العوافي يا وطن

من القصر ومحيطه الى ساحات أوسع للواجب
إعداد: ندين البلعة
تصوير: الرقيب فيصل عامر

إسمه يدل الى مهامه: لواء الحرس الجمهوري، خرج من القصر ومحيطه موسعاً انتشاره، ملبياً نداء الواجب في ظروف استثنائية. المهمة ومدى تكيف العسكريين مع موجباتها في ما يأتي.
 

مسيّر أعمال اللواء:  لمهامنا خصوصيتها
مسيّر أعمال لواء الحرس الجمهوري، العميد الركن خليل المسنّ يحدّد بداية مهام اللواء الذي يتولّى حماية فخامة الرئيس وعائلته وزواره في الإقامة وفي أثناء الإنتقال، والدفاع الفعّال عن القصر الجمهوري ومحيطه. إضافة الى ذلك، فهو لواء إحتياط لقيادة الجيش في حال وجود وضع عام إستثنائي يقتضي تكليفه بمهمة معينة.
ويوضح: في الأوضاع العادية مركز اهتمامنا وأساس مهمتنا هو رمز الدولة رئيس الجمهورية. وهذا ما يستتبع وجودنا بالقرب من الرئيس أي في القصر ومحيطه.
ويتألف لواء الحرس الجمهوري من أربع كتائب:
- كتيبة مهمتها حماية فخامة الرئيس وانتقالاته ومراكز إقامته والقصر الجمهوري.
- كتيبة تتولى حماية محيط القصر، وتنفيذ مهمات خارجية كحماية بعيدة للرئيس.
- كتيبة حرس شرف خلال التشريفات.
- كتيبة لوجستية تقوم بخدمة هذه القطع (عتاد، مطبخ ومشاغل...). هذا بالاضافة الى سرايا شرطة وإشارة... ونظراً الى خصوصية المهام التي يتولاّها الحرس الجمهوري ودقّتها، فإن اختيار عناصره يتم وفقاً لمعايير معينة.
ويوضح العميد المسنّ: تعاطي عناصرنا يكون عادة مع شخصيات وزوّار أجانب من مستوى ملوك ورؤساء ووزراء... وهذا ما يتطلّب حداً معيناً من اللياقة والمعرفة والأخلاقيات. لذلك عناصر الحرس يجب أن يكونوا من النخبة لتولي هذه المهمة وتنفيذها كما يجب. وهم يتابعون تدريبات خاصة تتناسب والمهمة الموكلة اليهم. ولقد استطاع الحرس الجمهوري في مختلف العهود أن ينفّذ المهام من دون أي خطأ مع شهادات على الإنضباطية والسلوكية العالية التي تحلّى بها.

 

الضرورة اقتضت ذلك
• ماذا عن المهمة الحالية للواء؟

- مع فراغ سدّة الرئاسة بانتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، من دون وجود خلف له، بقيت مهمة حماية القصر مسؤوليتنا الى حين انتخاب رئيس جديد يملأ هذا الفراغ لنعود فنتولى حمايته. لكن الى ذلك، ووفقاً للبند الثاني من مهامنا، كاحتياط لدى قيادة الجيش تمّ توسيع نطاق انتشارنا. فقد اقتضى الضغط الحاصل على الجيش وتوليه الأمن على جميع الأراضي اللبنانية في ظلّ التشنج السائد في البلاد، جعل انتشارنا في نطاقه الواسع لفترة مؤقتة، عوضاً عن حماية المحيط الضيق للقصر.

 

تفاصيل عملانية
لمزيد من التفاصيل العملانية حول المهمة الطارئة للواء الحرس الجمهوري، التقينا رئيس أركان اللواء العقيد الركن ميلاد طنّوس ورئيس القسم الثالث العقيد محمد جانبيه.
قال العقيد الركن طنوس: بسبب الفراغ الناجم عن عدم إنتخاب رئيس بات عملنا محصوراً في حفظ أمن القصر، بينما القوى المخصصة لحماية أمن الرئيس جاهزة لتنفيذ أي مهمة توكل اليها. من هنا كان من المنطقي أن توضَع إمكاناتنا بتصرّف قيادة الجيش لدعم باقي الوحدات في مهمة حفظ الأمن على الأرض.
ويتابع العقيد الركن طنّوس: أمّنّا إنتشاراً عملانياً في قطاع المسؤولية في مهمة مشابهة لمهام باقي ألوية الجيش. ونظراً الى ما يتميّز به اللواء من ديناميكية وتمرّس عملاني وأداء نوعي لمختلف المهام العسكرية والأمنية، لم يؤثر هذا التحول النوعي على عناصر اللواء سلباً. ونحن جاهزون لتنفيذ كل ما يوكل الينا.
ويضيف قائلاً: لرئيس الجمهورية تحرّكات كثيرة خارج القصر الجمهوري، وبالطبع فإن لواء الحرس الجمهوري يتولّى تحضير الخطط ويتحرّك ضمن بقع تمركزه لتنفيذ مهام عملانية على جميع الأراضي اللبنانية لتأمين حماية الرئيس، وهذا ما يجعله متمرساً بالمهام الأمنية العملانية. يعمل اللواء بتنسيق وتعاون تام مع باقي الوحدات ضمن إطار التعليمات الصادرة عن القيادة. وتشكّل هذه المهمة عملاً حيوياً بالنسبة الى العناصر، أخرجهم من روتين العمل اليومي، وتأقلموا معه بسهولة. أما التعاطي مع المدنيين على الطرقات، فلا يربكهم، على العكس هم مرتاحون الى ردة فعل المواطنين الذين يشيدون بدور الجيش وبحزمه وأسلوبه المهذّب في التعاطي مع المارة.
نعرف مهمتنا بشكل واضح ودقيق، ونفهم التعليمات العسكرية، ندرك ما هو المسموح وما هو الممنوع ونعمل على هذا الأساس. بهذه الجملة يختم رئيس أركان اللواء حديثه، ونودّعه لننطلق في جولة ميدانية على بعض المراكز.

