في ثكناتنا

معسكر عرمان
إعداد: باسكال معوض بو مارون

القاعات والساحات والتدريب... والخدمة دومًا للعلم

منذ انشائه في العام 1995، بات معسكر خدمة العلم في عرمان، واحدًا من المعالم البارزة في الشمال. ففي أرجائه تدرّب آلاف الشباب في إطار تأديتهم لخدمة العلم، ومن ساحاته انطلقوا إلى الخدمة في القطع، قبل أن يعودوا إلى حياتهم المدنية حاملين تجارب وذكريات كثيرة.
توقّف العمل بقانون خدمة العلم، لكن المعسكر الواقع في ثكنة حنا غسطين، ما زال يضج بالحياة، كما سائر مرافق الثكنة التي شهدت إنجاز الكثير من الأعمال لإعادة تأهيلها بما يتطلبه واقع التدريب الحديث من منشآت وتجهيزات، ولتوفير المزيد من الخدمات.
قائد المعسكر العميد الركن جورج قرقفي الذي استقبل «الجيش» يتحدث عن مرافق الثكنـة وعن النشاطـات التي تنفّذ في المعسكر.

 

أول دخولو...
فور وصولنا إلى الثكنة، لاحظنا أن مدخلها بات على غير ما كان عليه، الأعمال المنفّذة حديثًا ولّدت لدينا شعورًا بالارتياح: مدخل جميل مع بوابات حديد، وسور يمتد على طول المنطقة المحيطة بالثكنة موفّرًا لها الحماية. نسأل قائد المعسكر: هل من ورشة ترميم وتحسين قد أنجزت؟ فيخبرنا أن أعمالًا أنجزت بينما يستمر العمل في بعض النواحي. فإلى تحسين المدخل، تمّ استحداث نادٍ ميداني للضباط داخل الثكنة، وقاعة اجتماعات لاستقبال الوفود الزائرة، وحديقة حول نادي الرتباء، كما تم تأمين إنارةٍ ليلية دائمة في الساحة الرئيسة للمعسكر. والعمل جارٍ لإقامة منصّة احتفالات لائقة تتّسع لحوالى 3 آلاف مدعو يحضرون تخريج أولادهم مع انتهاء كل دورة.
كذلك، جهّزت قاعات التدريب بالوسائل البصرية والسمعية الحديثة.
وسوف يتم إنشاء مركز لمديرية التعاون العسكري المدني CIMIC في الثكنة بما يساعدها على تأمين الخدمات بشكل أفضل في منطقة الشمال.

 

الثكنة
تضمّ ثكنة حنا غسطين حاليًا إضافة إلى المعسكر بأقسامه (الخدمات العامة، العديد، التجهيز، الأمن والتوجيه، الدروس والعمليات، والتأليل وكتائب التدريب، وكتيبة مدافعة ولوجستية)، قيادة اللواء الثاني مع كتيبة دعم تابعة له، ومجموعة من فوج مغاوير البحر وأخرى من فوج الحدود البرّية الأول.
ومن أبرز مرافقها، مهبط رسمي للطوافات، ومركز تدريب خاص بالجولة الأرضية أقيم وفق المعايير الحديثة التي يتطلبها تدريب الأفواج الخاصة ووحدات النخبة. ويضاف إلى ذلك، مكتبة تابعة لقسم الدروس والعمليات تعمل بالتنسيق مع مكتبة القيادة، ومشاغل للصيانة تتولى مختلف الأعمال التي توفّر جهوزية الآليات والمنشآت، ومجبل باطون يؤمّن بواسطة فوج الأشغال المستقلّ المجسّمات والمكعّبات الإسمنتية لكل الوحدات المتمركزة في منطقة الشمال.
في ما يتعلق بمتطلبات الحياة اليومية، يوفّر المطبخ التغذية لـ4 آلاف عنصر (فاز مرتين بالمركز الأول على صعيد الجيش)، كما تضم الثكنة ناديًا للرتباء ومحطة وقود...
أما الخدمات الطبية فتوفّرها مفرزة معاينات، وغرفة طوارئ (يعاين فيها طبيب اختصاصي وآخر لجراحة العظم)، وعيادة للأسنان، وصيدلية مرتبطة بالصيدلية المركزية. كما جرى تأهيل 3 سيارات إسعاف وثمة رابعة، قدّمتها قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، تمّ تجهيزها بالمعدّات الطبية المناسبة فأصبحت تستعمل خصيصًا لنقل مرضى القلب.

