من الذاكرة

من المالكية إلى العديسة الجيش اللبناني في مواجهة العدو الإسرائيلي
إعداد: ريما سليم ضوميط

مسيرة بطولة وشهادة

 

منذ إعلانها دولة العام 1948، باشرت إسرائيل سعيها للاستيلاء على الأراضي العربية المحيطة بها، وقد قامت لهذه الغاية باعتداءات واجتياحات كان للأراضي اللبنانيّة النصيب الأكبر منها، وقضى خلالها مئات الأبرياء ضحيّة أطماع العدو. الجيش اللبناني كانت له منذ ذلك الوقت مواجهات عديدة مع العدو، سجّل خلالها بطولات، وقدّم شهداء.

 

معركة المالكية (أيار 1948)
في الحرب العربية - الإسرائيلية الأولى (1948)، كانت المالكية (القرية الواقعة على مسافة نصف كلم من الحدود اللبنانية - الفلسطينية) عرضة لمعارك دموية كثيرة، بسبب طمع اسرائيل فيها. وفي ليل الخامس عشر من أيار ذلك العام، شنّت القوات الإسرائيليـة هجومـًا خاطفًا للإستيــلاء على القــرية والتلال المحيطة بها، فسارعت قوات الجيش اللبناني إلى اجتياز الحدود، حيث تصدّى الملازم أول في الجيش اللبناني محمد زغيب ورجاله للقوات الإسرائيلية وتمكّنوا من استرداد السيطرة على المالكية. وبحسب ما ذكرته وكالة «Associated Press» عن تلك المعركة، فإنه بعد أسبوعين تقريبًا، ابتكرت اسرائيل خدعة متطوّرة لاحتلال القرية من جديد. فبدأت أولاً بشن هجوم على حامية القرية المؤلفة من جنود الجيش اللبناني، مما اضطر العسكريين إلى طلب التعزيزات، ثم تسلّل رتل إسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية مستخدمًا طريقًا مجاورة، وقارب القرية من الوراء زاعمًا أنه رتل التعزيزات اللبنانية. سارت القافلة في طريقها بأمان، ومرّت بعدّة قرى لبنانية واستقبلها السكّان بسرور معتقدين أنها قافلة لبنانية. وقد التقت وهي في الطريق، التعزيزات اللبنانية الحقيقية وباغتتها بهجوم كاسح. أخيرًا هاجمت القافلة المالكيّة واستعادت السيطرة عليها في الساعات الأولى من صباح 29 أيار. وبعد حوالى أسبوعين، نجح الجيش اللبناني في استرداد القرية والتمسّك بها مدّة الصيف كله، إلّا أنه وتحت غطاء جوّي من الطائرات الحربية الإسرائيلية، وضغط الهجوم البرّي الذي شنّته أربعة ألوية إسرائيلية في إطار عملية «حيرام»، تمكّن لواء شيفع (السابع) من اجتياح القرية في أواخر تشرين الأول 1948، وكان احتلال المالكيّة ضمن احتلال ما أصبح يعرف بـ«القرى السبع اللبنانية».
استشهد في معركة المالكية عدد من جنود الجيش اللبناني على رأسهم قائد الحامية النقيب محمد زغيب (وقد سمّيت ثكنة الجيش في صيدا تيمّنًا باسمه وتخليداً لذكراه)، حيث منحه الزعيم العام قائد الجيش فؤاد شهاب وسام الأرز من رتبة فارس.

 

