قوانينها المحلية بتنظيم جنسيتها وأمورها الأخرى الملازمة للإستقلال والمؤكدة له. وبالتالي فإنها تتساوى لهذه الناحية مع جميع الدول العربية المماثلة لوضعها الدستوري.

هذا مع العلم أن معاهدة لوزان لم تنظر إلى فلسطين كحالة خاصة بسبب وعد بلفور مثلاً. فهي لم تشر إلى صلاحيات الدولة المنتدبة بإعتبارها حالة مؤقتة لا تحول دون الإعتراف بالمنشأة الدستورية لهذه الدول وبحقها في الإستقلال وملحقاته كما أوردت المعاهدة ذاتها.

ومع العلم أيضًا أن صك الإنتداب، الذي صدر بقبول عصبة الأمم، صنّف المستعمرات أو البلدان الواقعة تحت الإنتداب إلى ثلاث فئات. وقد إعترف ضمنًا بتوصيف «الدولة» للفئة (أ) منها. وجاءت المادة السابعة من صك الانتداب تطالب بريطانيا بإصدار قانون لتنظيم الجنسية الفلسطينية. وقد صدر هذا القانون فعلاً كما شرحنا سابقًا[6].

والواقع أن الجنسية الفلسطينية مُنحت لكل الفلسطينيين المقيمين في فلسطين، كما أيضًا لكل اليهود المقيمين بشكل دائم فيها. وقد بقي هؤلاء يحملون الجنسية الفلسطينية حتى العام 1952، أي حتى موعد صدور قانون الجنسية الإسرائيلية. ولكن الفلسطينيين حافظوا على جنسيتهم الفلسطينية ذاتها لأنها لم ُتلغَ مع الإلغاء العملي للإنتداب على فلسطين العام [7]1948.

إلّا  أن الحركة الصهيونية إستدرجت الدولة المنتدبة إلى مخالفة صك الإنتداب ذاته وإلى مخالفة معاهدة لوزان حيث كانت تقوم بسياسات قامعة وجهود مكثفة من أجل تهويد فلسطين ديموغرافيًا وفعليًا de facto، ولا سيما في عهد المفوَّض السامي البريطاني اليهودي الأصل، السيد صموئيل H. Samuel

والواقع أن اليهود أرادوا، من خلال إعتماد بريطانيا دولة منتدبة، تعزيز وعد بلفور وتوفير الغطاء الرسمي الدولي له، وقد نجحت المنظمة الصهيونية في توفير المظلة البريطانية لتحركها على الصعيد الدولي. وهذا ما إعترف به السيد وايزمن نفسه في رسالة إلى رئيس الوزراء البريطاني[8].

وبذلك كانت السياسة البريطانية في فلسطين قد ارتكبت مخالفات عديدة وفاضحة لصك الإنتداب من جهة، ولمعاهدة لوزان من جهة ثانية. وهي، بسبب ذلك، مسؤولة أمام القانون الدولي.

غير أن تفاقم الأوضاع في فلسطين، ولا سيما خلال الأربعينيات من القرن الماضي، وتراكم التجاوزات العنيفة - الدموية التي كانت العصابات العسكرية الصهيونية ترتكبها، دفعت بريطانيا نفسها إلى الإعتراف بتقصيرها والوقوف عاجزة عن تدارك هذه الأوضاع الدموية وتصويب مسارها. وكانت هيئة الأمم المتحدة آنذاك قد أعلنت عن طريق الجمعية العامة، قرارين: الأول حول تقسيم فلسطين وهو القرار 181/1947، والثاني عن حق الفلسطينيين في العودة إلى بيوتهم وهو القرار 194/1948.

أما على أرض الواقع فقد قامت بريطانيا بمغادرة فلسطين من دون أن تعلم الأمم المتحدة بذلك، ما رتّب عليها مسؤولية دولية أيضًا. وكانت المنظمة الصهيونية، بقيادة بن غوريون جاهزة لملء الفراغ وإعلان دولة إسرائيل في 14/5/[9]1948 كدولة مستقلة وريثة للإنتداب البريطاني من جهة، وكدولة مستقلَّة لها سيادتها الوطنية من جهة ثانية.

 

البند الثاني: التجربة الثانية لتحقيق الدولة الفلسطينية

الواقع أن هذه المرحلة تتمحور حول قرارين إتخذتهما الجمعية العامة للأمم المتحدة:

- القرار 181/1947 الذي قضى بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية ووضع القدس تحت إدارة دولية.

- والقرار 194/1948 الذي قضى بعودة الفلسطينيين اللاجئين إلى بيوتهم.

