رياضيونا المميّزون

من صفوف الجيش إلى البطولات العالمية
إعداد: روجينا خليل الشختورة

عسكريون متألّقون في الرياضة


في عهدة الجيش تدرّبوا، ومن صفوفه انطلقوا، ليحقّقوا الألقاب العالمية، ويحطموا أرقامًا قياسية، خصوصًا في ألعاب القوى التي طالما تجلّى فيها لاعبو الجيش.


من الأسماء التي لمعت مؤخّرًا وحقّقت إنجازات رياضية، العريفان نور الدين حديد ومحمد عجمي، والجندي أول أحمد أونداش والجندي جيسيكا الحجل.
«الجيش» زارت المركز العالي للرياضة العسكرية وتعرّفت إلى الرياضيين الأربعة.

 

أحد أبرز لاعبي القوى اللبنانيين
العريف نور الدين حديد هو أحد أهم رياضيي ألعاب القوى اللبنانيين. يحمل هذا العدّاء حاليًا عددًا من الأرقام القياسية على الصعيد المحلي والخارجي، وآخرها بطولة آسيا الـ٢٣ لألعاب القوى التي أُقيمت في قطر، وبطولة لبنان العامة الإفراديّة لألعاب القوى للرجال والسيدات.
والعريف حديد (٢٦ عامًا) هو من عسكريي لواء الحرس الجمهوري ومفصول إلى المركز العالي للرياضة العسكرية ضمن فريق الجيش لألعاب القوى. وقد حقّق خلال مشاركته في بطولة آسيا الـ٢٣ لألعاب القوى رقمًا قياسيًا جديدًا على الصعيد الوطني في مسابقة الـ١٠٠ متر بتوقيت ١٠.٤١ ث (التوقيت اللبناني السابق ١٠.٤٦ ث للّاعب نفسه). كما حقق رقمًا قياسيًا جديدًا على الصعيد الوطني في الدور ربع النهائي من مسابقة الـ٢٠٠ متر بتوقيت ٢٠.٩٣ ث ( التوقيت اللبناني السابق ٢١.١١ ث للّاعب نفسه)، ثم عاد وكسر الرقم القياسي الجديد في الدور النهائي من مسابقة الـ٢٠٠ متر بتوقيت ٢٠.٨٥ ث (التوقيت اللبناني السابق ٢٠.٩٣ ث للّاعب نفسه).
أما في بطولة لبنان العامة الإفراديّة لألعاب القوى (للرجال والسيدات)، فقد سجّل رقمًا قياسيًا جديدًا في مسابقة الـ٤٠٠ م للرجال، إذ تخطى الرقم السابق الذي كان قد حقّقه اللاعب نايثن نمور من نادي الأبطال، وسجّل رقمًا جديدًا باجتيازه المسافة ب ٤٧.٣٦ ث.

 

انطلاقة وطموح
بدأت رحلة العريف حديد مع ألعاب القوى في العام ٢٠١٣ بعد فصله إلى المركز العالي للرياضة العسكرية وانضمامه إلى منتخب الجيش. انتسابه إلى المنتخب ساعده كثيرًا ودفعه إلى الأمام كما يقول. وهو يتمرّن مرتين يوميًا ويهتم كثيرًا بغذائه وبطريقة حياته، مؤكدًا أنّه يطمح للوصول إلى أبعد مكان في مجاله.
أبرز الاستحقاقات التي شارك فيها العريف حديد مؤخرًا هي:
- بطولة العالم لألعاب القوى التي أُقيمت في قطر من ٢٤/٩/٢٠١٩ ولغاية ٧/١٠/٢٠١٩، فقد اختاره الاتحاد للانضمام إلى منتخب لبنان المشارك في هذه البطولة، التي حقق خلالها رقمًا قياسيًا جديدًا على الصعيد الوطني في مسابقة الـ٢٠٠ متر بتوقيت ٢٠.٨٤ ثانية ( التوقيت اللبناني السابق ٢٠.٨٥ ثانية للّاعب نفسه حقّقه خلال مشاركته في بطولة آسيا الـ٢٣ لألعاب القوى للعام ٢٠١٩ التي أُقيمت في قطر أيضًا).
- بطولة العالم السابعة للألعاب العسكرية التي أقيمت في جمهورية الصين الشعبية من ١٧ ولغاية ٢٧/١٠/٢٠١٩ إذ شارك في سباقي الـ١٠٠ متر والـ٢٠٠ متر، وتأهل لنهائيات البطولة في كل منهما محرزًا المركز السادس.
يؤكّد العريف حديد أنّ دور الاتحاد مهم جدًا في تشكيل منتخب وطني يضم نخبة اللاعبين اللبنانيين فيتمرّنون معًا ويطوّرون أداءهم ويتوصّلون إلى الانسجام والتكامل كفريقٍ، خصوصًا في سباقات البدل التي تحتاج إلى عمل جماعي. ويشير في هذا السياق إلى أهمية المعسكرات الخارجية التي تجمع اللاعبين اللبنانيين مع آخرين على مستوى عالٍ من الاحتراف، ما يطوّر خبراتهم.

