الملك فهد

ملحق خاص عن حياة وإنجازات خادم الحرمين الشريفين الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز 1921 - ­ 2005

الملك فهد رجل الملمات ورائد الإنماء والوفاق

 

فقدت السعودية ومعها العالم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود الذي حكم المملكة العربية السعودية نحو 24 عاماً.
كان الملك فهد رجل المواقف الشجاعة والحكيمة ورائد الإنماء والتطور وداعية الوفاق والعدل والتسامح.
برحيله خسرت المملكة باني نهضتها الحديثة والرجل الذي حقق لها بفضل حضوره المرموق مكانة مميزة على الساحتين الإقليمية والعالمية. وخسر العالم العربي داعماً ونصيراً لقضاياه وسنداً لهمومه ومشاكله. كما خسر العالم برحيل الملك فهد شخصية فذة سعت دوماً لإحقاق الوفاق والوئام والسلام بين الشعوب.

اتّسم عهد الملك فهد بالاستقرار والتنمية على الرغم من الأحداث الجسام والتقلبات العاصفة التي شهدتها المنطقة وشهدها العالم. فمن فورة أسعار النفط وهبوطها في ما بعد إلى الحرب الباردة والحرب العراقية ­ الإيرانية، وغزو الكويت وإعادة صياغة خريطة القوى في العالم... وسط كل هذه الأحداث استطاعت المملكة العربية السعودية في ظل قيادة الملك فهد الحكيمة أن تحافظ على استقرارها وتحقق النمو والازدهار في الميادين كافة؛ كما لعبت دوراً أساسياً في الاستقرار الإقليمي والدولي.

 

مسيرة العطاء المبكر

ولد الملك فهد في مدينة الرياض في العام 2005، والده الملك عبدالعزيز آل سعود "أسد الجزيرة" وموحد المملكة العربية السعودية. في طفولته التحق بمدرسة الأمراء في الرياض ودرس فترة من الزمن في المعهد العلمي في مكة المكرمة. كما تلقى دروساً في السياسة والأدب وفي اللغة الإنكليزية.
كان الملك فهد يافعاً عشية تأسيس المملكة رسمياً عام 1932. وكان منذ حداثته يلازم مجالس والده، ما جعله يتمرس باكراً في إدارة شؤون البلاد.
في العام 1945، قام بأول زيارة رسمية له إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث حضر الجلسة الافتتاحية لهيئة الأمم المتحدة الناشئة حديثاً. بعد ذلك انتدب في مهام عدة مثّل خلالها بلاده في الخارج. وقبل أن يتم اختياره ولياً للعهد ومن ثم ملكاً، تقلّد مناصب عدة. ففي العام 1935 عُين وزيراً للمعارف، وفي العام 1962 تولى وزارة الداخلية، وفي العام 1967 أصبح النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء.
تولّيه وزارة المعارف تزامن مع تأسيس هذه الوزارة التي أولاها اهتماماً كبيراً يتناسب مع أهمية التعليم وتعزيز الكفاءات البشرية في بناء دولة حديثة.
وقد وضع لهذه الوزارة أهدافاً عدة أبرزها:
­ نشر التعليم بمختلف مراحله وتعميمه في جميع أرجاء المملكة.
­ استحداث التعليم الجامعي من خلال تأسيس الجامعات، وجامعة الملك سعود في الرياض التي أنشأها عام 1957 كانت الأولى في الجزيرة العربية.
­ توسيع البعثات التعليمية إلى الخارج.
أما وزارة الداخلية التي تسلمها في العام 1962، فقد أعاد تنظيم قطاعاتها وفق الأسس العصرية. وأنشأ فيها العديد من المعاهد المتخصصة، مما أتاح لهذه الوزارة أن ترسخ دعائم الأمن والاستقرار في المملكة.
في العام 1967، عُين نائباً لرئيس الوزراء. وفي 25 آذار 1975، اختير ولياً للعهد وأسند إليه منصب النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء. وعقب وفاة الملك خالد بن عبدالعزيز، بويع فهد ملكاً من قبل الأسرة المالكة والشعب السعودي ليصبح في 13حزيران 1982 الملك الخامس من ملوك المملكة السعودية.