تجدر بالإشارة هنا أهمية القرار 181 الذي لم توافق الدول العربية عليه آنذاك لإنها كانت تأمل في نجاحها في حرب فلسطين 1948 إلاّ أن أهميته تتمثَّل بأنه كان المستند الدولي الأساسي الذي اعتمدته إسرائيل كمرجع دولي لا يجوز التراجع عنه ولا تبديله وذلك عندما أعلن بن غوريون استقلالها العام 1948. وكانت السلطات البريطانية المنتدبة قد سهّلت السيطرة اليهودية على مقدَّرات البلاد بعد حرب فلسطين من خلال عدم التصدي لعصابات الهاغانا في تقدّمها[10] والمعروف هنا أن القرار 181 فرض وجود دولة عربية في فلسطين ذات حدود واضحة وبموجب خرائط تفصيلية أرفقت بهذا القرار. وبذلك تكون إسرائيل الدولة الأولى في العالم التي إعترفت بإنشاء الدولة الفلسطينية في فلسطين.

والمعروف أيضًا أن القرار 181 تضمَّن وجود دولة فلسطينية ذات حدود معترف بها دوليًا ومسبقًا، وبذلك تكون الحدود الدولية الفاصلة بين إسرائيل والدولة الفلسطينية قد أقرّت بشكل واضح منذ صدورهذا القرار الذي إعتمدته إسرائيل مرجعًا دوليًا للإعتراف بشرعية قيامها العام 1948. ويشار هنا إلى أن الدولة الفلسطينية التي رسمت في القرار 181 أكبر بكثير من حدود 1967 التي تطالب بها السلطة الفلسطينية اليوم[11].

وبذلك يسقط الإدعاء الإسرائيلي الذي يقول إن القرار 181 غير ملزم لأنه صدر عن الجمعية العامة وليس عن مجلس الأمن وذلك بعد أن اعتمدته إسرائيل أساسًا مرجعيًا لتشريع وجودها منذ العام 1948.

فإعلان الإستقلال الإسرائيلي يشير إلى:

- أن الدولة الإسرائيلية مفتوحة لقدوم اليهود من الخارج وذلك تحت شعار «ingathering of exiles» أي جمع شتات المنافي.

- أن القرار 181 لا يجوز تعديله ولا تبديله بإعتباره قرارًا دوليًا[12].

أما بالنسبة إلى القرار 194/1948 فقد ركّز على حق الإنسان - الشعب وليس على حق اللاجئ - الفرد الفلسطيني وحسب. وأكد وجوب عودة جميع اللاجئيين الفلسطينيين إلى بيوتهم «to their homes» وليس إلى ديارهم أو بلدهم، ذلك لأن كلمة «بيوتهم» أكثر دقةً وتحديدًا.

ومع أن هذا القرار أكَّد حق العودة فإنه لحظ إمكان دفع التعويض لمن يختار عدم العودة، والتعويض أيضًا عن الأضرار التي حصلت بممتلكاته إذا قرّر العودة إلى بلده. ولذلك نرى ما يُشاع عادة أن القرار 194 لحظ العودة أو التعويض، وأن العودة صعبة لذلك يجب التركيز على التعويض وإنهاء هذا الموضوع. ولا بدَّ هنا من تصويب هذا القول لأن حق العودة أصبح، منذ العام 1969، من الحقوق غير القابلة للتصرُّف، أي أن أحدًا لا يستطيع أن يتصرَّف به حتى ولو كان ممثّلاً بالقيادة الفلسطينية نفسها. وحق العودة مرتبط، قانونًا وواقعيًا، في تقرير المصير ولا يستطيع الشعب أن يقرّر مصيره إلا إذا كان مقيمًا على أرضه بشكلٍ دائمٍ. فهذا الحق في تقرير المصير لا يتوقَّف عند نيل الإستقلال فحسب. إنه في الواقع متواصل لأن الشعب يقرّر مصيره ثم يسعى إلى العمل على إنماء دولته ومجتمعه. وهذا ما أكّدته المادة الأولى – الفقرة أ المشتركة من شرعة حقوق الإنسان في الحقوق السياسية والمدنية والإقتصادية والثقافية والإجتماعية أيضًا الصادرتين العام 1966: «لجميع الشعوب حق تقرير مصيرها بنفسها، وهي تملك هذا الحق حرَّة في تقرير مركزها السياسي، وحرة في السعي لتحقيق إنمائها الإقتصادي والإجتماعي والثقافي[13].

وإستنادًا إلى ما تقدم يعتبر الحق في تقرير المصير من القواعد الآمرة في القانون الدولي ولا يتجسَّد عمليًا على الأرض إذا لم يكن الشعب مقيمًا بشكل دائم على إقليمه المنوي إنماؤه. وإذا لم يكن كذلك فإن نصف الشعب الفلسطيني يمكن أن يقرّر مصيره على إقليمه والنصف الآخر منه، في الدياسبورا، يُحرم من هذا الحق، الأمر الذي يحظّره القانون الدولي.