من 1948 إلى منتصف السبعينيات
على الرغم من اتفاقية الهدنة التي وقّعها لبنان معها وسواه من الدول العربية، شنّت اسرائيل اعتداءات متكررة على المناطق الحدودية جنوب لبنان بين العام 1948 والعام 1965 متسبّبة بسقوط الكثير من القتلى والجرحى، إضافة إلى الأضرار المادية. العام 1967 وعلى الرغم من أن لبنان لم يشارك في حرب حزيران، فقد اجتاحت اسرائيل قسمًا من مزارع بلدة شبعا واحتلتها وطردت أهلها وفجّرت منازلهم. في حزيران 1968 قصفت اسرائيل ميس الجبل، وفي 26 كانون الأول من العام ذاته، أغارت على مطار بيروت الدولي، وفي صيف 1969 شنّت سلسلة هجمات على الجنوب.
العام 1970 اجتاح الجيش الاسرائيلي منطقة العرقوب، ثم أعاد اجتياحها في مطلع العام 1971 وفي أيلول 1972، وانتهى الإجتياح الأخير كما سابقيه بالانسحاب بناءً على قرار من مجلس الأمن الدولي.
دفع الجيش اللبناني في دفاعه عن أرضه في اجتياح أيلول 1972 ضريبة الدم، مقدّمًا تسعة عشر شهيدًا على مذبح الوطن إضافة إلى ستة وأربعين جريحًا، ولكنّه في المقابل لقّن العدو درسًا في البطولة حيث دمرت دبّابة واحدة له (كانت بإمرة الرقيب أول اسماعيل أحمد) سبع دبابات للجيش الإسرائيلي، وظلّت تقاتل حتى نفاذ الذخيرة، بالرغم من كثافة الطيران المعادي. وقد لاقت مواجهته الشجاعة للعدوان الإسرائيلي الصدى المدوي في الأوساط السياسية والشعبيّة، والصحافة الوطنيّة والعالميّة. وجاء في تقرير لمراسل أجنبي واكب الحملة الإسرائيلية على جنوب لبنان أن «الجيش اللبناني قاتل بشدّة، فأعطت مقاومته صورة جيّدة عن معنويّاته، وقلبت جدول التوقيت الإسرائيلي رأسًا على عقب. وقد حملت هذه المقاومة الإسرائيليين على إجراء تغييرات في خططهم». وأضاف: «إذا حكمنا على نتائج الإصابات الفعليّة، فلا بد من القول بأن الجهد الذي بذله الإسرائيليون لا يمكن اعتباره نجاحًا».
في تشرين الأول من العام 1973 قصفت طائرات إسرائيل رادار الباروك في اعتداء غادر أدّى إلى استشهاد تسعة عسكريين. ومع انتهاء الحرب العام نفسه بين سوريا ومصر من جهة واسرائيل من جهة أخرى، عادت الهجمات الاسرائيلية تستهدف جنوب لبنان. وفي آب 1974، بدأت تل أبيب تنفيذ ما أسمته سياسة الضربات الوقائية، فأصبحت ضرباتها على القواعد الفلسطينية والقرى الحدودية شبه يومية.
مع بدء الأحداث الدامية في لبنان، انتقلت غالبيّة عناصر المقاومة الفلسطينية من منطقة الحدود اللبنانية - الاسرائيلية الى الداخل، ومع ذلك استمرت العمليات الاسرائيلية ضد لبنان. ففي 25 أيار 1975 حاول الاسرائيليون اقتحام بلدة عيتا الشعب واشتبكوا مع الجيش اللبناني ما أدّى إلى استشهاد سبعة عسكريين. وحصلت اعتداءات أخرى العام نفسه من بينها قصف منطقة صور، ومحاولة اقامة مراكز ثابتة على طريق مرجعيون صدها الجيش اللبناني.
مع اندلاع الحرب في لبنان العام 1975 وانحسار سلطة الدولة اللبنانية، عمدت اسرائيل الى التدخل المباشر في الشؤون الداخلية اللبنانية، وفي هذا السياق أتى بعد أشهر تشكيلها ميليشيا محلية سيطرت في ما بعد وبرعاية اسرائيل، على المنطقة التي عرفت بالمنطقة الحدودية. عملت الدولة العبرية على خلق الفتنة وزرع الشقاق بين الجنوبيين وتعميقه من خلال مناصرة فئة ضد أخرى، والتدخل العسكري المباشر لجيشها ومخابراتها. والعام 1977 عززت اسرائيل علاقتها بالميليشيا الجنوبية، فتم تأليف لجنة فرعية لقضايا لبنان الجنوبي من قبل الشؤون الخارجية والأمن في «الكنيست»، وذلك بعد أن كانت اسرائيل باشرت تطبيق سياسة «الجدار الطيب». كل هذه الخطوات كانت تمهيداً لأخرى أكثر خطورة أتت في ما بعد.

 

