هو وهي

مهلًا
إعداد: ريما سليم ضوميط

مشاغل، مشاكل، مسؤوليّات...
شحن العاطفة ضروري وإليكم الوسائل


ما بين ضياع الزوجين في زحمة الحياة ومشاغلها، وانغماسهما في المسؤوليات الملقاة على عاتقهما، تصبح الحياة الزوجيّة غالبًا محكومة بالفتور العاطفي. والسبب ليس بالضرورة انطفاء نيران الحب، بل انشغال الطرفين في تأمين المتطلّبات الحياتيّة للعائلة، وإغفالهما إغناء العاطفة وتغذية الحب والودّ بينهما.
 

السّلاح الفعّال في مواجهة الصعوبات
يؤكّد الاختصاصي في علم النفس العيادي المؤهّل أوّل عمّار محمّد أنّ العاطفة هي الرابط المتين الذي يشدّ جميع أفراد الأسرة باتّجاه بعضهم البعض ويحافظ على تماسك العائلة، وهي السّلاح الفعّال في مواجهة الصعوبات التي تعترض الزواج، فضلًا عن كونها العنصر الأساس في إيجاد بيئة مناسبة لنموّ نفسي واجتماعي سليم للأولاد. ويضيف أنّه من الصّعب الاستمرار بحياةٍ زوجيّة ناجحة من دون تلك الشحنات العاطفيّة التي تمدّ الزوجين بالطاقة الإيجابيّة، وتنعكس احترامًا وتقديرًا في سلوك كلٍّ منهما تجاه الآخر وفي نظرته إليه. ويشير في هذا الإطار إلى أنّ مشاغل الحياة يجب ألّا تعيق الزوجين عن التعبير عن مشاعرهما وعاطفتهما تجاه بعضهما، إذ انّه من السّهل جدًّا انتهاز الفرص المناسبة للتعبير لفظًا أو فعلًا عن تقدير كلّ منهما للآخر.


التعبير اللفظي
يشير المؤهل محمّد أن الكلام المعسول هو كالملح في الطعام، يجب أن لا يخلو منه أي منزل. وعلى الرغم من أن الأفعال ضرورية لإظهار المشاعر للحبيب، لكنّها لا تغني عن الكلام في الحب ولا تحلّ محلّه. فالتعبير عن المشاعر بكلامٍ عاطفي صريح، ومخاطبة الشريك بالألفاظ المحبّبة (حبيبي، حياتي) يعزّزان الشعور بالأمان والاطمئنان بين الطرفين ويكرّسان الاحترام بينهما. وفي هذا الإطار، ينصح المؤهّل أول عمّار الزوج بالتغزّل الدائم بزوجته وبالثناء على صفاتها الحميدة، ويوصي الزوجة في المقابل بالإشادة بأخلاق زوجها وبحسن تقديره للأمور. وهو يشير من جهةٍ أخرى، إلى أنّه يستحيل على الزوجين البقاء في حالة انسجامٍ تام طوال الوقت، وهذا أمر مفهوم، لكنّه لا يبرّر الأسلوب السلبي في التواصل عند بروز أي مشكلة بينهما أو اختلاف في الرأي. فالتصرّفات العدائيّة التي تشمل النقد والتجريح الّلفظي والتحقير (أحمق، غبي، غير مسؤول، إلخ...) لا تنقل سوى رسالة واحدة للشريك: «أنا لم أعد أحبّك»، وإن كان الواقع مغايرًا تمامًا. لذلك، يجدر بالزوجين اعتماد التواصل الإيجابي الّذي يقوم على الإصغاء والتفهّم والتسامح، وكذلك الاعتذار إذا ما دعت الحاجة، فالاعتذار عن الخطأ يرفع من شأن الزوج ومكانته لدى الشريك لا العكس كما يعتقد البعض.
ويشير المؤهل أول إلى وسيلة مهمّة من وسائل التواصل الإيجابي نادرًا ما تُعتمد بين الأزواج، وهي الفكاهة التي تثلج القلوب والنفوس عند الشعور بالضيق أو التّعب. وهو يؤكّد أن الزوجين الّلذين يعتادان ممازحة بعضهما ومواجهة أعباء الحياة بالابتسامة، ينقلان أجواء الفرح إلى أبنائهما وبالتالي يخلقان جوًّا عاطفيًّا سليمًا للعائلة بأسرها.


التعبير بالأفعال
قد ينسى الزوجان بحكم العادة، التعبير عن الشكر والامتنان لبعضهما البعض، فينتهي بهما الأمر إلى النظر لزواجهما كرزمةٍ من الالتزامات والواجبات. من هنا يؤكّد المؤهّل أوّل محمّد ضرورة إفصاح كل من الطرفين عن امتنانه للآخر عند قيامه بأي عملٍ بسيط يرضيه، كي يمنحه حافزًا إضافيًا للعطاء، ويكسر حاجز الجمود والرتابة. وهو يشير إلى أن تقديم الهدايا الرمزيّة يمكن أن يكون تعبيرًا لطيفًا عن الشكر، فالهديّة على بساطتها تدلّ على الحبّ والاهتمامِ بالآخر. ويوضح أنّه من الضروري التعبير عن الاهتمام والعاطفة بالطرق شتى، بما في ذلك تحمّل بعض المسؤوليّات عن الآخر، كمثل أن يتولّى الزوج إعداد الطعام بين الحين والآخر، أو أن تقوم الزوجة بإيصال الأولاد إلى النادي الرياضي. كذلك، فإن العاطفة يمكن أن تظهر من خلال لفتةٍ بسيطة كإعداد كوبٍ من الشاي الساخن ومشاركته مع الشريك بعد يوم عملٍ متعب، أو تبادل عناقٍ بسيط في الصباح قبل مغادرة المنزل.

 

أفضل الوسائل
إنّ أفضل الوسائل للتعبير عن العاطفة، هو تخصيص جزء من الوقت لقضائه معًا، بعيدًا من أجواء العمل والأولاد. من الضروري أيضًا تبادل الأحاديث بصورةٍ يوميّة، وتناول وجبات الغداء أو العشاء معًا، فذلك يعزّز الشعور بالمودّة والمشاركة. وهنا يذكّر المؤهّل أوّل بضرورة الابتعاد عن الهواتف النقّالة ووسائل التواصل الاجتماعي في أثناء الوجود مع الشريك، فالانشغال بهذه الوسائل يخلق مسافةً بين الزوجين ويحول دون التواصل الإيجابي بينهما. وإذ يوضح أنّ الفتور في العاطفة بين الزوجين قد يحدث من دون قصدٍ، فهو يؤكّد أنّ القيام بمجهودٍ إضافي للحؤول دون استمرار حالة الفتور مسؤوليّة مشتركة بين الزوجين، يبنى عليها نجاح زواجهما واستمراريته.