 

مركز ثقل
العقيد أحمد عودة رئيس قسم التوجيه والإعلام في اللواء، والمقدّم محمد فوّال من القسم الثاني والنقيب إيلي مينا من القسم الثالث رافقونا في جولتنا. في الطريق، يشرح لنا العقيد عودة: المنطقة التي تسلّمناها وأوكلنا بحفظ أمنها هي منطقة مميّزة. فهي تتميز بكثافة سكانية هائلة وبتنوع الإنتماءات السياسية والطائفية، وتضم أماكن رسمية ومراكز عبادة. بالاضافة الى أنها منطقة سفارات والأهم الأهم أنها نقطة وجود مركز قيادة الجيش والقصر الجمهوري. هذا ما يميّز مهمتنا، إنها تتركّز في مركز ثقل لبناني.

 

لا صعوبات
وقفتنا الأولى كانت على حاجز لكتيبة الدعم في اللواء، الرائد جورج نادر (آمر سرية الهاون في كتيبة الدعم) يشرح لنا: السرية أنشأت مراكز مضاد للطائرات للدفاع عن مراكز حيوية. مبدئياً لا نواجه صعوبات في تنفيذ مهامنا، عسكرنا واعٍ ويعرف كيفية التصرف، فهو مدرّب على مهام مماثلة، يتعرّف على المنطقة حيث يجب أن يكون، فيتأقلم سريعاً مع الأجواء.
ويشير الرقيب الأول المغوار محمود حمود الى أن عناصر اللواء ينفّذون حالياً عمل أي عسكري في أي وحدة على الأرض: حفظ الأمن. يضيف: نحن جزء من الجيش ومستعدون لتنفيذ كل الأوامر التي توجهها قيادة الجيش من دون أي تهاون أو إخفاق. ويشاركه الرأي الرقيب الأول صادق أبو ابراهيم: لم يتغيّر الوضع بالنسبة الينا، لكننا انتشرنا وأصبحنا أقرب من الناس نتعامل معهم بشكل مباشر.

 

دوريات ورصد أي تحرّك
في مركز آخر تسلّمته كتيبة الدعم في لواء الحرس الجمهوري، من اللواء الثامن، تجري أعمال تحسين للمركز لجهة شروط الحياة والتمركز. الرائد المغوار مارون القزّي (آمر سرية المضاد في كتيبة الدعم) ومساعده الملازم الأول المغوار حسن يزبك، حاضران في المركز: «لدينا دوريات مدولبة وراجلة في المنطقة، لم نكن معايشين لتفاصيلها في الأصل. ولكننا لم نواجه أي مشاكل، تغيّر نمط العمل ولكنه ظلّ في اتجاهٍ موازٍ لمهامنا الأساسية. نحن مولجون تثبيت الأمن والقيام بدوريات لطمأنة الناس. ولقد لمس أبناء المنطقة تأثير انتشارنا وتمركزنا على الأرض».
ويعقّب على كلام الرائد القزي الرقيب بدر الدين القنطار: «إن ردة فعل الناس تظهر مدى ارتياحهم لوجودنا في ما بينهم. فمن خلال الدوريات التي نقوم بها والحواجز ونقاط التفتيش المنتشرة، نضمن سلامتهم وأمنهم ليتنقّلوا باطمئنان». ويضيف «كل شيء تمام، ونحن قدّ المسؤولية».
نقطة حساسة أخرى ننتقل اليها: النقيب طوني جريج (آمر سرية التشريفات في الكتيبة الأولى) يوضح: نحن في عقدة طرق هامة تصل بيروت بطريق الشام ما اقتضى أن نركّز نقاط مراقبة لرصد أي تحرّك مشبوه ومنع إقفال الطرق بأي شكل من الأشكال، بالاضافة الى التدخّل بأعداد أكبر في حال حدوث أي شغب.
تأقلم العسكر مع المهمة يظهر بشكل واضح: الرقيب روجيه نخلة يقول عندما نسأله عمّا تعنيه له هذه المهمة: «كانت مهمتنا حماية الرئيس، والآن أصبح واجبنا الإنضمام الى رفاقنا خارج القصر لكي نكون معهم في مهمة حفظ الأمن مع غياب رئيس الجمهورية».
أمّا الجندي فادي حسن فيقول حين نسأله عن تعب الوقوف المتواصل على الطرقات: «نحن لا نتعب، فنحن نضمن الأمن للمواطنين ونلقى تجاوباً واضحاً من قِبلهم، إذ نقوم بمهامنا على أكمل وجه».
ويختم العريف عبدو مساعد: «مهما كانت المهمة وأينما كانت، هذا واجبنا وعلينا تلبيته عندما ينادي. الناس يحبّون الجيش؛ نحن من هذا الجيش ومهمتنا حماية الشعب والمنطقة والوطن وهذا أكبر شرف بالنسبة الينا».