1978 – 1981: عملية الليطاني وهجمات وقضم أراضٍ
على أثر هجوم نفّذه فلسطينيون على طريق حيفا - تل أبيب، وتحت ذريعة قدوم مهاجمين من الأراضي اللبنانية، اجتاحت اسرائيل جنوب لبنان ليل 14-15 آذار 1978 في عملية اسمتها «عملية الليطاني». وأعلن قائد الأركان الاسرائيلي موردخاي غور ان اسرائيل تنوي اقامة حزام أمني على طول الحدود اللبنانية، وحدد مسؤولون اسرائيليون العمق المنوي بلوغه بـ10 كلم. وفي 18 آذار كانت القوات الاسرائيلية قد اجتازت هذا العمق واحتلت كل المناطق الواقعة جنوب الليطاني باستثناء أربعة جيوب. على أثر هذه العملية أصدر مجلس الأمن الدولي القرار الرقم 425 الذي قضى بانسحاب اسرائيل من لبنان حتى الحدود الدولية، وبتكليف قوى دولية مهمّات حفظ السلام في الجنوب. في حزيران انسحبت القوات الاسرائيلية وانتشرت قوات الطوارئ الدولية، لكن اسرائيل أبقت سيطرتها على الأرض من خلال تسليم الأمن في المنطقة الحدودية الممتدة من الساحل غربًا حتى مرجعيون شرقًا، إلى ميليشيا المتعاملين معها، وقد أضاف العدو إلى هذه المنطقة مناطق أخرى في ما بعد.
حاولت الدولة اللبنانية استعادة سلطتها على الجنوب، فقررت إرسال قوة من الجيش إليه تعمل بالتنسيق مع قوات الطوارئ الدولية. وفي 31 تموز 1978 تحركت هذه القوة باتجاه مرجعيون لكنّها توقفت في كوكبا بعد تعرّضها لقصف مدفعي كثيف، وأخفقت الأمم المتحدة والولايات المتحدة في إقناع اسرائيل بعدم عرقلة انتشار الجيش اللبناني.
في 19 كانون الثاني من العام 1979 صدر عن مجلس الأمن القرار 444 الذي دعا الحكومة اللبنانية إلى وضع برنامج عمل خلال ثلاثة أشهر لاستعادة سيطرتها على جنوب البلاد. رفضت اسرائيل انتشار الجيش اللبناني في الجنوب وأصرت على بقاء الحزام الأمني تحت سيطرة الميليشيات المتعاملة مع العدو، ومع اقتراب الموعد المحدد للانتشار بدأت هذه الميليشيات المدعومة من اسرائيل قصفًا مدفعيًا استهدف القوى العسكرية اللبنانية المتمركزة في القطاع التابع للقوات الدولية، وأعلن سعد حداد قائد هذه الميليشيات «دولة لبنان الحر» على الأراضي التي يسيطر عليها بتاريخ 19 نيسان 1979. خلال العام 1979 استمرت العمليات الاسرائيلية في الجنوب وسقط بنتيجتها عدد كبير من الشهداء والجرحى. واعتبارًا من أيار تضاعفت هذه الاعتداءات، ولم تحل إدانات مجلس الأمن دون تصاعدها ودون اتخاذ اسرائيل مواقع ثابتة في المنطقة الحدودية الواقعة تحت سيطرة ميليشيا حداد. شهد العام 1980 عدة تطورات عسكرية على غرار الأعوام السابقة له، لكن التطور الأبرز تمثّل في سياسة قضم أراضٍ لبنانية، حيث اقتطعت اسرائيل مساحات شاسعة من الأراضي الحدودية في العديسة وعلما الشعب وعيتا الشعب وعيترون ورميش وحولا وميس الجبل، وغيرها من القرى المتاخمة.
العام 1981 حاولت الدولة اللبنانية مرة جديدة إرسال وحدات من الجيش إلى المناطق الحدودية بهدف تنفيذ القرار الدولي، وعدم إعطاء الاسرائيليين الذرائع التي تبرر عملياتهم. وعلى غرار ما حصل في السابق تعرضت وحدة من الجيش فور وصولها الى القنطرة إلى اعتداء من ميليشيا لحد، وبعد أيام قليلة اقتحمت قوة اسرائيلية بلدة تولين جنوبي القنطرة واشتبكت مع الجيش اللبناني. في تموز 1981 شنت اسرائيل هجومات عنيفة جدًا ضد لبنان حيث دمرت 6 جسور تربط الجنوب بباقي أنحاء البلاد.

 

