موضوع الغلاف

من أعماق الوجع: أنا فخورٌ جدًا
إعداد: باسكال معوّض بو مارون

قدّم العريف زين العابدين شمص حياته على مذبح الوطنية، وارتقى إلى الشهادة أعلى مراتب التضحية من أجل وطنه ومواطنيه. العريف الشجاع الذي كان دومًا في طليعة المتطوعين للمهمات الصعبة، استشهد في أثناء ملاحقة مجرم يعرض حياة مئات الشباب للموت أو الضياع.

 

من عمق المعاناة والوجع يصعد صوت والد الشهيد السيد عجاج شمص الذي يغالب دموعه وحزنه ليقول: «نحن نفتخر بالشهادة التي قدّمها ابننا ونضعها تاجًا على رأسنا ووسامًا على صدرنا وصدر كل شريف في هذا الوطن، فالشهادة تضحية ما بعدها تضحية، لأنّ بذل الدم هو أعظم التضحيات. ونحن لسنا نادمين أبدًا على انخراط زين العابدين في المؤسسة العسكرية، لأنّنا بالأصل عائلة لطالما التحق رجالها بهذه المؤسسة الوطنية التي نحترم ونجلّ و«لحم أكتافنا» من خيرها.

 

الشجاع العطوف

يتحدث الوالد الحزين عن ابنه: «كان زين إنسانًا حنونًا عطوفًا مع كل المحيطين به، لم يبالِ يومًا بمظاهر الأمور، كان عميق التفكير يركز على الأساسيات، ويتحلى بروح إيجابية تواجه صعوبات الحياة. وهو كان رجلًا مؤمنًا جدًا يؤدّي فروض الصلاة والصوم وعبادة الله بشكلٍ كامل». ويضيف: «لم تطرأ أي مهمة في منطقة البقاع إلا وكان ابني على رأس المتطوّعين للالتحاق بها، حتى أنّ رفاقه في السلاح أسرّوا إليّ في أثناء التشييع، «أنّه عندما يشترك زين معنا في أي مهمة «كان يكبر قلبنا» فهو كان ضمان نجاح المهمة ودرعًا لنا».

 

الواجب كاملًا

سحقت الظروف الاقتصادية الصعبة اللبنانيين ومن بينهم العسكريين، لكن العريف شمص حافظ على اندفاعه وحماسته للقيام بواجبه كاملًا. لم يفكر يومًا بالتخلي عن مؤسسته، بل عمل على التحضير لمشروع زراعي في المنطقة، إلا أنّ الموت دهمه قبل أن يحقق حلمه.

يكشف والد الشهيد أنّ قائد الجيش طمأنه مؤكّدًا له أنّ دم ابنه زين العابدين لن يذهب هدرًا، وكذلك فعل رفاقه في السلاح... ويقول: أملنا كبير وثقتنا أكبر بهذه المؤسسة العسكرية الغالية على قلوبنا، وقد سلّمنا قيادتها الحكيمة الأمانة للاقتصاص لنا من المجرمين الذين يسوّقون السموم لأولادنا وشبابنا في هذا الوطن.

العريف الشهيد زين العابدين إلى جنان الخلد مع من سبقه من الشهداء الأبرار، أما المجرمون فإلى الحساب...

 

في وداع الشهيد

شيّعت قيادة الجيش وأهالي بلدة بوداي – بعلبك العريف الشهيد زين العابدين شمص، في موكب حاشد ومهيب. رفاق السلاح رفعوا شهيدهم عاليًا على الأكتاف وساروا به وسط نثر الورود وصرخات الحزن من حناجر الأحباء.

استُهلّ التشييع بإقامة مراسم التكريم للشهيد أمام مستشفى العبدالله – رياق، حيث أدّت له ثلّة من الشرطة العسكرية وموسيقى الجيش التحية والتشريفات اللازمة، وجرى تقليده أوسمة الحرب والجرحى والتقدير العسكري من الدرجة البرونزية.