 

معسكر عرمان
بعد إلغاء خدمة العلم يقول العميد الركن قرقفي، أصبحت مهمة المعسكر تدريب مجنّدين ممدّدة خدماتهم عند التحاقهم بالسلك العسكري، وتدريب الجنود حديثي الخدمة (مكتب رقم 1 – مشترك)، وقد بلغ مجموع الذين تخرّجوا من المعسكر في السنتين الأخيرتين 10 آلاف عنصر (10 دورات).
كما يجري في المعسكر تدريب رتباء اختصاص يتابعون دورات مختلفة؛ وأحيانًا، يمكن أن ترتأي قيادة الجيش وفق الحاجة افتتاح مكاتب أخرى.
ويشير العميد الركن قرقفي إلى أنّ المعسكر في بداياته، كان يضمّ ثماني كتائب تؤمّن تدريب الأعداد الكبيرة من مجنّدي خدمة العلم، لكنها تقلّصت بعد إلغاء العمل بقانون خدمة العلم لتصبح ثلاث. اليوم يتمّ تحضير نواة كتيبةٍ رابعة، نظرًا لتزايد أعداد المتدرّبين في المعسكر، خصوصًا وأن أنواعًا جديدة من التدريبات أضيفت في الفترة الأخيرة. ففي العام 2010 تمّ استحداث مركز للرماية بواسطة مشبّه الرمي EST 2000 Shooting، والذي تتدّرب فيه وحدات الجيش المنتشرة في منطقة الشمال. ومن أهمّ مميّزاته أنّه يدرّب على الرماية المثالية لتحقيق الأهداف واكتساب خبرة وتمرّس وثقة بالنفس مع توفيرٍ في الذخيرة، وقد حقّق نتائج ممتازة على الأرض خلال الأعمال العسكرية. كما أضيف في العام 2012 مركز اللّغة الفرنسية وآخر للإنكليزية يستفيد منه عناصر القطع المنتشرة شمالًا.

 

التدريبات في المعسكر
ملاك التدريب في المعسكر ليس ثابتًا، فهو يتغّير بحسب الحاجة، ويشكل آمرو السرايا جزءًا من العديد، كما يتمّ أحيانًا التدريب بهدف مزدوج، حيث يتمّ فصل ضباط من القطع للتمرّس بالإمرة، وتدريب جنود في الوقت ذاته.
يخضع المتدربون لنظام صارم يبدأ في الخامسة صباحًا وينتهي في السابعة مساءً. الرياضة الصباحية فالفطور، ومن ثم الدروس المقررة، والتي تتضمن نشاطات دراسية ورياضية وتدريبات مختلفة. في قاعات تمّ تجهيزها بشاشات LCD وأجهزة صوتية متطوّرة يتابع المتدربون الدروس النظرية، أما الدروس العملية فتقتضي استخدام الآليات والأسلحة (الخفيفة أو الثقيلة) التي تومّنها الوحدات العملانية المتمركزة في المنطقة.
تعتمد كتائب التدريب منهاجًا موحّدًا، فيتابع المتدرّبون البرنامج عينه وفي الوقت نفسه. وهذا البرنامج شامل ومكثّف يتضمن إلى المداهمة، والدوريات، وتفكيك السلاح وتعهّده... دروسًا في: التنشئة التقنية والتكتية والوطنية، الأنظمة والقوانين، التوجيه والإعداد المعنوي، القانون الدولي والإنسـاني، طرق الوقاية من أسلحة الدمار الشامل. كما يتضمّن محاضرات توعية في مواضيع مختلفة مثل: المخدرات (مكتب مكافحة المخدرات) قوانين السير والقيادة السليمة (مؤسسة «اليازا»)، الإسعافات الأولية (الصليب الأحمر اللبناني)، أصول التغذية السليمة (اختصاصيو تغذية من طبابة الشمال)، الألغام والأجسام المشبوهة (مدربون من فوج الهندسة مع عتادهم للتدليل).
نغادر الثكنة، في آذاننا وقع خطوات المتدرّبين وهتافاتهم، وأمام أعيننا هاماتهم المرفوعة وقاماتهم المتراصّة، مشهد يتكرّر مع كل إشراقة شمس في ما يشبه تجديد العهد للعلم، للوطن.