عبارة

معركة مفتوحة
إعداد: العميد علي قانصو
مدير التوجيه

إن تكن المعركة مفتوحة مع الإرهابيّين ومستمرّة، بكلّ سلاح وفي كلّ حين، كما أعلن قائد الجيش في أكثر من مناسبة، فإنّ حدود تلك المعركة ممتدّة مترامية على مساحة الوطن، في كلّ مكان يخطر للإرهاب أن يحاول تنفيذ عدوانه فيه، أو تجربة حظّه وتعميم شرّه ونار فتنه.
وحين يدافع الجيش عن الوطن، فإنّما يدافع عن كلّ شارع وحيّ ومنعطف، وعن كلّ مدينة وبلدة وقرية، أليس في الثقافة العسكرية أنّ من واجبات الجندي الدفاع عن كلّ ذرة تراب من أرض الوطن؟ وهل للجيش أن يميّز بين موقع وآخر، أو أن تقف وحداته حائرة في تحديد خيارات معاركها ضدّ ما يتهدّد لبنان؟
وقف المحلّلون أمام الهجمة الفاشلة التي قام بها الإرهاب ضدّ بلادنا عند حدودها الشرقية، وراحوا يتساءلون: هل كان القصد احتلال مركز المراقبة المتقدّم الذي أقامه الجيش لرصد تحرّكات الإرهابيّين؟ هل كان إلحاق الأذى بأرواح العسكريّين؟ أم هل كان التعدّي على بعض القرى الآمنة من دون غيرها، والتنكيل بسكانها؟
التّساؤلات كثيرة، إلاّ أنّ الثابت والواضح، أنّ الجيش كان بالمرصاد. المعركة لم تفاجئه، وهو لم يفرّق بين غاية وأخرى من غايات الاعتداء. صحيح أنّه لا يمكن لوحداتنا أن تغطّي الحدود كاملة وكأنّها الشجر عند تخوم الغابة، إلاّ أنّها متفوّقة في الإسراع إلى أيّ نقطة تتعرّض لتدفّق المخربين، وهي بذلك أقرب ما تكون إلى كريات الدم في الجسم البشري، تلك الكريات التي تحضر تلقائيًا إلى النقطة التي تتعرّض للإصابة أو الجرح أو الألم.
وكان الجندي في معركته الأخيرة مواجهًا صلبًا، كما كان الضابط سبّاقًا في الوقوف مع جنوده، وتلقّي الجراح بالتّساوي معهم، والاستشهاد في الخندق نفسه الذي يستشهدون فيه، وكانت القيادة تقف على ظروف المعركة بالعين، وتتلمّس تفاصيلها بالأصابع، وكان القائد ينتقل بين العسكريّين محضّرًا إياهم للمواجهة، مكرّرًا على مسامعهم أنّ المعركة مفتوحة مع الإرهاب، وأنهم حقّقوا الكثير في ذلك، إلاّ أنّ أمامهم الكثير أيضًا. بذلك كلّه لم يتسنّ للإرهابيين أن يجدوا لُقمًا سائغة في أبطالنا. لقد مضغوا الشّوك والهزيمة والاندحار، وسالت دماؤهم في أرض ترفضهم بكلّ ما يملكون.