 

مجالس وهيئات ترأسها
ترأس الراحل الكبير العديد من المجالس والهيئات الآتي ذكرها:
­ مجلس الوزراء.
­ مجلس الأمن الوطني.
­ المجلس الأعلى لشؤون البترول.
­ مجلس التعليم العالي والجامعات.
­ الهيئة الملكية للجبيل وينبع.
­ المجلس الأعلى لرعاية الشباب.
­ اللجنة العليا لسياسة التعليم.
­ الهيئة الملكية لتطوير المدينة المنورة.
­ الهيئة العليا لمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم التقنية.
­ مجلس الأسرة المالكة.
كما كان القائد الأعلى للقوات المسلحة.

 

فهد ملكاً

تميّز عهد الملك فهد بالعديد من الإنجازات المتكاملة التي حققت للمملكة السعودية النمو والتطور على الصعيد الداخلي، والحضور القوي على الساحتين الإقليمية والدولية.
فبفضل حكمته وشجاعته، قاد الملك فهد السعودية إلى مصاف الدول المتقدمة وحقق لها مكانة مرموقة دولياً، إلى مكانتها المتقدمة بين الدول العربية والإسلامية.
ارتبط اسم الملك فهد بالعديد من الإصلاحات خصوصاً تلك التي أرساها بعد تسلّمه الحكم. وبموجب هذه الإصلاحات تطور أسلوب الحكم. وأصبحت التشكيلات في السلطتين التنفيذية والتنظيمية في الدولة محددة بفترة زمنية يتم بعدها التجديد (كل أربع سنوات) للاستفادة من الكفاءات والخبرات الوطنية الشابة. فقد أصدر أربعة أنظمة جديدة هي: النظام الأساسي للحكم، نظام مجلس الشورى، نظام المناطق ونظام مجلس الوزراء.
عند توليه الحكم، واجهته مشكلة اقتصادية على الرغم من كون السعودية أكبر دولة منتجة ومصدرة للنفط، فقد تراجعت أسعار النفط وكان لذلك التراجع آثار سلبية على الاقتصاد. في ذلك الوقت أطلق الملك فهد سلسلة من الإصلاحات الاقتصادية ومنها خفض بعض أوجه النفقات. لكنه عمل على تعزيز القدرات العسكرية لبلاده، فسعى إلى تطوير الجيش السعودي وتسليحه. وكان هدفه خلق حد من التوازن العسكري الذي يمكّن الدول العربية والخليجية من الدفاع عن نفسها في مواجهة إسرائيل أو أية أخطار أخرى.
في موازاة عمله الدؤوب على الصعيد الداخلي، عرف الملك فهد بحضوره القوي على الساحتين العربية والعالمية.
عربياً، لعبت السعودية دور الشقيق الملتزم قضايا أخوته العرب سياسياً ومادياً ومعنوياً، ما جعل هذه القضايا في مقدمة الاهتمامات العالمية، فقد كان الملك فهد الداعم الرئيسي للقضية الفلسطينية. كما كان في طليعة الملتزمين قضية لبنان والساعين إلى انتشاله من محنته واستعادته لنهضته ودوره في المجالات كافة.

عالمياً، وعلى الرغم من أن الملك فهد أسس علاقات وطيدة مع الغرب عموماً ومع الولايات المتحدة الأميركية خصوصاً، إلا أن تلك العلاقات كانت تقوم على أساس الاحترام المتبادل وعلى أساس النديّة في ما يتعلق بالقضايا العربية والإسلامية. الأمر الذي وضعه في موقع الزعامة في الأمة الإسلامية وفي موقع التأثير في المجريات العالمية.
في 29 تشرين الثاني من العام 1995، أصيب الملك فهد بجلطة دماغية، فعهد إلى أخيه (غير الشقيق) وولي عهده الأمير عبدالله (الملك حالياً) بتصريف شؤون المملكة. وعاد الملك فهد ليمارس بعض المهام بشكل تدريجي ابتداءً من شباط في العام 1996. لكن صحته عادت إلى التدهور وتولى الأمير عبدالله المهام والمسؤوليات بشكل كامل تقريباً، وبموافقة الملك فهد إلى أن توفي الأخير مطلع آب الماضي وتمت مبايعة الأمير عبداللّه ملكاً، والأمير سلطان بن عبدالعزيز ولياً للعهد.

 

في العام 1986، أعلن الملك فهد بن عبدالعزيز في احتفال في المدينة المنورة استبدال لقب صاحب الجلالة، بلقب "خادم الحرمين الشريفين" بوصفه وسام عز وشرف وفخر، وقرر عدم إطلاق أي لقب آخر عليه سوى هذا اللقب.

