ملف العدد

من معهد التعليم إلى معهد الرتباء
إعداد: الرقيب جيهان جبور

يُعدّ التعليم في المؤسسة العسكرية الخطوة الأساسية للنهوض بالجيش إلى مستوى الجيوش الحديثة المتقدمة، وهذا ما يصبو إليه معهد التعليم الذي يشهد قفزة نوعية نحو التحديث والتطور على صعيدَي اللوجستية والمناهج. والهدف من ذلك تسليح الرتباء بكل ما يحتاجون إليه للقيام بمهماتهم على أكمل وجه.

الخطوة الأولى في هذا السياق كانت اعتماد تسمية جديدة للمعهد الذي سيصبح «معهد الرتباء»، يُعنى بتعليمهم على نحو يؤهلهم لتولي إمرة الحضائر في مختلف وحدات الجيش.

 

تشمل خطة تطوير المعهد بالدرجة الأولى مدرسة الرتباء. ففـي هذه المدرسة ينبغي تسخير المعارف العسكرية والمدنية لتطوير التفكير الإيجابي للرتيـب، وصـولًا إلى جعله رتيبًا فاعلًا في جيش حديث متطوّر.

سبـق خطوة تحويل معهد التعليم إلى معهد الرتباء عمل حثيث، فقد شُكّلت لجان لتطوير مناهج التعليم وتعديلها، عملت بكدٍّ وجدٍّ لتحقيـق المطلوب. ووفـق البيانـة التنظيميـة لمعهد الرتباء أُضيـف فرعان أساسيـان وهما: فرع تعليم وتطوير مدرسة الرتباء وفرع تعليم وتطوير المدراس التطبيقية.

في الأساس تتوزع المناهج التعليمية في مدرسة الرتباء ضمن ثلاث سنوات، يتم التدريب خلالها على مواد عسكرية ومواد عامة، تتضمن دورات تدريب في المدرسة، لا سيما منها ما يختص بتنمية عمل الفريق بإشراف فريق تدريب إيطالي، وأخرى في مدرسة القوات الخاصة مع فريق تدريب من الجيشَين الأميركي والبريطاني ومدربين من مدرسة القوات الخاصة. وعملًا بخطة التطوير الشاملة تمت زيادة الساعات المخصصة للتدريب في السنوات الثلاث لتشمل العتاد المستخدم حديثًا في الجيش. كما أُضيفت مواد جديدة مع التركيز على تعليم اللغات الأجنبية (الفرنسية والإنكليزية في السنوات الثلاث على حد سواء).

تُركّز مناهج التعليم على تعزيز الانضباط العسكري وإتقان استخدام السلاح الفردي والأسلحة الأخرى، وبناء الأهلية الجسدية اللازمة لمواجهة مشقات الجندية، وتوسيع آفاق التلامذة في ميدان الثقافة والعلوم التي لها علاقة بوظائفهم، لا سيما المتعلقة منها بالقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، فضلًا عن زيادة تحصيلهم للمعارف العسكرية في الاختصاصات المختلفة (مشاة، مدرعات، مدفعية، إشارة، هندسة قتال، مضاد للدروع، دفاع جوي...).

 

آفاق جديدة وتعزيز تعلّم اللغات

في إطار خطة خمسية لتطوير التدريب تمّ بناء حقل رمي إلكتروني حديث مع أهداف متحركة، كما أُقيمت مدينة قتال لمحاكاة القتال في الأماكن المبنية. من ناحية أخرى، ركّزت الخطة على محاضرات تثقيفية تهدف إلى تنمية التفكير النقدي Critical Thinking لدى العسكريين.

في ما يخص مختبرات اللغة العربية، تعاونت مدرسة الرتباء مع جمعية «بالعربية» بهدف تطوير مكتسبات العسكريين في هذه اللغة من خلال برنامج أُقرّ بعد إخضاعهم لامتحان تقييمي وفرزهم إلى فئات بحسب مستوياتهم.

أما مختبرات اللغة الأجنبية، فأصبحت تضم اللغتين الفرنسية والإنكليزية وهي مجهزة بالإنترنت بهدف توظيف التكنولوجيا الحديثة في العملية التعليمية.

