باختصار

مهمة إنسانية
إعداد: العميد الركن حسن أيوب
مدير التوجيه

تعود علاقة لبنان بالقوات الدولية إلى ثلاثة عقود من الزمن، اختلفت حالاتها، وتنوّعت مهماتها، التي استمرت أحياناً وتقطعت أحياناً أخرى. وقد هدفت تلك المهمات بشكل دائم إلى التأكيد على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، والتأكّد من حصوله، وإلى بسط سلطة الدولة على التراب الوطني، وبسط الأمن والسلام في قرى الجنوب وبلداته.
في كل مرة، كانت الاعتداءات الإسرائيلية، ما بين خرق واجتياح واحتلال، هي التي تستدعي إحياء المهمات الدولية وتجديد تضحيات دولها وأفرادها: العام 1978 كان احتلال الجزء الأكبر من الجنوب، العام 1983 كان احتلال أوسع بلغ العاصمة، العام 1996 كانت مجزرة في قانا طاولت الجنود الدوليين أيضاً، العام 2000 كانت المعركة الفاصلة وكان الاندحار الإسرائيلي، والعام 2006 كان العدوان الأكبر الذي تضمن محاولات فاشلة للاحتلال وللتدخل في الشؤون الداخلية، عبر اللجوء إلى تدمير المنشآت والمؤسسات وضرب المواطنين وتخريب أرزاقهم، مع ما رافق ذلك من تضليل إعلامي وتلاعب بالحقائق.
وكانت القوات الدولية جاهزة في كل مرة للقيام بواجباتها، ولتنفيذ المهمات التي يكلفها إياها مجلس الأمن الدولي وفق الأوضاع السائدة، وكانت العناوين التي تحملها تختلف بين فترة وأخرى، إلى أن أصبحت في المهمة الأخيرة التي اقتضاها القرار 1701، العام 2006: قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان.
تنوعت جهود تلك القوات بين البحر والبرّ، ففي البحر انتشرت على امتداد الشاطئ دعماً للبحرية اللبنانية في مراقبة المياه الإقليمية وتأمين الساحل، وهذا ما أدى إلى إنهاء الحصار البحري الإسرائيلي. وفي البر دعمت وحدات الجيش اللبناني خلال انتشارها في أرض الجنوب، وتعاونت معها لتطبيق القرارات الدولية التي تنص على وضع حد للاعتداءات الإسرائيلية، وترسيخ الاستقرار في الجنوب وضمان بيئة آمنة فيه تعيد لبنان بأكمله إلى الحياة الطبيعية. قدمت القوات الدولية خلال ذلك التضحيات في العتاد والأرواح، وقد كرّم الجيش اللبناني شهداءها كما يكرم شهداءه .
أما العلاقة مع المواطن فإنها ترسخت يوماً بعد يوم بفعل إخلاص الجندي الدولي للمهمة التي ترك أهله وبلاده من اجلها، وبفعل تعاون المواطن وشعوره بأنه أمام بادرة دولية إنسانية تتخطى الحدود، وتؤمن بالتعاون الحتمي بين الشعوب، وقد انعكس ذلك إيجاباً في شؤون تربوية وإنمائية، يعود بعدها ضيوف هذا الوطن مؤمنين بأننا لا نتلكأ في الدفاع عن بلادنا إن كانت الحرب، ولا نتأخر عن اللحاق بركب السلام والحضارة إن بانت البشائر.