 

لبنان: حداد وحزن على رجل الوفاق والعطاء

أعلن لبنان الحداد الرسمي ثلاثة أيام حزناً على وفاة الملك فهد خادم الحرمين الشريفين، وقد نكست الأعلام على المؤسسات والإدارات وأقفلت الدوائر الرسمية والمؤسسات الخاصة يوم تشييع الراحل الكبير. فلبنان خسر بوفاة الملك فهد بن عبدالعزيز أخاً وصديقاً كان على الدوام إلى جانبه في الملمات والمحن. دافع عن قضاياه وعمل بإخلاص لنهوضه من محنته ووقف الحرب المدمرة التي عصفت به، إضافةً إلى سخائه الكبير في مساعدة لبنان على مواجهة أوضاعه الاقتصادية الصعبة.

وتميزت العلاقات اللبنانية ­ السعودية بالمحبة والصداقة منذ قيام المملكة واستقلال لبنان. هذه العلاقات جعلت السعودية تفسح فرص العمل أمام اللبنانيين الذين عملوا بدورهم مساهمين في نهضتها، كما جعلتها خير داعم للبنان وقضيته أيام الصعاب والمحن.
وقد توج الملك فهد مواقفه الداعمة للبنان والمعبرة عن عمق مشاعر المحبة والصداقة بين البلدين، بالجهود المضنية والشاقة التي بذلتها المملكة من أجل وضع حد للحرب في لبنان. فمؤتمر الطائف الذي انعقد بدعوة من خادم الحرمين الشريفين وبرعايته نجح في إقرار وثيقة الوفاق الوطني التي وضعت حداً لحرب امتدت 14 عاماً وكادت تدمر لبنان.

وإلى جهوده الخيّرة في وقف الحرب وفي الدفاع عن وحدة لبنان واستقلاله، كان الملك فهد الرجل الشهم المعطاء الذي لم يبخل على لبنان بالمساعدات التي ساهمت في إعادة نهوضه.
فالسعودية مدت يد العون للبنان مرات عدة في مطلع الثمانينيات ومن ثم بعد توقف الحرب مطلع التسعينيات. فهي قدمت له المساعدات المالية والعينية والقروض الميسرة. وإلى ودائعها في مصرف لبنان، قدمت الضمانات للجهات الدولية المختصة بهدف تمكين لبنان من الحصول على القروض والمساعدات لتنفيذ العديد من المشاريع.
وخلال السنوات الأخيرة تحديداً، لعبت المملكة العربية السعودية دوراً كبيراً في انعقاد وإنجاح مؤتمري باريس1 وباريس2. كما أن عشرات المشاريع التي أسسها في لبنان مستثمرون سعوديون لعبت دوراً إيجابياً في إعادة تنشيط اقتصاده.

 

ترأس الوفد اللبناني إلى السعودية

العماد اميل لحود: اللبنانيون خسروا شقيقاً

شارك لبنان في تشييع خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بوفد ضم: رئيس الجمهورية العماد إميل لحود ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة ونائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والوزراء: فوزي صلوخ، ميشال فرعون، طارق متري، شارل رزق ومحمد الصفدي، إضافة إلى نقيبي الصحافة محمد البعلبكي والمحررين ملحم كرم.
وقدّم الرئيس لحود والوفد اللبناني الرسمي إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبداللّه بن عبدالعزيز تعازي لبنان رئيساً ومجلساً نيابياً وحكومة وشعباً بالراحل الكبير، وذلك في الديوان الملكي في الرياض الذي وصل إليه الملك عبداللّه بعد تشييع العاهل السعودي الراحل.
وأحاط بالملك عبداللّه ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز وأشقاء الملك الراحل وأفراد عائلته. وخلال تقديمه التعازي للملك عبداللّه، عبّر الرئيس لحود عن ألم اللبنانيين لغياب الملك فهد معتبراً "أنهم خسروا شقيقاً كبيراً لطالما وقف إلى جانبهم في الملمات الصعبة، وقدم المساعدة إلى لبنان في ظروف دقيقة مر فيها". وتمنى الرئيس لحود للملك عبداللّه "التوفيق في قيادته للمملكة العربية السعودية نحو مصاف الخير والتقدم والاستقرار والنجاح".
وردّ الملك عبداللّه شاكراً للرئيس لحود عاطفته، مذكراً بـ "وقوف المملكة إلى جانب لبنان، دعماً لوفاقه الوطني ولمسيرة نهوضه".
كذلك عبَّر الرئيس بري والرئيس السنيورة للملك عبداللّه عن مشاعر الحزن لغياب الملك فهد وتمنّيا التوفيق لخادم الحرمين الشريفين في مسؤولياته الجديدة.

