إقتصاد و مال

مشروع ضمان الشيخوخة بانتظار اقراره في مجلس النواب
إعداد: تريز منصور
تصوير الرقيب المجند ضياء جعفر

ضمان الشيخوخة، حلم راود اللبنانيين طويلاً، فأصبح اليوم واقعاً ملموساً. فلقد أقرّ مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 19/12/2004 مشروع قانون انشاء نظام للتقاعد والحماية الاجتماعية (ضمان الشيخوخة)، وذلك بعد دمج مجموعة مشاريع كانت قد أعدّت لهذه الغاية، واجراء بعض التعديلات عليها، استناداً الى الملاحظات التي تمّ طرحها خلال مناقشة المشروع. وان المشروع هو اليوم في مجلس النواب لدرسه واقراره.
تكمن أهمية هذا المشروع في الاستقرار النفسي والسلام الاجتماعي الذي يؤمنه للعامل وللأجير، من خلال المعاش التقاعدي والخدمات الطبية والاستشفائية، في حين أن تعويض نهاية الخدمة فيها يفقده صاحبه بسرعة.
مجلة «الجيش» التقت رئيس مجلس ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي الدكتور موريس أبو ناضر، وأجرت معه الحوار التالي حول نظام التقاعد والحماية الاجتماعية.


قانون عصري يوفر الاستقرار والسلام الاجتماعي ويساعد المتقاعد على العيش بكرامة

أهمية المشروع

▪ بعد سنوات طويلة، أقرّ مجلس الوزراء مشروع قانون انشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية، أين تكمن أهمية هذا النظام بالنسبة الى الموظفين والضمان على حد سواء؟
- بعد نحو أربعين عاماً، طبق خلالها نظام تعويض نهاية الخدمة وتخللتها محاولات من قبل ادارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي والحكومات المتعاقبة لإعداد مشاريع للتقاعد بدلاً من التعويض، أصدر مجلس الوزراء القرار رقم 5 في جلسته المنعقدة بين 21 و29/10/2003 بتكليف اللجنة الوزارية المختصة دراسة تطبيق مشروع التقاعد والحماية الاجتماعية.
كما أصدر وزير العمل القرار 163/1 تاريخ 12/12/2003 بتشكيل لجنة مشتركة برئاسته، يتمثل فيها بالاضافة الى وزارة العمل والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وبعض الاختصاصيين، أصحاب العمل والعمال لدراسة مشروع للتقاعد والعجز والحماية الاجتماعية واعداد صيغته القانونية والفنية النهائية. وقد استعانت اللجنة المشتركة بالمشاريع السابقة وبمداولات السادة الوزراء وآرائهم فيها وبملاحظات خبراء منظمة العمل الدولية والبنك الدولي، وبدراسات اكتوارية كلفت بها ادارة الصندوق شركة أ.أ. مهنا للدراسات الاكتوارية. كما استعانت اللجنة المشتركة بموظفين اختصاصيين في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من أجل اعداد مشروع القانون الذي أقرّه مجلس الوزراء في جلسته بتاريخ 9/12/2004، وأحاله على مجلس النواب لدرسه واقراره. وهذا الانجاز الهام جداً يعود الفضل فيه الى فخامة رئيس الجمهورية العماد اميل لحود، الذي اعتبره مشروعه الخاص وحرص على انجازه في عهده.
يحقق المشروع ثلاثة أهداف أساسية:
- أولاً: لقد حرص مشروع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية على التوفيق بين قدرة الاقتصاد الوطني على تمويل تقديمات المشروع، ودور هذه التقديمات في دعم القدرة الشرائية الكفيلة بتعزيز الاقتصاد.
- ثانياً: سعى الى التوفيق بين ضرورة المحافظة على هامش مهم لدور الدولة الرعائي وبين تضافر جهود الجميع ومساهمتهم في انجاح هذه الخطوة.
- ثالثاً: تحقيق نقلة نوعية من خلال الانتقال من التعويضات الى المعاشات والحماية الاجتماعية للمتقاعدين.
الى ذلك، يوفر مشروع القانون، امكانية استبدال المضمون نسبة 10% من حسابه الفردي، شرط أن تؤمن له المبالغ المتبقية من حسابه معاشاً تقاعدياً لا يقل عن 300 الف ليرة.
ولا بد من الاشارة الى أن هذا المشروع يطال شريحة المضمونين فقط، باعتبار أن فكرة الضمان قائمة على دفع الاشتراكات، ولكنه فتح مجالاً لغير المضمونين في أحد بنوده، وللراغبين في ضمان شيخوختهم، وذلك من خلال دفع اشتراكات معينة تحدد لاحقاً، تبعاً للوضع المالي.