 

المتدرّب صار مدرّبًا
من الوجوه الرياضية التي برزت في الجيش في الآونة الأخيرة، العريف محمد عجمي (٢٩ عامًا) من لواء الدعم (مفصول إلى المركز العالي للرياضة العسكرية) الذي تميّز في رياضة السباحة على أنواعها(حرّة، فراشة، الصدر والبدل). هذه الرياضة هي من أصعب الألعاب التي تتطلّب تقنيات وإمكانات وتدريبات عالية، غير أنّ العريف عجمي حقّق فيها سلسلة نجاحات أوصلته إلى المشاركة في السباقات التأهيلية التي نظّمها الاتحاد اللبناني للعبة، بالإضافة إلى تصدّره بطولات الجيش وبطولات لبنان.
قبل تطوّعه في الجيش، كان يمارس رياضة السباحة كهوايةٍ، ونظرًا إلى قدراته، تمّ فصله إلى المركز العالي للرياضة في العام ٢٠١٢. هناك أُتيح له مجال متابعة التدريب الاحترافي، بإشراف المدرّب المؤهل أول المتقاعد علي زيعور، وفي المقابل واظب على التدريبات الخاصة خارج المركز للحفاظ على لياقته البدنية.
قيادتا الجيش والمركز دعمتاه كثيرًا للوصول إلى مستوى مميّز يؤهله للمشاركة في بطولات عسكرية خارجية، وآخرها كانت بطولة العالم السابعة للألعاب العسكرية التي أُقيمت في جمهورية الصين الشعبية من ١٧ ولغاية ٢٧/١٠/٢٠١٩ حيث شارك في سباقي ٥٠ مترًا فراشة وأحرز المركز ٢٣ بتوقيت ٢٧.٤٧ ثانية، والمركز ٢٦ في مسابقة ٥٠ مترًا حرة بتوقيت ٢٦.٨١ ثانية، الأمر الذي أكسبه خبرة مهمة بفضل احتكاكه بأبطال العالم في هذه اللعبة.
واليوم، بالإضافة إلى كونه لاعبًا محترفًا في السباحة، بات العريف عجمي مدرّبًا لفريق الجيش، بعد متابعته عدّة دورات أثبت فيها أنّه «قدّ الحمل وزيادة»...

 