 

وفد لبناني للتعزية

زار وفد وزاري ونيابي وديني وإعلامي المملكة العربية السعودية وقدم التعازي بوفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز. وضم الوفد: وزير الداخلية حسن السبع، وزير التربية خالد قباني، وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت، وزير التنمية الإدارية جان أوغاسبيان. وضم الوفد أيضاً: مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني على رأس وفد من دار الفتوى، مطران بيروت للموارنة بولس مطر ممثلاً البطريرك الماروني نصراللّه صفير، المطران الياس قربان ممثلاً البطريرك أغناطيوس الرابع هزيم، المطران سليم غزال ممثلاً البطريرك غريغوريوس الثالث لحام، الشيخ محمد مهدي يحفوفي ممثلاً المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى. كذلك ضم الوفد أعضاء كتلة "المستقبل" النيابية وعدداً آخر من النواب إلى عدد من كبار الإعلاميين ورئيس جمعية "المقاصد الخيرية الإسلامية" المهندس أمين الداعوق ونقيب المهندسين سمير ضومط.
وقد قدم الوفد الذي لاقاه النائب سعد الحريري والنائبة بهية الحريري التعازي في الديوان الملكي إلى الملك عبداللّه وولي العهد الأمير سلطان وسائر أعضاء الأسرة الحاكمة.

 

مواقف

إثر إعلان نبأ الوفاة صدرت مواقف لكبار المسؤولين والوزراء والنواب إضافةً إلى المرجعيات الروحية والفاعليات. وقد عبّرت هذه المواقف جميعها عن كبير الألم والحزن لغياب الراحل الكبير واعتبرت أن لبنان خسر بفقدانه أخاً كبيراً كان خير داعم له ولقضاياه. وهنا أبرز المواقف.

 

- الرئيس لحود:
رئيس الجمهورية العماد اميل لحود أعرب عن ألمه البالغ لغياب الملك فهد واصفاً وفاته بالخسارة الكبيرة نظراً لما كان يمثله الراحل الكبير من دور وحضور في العالم بأسره. وقال: "تفتقد المملكة العربية السعودية برحيل خادم الحرمين الشريفين ملكاً مميزاً قادها في دروب الاستقرار والحداثة والتطور، ونهض باقتصادها إلى مصاف التقدم والنمو، وجعل لها ذلك الحضور المميز في المحافل العربية والإقليمية والدولية، كما أولى الشأن الاجتماعي عنايته الفائقة فتحول المجتمع السعودي إلى كتلة متفاعلة ونموذجية".
أضاف: "وتخسر الأمة العربية أحد أبرز حكمائها الذي التزم حقوقها العادلة أمام العالم أجمع، وحمل لواء الدفاع عنها، فكان لمواقفه التأثير الكبير في الكثير من القرارات الدولية، كما كان رمزاً من رموز التضامن العربي، وأحد أبرز العاملين من أجل تماسك الدول العربية ووحدتها، والمسارع دائماً إلى رأب الصدع وجمع الشمل وتوحيد الكلمة". وقال: "أما خسارة لبنان بغياب الملك فهد، فكبيرة إذ يفتقد اللبنانيون شقيقاً كبيراً وقف إلى جانبهم ودافع عن حقوقهم وساهم في إنهاء الحروب على أرضهم، وسارع إلى دعم اقتصاد وطنهم، فكانت له المبادرات الكبيرة التي بدلت الوضع في لبنان من حال إلى حال. ولعل رعاية جلالته لمؤتمر الطائف الذي انبثق عنه ميثاق لبنان الجديد، الدليل الأبرز على مآثر الراحل الكبير على مدى حبه للبنان وللبنانيين الذين فتح لهم أبواب المملكة فعملوا مع أهلها على نهضة الاقتصاد السعودي، وكانوا السند لوطنهم الأم في الزمن الصعب".
وختم: "اني باسم لبنان رئيساً وشعباً، أتقدم إلى جلالة الملك عبداللّه بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز والأسرة المالكة بأحر التعازي، سائلاً للفقيد الكبير الرحمة ولهم من الشعب السعودي الشقيق صادق العزاء والسلوان. وإني على ثقة بأن المملكة العربية السعودية الشقيقة، ستواصل بقيادة جلالة الملك عبداللّه وسمو ولي العهد الأمير سلطان، السير في النهج الذي أرساه الراحل الكبير والذي شكل تحولاً مهماً في تاريخ المملكة وشعبها الشقيق".