ولا تستطيع إسرائيل أن تتنكّر لهذين القرارين بعد أن اعترفت بهما مرتين: الأولى العام 1948 عند إعلان إستقلالها، والثانية العام 1949 مع قبول طلبها الإنضمام إلى الأمم المتحدة. فالجمعية العامة، بعد أن أوصى مجلس الأمن بقبول إسرائيل في هيئة الأمم المتحدة لأنها دولة محبة للسلام peace loving state [14]، كانت قد اشترطت، لهذا القبول، أن تتعهّد إسرائيل بالعمل على تنفيذ القرارين 181 و194. وقد قبلت إسرائيل فعلاً هذا الشرط وكتبت التعهُّد المطلوب. وإثر ذلك صدر القرار 273 في 11/5/1949 عن الجمعية العامة بقبول إسرائيل عضوًا في الأمم المتحدة، وفيه إشارة إلى هذا التعهُّد[15].

ولكن إسرائيل، مدعومةً من الإدارات الأميركية المتعاقبة، كانت وما تزال تستغل أي فرصة ممكنة للتنكّر لهذه الإلتزامات.

 

البند الثالث: التجربة الثالثة لتحقيق الدولة الفلسطينية

تتمحور هذه التجربة الثالثة حول إعلان الدولة الفلسطينية العام 1988 وتداعياتها المختلفة. فقد أعلن الرئيس الراحل ياسر عرفات في 15/11/1988، بإسم المجلس الوطني الفلسطيني الذي عقد في الجزائر، «قيام دولة فلسطين فوق أرضنا الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف». وأشار، في سياق هذا الإعلان إلى أن القرار 181/1947 «ما زال يوفّر شروطًا للشرعية الدولية تضمن حق الشعب العربي الفلسطيني في السيادة والإستقلال الوطني»[16]. وكان لهذا الإعلان تداعيات كثيرة، منها:

إن الجمعية العامة للأمم المتحدة إعترفت acknowledged بإعلان الدولة الفلسطينية العام 1988 وعطفت في قرار إعترافها الرقم 43/177 في 15/12/1988 على القرار 181/1947 وذكرت أن هذا القرار 181 قضى بـ«إقامة دولة عربية ودولة يهودية في فلسطين». وأضافت أنها وإذ تدرك قيام قرار المجلس الوطني الفلسطيني بإعلان دولة فلسطين تماشيًا مع قرار الجمعية 181 وممارسة لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف»[17]. وقد بلغ هذا الإعتراف من الأهمية ما دفع أكثر من مئة دولة آنذاك (في الواقع 108 دول) إلى الإعتراف بالدولة الفلسطينية والإعراب عن الإستعداد للتعامل معها. وقد أنشأ بعضها بالفعل علاقات ديبلوماسية معها.

ونتيجة للقرار ذاته وإستكمالاً لأبعاده القانونية قرَّرت الجمعية في الجلسة ذاتها أي بموجب القرار 43/177 في 15/12/1988 الآتي:

-أن تؤكد الحاجة إلى تمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة سيادته على أرضه المحتلة منذ العام 1967.

-إستعمال إسم «فلسطين» إعتبارًا من 15/12/1988 بدلاً من منظمة التحرير الفلسطينية في منظومة الأمم المتحدة[18].

إلاّ أن القيادة الفلسطينية آنذاك لم تُحسن توظيف هذه الإعترافات بما يثبِّت الوضع الدستوري للدولة الفلسطينية المستقلة. ثم استعاضت عن ذلك بسلوك طريق المفاوضات مع إسرائيل كمنظمة تحرير فلسطينية وفق صيغة مدريد 1991 آنذاك. وتوصَّلت في مفاوضاتها المعلنة والسرية في أوسلو - النروج إلى إتفاق أوسلو العام 1993، الذي لم يُشر إطلاقًا إلى «الدولة الفلسطينية» ولا حتى إلى حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ولكنه ذكر صلاحيات السلطة الإنتقالية المؤقتة فحسب. وأمعن بتضييع ملامح الدولة الفلسطنية عندما قرّر أن مبدأ التفاوض في هذه القضايا (وهي القضايا المصيرية على كل حال) ستناقش وقد يُتَّفق عليها في مفاوضات الوضع النهائي لفلسطين. وهذه المفاوضات لم تعقد لغاية الآن أي بعد مرور حوالى عشرين سنة من الوعد بها. وتراوح هذه القضايا المصيرية بين حدود الدولة ومسألة المستوطنات واللاجئين والمياه وغيرها[19].