 

التعديلات وآلية التوظيف

▪ ما هي أبرز التعديلات التي أجراها مجلس الوزراء على بعض بنود مشروع القانون؟
- بعد الدرس المعمق من قبل اللجان، كما ذكرنا سابقاً، فقد أجرى مجلس الوزراء تعديلات على بعض بنود مشروع القانون، ومن أبرز ما جاء في القانون في صيغته المعدلة:
يمكن للمضمون استبدال نسبة 10 في المئة من حسابه الفردي، شرط أن تؤمن له المبالغ المتبقية في حسابه معاشاً تقاعدياً لا يقل عن 300 ألف ليرة.
يتوقف معاش التقاعد اذا عاد المضمون الى العمل المأجور وطوال مدة هذا العمل، اذا كان ما يتقاضاه من عمله يوازي أو يزيد على 300 الف ليرة.
أما بالنسبة للاشتراكات فقد أصبحت وفقاً للآتي:
- 12.25 في المئة على عاتق صاحب العمل، 5 في المئة منها من كسب الأجير ضمن حد أقصى لا يتجاوز الـ5 ملايين ليرة. 7.25 من كسب الأجير ضمن حد أقصى لا يتجاوز الـ3 ملايين ليرة.
- 5 في المئة على المضمون من كسبه ضمن حد أقصى لا يتجاوز 3 ملايين ليرة.

 

▪ ما هي آلية توظيف أموال ضمان الشيخوخة التي وردت في مشروع القانون؟
- ان مجالات توظيف الأموال، كما وردت في المشروع عديدة ومنها:
1- سندات الدولة (بالعملات اللبنانية والأجنبية).
2- سندات الخزينة الصادرة عن دول (تصنيف من مستوى AAA).
3- الأموال غير المنقولة.
4- القروض الممنوحة لتأمين المساكن للمضمونين أو لفئات أخرى.
5- الأسواق المالية مع توفير أقصى الضمانات وتجنّب المخاطر.
6- يحصر التوظيف خلال السنوات الـ5 الأولى في مجالات الـ4 الأولى من دون الأسواق المالية.
7- تحدد نسب التوظيف وقيمتها بموجب مراسيم، وقد أضاف مجلس الوزراء وبناء على اقتراح وزير المال المقطع الآتي:
يضاف على أموال الصندوق الموظفة في سندات الدولة على اختلاف آجالها وعملاتها وعلى كافة المتأخرات المترتبة له مع طرف ثالث من دون استثناء معدل فائدة هو الأعلى بين المعدلين التاليين:
أ- معدل فائدة السوق.
ب- معدل التضخم وفقاً لمؤشر الاستهلاك، وفي حال عدم توافره يعتمد متوسط التقلب المحقق على سعر صرف اليورو مضافاً اليه ارتفاع أسعار الاستهلاك في دول الاتحاد الأوروبي التي تعتمد اليورو.
ويتم سنوياً تسجيل الفارق المترتب لمصلحة الصندوق بين فائدة السوق ومؤشر التضخم وفقاً لما سبق على أساس سنوي تراكمي يغطي فترة السنة المنقضية.
وأضاف التعديل بنداً قضى بتعديل المبالغ الواردة في القانون وفقاً لتبدّل مستويات الأجور بقرار يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزيري المال والعمل.