من ثم أُقيمت الصلاة على جثمانه في بلدته بوداي في حضور حشد من المواطنين ورفاق السلاح، على رأسهم العميد محبوب عون ممثلًا وزير الدفاع موريس سليم وقائد الجيش العماد جوزاف عون. وشارك في التشييع عدد من النوّاب وممثلون لقادة الأجهزة الأمنية وفاعليات دينية وأمنية وسياسية واجتماعية.

 

جسّد القِيَم والتضحية

ألقى العميد عون كلمة وزير الدفاع وقائد الجيش، فقال: «تختلط في قلوبنا مشاعر الاعتزاز مع مشاعر الأسى، إذ نجتمع لوداع رفيق سلاحنا العريف الشهيد زين العابدين شمص، الذي جسّد خلال حياته قِيَم الوطنية والمناقبية والإخلاص للجيش والولاء للبنان، وجسّد في شهادته التضحية القصوى بعد أن اختارته السماء ليكون في مصاف من سبقوه من الشهداء الأبرار. وهكذا كل عسكري تربّى على رسالة الجندية واعتنق مبادئها عن اقتناع وإيمان، يحسب كل يوم يقضيه في خدمة بلاده صفحةً مشرقة تُضاف إلى سجل حياته العسكرية، ويرى في الجهد والتعب وبذل الدماء مدعاة فخرٍ له في دفاعه عن بلاده وأرواح إخوته في الوطن، أما الشهادة فهي دائمًا تُحسب عليه، منذ أن انضمّ إلى مسيرة الشرف والتضحية والوفاء، فيظلّ مستعدًا لبذل حياته على مذبح الوطن حين تدعو الحاجة، ليصدّ بذلك كيد المجرمين المتربّصين ببلدنا وأهلنا شرًا».

 

الإرث المشرّف

وتابع: «لا شكّ في أنّ مزايا شهيدنا كانت نتاج تربية وطنية صالحة في كنف عائلة أحبّت الجيش وشجّعت ابنها زين العابدين على التطوّع في صفوفه، وهذا ليس غريبًا على بلدتكم الكريمة ولا على منطقة بعلبك المُحبّة للجيش والوفية للنهج الوطني القويم، وإنّنا نجد عزاءنا في أفراد أسرة الشهيد الذين أخذوا عنه المناقب السامية، ونعتبرهم أبناء لنا وأمانة في أعناقنا، وسوف تبقى أبواب المؤسسة العسكرية مفتوحة أمامهم لتستقبلهم وتُعينهم في مختلف الشؤون. وفي الوقت نفسه، وفي حضرة شهادة زين العابدين التي لا تفوقها مرتبة، نشعر بحجم مسؤولية حفظ هذا الإرث المشرف».

وختم قائلًا: «نعاهد الشهيد الغالي على أن نتابع المسيرة، عازمين على ملاحقة المجرمين والمخلّين بالأمن حيثما كانوا، وإنّ يد العدالة ستنال منهم عاجـلًا أَم آجـلًا بلا شـكّ».

 

العريف الشهيد زين العابدين عجاج شمص

نعت قيادة الجيش العريف الشهيد زين العابدين عجاج شمص، الذي استشهد بتاريخ 3/6/2022 بعد تعرّضه لإطلاق نار في أثناء تنفيذ مهمة دهم في منطقة الشراونة – بعلبك.

• من مواليد 24/1/1994 في بعلبك.

• مُدّدت خدماته في الجيش إعتبارًا من 24/1/2012

• نُقل إلى الخدمة الفعلية بصفة جندي بتاريخ 9/12/2015.

• حائز: تهنئة وزير الداخلية والبلديات، تنويه العماد قائد الجيش 4 مرات وتهنئته 5 مرات، تهنئة مدير المخابرات وقائد المنطقة.

• متأهل وله ولدان.