إلاّ أن الأمر المباشر لاتفاق أوسلو كان في إغفال ذكر الإعترافات التي كسبتها الدولة الفلسطينية من الدول الأخرى. ولذلك، هي لم تُستجَب لأن القانون الدولي (في معاهدة مونتيفيديو 1933) يعتبر أن الإعتراف بالدول يجب أن يكون غيرمشروطٍ unconditional، وغير قابل للتراجع irrevocable. وهذا الإغفال يعني إنها سقطت عمليًا بعد أن أغفلتها الجهة المعنية بها، أي القيادة الفلسطينية. وكان يقتضي، حيال ذلك كله، أن يُصار إلى إعادة إحياء هذه الإعترافات لأنها تشكل، بالفعل، الأداة الكافية لإعلان الدولة وليس لإنضمامها إلى الأمم المتحدة، شرطًا مسبقًا لقيامها في الإطار الدستوري ولا في إعتبارها عضوًا فاعلاً في المجتمع الدولي من دون أن تعترف بها الدول الأخرى وتتعامل معها. وهناك دول عديدة تأخّر إنضمامها إلى الأمم المتحدة من دون أن يؤثّر ذلك على كونها دولاً مستقلة وفاعلة في المجتمع الدولي[20].

 

البند الرابع: التجربة الرابعة لتحقيق الدولة الفلسطينية

سنركّز في هذا البند على التطورات الأخيرة المرافقة لمسألة الدولة الفلسطينية وإمكان قبولها في الأمم المتحدة. ولعل من المناسب، في هذا المجال، أن نستعرض المكاسب التي سبق للقانون الدولي أن أقرّها لمصلحة هذه القضية وهي بالتالي تشكل نقاط انطلاق لا يجوز التخلي عنها ولا التفاوض بصددها، ومنها:

- تأكيد الوضع القانوني للمناطق الفلسطينية المحتلة العام 1967 بما فيها القدس الشرقية. هذا التوصيف جرى تأكيده في قرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية أيضًا (من خلال رأيها الإستشاري حول الجدار العازل). فالواقع إن هذا التوصيف - «الأراضي المحتلة» - يستتبع حكمًا تطبيق إتفاقيات جنيف ولا سيما الإتفاقية الرابعة عليها: أي حماية المدنيين الواقعين تحت الاحتلال.

- تأكيد التعهّد الخطي المحفوظ لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي قدّمته إسرائيل للإلتزام دعم القرارين 181/1947 و194/1948 - المتعلقين بوجود الدولة الفلسطينية وعودة اللاجئين - وتنفيذهما، والواقع أن الجمعية ذاتها أقدمت العام 1982 (بموجب القرار 37/123) على إدانة إسرائيل وطالبت بعزلها عن الأمم المتحدة لأنها لم تلتزم تعهدها الامتثال للقرارين المذكورين[21].

- تأكيد حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى بيوتهم ثم تأكيد ربط هذا الحق بالحق في تقرير المصير[22] الذي هو، وفق الإجتهاد الدولي، من جملة القواعد الآمرة في القانون الدولي، الملزمة بذاتها والضامنة تحقيق مبدأ تقرير المصير في كل الظروف.

- تأكيد «إعلان الدولة الفلسطينية» العام 1988 لأنه أرسى، فعلاً وقانونًا، أسس الدولة المستقلة، وحصل بالتالي على كل هذه الإعترافات بها - حوالى 108 – ثم العمل على إعادة إحياء هذه الإعترافات لأنها غير قابلة للشروط وغير قابلة للتراجع في آن.

- العمل على توظيف المكاسب السابقة للقضية الفلسطينية وتثميرها في الجمعية العامة وبواسطتها. وهذه المكاسب أرست، قانونيًا، الحقوق الداعمة لإنشاء الدولة الفلسطينية. ومن هذه المكاسب على سبيل المثال لا الحصر:

أ - قرار الجمعية العامة الرقم 3262 تاريخ 1974، الذي أكد الحقوق الفلسطينية غير القابلة للتصرّف ومنها: حق الإستقلال المبني على تقرير المصير، وحق تقرير المصير، وحق العيش بسلام فضلاً عن حق العودة.

ب - قرار الجمعية الرقم 3070 تاريخ 1973 الذي شرّع نضال الشعوب للتحرُّر من السيطرة والإستعباد بجميع الوسائل الممكنة بما فيها الحق في الكفاح المسلح Armed Struggle.

ج - قرار الجمعية الرقم 3336 تاريخ 1974 القاضي بتأكيد مبدأ سيادة سكان الأقاليم المحتلَّة على ثروتهم ومواردهم القومية، وبإدانة إسرائيل على قيامها بإستغلال هذه الثروات والموارد.

د - قرار الجمعية الرقم 3237 تاريخ 22/11/1974 الذي دعا منظمة التحرير الفلسطينية إلى الإشتراك في دورات كل المؤتمرات الدولية التي تعقد برعاية الجمعية العامة، وفي أعمالها بصفة مراقب، وفي أعمال كل المؤتمرات الدولية التي تعقد برعاية هيئات الأمم المتحدة الأخرى.