اجتياح 1982
بدأت اسرائيل اجتياح لبنان في 6 حزيران العام 1982 تحت عنوان «سلامة الجليل» في عملية برّرتها بأنها ردّ على الاعتداء الذي تعرّض له سفيرها في لندن. اجتاحت اسرائيل ثلث الأراضي اللبنانية، ودفعت إلى العاصمة والمناطق آلاتها الحربية البرية والجوية والبحرية مخلّفة أضرارًا جسيمة في الأرواح والممتلكات. شمل اجتياح 1982، ثلث الاراضي اللبنانية وارتكب الجيش الإسرائيلي خلاله عدة مجازر في صيدا والزهراني والزرارية وبئر العبد والصنائع وصبرا وشاتيلا. وحاصرت القوات الاسرائيلية بيروت 83 يومًا وقصفتها بعشرات الآلاف من القذائف والصواريخ، وكانت حصيلة الاجتياح نحو 18913 قتيلًا و30457 جريحًا، إضافة إلى أضرار مادية قدرت بنحو ملياري دولار.
أصدر مجلس الأمن ما بين 4 حزيران 1982 (بدء العمليات العسكرية الاسرائيلية التي مهدت للاجتياح) و19 أيلول (يوم اكتشاف مجازر صبرا وشاتيلا)، 10 قرارات حول الأحداث المتعلقة بالاجتياح. أما في لبنان فقد بدأت تظهر طلائع مقاومة الاحتلال التي ما لبثت أن تنامت وتصاعدت وتيرتها. وجاء انسحاب القوات الاسرائيلية من لبنان بعد اجتياح 1982 وفق الآتي:
بيروت: بين 22 و29 أيلول 1982.
الشوف وعاليه: 3 و4 أيلول 1983.
صيدا ومنطقتها: 16 شباط 1985.
جزين والبقاع الغربي وجبل الباروك: 24 نيسان 1985.
وفي 10 حزيران 1985 أعلنت اسرائيل انسحابها رسميًا من لبنان، غير أن هذا الانسحاب لم يكن كاملاً، فقد احتفظت اسرائيل بنسخة معدلة عن الشريط الحدودي الذي كانت أقامته بعد اجتياح 1978، وأضافت إليه قرى وبلدات أخرى بحيث باتت مساحته تبلغ نصف الجنوب وعُشر مساحة لبنان.

 

1990 – 2000: المقاومة والتحرير
في مطلع التسعينيات وبعد عودة الاستقرار إلى الساحة الداخلية وإعادة بناء الدولة والجيش، بدأ الوضع الجنوبي يشهد تطورات نوعية، ففي ظل دعم رسمي وشعبي، تنامت حركة مقاومة الاحتلال وبدأ الجيش انتشاره باتجاه الجنوب مزوّدًا أوامر تقضي بالرد على الاعتداءات الاسرائيلية ومواجهتها. مع انتشار الجيش في منطقة تابعة لنطاق عمل القوات الدولية العام 1991 بدأت اسرائيل خطوات تصعيدية أرفقتها بسلسلة تهديدات. وفي مطلع العام 1992 نفّذت عدوانًا في منطقة تقع ضمن نطاق عمل قوات الطوارئ، لكن الجيش اللبناني ثبت في مواقعه وعزّز انتشاره جنوبًا. في 25 تموز 1993، شنّت اسرائيل واحدًا من اعتداءاتها المروعة على لبنان وقد استمر أيامًا، واستعملت فيه مختلف أسلحتها البرية والبحرية والجوية. كانت العملية تحت عنوان «تصفية الحساب» وحاولت اسرائيل من خلالها الضغط على الحكومة اللبنانية لوقف عمل المقاومة. لكن المقاومة استمرت مع استمرار الاحتلال، وتنامى الدعم الرسمي والشعبي لها في موازاة تنامي مشاعر الوحدة بين اللبنانيين وتماسكهم في مواجهة العدوان. سقط للجيش اللبناني في هذا الإعتداء شهيدان وعدد من الجرحى.
في نيسان 1996 نفذت اسرائيل عملية «عناقيد الغضب» ضد لبنان، ارتكبت خلالها مجازر قانا والمنصوري والنبطية. أدت هذه العملية إلى سقوط 175 شهيدًا (بينهم أكثر من مئة امرأة وطفل قتلوا داخل مركز القوات الدولية في قانا وأربعة عسكريين) إضافة إلى 300 جريح، ونزوح 45 ألف عائلة، وأضرار مادية جسيمة في المنشآت والمرافق العامة والممتلكات، وانتهت بتوقيع «تفاهم نيسان». عاش لبنان خلال هذه العدوان حالة استنفار وطني شاملة تجلّت في تكاتف اللبنانيين لمواجهته بموقف واحد، حيث بدأ معه العد العكسـي لزوال الاحتلال.
العام 1997 نفّذت إسرائيل اعتداءً على مركز للجيش في عربصاليم استشهد خلاله النقيب جواد عازار وخمسة عسكريين، فيما أصيب سبعة آخرون بجروح. وخلال العامين 1999 و2000 نفّذت اسرائيل اعتداءات واسعة مستهدفة بشكل خاص محطات الكهرباء والجسور وسواها من منشآت حيوية، غير أن كل تلك الاعتداءات جابهها لبنان الرسمي والشعبي بموقف واحد متمسّكًا بحق مقاومة الاحتلال حتى زواله، فكان انسحاب اسرائيل من جزين العام 1999 ومن الجنوب والبقاع الغربي باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من قرية الغجر في 24 أيار 2000، وقد أعلن يوم 25 أيّار عيدًا للمقاومة والتحرير.