 

- الرئيس بري:
الرئيس بري قال: "إذا كان الطائف مثال الوئام بين اللبنانيين، فالملك فهد رحمه الله كان طائفاً متحركاً في سبيل الوئام بين العرب وليس في لبنان وحده. وهو لم يبخل بشيء في سبيل ذلك. والمحطات في هذا الإطار منذ أزمة خروج الفلسطينيين من لبنان إثر الحصار الإسرائيلي، وصولاً إلى غزو الكويت والمشكلات العربية الداخلية وفي ما بين الدول. وكان يعمل رحمه اللّه كل ما في وسعه في سبيل الاطمئنان العربي وشيوع روح التسامح بين الدول".

 

- الرئيس السنيورة:
رئيس مجلس الوزراء فؤاد السنيورة اعتبر "أن المصاب بخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز هو مصاب عربي وإسلامي للدور الكبير الذي تطور إليه موقع المملكة العربية السعودية في عهده في العالمين العربي والإسلامي، والإسهامات الكبيرة التي قدمتها المملكة بمبادرات من الملك فهد في مواجهة القضايا والمشكلات العربية والإسلامية". وأضاف: "لكن المصاب بالعاهل العربي الكبير مصاب لبناني أيضاً. فقد استضاف رحمه اللّه النواب اللبنانيين بالطائف... حيث جرى التوصل إلى حل للنزاع الداخلي اللبناني.. إن الراحل الكبير لم يترك وسيلة لدعم لبنان إلا وقام بها مستخدماً في ذلك وبسماحة نفس لا حدود لها إمكانات المملكة وقدراتها السياسية والاقتصادية، وكان له دوره الهام وإسهاماته الكبرى في إعادة اعمار لبنان ونهوضه وتعزيز استقراره الاقتصادي".

 

- الحريري:
رئيس كتلة المستقبل النيابية النائب سعد الحريري أصدر قبيل توجهه إلى السعودية بياناً قال فيه: "إن غياب المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز لا يشكل خسارة للسعودية وقيادتها وشعبها فحسب، بل هو خسارة لكل بلد عربي. ونحن في لبنان الذي أحبه الملك فهد وأعطاه من جهده وقلبه ووقته ما لن ينساه شعب لبنان أبداً، نشعر بجسامة الخسارة مستذكرين وقوف المملكة إلى جانبنا في كل منعطف من منعطفات حياتنا السياسية والاقتصادية. لقد وقف الملك فهد رحمه اللّه مع لبنان وشعبه في أحلك الساعات، وهو لم يتخلّ يوماً عن التزامه تقديم الدعم والمساعدة للبنان ومشاركة اللبنانيين في مواجهة المؤامرات التي تعرضوا لها وصولاً إلى إنجاز الوفاق الوطني وإنهاء الحرب الأهلية الداخلية برعاية مباشرة منه رحمه اللّه، تجسدت في مؤتمر الطائف والاتفاق الذي انبثق عنه. إن اللبنانيين الذين يودّعون اليوم هذا القائد العربي الكبير، سيحفظون في سجل ذهبي كل مساهمات الملك فهد بن عبدالعزيز في إعادة الاعتبار للدولة اللبنانية، وارتباط اسمه واسم المملكة وقيادتها بإعادة اعمار لبنان ودعم مسيرته وتجديد الثقة بدور لبنان ومكانته في محيطه العربي وفي العالم.
ولا يسعني هنا إلا أن أذكر العاطفة الأبوية والأخوية التي لطالما شمل بها المغفور له خادم الحرمين الشريفين الدولة اللبنانية وحكومتها وخص بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه اللّه، في سنوات كفاحه في المملكة العربية السعودية، كما في سنوات نضاله من أجل إعادة اعمار لبنان واستعادة دوره الحضاري ورسالته الإنسانية المميزة. إن تاريخ المملكة العربية السعودية حافل بتقديم الرجال الكبار الذين قدموا لأمتنا أروع الصور عن رجال الدولة الحقيقيين، والذين كانوا على الدوام في مستوى التحديات، كما في مستوى الآمال المعقودة عليهم من شعب المملكة ومن سائر الشعوب الشقيقة والصديقة، التي تتطلع هذه الأيام بكل أمل وثقة إلى الخلف العظيم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وإلى ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز وإلى سائر أفراد القيادة السعودية".