هـ - هذا طبعًا بالإضافة إلى قرار الجمعية 43/177 العام 1988 والذي اعترف بإعلان دولة فلسطين المستقلة، وقد تقدَّم شرحه.

والواقع أن بعض هذه المكاسب قد غيبته أو أهملته الدبلوماسية الفلسطينية تحديدًا والعربية عمومًا ولا سيما بعد اتفاق أوسلو 1933 وتداعياته. إلا أن هذه المكاسب التي تم تحصيلها في الجمعية العامة وما تمثل من الرأي العام الدولي جديرة بأن يُعاد إحياؤها أو التأكيد على مضمونها على الأقل.

ويجدر بالإشارة هنا، أن هذه المكاسب مدعومة بشكل عام من قبل القانون الدولي. ومع أن بعضها غير محصور بالمسألة الفلسطينية، فإن هذه المسألة تستفيد منها حكمًَا بالإستناد إلى التطوّرات الحديثة للقانون الدولي ولا سيما لجهة حقوق الإنسان والمساواة المطلقة بين الشعوب.

يمكن أن نستعرض بداية هذه المرحلة، في التجربة الرابعة، مع مطلع هذا القرن الحادي والعشرين. فقد شهدت هذه التجربة ثلاث محاولات بشأن المسألة الفلسطينية من زاوية العلاقات الدولية والقانون الدولي معًا، وهي:

 

أ - القمة العربية التي عقدت في بيروت العام 2002 وكانت قد اتخذت قرارات حاسمة بالنسبة إلى المسألة الفلسطينية تتلخّص بقبول الدول العربية الإعتراف بإسرائيل إذا إنسحبت من كل الأراضي العربية المحتلة العام 1967، وإذا إعتمدت القرار 194/1948 الضامن للاجئين. ويبدو أن الذين حضروا تلك القمة يعتقدون أن حق اللاجئين بالعودة هو إذا أصرُّوا عليها أما إذا رفضوها فإن حقهم يصبح بمنزلة التعويض. وهذا الموضوع قد سبقت الإشارة إلى إستحالته كما تقدم.

 

ب - القرار 1396 الذي صدر عن مجلس الأمن العام 2002، والذي أشار إلى «رؤية الدولتين: إسرائيل والدولة الفلسطينية». وقد حاولت الدوائر الغربية ترويج هذا القرار وتشكيل اللجنة الرباعية على أساسه، علمًا أن القرار 1396 لم يشر إلى رؤية الدولتين ضمن فقراته الحكمية وإنما أشار إليها في سياق حيثياته وحسب، وأن القرار 181/1947 كان أكثر وضوحًا ودقة وتحديدًا كما تقدَّم. وهو، أي القرار 181، لم يُشر إلى مجرد تسمية أو رؤية وإنما ذكر الحدود بين الدولتين وكان في أساس إعلان دولة إسرائيل وإعتراف الجمعية العامة بإعلان دولة فلسطين. وهنا لا بد من التذكير أن إسرائيل كانت الدولة الأولى التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، وذلك من خلال قبولها بدعم القرارين 181 و194 وتنفيذهما كما تقدّم.

 

ج - اللجنة الرباعية للعام 2002 من أجل التعجيل بالتوصُّل إلى مفاوضات الوضع النهائي وفق «خريطة طريق» ممرحلة ومدروسة، إلا أن هذه اللجنة لم تستطع أن تحقّق أي إنجاز على هذا المستوى بسبب التعنّت الإسرائيلي والتملّص من استحقاق الوضع النهائي الموعود.

ومع ذلك فإن مجلس الأمن أعلن في 11/5/2009 بيانًا رئاسيًا حضَ فيه على القيام بعملٍ ديبلوماسيٍ مكثَّف وسريع للتوصّل إلى تسوية شاملة على أساس دولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبًا إلى جنب بسلام وأمان. وشجّع المجلس اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط (وفيها ممثلون عن الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا) على مواصلة جهودها من أجل تشجيع السلام الشامل في الشرق الأوسط.

والواقع أن كل هذه المساعي لم تُسفر عن نتائج إيجابية لأنها واجهت تحديَّات صعبة من قبل إسرائيل وظروف الانقسامات الدولية والإقليمية والفلسطينية – الفلسطينية أيضًا.

ويجدر بالإشارة، في هذا المجال، أن هذه المساعي الثنائية والدولية تخالف القانون الدولي لأن نشأة الدول لا يمكن أن تخضع لشروط تعاقدية.

