ملف العدد

ممارسة الدعارة من منظور سيكولوجي
إعداد: ريما سليم ضوميط

الفقر ليس الدافع الوحيد

 

يعتبر الفقر غالبًا الدافع الأساسي لتوجّه بعض النساء إلى ممارسة الدعارة. لكن في أحيانٍ كثيرة ثمّة دوافع أخرى تقود بعض النساء إلى هذا الخيار مع علمهن المسبق بعواقب ذلك. فماهي الأسباب التي تجعل امرأة ما تختار «مهنة مرذولة؟».
الاختصاصي في علم النفس العيادي الدكتور نبيل خوري يلقي الضوء.


ليس لديهن خيار آخر
يوضح الدكتور خوري أن الفقر هو الحافز الأساسي الذي يدفع بعض النساء إلى بيع أجسادهن حيث يجدن في الدعارة الوسيلة الوحيدة التي تؤمّن إعالة أولادهن! وغالبًا ما تنتمي المرأة التي تندرج في هذه الفئة، إلى بيئة فقيرة لم تتح لها تلقّي العلم والثقافة، وحرمتها بالتالي من فرصة الحصول على وظيفة محترمة أو مزاولة مهنة تدرّ عليها مدخولًا لائقًا يقيها العوز والحرمان. في هذه الحالة، التي تترافق عادةً مع غياب المعيل لأسبابٍ مختلفة، تجد المرأة أن جسدها هو الوسيلة الوحيدة التي تدرّ عليها المال من دون القيام بجهدٍ كبير، بصرف النظر عن الإساءات المعنويّة والجسديّة التي يمكن أن تتعرّض لها من جراء ممارسة الدعارة.

 

عقدة النقص
ويشير الدكتور خوري إلى فئةٍ أخرى من النساء اللواتي اتجهن إلى هذا المجال لأسباب نفسيّة. فالمرأة في هذه الفئة، هي في العادة أقل جمالًا من الأخريات. وهي ممّن يعانين مركّب نقص، حيث تشعر بأنها غير مرغوب بها أو أنها مرذولة في مجتمعها. يقابل هذا الشعور المرَضي، رغبات وحاجات غرائزيّة، تدفع بها إلى ممارسة البغاء بهدف مقاومة الشعور بالرفض الذي يتملّكها، فتغطّي بذلك عقدها النفسيّة وشعورها بالنقص، وتجد نفسها في الوقت عينه، منتجة مادّيًا!

 

رغبات جامحة
وهناك فئة أخرى، تعاني حالة مرضيّة تعرف طبيًّا باسم Nymphomania. وتكون لهؤلاء النساء عادةً رغبة جنسيّة فائضة عن الحدّ الطبيعي، فيسعين إلى إشباع غرائزهن وإرضاء رغباتهن التي لا ترتوي. وتتميّز النساء اللواتي يندرجن في هذه الخانة، برغبتهن القويّة في استمالة الجنس الآخر، علمًا أنهنّ يفخرن بكثرة الشركاء، ويتباهين بكثافة المعجبين، إذ يعتبرن أن ما وصلن إليه يعكس مقدار جمالهن.

 

ضحايا بيئتهن
هناك أيضًا فئة المُكرَهات على ممارسة الدعارة من قبل أبٍ أو زوجٍ أو قريبٍ. وتنتمي المرأة في هذه الفئة إلى بيئة تتّصف بالجهل وغياب الثقافة والأخلاق، إضافة إلى التفكّك الاجتماعيّ والأسري. وهي في هذه الحالة، تجد نفسها ضحيّة رجلٍ جاهلٍ يؤجّرها كالسلعة لكل من يدفع ثمنًا جيّدًا، فإن حاولت عدم الطاعة، تعرّضت للضرب والإهانة من الشخص الذي يفترض به أن يصونها ويحميها. في الإطار نفسه تندرج فئة النساء اللواتي يقعن ضحيّة الإتجار بالبشر. فالواحدة منهن يغرّر بها من قبل قوّادٍ يعرض عليها العمل خارج بلدها في مجالات مختلفة كالفن أو خدمة المطاعم أو الفنادق وغيرها، لتجد نفسها في بلد غريب مكرهة على ممارسة الدعارة، وغير قادرة على الفرار.

 

طريق العودة
هل يمكن للمرأة التي اختارت طريق الدعارة العودة عنها؟ وهل يساعدها العلاج النفسي في تخطّي مشكلتها؟ يجيب الدكتور خوري عن هذا السؤال بالقول:
عندما تمتهن المرأة الدعارة بسبب الفقر، وعندما تُكرَه على هذا العمل، يصبح الخروج منه أمرًا صعبًا، والأصعب منه التأقلم مع المجتمع وإيجاد فرصة عمل. فالمرأة التي تمارس الدعارة كوسيلة عيشٍ، تجد نفسها بعد ترك المهنة، من دون مصدر عيش، وهي في الأساس لم تكن مؤهّلة لممارسة وظيفة محترمة، ما يجعلها تعود إلى نقطة الصفر. والجدير ذكره هنا، أن بعض النساء يلقين الدعم من المؤسّسات الإنسانيّة التي تساعد المكرهات منهنّ على التخلص من مهنة الدعارة، وقد تساعدهن في تأمين وظيفة في مؤسّسة ما، لكنّها لا تستطيع أن تضمن لهن عدم الوقوع في فخ التحرّش الجنسي من قبل رب العمل وغيره، نظرًا لماضيهن الذي يشجّع الآخرين على القيام بمثل هذا التصرّف.
أمّا بالنسبة إلى النساء اللَّواتي اتجهن إلى الدعارة لأسبابٍ نفسية، فهؤلاء يحتجن إلى علاج نفسي لدى اختصاصيين بغية إيجاد الحلول المناسبة لكل حالة. مثلًا، المرأة التي تعاني مركّب نقصٍ يمكن أن يساعدها العلاج في اكتشاف مواهبها وقدراتها الذاتيّة وفي توظيفها في المكان الصحيح، والتخلّص بالتالي من عقــدة النقــص.