فنون

مشهدية رائعة لفهد العبدالله وفرقته على مسرح قصر الأونيسكو
إعداد: روجينا خليل الشختورة

«لم يكن في بالي يومًا أن أحترف هذا الفن، بل كان مجرد هواية مذ كنت في الجامعة. فالرقص بالنسبة إليّ هو المنظار الذي من خلاله أرى النفس، إنّه ليس فقط لغة الجسد كما يقال عنه، فحين ترى شخصًا يرقص، فإنك ترى في تلك الأثناء نفسه لا جسده».
هذا ما قاله الفنان فهد العبد الله، إبن بعلبك مدينة الشمس والإسم العلامة في تاريخ العروض الراقصة المميزة.

 

أسلوب عمل
بعدما أكمل دراسته في لبنان وباريس في علم النفس، عاد إلى لبنان وبدأ راقصًا مع الأخوين رحباني، ثم أصبح مصمم الرقص في عدد من مسرحياتهما أبرزها: «لولو»، «ميس الريم» و«بترا»...
العام 1978، أسس فرقته الخاصة «فرقة فهد العبدالله للفنون اللبنانية» وكان أول أعماله «منوعات شعبية» قدمه في قصر الأونيسكو في بيروت. والعام 1981 قدّم عملاً استعراضيًا مع الفنانة ماجدة الرومي على مسرح جورج الخامس وفي قصر البيكاديللي، ثم قدّم عدة أعمال منها «ليلة فرح»، «أصايل»، «خيال»، «تراث وحنين» وغيرها. وقد عرضت هذه الأعمال في عدد كبير من العواصم العربية والعالمية.
على المستوى العالمي، تميزت الفرقة بعروضها على مسارح اليابان والصين وكوريا وفرنسا واليونان وبلغاريا وقبرص... وفي العالم العربي، جالت فرقة فهد العبد الله بين مختلف البلدان بدءًا بمصر واليمن وسوريا مرورًا بالإمارات العربية المتحدة والسعودية والكويت وصولاً إلى تونس والمغرب والجزائر وليبيا.
 تعتبر «فرقة فهد العبدالله للفنون اللبنانية» نجمة «الأسابيع اللبنانية» التي تقام عربيًا وعالميًا باسم لبنان؛ إذ تعتمد وزارة الثقافة اللبنانية، فرقة فهد العبد الله للرقص الشعبي، في مشاركات لبنان في معظم المهرجانات الفنية والثقافية التي تقام في بعض البلاد العربية، وبلدان العالم شرقًا وغربًا، وذلك لاقتناع الوزارة بأنّ الفنان فهد العبدالله يجسّد في فرقته للرقص الشعبي (والدبكة) الأصول الفنية لهذا الرقص، والمبنية على مبادىء الالتزام والتطوير: إلتزام الفولكلور والتراث كأسلوب عمل، وتطوير التشكيل الراقص والخطوات الراقصة وإدخال تقنيات جديدة عليه. وفي هذا التوجّه، تأتمن وزارة الثقافة «فرقة فهد العبدالله للفنون اللبنانية» على تقديم الصورة الفضلى عن لبنان الثقافي – الفني.

 

لوحات سكنتها الحياة
العبدالله هو أحد أبرز العاملين على حضور الفولكلور على خشبات المسارح في لبنان، وفي ذاكرة اللبنانيين. وآخر أعماله كان «صهيل» على مسرح قصر الأونيسكو في بيرـوت، كوريـغرافيا: فهــد العبـدالله، سينـوغرافيا وأزياء: الدكتـور غازي قهوجـي، تنفيذ أزياء: محمد رحال، صوت: جلال بو عقل، إضاءة: الياس صوان، ألحان تراثية: المايسترو إحسان المنذر وسمير كويفاتي، مدير فني: نعمة بدوي، تدريب ورقص منفرد: منى الحاج، رقص منفرد: دلال بزي وتالا زين.
ساعةً ونصف من الوقت والمسرح في حركة دائمة لمتابعة مشهدية رائعة.
29 راقصًا وراقصة تمايلوا بتناغم وانسجام في لوحات تنوعت بين الدبكة التراثية وتلك التي تحمل بصمات فهد العبدالله تطويرًا وتحديثًا، وقد أدخل عليها ظلال حالة عشق بين امرأة ورجل. ثم دبكة الورد، تخللتها موشحات من عاصي الرحباني وحليم الرومي، الرائدين في هذا المجال.
بالإضافة إلى الرقص الصوفي والشرقي، اللوحات تعاقبت وفق سبعة عناوين:
«اللالا» (كوكتيل ومزيج لعدد كبير من الأغنيات التي تحمل هذا العنوان)، مشهد الورد، مشهد الموشحات، مشهد الماني، الدبكة، المشهد الصوفي، المشهد الشرقي، وأخيرًا مشهد الدبكة البعلبكية الذي كان مسك الختام.
لوحات شُغلت خطواتها بعناية المشتاق إلى المسرح.
راقصون وراقصات تنبض فيهم روح واحدة لا شريك لها، لوحات سكنتها الحياة، فكان الفرح...


إنه الحياة...
الحكاية هي حكاية الرقص. هو أول الفنون وأشملها. به ابتدأ الكلام ومعه نشأت العبادات وعليه ارتقى الفن والجمال. فالكون يتحرك والعالم يدور والزمن يسير، أما الإنسان فيولد ويموت ولكنه خالد في الحركة الدائمة التي يتطور بها.
والرقص ليس انعكاسًا للبهجة فحسب، وإنما فوق ذلك هو التعبير الصافي للعذاب والألم. إنه كشفُ واستظهارُ وموسيقى. إنه تطهير وتحرير وحكمة. إنه لمحة من لمحات الحب. هو معرفة الكائن الحي لنفسه وهو نشوة روحية. إنه الحياة عينها.
إنّ الشعور بلانهاية الحركة في الرقص ولانهاية الفكرة في الشعر ولانهاية النغم في الموسيقى، ذلك هو أساس كل ما في الفن من جمال. وعليه، فإنّ الفينيقيين شغفوا بالرقص واتخذوا له إلهًا هو «بعل مرقد». والهنود أدخلوا الرقص في حياتهم الدينية والدنيوية. أما بالنسبة إلى الفراعنة، فقد كان الرقص عملاً مقدسًا تأمر به الآلهة. وفي الحضارة الصينية، ارتبط الرقص ارتباطًا مباشرًا بالدين والأخلاق والتربية.