وقد استقر القانون الدولي، بعد أن استغنى عن النظرية المنشئة للإعتراف constitutive، على أن الشعب يحقّق تقرير مصيره بنفسه. ويحق له بالتالي الدفاع عن الدولة التي يختارها سواء حصل على اعتراف الدول الأخرى بدولته أم لا[23].

إلا أن إعتراف الدول الأخرى ليس شرطًا لتحقيق إستقلال الدولة ذاتها وإنما يأتي بمنزلة إعلان الرغبة الدولية بالتعاطي معها.

وبذلك يصبح إصرار إسرائيل وكذلك الولايات المتحدة على ضرورة التفاوض المسبق من أجل إقرار الدولة الفلسطينية أمرًا مخالفًا للقانون الدولي[24]ومناقضًا أيضًا للتعهد الإسرائيلي في تنفيذ القرار 181 كما تقدّم.

أما على المستوى الإجرائي فقد تقدّم رئيس السلطة الفلسطينية من مجلس الأمن في 23/9/2011 بطلب الإنضمام إلى المنظمة الدولية. والواقع أن الإنضمام إلى المنظمة يتمّ، عادة، برفع الطلب إلى الأمين العام الذي يتأكد، تقنيًا من إستيفائه الشروط المطلوبة حسب الميثاق، ثم يرفعه إلى مجلس الأمن. وبذلك فإن طلب إنضمام الدول يتم، قانونًا، بتوصية ملزمة من المجلس إلى الجمعية العامة، وفيها تأكيد المجلس أن الدولة «محبة للسلام» وأنها ملتزمة موجبات الميثاق، وأنها مستوفية بالتالي الشروط الأخرى الواردة في المادة الرابعة من الميثاق. وتصدر هذه التوصية الملزمة بأكثرية تسعة أصوات من أصل خمسة عشر صوتًا بما فيها موافقة دول الفيتو. ولكن الواقع أن هذه السلطة كانت ستواجَه بالرفض المتوقّع إما لأنها لا تستوفي - بعد تضييع الإعترافات الدولية بها - صفة الدولة، أو لأن أكثرية 9 من 15 لم تكن مضمونة تمامًا، أو لأن الولايات المتحدة ستفرض الفيتو على مشروع القرار. ولهذه الأسباب، إضطرت السلطة ـ وإن متأخرة - إلى سحب هذا الطلب من مجلس الأمن والتوجّه من ثم إلى الجمعية العامة وذلك في أيلول/ سبتمبر من العام 2012. وفي هذا الطلب الجديد تأمل السلطة موافقة الجمعية العامة على قبولها «دولة غير عضو في الأمم المتحدة» بصفة مراقب Considering Palestine as a non member of the U.N.

والواقع أن هذا البحث حاول أن يؤكّد توصيف «الدولة» لفلسطين بموجب القانون الدولي. كما حاول أن يؤكّد أيضًا المكاسب الأخرى التي وفَّرتها الجمعية العامة لفلسطين بما في ذلك إعترافها بإعلان إستقلال الدولة الفلسطينية ومنحها صفة «المراقب» أيضًا. أما إذا ورد هذا التوصيف أي «دولة فلسطين» في قرار جديد فإنه لا يرتقي إلى المستوى القانوني المطلوب إلا إذا سعت السلطة الفلسطينية إلى إعادة إحياء وتفعيل الإعترافات الدولية التي تسيّرها بعد العام 1988. علمًا أن صفة «مراقب» قد تحققّت منذ العام 1988 ذاته. فالمهم، لدى السلطة الفلسطينية اليوم هو إعتراف الجمعية العامة بتوصيف «الدولة» وإن كانت خارج الأمم المتحدة، ذلك لأن هذا الإعتراف يخوّل فلسطين - الدولة ممارسة حقوقها السياسية والقضائية أيضًا ضد إسرائيل.

غير أن الطلب الذي قدّمته السلطة الفلسطينية إلى الجمعية العامة يواجه تحدّيات عديدة منها:

- إن هذا الإعتراف المطلوب لا يستند إلى المرجعية القانونية التي تدعمها، عادةً، إعترافات ثنائية قائمة بهذه «الدولة». وقد ذكرنا أن الإعترافات حصلت منذ العام 1988 ولكنها طُرحت جانبًا من دون أي تفاعل ولا تفعيل بسبب إلتزامات أخرى فلسطينية مع إسرائيل.

- إن توصيف «الدولة» بصيغته المنشئة لا يعود إلى الجمعية العامة لكي تقرّره. فالمادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة تنص على أن مجلس الأمن يرفع الطلب، إذا وافق عليه، مع توصية إلى الجمعية العامة بقبوله. وهذه التوصية ملزمة وبالتالي فإن هذه الجمعية لا تبادر قانونًا إلى هذا التوصيف، مع أنها تستطيع أن تعترف – كما فعلت العام 1988 بإعلان هذه الدولة ويبقى على الدول الأخرى أن تثبت هذا الإعتراف لكي يصبح حقيقة واقعة في إطار العلاقات الدولية.