 

- جنبلاط:
رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط أبرق إلى الملك عبداللّه بن عبدالعزيز معزياً. ومما جاء في البرقية:
"إن اللبنانيين لن ينسوا الدور الريادي والدائم الذي قام به جلالة الملك الراحل إلى جانب لبنان في كافة المحطات والمحن التي مر بها وخاصة إبان الاجتياح الإسرائيلي للبنان والحصار الذي تعرضت له بيروت ودعمه الدائم والمستمر للبنانيين في المجالات كافة. كما أن الشعب اللبناني لن ينسى لجلالة الملك الراحل وللمملكة العربية السعودية رعاية مؤتمر الطائف الذي أرسى دعائم السلم الأهلي والذي أضحى في ما بعد دستور الدولة اللبنانية، والذي أصبح المرجعية الحاسمة في العلاقات بين اللبنانيين وضمانة للاستقرار الداخلي والعيش المشترك".

 

- "حزب اللّه":
تقدم "حزب اللّه" في برقية إلى الملك عبداللّه بن عبدالعزيز والأسرة السعودية الكريمة ومن الشعب السعودي الشقيق، بأحر التعازي وأصدق المؤاساة برحيل خادم الحرمين الشريفين.
أضافت البرقية: في هذه المناسبة لا بد من التذكير بما تركه الملك فهد من بصمات واضحة في التاريخ السعودي الحديث، وفي الساحتين العربية والإسلامية ولسوف يبقى دوره الكبير في اتفاق الطائف وعمله الدؤوب من أجل إنهاء الحرب في لبنان محل تقدير واحترام جميع اللبنانيين.

 

- حركة "أمل":
أصدر المكتب السياسي لحركة أمل بياناً جاء فيه: لن ننسى الأيادي البيضاء للفقيد الكبير في رعاية اتفاق الطائف الذي أسس لاستعادة لبنان لسلامه الذي يؤسس لاستقرار وازدهار لبنان، كما أننا لن ننسى دعم جلالته والمملكة لعملية النهوض الاقتصادي والإعمار في لبنان.

 

- معوض:
عضو لقاء قرنة شهوان الوزيرة والنائبة نايلة معوض قالت:
نفتقد في غياب خادم الحرمين الشريفين أحد أكبر القادة العرب، الذي أكد الدور الطليعي للمملكة العربية السعودية وحافظ على وحدتها ومنعتها واستقرارها في ظل معادلة عربية وإقليمية ودولية شهدت أزمات مصيرية، بدءاً بالصراع العربي ­ الإسرائيلي وما شهدته الساحة الفلسطينية من مآسٍ وأخطار، مروراً بالحروب المتتالية في العراق ومحيطه وصولاً إلى استشراء الإرهاب وتناميه وبالتالي التحديات التي واجهتها المملكة على هذا الصعيد.
لقد تميز جلالته طيلة حياته بحرصه على الارتقاء بالمملكة العربية السعودية إلى مستوى البلدان الأكثر تطوراً على الصُعد التربوية والإنمائية والعمرانية، حرصاً منه على طليعة المدافعين عن القضايا العربية المحقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ومن أكثر المتمسكين بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. واللبنانيون لن ينسوا رعايته لمؤتمر الوفاق الوطني في الطائف ومبادراته الشخصية لوضع حد للحرب وإطلاق مسيرة المصالحة والسلم الأهلي، تمهيداً لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها.

 

- حرب:
النائب بطرس حرب عضو لقاء قرنة شهوان قال: لا يمكن أن ننسى ما قدمته المملكة العربية السعودية في عهد المغفور له الملك فهد بن عبدالعزيز للبنان وشعبه، فكان دائماً يرحمه اللّه، يعتبر أن المملكة خير شقيق للبنان، وكلنا يعلم مدى حجم المساعدات التي كانت الرياض وما زالت تقدمها للبنانيين، سواءً السياسية أو الاقتصادية أو الإنسانية أو غيرها، وقد خسر لبنان بوفاة الملك فهد صديقاً وفياً ولم يدخر أي جهد أو عطاء لإنهاض بلدنا من كبوته.
وقد كان للفقيد الدور الكبير في إنقاذ لبنان من آتون الحرب المدمرة، ولا شك أن الخسارة كبيرة برحيل شخصية فذة كالملك فهد نذرت حياتها في سبيل خدمة قضايا شعبها وأمتها.