عدوان تموز 2006
في خضم الصراع العربي الإسرائيلي، ومع إصرار إسرائيل على إبقاء مختطفين لديها، نفّذ حزب الله، في الثاني عشر من تموز 2006، عملية «الوعد الصادق»، التي أدّت إلى أسر جنديين اسرائيليين، وقتل ثمانية وكان هدفها الضغط لتبادل الأسرى. فإذا بإسرائيل تردّ بحرب أسمتها «الجزاء المناسب» بينما هي بالواقع «حرب مفتوحة» ضد لبنان، والتخطيط لها بدأ منذ وقت طويل. أمّا تسمية «الجزاء المناسب» فتمويه حاول تصوير عملية الأسر على أنها شرارة الحرب وسببها. بعد أيام ليست طويلة نشرت صحيفة «سان فرنسيسكو كرونيكال» الأميركية تقريرًا مفاده أن هذه الحرب لا علاقة لها بأسر الجنديين، والإعداد لها بدأ منذ العام 2000.
استخدمت إسرائيل في حربها الوحشيّة جميع أنواع الأسلحة المدمّرة التي استهدفت المدنيين الأبرياء في لبنان، وأنزلت أشدّ الأضرار في البنى التحتيّة والمرافق الحيويّة، ودمّرت البيوت والأرزاق والمنشآت والطرقات. وقد أعلنت المنظمات الإنسانية أسفها للغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت الجسور ودمّرتها، قاطعة الطرق الرئيسة لنقل المساعدات الإنسانية وإجلاء النازحين.
بعد مرور أكثر من شهر، وبعد مشاورات ماراتونية، تبنّى مجلس الأمن فجر 11 آب، وبالإجماع القرار 1701 الذي يدعو إلى وقف كامل لجميع العمليات الحربية، على أمل التوصل إلى اتفاق على وقفٍ دائم لإطــلاق النــار، في مرحلــة انتقاليــة يحكمهــا تفاهــم نيســان 1996.
أدّى العدوان الإسرائيلي إلى سقوط نحو 1400 شهيد بينهم 47 شهيدًا للجيش اللبناني، ونحو 4000 جريح بينهم عشرات الجرحى من عسكريي الجيش.
ويضاف إلى هؤلاء، آخرون استشهدوا أو جرحوا بفعل مخلّفات العدوان من قنابل عنقودية وقذائف غير منفجرة.

 

العديسة 2010
في الثالث من آب 2010، اعتدت إسرائيل مجدّدًا على لبنان في انتهاك سافر لقرار مجلس الأمن رقم 1701، حيث أقدمت دوريّة تابعة لجيشها على تجاوز الخط التقني عند الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلّة في خراج بلدة العديسة، وضمن أراضٍ متحفظ عليها لبنانيًا، وقد حاول جنودها ازالة شجرة من داخل الأراضي اللبنانية بينما كانوا يحاولون تركيب كاميرات مراقبة على الحدود بين بلدة العديسة ومستعمرة مسكافعام.
وعلى الرغم من تدخّل قوّات الأمم المتحدة المؤقّتة في لبنان لمنعها، تابعت الدوريّة تجاوزها، فتصدّت لها قوى الجيش اللبناني بالأسلحة الفرديّة وقذائف «آر. بي. جي»، وحصل اشتباك استعملت فيه القوات الاسرائيلية الأسلحة الرشاشة وقذائف الدبابات، مستهدفة مراكز الجيش ومنازل المدنيين في المكان، مما أدى إلى سقوط شهيدين للجيش اللبناني هما الرقيب روبير الياس العشّي، والرقيب عبدالله محمد الطفيلي، والمراســل في جريدة الأخبار عسـاف أبو رحّال.
وقــد أشــــاد جميع الرســمــيين ببطولــة عناصر الجيــش اللبنــاني الذين قاموا بواجبهم المشــرّف في التصــدّي للعــدوان الإســـــرائيلــي بمــســـؤوليّــة وشجـــــاعـــة، مؤكّــدين حــق لبنــان في الدفــاع عن نفســه وسيادته.