- إن الإدارة الأميركية الجديدة أعلنت مباشرة أن الطلب الفلسطيني لن يلاقي قبولاً في توصيف الدولة مع أن صفة المراقب قد حصلت عليها السلطة الفلسطينية كما قلنا. والمقعد المحجوز الآن هو لـ«فلسطين».

- إن إسرائيل هدّدت بشكلٍ سافرٍ أنه إذا وافقت الجمعية العامة على رفع صفة فلسطين إلى دولة فإنها، أي إسرائيل، تعتبر ذلك الأمر مخالفة صريحة لإتفاق أوسلو ولتعهّد السلطة الفلسطينية. ولذلك فهي ستلغي إتفاق أوسلو من جانبٍ واحد، وستعيد احتلال غزة، وتقطع العائدات الضريبية المستحقَّة للسلطة وتمنح إجازات العمل للفلسطينيين المقيمين في إسرائيل[25].

- إن بعض الدول الغربية الأخرى (في الإتحاد الأوروبي مثلاً) سيقوم بتحفظ صريح على مجريات هذا الطلب. وقد يواجهون الموافقة عليه بإعتراضات دبلوماسية وربما بإجراءات إقتصادية فضلاً عن التحفظات القانونية.

- أما الدول العربية فقد سبق أن إعتبرت فلسطين دولة مستقلة وعضوًا كامل العضوية في جامعة الدول العربية. ويبقى السؤال المطروح الآن حول مدى إندفاع الدول العربية لتحقيق هذا الهدف للفلسطينيين.

وفي الختام كان من المنتظر أن يلاقي هذا الطلب الفلسطيني قبولاً إيجابيًا من الجمعية العامة طالما أن الدول التي اعترفت، بعد العام 1988، بالدولة الفلسطينية تجاوزت المئة. وبالفعل حظي هذا الطلب بقبول الجمعية العامة وبأكثرية ملحوظة (حوالى 130 دولة).

وفي هذه الحالة ستقوم الدولة الفلسطينية بإعادة إحياء هذه الإعترافات السابقة وسيحق لها بعد هذه الموافقة، إستخدام الحقوق التي تخوّلها لها أحكام القانون الدولي بما في ذلك مقاضاة إسرائيل أمام المرجعيات الدولية وإن كان هذا الحق مرتبطًا بشروط مسبقة عديدة. علمًا أن الإحتلال لا يضير كون هذه الدولة مستقلّة مبدئيًا. كما أن السيادة الوطنية للدولة تبقى مبدئيًا للشعب المقيم ولا يمكن أن تنتقل إلى القوة القائمة بالإحتلال[26]وبالتالي فإن هذه الدولة تستطيع أن تقوم بعلاقاتها الخارجية كما تشاء. كما أنها تستطيع مبدئيًا أن تقدِّم طلبات الإنضمام إلى الوكالات الدولية المتخصصة الأخرى.

 


[1]-    J. Quingley, «The Statehood of Palestine», p. 77.

 

[2]-    »The Origins and Evolution of the Palestine Problem», pp. 27-28

 

[3]-Quingley, op cit, p.54

 

[4]-     يلاحظ هنا أن المادة 30 أشارت صراحة إلى «مواطني الدولة» STATE التي يقيم في إقليمها هؤلاء وهذا ينطبق أيضًا على فلسطين.

 

[5]-     راجع إتفاقية لوزان بكاملها في:

«The Treaties of Peace 1919-1923», vol 11, Carnegie Endovement for International Peace, N.Y., 1924

 

[6]-     أما فئة ب و ج من الدول المنتدب عليها فلم يطالب صك الإنتداب بأي تشريع حول منحها الجنسية لمواطنيها. أنظر Quingley ص 71-75.

 

[7]-     Ibid p 127-128

 

[8]-     وقد جاء في هذه الرسالة بتوقيع وايزمن:

«It was sir MARLE SYHES… who guided our world into more official channels... if it had not been for the council of men like Syhes, we, with our inexperience in delicate diplomatic negotiations would undoubtley have committed many dangerous blunders»

See, «Origins and Evolution», op cit p. 11

[9]-     التفاصيل في The Origins and Evolution», Ibid p: 36-39»

 

[10]-    حرب فلسطين (مترجمة عن العبرية) راجع الصفحات: 206 و210 و420 و494 و503 و567.

 

[11]-    إشارة إلى أن الطلب المقدم للإعتراف بالدولة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة حدّد هذه الدولة بحدود 1967.

 

[12]-    راجع التفاصيل في : حرب فلسطين ص 210-211.