 

ادارة النظام

▪ من سيتولى ادارة هذا النظام؟
- اضاف التعديل مادة جديدة جاء فيها: «تتولى ادارة هذا النظام مؤسسة عامة جديدة تنشأ بقانون وتتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال المالي والاداري».
والضمان يتحفظ على هذه المادة، لأنه باعتقادنا أن هذه الهيئة أو المؤسسة العامة غير قابلة للتحقيق عملياً. فإنشاء مثل هذه المؤسسة، يعني انشاء ضمان جديد يضم فروع المرض والأمومة والتفتيش والادارة...
فالمضمون المتقاعد له حق الاستفادة من فرع المرض والأمومة اضافة الى المعاش التقاعدي، وكما هو معلوم، فإن صاحب العمل يدفع للضمان الاشتراكات عن العمل، والأموال يديرها النظام العام الحالي، فكيف السبيل الى الفصل بين الضمان والمؤسسة ومن سيدير هذه العملية؟ علماً أن تأسيس مؤسسة جديدة يعني كلفة اضافية على خزينة الدولة.
قد يكون لمجلس الوزراء أسبابه في اصراره على تأسيس هيئة خاصة، والعائدة الى التقصير الحاصل في ادارة الضمان، لناحية تقديم الخدمات للمضمونين، ولكن الأجدى هو معالجة هذا التقصير من خلال التوظيف وادخال أطباء ومفتشين جدد... ومن المؤكد أن كلفة تحسين أداء الصندوق سوف تكون أقل بكثير من كلفة انشاء هيئة أو مؤسسة جديدة.
بشكل عام، ان الصيغة التي ورد فيها مشروع القانون مقبولة، وان التعديلات التي طرأت عليه هي بهدف تحسينه. ولكن لا يمكننا اعتباره قانوناً نهائياً قبل أن يمرّ في مجلس النواب الذي سيدخل عليه حتماً سلسلة من التعديلات الاضافية، قد تؤثر على بعض مواده، ولكنها لن تؤثر على كامل المشروع.

 

▪ برأيكم، ما هي البنود الأساسية التي قد يُدخل عليها مجلس النواب بعض التعديلات؟
- أعتقد أنه بعد درس اللجان في مجلس النواب لهذا المشروع، قد يُجري التعديلات على البند المتعلق بقيمة الاشتراكات التي سوف يدفعها الأجير وصاحب العمل على حد سواء. كما أنه قد يجري تعديلاً على البند المتعلق بكيفية استثمار الأموال أو توظيفها.
علماً أن الضمان يرى أن انشاء مؤسسة جديدة لادارة ضمان الشيخوخة، من شأنه تغييب دور الضمان وافراغه من مضمونه الأساسي الذي يتمحور حول التقاعد والحماية الاجتماعية والعناية الصحية.

 

▪ هل لصندوق الضمان وجهة نظر في ما خص توظيف أموال ضمان «الشيخوخة»؟
- يرى الضمان ان الطريقة الفضلى لاستثمار الأموال يمكن أن تتم من خلال شراء العقارات والأسهم ووضع الأموال بالدولار أو الاستثمار بالفنادق.
واننا نرى أن أموال الضمان تحتاج الى هيئة متخصصة وتتولى توظيف هذه الأموال، بإشراف لجنة رقابة. أما الحكومة، فإنها ترى أنه يمكن توظيف أموال الضمان بواسطة سندات خزينة.

 

▪ متى يصبح قانون ضمان الشيخوخة حيّز التنفيذ؟
- ان مشروع قانون التقاعد والحماية الاجتماعية هام وحيوي جداً ويحتاج الى درس معمّق، وفي اعتقادي أنه سوف يُقرّ قريباً، أما العمل به فيبدأ بعد سنتين من اقراره في المجلس، وذلك بغية تحضير البنية التقنية والادارية له.
وختم الدكتور أبو ناضر حديثه حول ضمان الشيخوخة بالقول: تكمن أهمية هذا المشروع في الاستقرار النفسي والسلام الاجتماعي الذي يعطيه للعامل وللأجير، من خلال المعاش التقاعدي والخدمات الطبية والاستشفائية، في حين أن تعويض نهاية الخدمة قد يفقده صاحبه بسرعة، بسبب عدم امتلاكه الخبرة الكافية لادارته أو استثماره أو لأسباب أخرى.
وأمل أخيراً أن تدفع الدولة كما القطاع الخاص المتوجبات المستحقة عليها للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لكي يتمكن بدوره من الايفاء بالتزاماته.