 

- العماد عون:
النائب العماد ميشال عون وجه البرقية الآتية إلى الملك عبداللّه:
"إن غياب جلالة الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، خادم الحرمين الشريفين، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ المنطقة والعالم، لهو خسارة بالغة للعرب والمسلمين، وخسارة لا تعوّض بالنسبة إلى لبنان الذي لطالما كان موضع رعاية الراحل الكبير واهتمامه ومؤازرته الدائمة على حل مشكلاته وأزماته بحكمة ودراية وبُعد نظر.
تعازينا الحارة إلى العائلة الكريمة والشعب السعودي الشقيق، وكلنا إيمان بأن الأمانة باتت مصانة وعزيزة في الأيدي الأمينة الوفية. رحم اللّه الراحل الكبير، ومنّ على آله ومحبيه وشعبه بالصبر والعزاء".

 

- المفتي قباني:
نعت دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية فقيد الأمة العربية والإسلامية خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود، وأعلن بيان صادر عن مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ الدكتور محمد رشيد راغب قباني الحداد ثلاثة أيام واقفال جميع المؤسسات التابعة لدار الفتوى.
وقال مفتي الجمهورية: ببالغ الحزن والأسى تلقينا نبأ وفاة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز رحمه اللّه تعالى، الذي خسر العالم أجمع بوفاته وخاصة العالمان العربي والإسلامي رجلاً عالمياً، فذاً في سياسته وحكمته التي استطاع بها أن يجعل من المملكة العربية السعودية دولة عصرية بقيم الإسلام والقرآن التي تقوم عليها المملكة في كل شؤونها، حتى حقق لشعبها العربي السعودي الشقيق الازدهار والنمو وفرص العيش الكريم، وجعل للمملكة العربية السعودية مكانة مرموقة وكلمة مسموعة في المجتمع الدولي، وساهم مساهمة فعالة في رعاية ومساعدة الدول العربية والإسلامية، وخاصة لبنان في اتفاق الطائف وخروجه من حروب الفتنة وفي نهضته ومشروعاته الاقتصادية والتنموية.
رحم اللّه خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعــــــزيز آل سعود رحمة واسعــــــة، وأسكنـــــــه فسيح جناتــــــه، وأنزلـــــــه منــــــازل الأبــــــرار مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقاً، وإنا للّه وإنا إليه راجعون.

 

- الشيخ قبلان:
نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى عبدالأمير قبلان، أبرق إلى الملك عبداللّه بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير سلطان بن عبدالعزيز معزياً بوفاة الملك فهد "الذي شكل رحيله خسارة كبيرة للأمة العربية والإسلامية، وافتقدت برحيله رمزاً وقائداً فذاً حفلت حياته بالعطاء وبالإسهامات الكبيرة في نهضة المملكة العربية السعودية ونقلها إلى مصاف الدول والبلاد الإسلامية، حيث امتدت يداه لتصلا بالخير إلى معظم الدول والبلاد الإسلامية حيث تشهد إنجازاته على مناقبيته وسمو شخصيته".

 

- الشيخ غيث:
برقية التعزية التي أرسلها شيخ عقل الموحدين الدروز إلى الملك عبداللّه تضمنت الآتي: "مصابكم جلل بفقدان المغفور له خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، لما لشخصيته المتميزة من أثر طيب في قلوب الجميع.
رحل مسجلاً صفحات بيضاء في التاريخ، عاملاً لإعلاء شأن الأمة العربية والإسلامية، معطاءً، محباً للخير".

 

- البطريرك صفير:
اعتبر البطريرك الماروني مار نصراللّه بطرس صفير أن فقدان الملك فهد خسارة للعالم الإسلامي واللبنانيين على السواء منوهاً باعتداله ودوره في سبيل إرساء السلام في لبنان.
وأضاف: "إن جلالة الملك رحمه اللّه كان يهتم بالشأن اللبناني وكان رجلاً معروفاً باعتداله وحكمته ومحبته للسلام. وهو الذي استضاف اللبنانيين... في الطائف".
وقال: "لا شك أن فقدان جلالة الملك خسارة كبيرة على العالم الإسلامي وبخاصة على اللبنانيين، الذين تشدهم إلى المملكة العربية السعودية روابط ألفة ومحبة...".