 

[13]-    النص بكامله في: صكوك دولية ص 19

 

[14]-    راجع المادة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة

 

[15]-    القرار بكامله في: قرارات الأمم المتحدة بشأن فلسطين ج 1 ص21

 

[16]-    كانت هذه الإشارة قد وردت ضمن حيثيات إعلان الإستقلال.

 

[17]-    راجع القرار رقم 43/177 في 15/12/1988.

 

[18]-    Ibid

 

[19]-    راجع في إتفاق أوسلو المادة الخامسة المتعلقة بمفاوضات الوضع النهائي.

 

[20]-    سويسرا مثلاً عضو فاعل في الكثير من الوكالات المتخصصة وهي تستضيف عددًا منهم. ولكنها لم تنضم إلى عضوية الأمم المتحدة حتى العام 2002.

 

[21]-    أنظر القرار بكامله في : القرارت الدولية، مرجع سابق، ج3 ص 3-5.

 

[22]-    أنظر بحثنا في مجلة «الأبحاث» الجامعة الأميركية السنة 45-1997 بعنوان حق تقرير المصير في تطوره القانوني.

 

[23]-    أنظر بحثنا في مجلة «الأبحاث» الجامعة الأميركية السنة 45-997 بعنوان حق تقرير المصير في تطوره القانوني.

 

[24]-    راجع معاهدة مونتيفيديو للعام 1933 حول حقوق الدول وواجباتها ولا سيما المادتين الأولى والسادسة منها.

 

[25]-    التهديد الاسرائيلي صدر في 13/11/2012 على لسان السيد ليبرمان وزير الخارجية الاسرائيلي.

 

[26]-    راجع حول هذا الموضوع: Ian Brocomlie, «Principles of International Land», pp. 291 – 292 and pp.595 – 598

 

The Issue of the Palestinian State in International law

 

Palestine has witnessed at least 4 legal attempts to attain statehood since 1922. However, political, regional and international developments have impeded the success of any of those attempts. The legal framework of this issue constitutes a challenge to the principle of self-determination which has become nowadays one of the superior rules in international law. Nevertheless, the political world system is trying to make use of the international legal system to its advantage. In case of any failure the political system will endeavor to conceal the legal system which is originally based on the rule of the International law.
Based on these points we deduce that the academic objective of this research is to concentrate on most of the international legal grounds which previously contributed to bring into view the Palestinian State for many repeated times and paved the way afterwards toward reaching the current status of the Palestinian state before the United Nations.
In light of this, we can divide the search into four clauses representing the stages which witnessed, until this day the attempts to attain statehood:
The first clause is dominated by the historic – legal aspect and it is related to the mandate and to the first attempt of the Palestinian State’s precursors.
The second clause includes a brief analysis of the mandate’s conditions and the legal importance of the decision 181/1947 which drew the general guidelines of the Palestinian State – the second attempt.
The third clause tackles the development of the Palestinian State’s issue until this day passing by the third attempt to attain statehood in 1988.
The fourth clause tackles the current situation and the ongoing efforts which are exerted to attain recognition (fourth attempt).

La question de l’Etat Palestinien dans la loi internationale

 

Depuis 1922, la Palestine a connu au moins, quatre tentatives juridiques pour réaliser l’Etat Palestinien. Or les développements politiques régionaux et internationaux ont empêché l’accomplissement de ces tentatives. La question, dans son contexte juridique imposé, constitue une réalisation du principe de l’autodétermination qui est devenu aujourd’hui une des règles déterminantes dans la loi internationale. Mais le système politique mondial essaie d’asservir le système mondial légal, et s’il ne réussit pas à le faire, il œuvre à faire absenter ce système qui est basé à l’origine sur les dispositions de la légitimité internationale.
C’est ici qu’apparaît l’objectif académique de cette recherche, la concentration sur la plupart des bases juridiques internationales qui ont contribué auparavant à la présentation de l’Etat palestinien pour maintes fois, pour arriver à la situation juridique actuelle de la question de l’Etat palestinien aux Nations Unies.
En se basant sur cette idée, il est possible de répartir cette recherche en quatre clauses représentant les phases qui ont témoigné jusqu’à maintenant, de vraies tentatives pour la réalisation de l’Etat, et qui sont:
La première clause à aspect historique – juridique, et qui concerne le mandat et la première expérience de l’apparition de l’Etat palestinien.
La deuxième clause évoque une analyse brève des circonstances du mandat et de l’importance juridique de la résolution 1947/181 qui a dressé les traits généraux de l’Etat palestinien – la deuxième tentative.
La troisième clause concernant le développement de l’affaire de l’Etat palestinien jusqu’aujourd’hui, passant en 1988 par la déclaration de l’Etat comme la troisième tentative.
La quatrième clause concernant la phase actuelle et les efforts consentis pour reconnaître l’Etat palestinien (la quatrième tentative).