«المشاغب» البطل
الجندي أول أحمد أونداش هو أحد اللاعبين البارزين في الفنون القتالية التي أخذت تنتشر في الآونة الأخيرة في لبنان على نطاق واسع. لدى هذا اللاعب العديد من الإنجازات المحلية والدولية بالرغم من صغر سنه (٢٦ عامًا)، وهو بدأ مسيرته في رياضة الملاكمة في عمر الـ١٢ سنة. لفتت هذه الرياضة نظره كأي طفل يهوى الألعاب القتالية لأنّ فيها نوعًا من «المشاغبة».
تطوّع البطل اللبناني الجندي أول أحمد أونداش في الجيش في العام ٢٠١٣، وبعد ٤ سنوات تُوِّج باللقب العالمي في «ليلة بيروت القتالية الرياضية» التي نظمها نادي «شوغن» بإشراف الجمعية العالمية للمواي تاي للمحترفين، والاتحاد اللبناني في فندق «كورال بيتش». فقد فاز باللقب عن وزن ٦٣ كلغ، على حساب التايلاندي سيلاتونغ نامبونتيب في مباراة قوية حسمها اللبناني بإجماع القضاة الدوليين الخمسة، مظهرًا مستوى مميزًا جعله يتربّع على عرش بطولة العالم في إنجازٍ جديد للرياضة اللبنانية عامةً ولرياضة المواي تاي خاصةً.
أونداش هو أيضًا بطل العرب ٢٠١٢-٢٠١٤ وبطل العالم للعام ٢٠١٦ في المواي بو ران، وقد حاز أيضًا بطولة العالم للمحترفين (٢٠١٦) وهو مصنّف في لبنان كأفضل لاعب من العام ٢٠١٠ حتى الآن. حاليًا، هو بصدد التحضير لبطولة احتراف في أنطاليا...
يعتبر الجندي أول أونداش أنّ سر تألُّقه هو حبه للعبة، ومواظبته على التمارين من أجل تطوير نفسه وقدراته القتالية. يقول: أتمرن يوميًا، لمرةٍ واحدة في الأحوال العادية ولمرتين في فترات التحضير للبطولات. فأنا أمثّل مؤسستي ووطني في كلّ نشاط أو بطولة أشارك فيها، لذلك أحاول دائمًا أن أكون مثاليًا، وأطمح لأن أكون قدوة لكل الصغار الذين يحبون هذه اللعبة ويتمنون ممارستها في المستقبل.
أخيرًا، يرى أونداش أنّ لعبة التاي بوكسينغ التي تجمع عدّة فنون قتالية وتتطلّب جهدًا كبيرًا للوصول إلى درجة الاحتراف، تسير في خطى تصاعدية في لبنان. فعدد الأندية الخاصة بها يزداد، والاتحاد يسعى بجديةٍ إلى تطويرها. وهو يقول: أصبحت مشاركاتنا الخارجية كثيرة ونحن نحقق فيها نتائج رائعة، وفي الأولمبياد القادم سنقطف للبنان ميدالية طال انتظارها.

 

حلمان لا حلم واحد
في عمر الـ٨ سنوات، اكتشفت جيسيكا الحجل شغفها برياضة التايكواندو وبدأت تحلم بالمستقبل من خلالها. في الواقع، كان لها أيضًا شغف آخر: البزة العسكرية. الصغيرة أصبحت شابة، وها هي تحقّق الحلمين!
منذ الصغر، تابعت تدريباتها في التايكواندو، كبرت وكبر معها حلمها فقرّرت التخصّص في تعليم الرياضة. تابعت تمرّسها وتدريباتها وصولًا إلى خوض عدّة بطولات وإحراز المراكز الأولى في عدّة أوزان، ونيلها الحزام الأسود. هكذا حقّقت حلمها الأول، لكنّ الحلم الثاني ظلّ يلحّ عليها، فتطوّعت في الجيش. وبعد تصدّرها الدورة التي تابعتها في لواء الحرس الجمهوري، واطّلاع المعنيين على الشهادات التي تحملها في لعبة التايكواندو، جاء القرار بنقلها إلى المكان المناسب: المركز العالي للرياضة العسكرية. وهناك، أصبحت الجندي جيسيكا الحجل (٢١ عامًا) ضمن فريق الجيش للتايكواندو.
تتابع الجندي الحجل التدريبات اليومية مع المدربَين: الرقيب أول علي رعد والرقيب أول جورج فارس، تحضيرًا لبطولات محلية وإقليمية ودولية مرتقبة، وذلك في موازاة متابعتها عملها الإداري العسكري.
استعرضـنا في هذه السطـور لمحة عن مسيرة أربعة من الرياضيين المميّـزين في الجيش، وبالطبع هنـاك آخرون مميّـزون، منهـم من رفـع عاليًا اسم المؤسسـة ولبنان في السابق، ومنهم من يستمرّ في العمل ليكون في عداد أبطال الدرجة الأولى...