 

قائد الجيش العماد ميشال سليمان في زيارة رسمية الى المملكة العربية السعودية
في اطار علاقات الاخوّة والصداقة التي تربط بين لبنان والمملكة العربية السعودية، قامت بين الجيشين اللبناني والسعودي علاقات تعاون وتنسيق تجلّت من خلال تبادل الخبرات في مجال التدريب، ومن خلال الدعم والمساعدات التي قدمتها المملكة للجيش اللبناني.

وفي هذا السياق كانت لقائد الجيش اللبناني العماد ميشال سليمان زيارة للملكة العربية السعودية مطلع العام 2002، حيث التقى الملك عبدالله (كان يوم ذاك ولي العهد) وكبار المسؤولين العسكريين.
فقد زار العماد سليمان المملكة في كانون الثاني من العام 2002 على رأس وفد عسكري رفيع، ملبّياً دعوة رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة السعودية الفريق الأول الركن صالح بن علي المحيا.
خلال الزيارة التي استمرت خمسة ايام، استقبل ولي العهد ­ آنذاك ­ الامير عبدالله بن عبدالعزيز العماد ميشال سليمان، فحمّله تحياته لأبناء الشعب اللبناني معرباً عن تقديره لأبناء الجالية اللبنانية في المملكة. واعقبت هذا اللقاء لقاءات اخرى مع كبار المسؤولين العسكريين، بحثت خلالها سبل التعاون والتنسيق بين الجيشين في اطار المساعدات التي قدمتها المملكة للجيش اللبناني.
وأعرب قائد الجيش العماد ميشال سليمان في ختام الزيارة عن التقدير الكبير الذي يكنّه الجيش اللبناني لجلالة خادم الحرمين الشريفين، ولجيش المملكة الأبي، وعما يطمح إليه من تعاون مخلص مثمر، يستلهم الماضي المجيد تحفيزاً لإقامة حاضر مرجو، وتأسيساً لبناء مستقبل واعد.

 

جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز

ولد عبداللّه بن عبدالعزيز عام 1921، وسمي ملكاً عقب وفاة أخيه الأكبر الملك فهد. وقال ديبلوماسيون أنهم لا يتوقعون تغييرات كبرى في سياسة السعودية الخارجية أو النفطية تحت قيادة الملك عبداللّه الذي كان يدير الشؤون اليومية للمملكة بصفته ولياً للعهد، منذ إصابة الملك فهد بجلطة دماغية عام 1995.
ورغم أن الملك عبداللّه عرف بتوجهه القومي العربي إلا أنه عمل على إصلاح العلاقات مع واشنطن التي عكرتها هجمات 11 أيلول (سبتمبر). وحين بدأ مفجرون انتحاريون ينتمون للقاعدة سلسلة من الهجمات عام 2003، شنّ ولي العهد حملة غير مسبوقة وحذر من أن المعركة يمكن أن تستمر لعقود. وهدد المجموعات الإرهابية بأنه سيواصل ملاحقتهم، حتى لو استمر ذلك عقوداً.
وفي شباط (فبراير) من هذا العام أعلن أن الإرهاب لن يزول بين عشية وضحاها وأن الحرب على الإرهاب طويلة ومريرة.
وإلى جانب الإجراءات الأمنية بدأ عبداللّه إصلاحات سياسية شملت حواراً حول التحديات الوطنية وأجرى انتخابات في المجالس البلدية وكشف النقاب عن توجه لتوسعة تدريجية في الصلاحيات لمجلس الشورى.
وعلى صعيد الشرق الأوسط يدعم الملك عبداللّه الحقوق العربية، وهو وطرح اقتراح الأرض مقابل السلام لتسوية الصراع العربي ­ الإسرائيلي وميثاقاً عربياً من أجل مزيد من المشاركة السياسية، كما قاد محاولة لم تكلل بالنجاح لتفادي الحرب في العراق، ومبادرة لحل الصراع العربي ­ الإسرائيلي، تبنتها القمة العربية التي انعقدت في بيروت، لتصبح مبادرة عربية.