يُذكر في هذا الإطار أنّ توظيف التكنولوجيا في التعليم والتدريب يشمل المواد المختلفة، بهدف تحقيق أفضل النتائج. وقد استُحدثت دورة لتدريب المدربين على استخدام هذه التكنولوجيا.

على صعيد التجهيز، أُنشئت قاعة معلوماتية حديثة تضم ٣٦ جهاز كمبيوتر محمولًا، واستُحدث مختبران للـGIS يضمان أيضًا ٣٠ جهاز كمبيوتر محمولًا مع لوح ذكي للتعليم التفاعلي، وبرنامج Net Support خاص بتبادل المعلومات بين أجهزة التلامذة والجهاز الخادم واللوح الذكي. كذلك زُوّدت قاعة المحاضرات لوحًا تفاعليًا وجهاز كمبيوتر، فأصبح بالإمكان نقل المحاضرة بشكلٍ مباشر من مدرسة الرتباء إلى أي مركز تعليمي آخر. كما جُهّزت هنكارات تعليم حديثة جدًا تُستخدم في التدريب العملي على الأسلحة مع جهاز LCD Projector، ما يخدم التدريب التدليلي ويوفر الراحة للمتدربين في الوقت نفسه.

وبفضل التعاون القائم بين الجيش وجامعة الكسليك، سوف تقدّم مكتبة الجامعة مجموعة ثمينة من الكتب للمدرسة، فضلًا عن مفتاح إلكتروني لها وللمكتبات المتعاملة معها جميعًا، ما يوفر للمدربين والمتدربين مراجع قيّمة.

 

المباني

لقد أصبحت خرائط المباني التخصصية الجديدة جاهزة، وهي تلحظ مباني جديدة للقيادة وللتعليم ومكاتب للضباط وأمانات السر، ومركزًا للغات بالإضافة إلى مساحات خضراء قريبة من المكتبة تسمح للتلميذ الرتيب بالاستراحة بين جلسات التعليم وبالقراءة في مكان هادئ.

في ما يخص الدورات التثقيفية، سيتولى أساتذة من الجامعة اللبنانية والجامعات الخاصة إلقاء محاضرات في مواضيع علمية وتكنولوجية مختلفة لتطوير قدرات التلامذة.

 

ماذا عن مدرسة المشاة؟

تتولى مدرسة المشاة التنشئة الأساسية المشتركة للجنود المتمرنين المتطوعين لمصلحة قوى البر والبحر والجو، كما تقوم بإعداد عناصر مكاتب الدراسة وفق حاجة قيادة الجيش، وهذه المكاتب تشمل أيضًا عناصر من الأجهزة الأمنية (أمن عام، جمارك...)، إلى ذلك تؤهل مدرسة المشاة الناجحين في المباراة، نتيجة الخدمة الطويلة المميزة، والحائزين على إجازة جامعية أو فنية تعليمية، فضلًا عن تأهيل عناصر المدرسة وتدريبهم للقيام بالمهمات الموكلة إليها.

وتشمل الخطة التطويرية للمعهد مدرسة المشاة التي ستشهد تحديثًا يطاول الهيكلية والتجهيزات والمنشآت.

 

 

مجموعة مدارس الاختصاص

تتألف هذه المجموعة من مدارس: المدفعية، المدرعات، النقل، الهندسة والإشارة، حاليًا مدرسة النقل هي الوحيدة المفعّلة. وتقوم هذه المدرسة بتنشئة الجنود المتطوّعين – القسم النوعي، وعناصر مكاتب الدراسة في اختصاص النقل فضلًا عن إجراء دورات سوق من مختلف الفئات ودورات خبراء حوادث سير.

وبناءً على الهيكلية الجديدة التي ستُعتمد اعتبارًا من الأول من تشرين الثاني المقبل، سيتم إنشاء ما يُسمى بـ«المدارس التطبيقية» التي تضم: مدرسة المدفعية والمشاة والمدرعات، وتفعيلها بما يتماشى مع الأهداف المستقبلية المنوي تحقيقها.

إلاّ أنّ الوضع في مجموعة مدارس الاختصاص سيبقى على ما هو عليه في الوقت الحالي إلى حين إصدار القانون المختص ببدء تنفيذ البيانة التنظيمية وتنظيم الأمور اللوجستية والإدارية لمعهد الرتباء.