نافذة

ليس لدي سجل تعنيفي في أي دائرة أمنية ولا تمّت ملاحقتي في أي ملف تحرّش أو تنمّر ويفيد تاريخي إني كنت ولا أزال مواطنًا صالحًا ومكَلَّفًا يدفع الضرائب بما فيها على الخدمات التي لم أستفد منها يومًا. ضريبة طرقات بلا طرقات وضريبة إنارة وصيانة من دون إنارة ولا صيانة.

الدولة دولة وعلينا كما صرّح عادل إمام يومًا في مسرحيته «شاهد ما شافش حاجة» أن ندفع اشتراك التلفون ولو ما «عنديش تلفون». تعلمون بالطبع أنّ مال الدولة لا يموت. قبل أن تموت عليك أن تعيد ما للدولة إليها.

بالعودة إلى صيتي المصيوت بالرِّفق والتّحنان وتحمّل كافة الأثقال التي ينوء تحتها الحمير المعروفون بالصّبر والأناة وحفظ الطرقات والقنوات، يبدو بأنّي سأخرج عن طوري المعهود في نهاية هذه السنة وأكشّر عن أنيابي وألعب مع الشيطان في عِبّي.

في نيّتي وأنا أغادر الـ٢٠٢٠ أن أستدرجها إلى مشوار في سيارتي. سأمالقها وأتغزّل بها وأنا في طريقي إلى وادي الجماجم. فور وصولي إلى هناك سأُخرِجُ الـ٢٠٢٠ عنوةً من سيارتي. سأحلِشُها بشعرها وأُجرجرُها حتى أصل بها إلى أعلى نقطة على فم الوادي. هنا سأوسعها ركلًا ولطمًا. سأتمتع بإثنَي عشر شهرًا يصرخون ألمًا وأنا أنتقم منهم شهرًا شهرًا وأسبوعًا أسبوعًا ويومًا يومًا وساعة ساعة.

بعد تأكُّدي من أنّ ٢٠٢٠ غابت عن الوعي سألفّها بكيس خيش وأربطه بخيط «مصّيص» ثمّ بركلةٍ عظيمةٍ أقوى من ركلات المرحوم مارادونا أقذفها من مِهوار وادي الجماجم. سأبقى على فم الوادي لأتأكّد أنّ روحها طلَعَت وأنّ جثّتها ستبقى حيث هي.

المهم ألّا تكون الـ٢٠٢٠ حبلَى بالـ ٢٠٢١. إذا كانت كذلك سأتعهد أمام اللّـه والتاريخ أنّي سأقترف الجريمة نفسها في أواخر كانون الأول السنة المقبلة أيضًا. شبعنا زناخةً وسماجةً من سنةٍ قتلتها للتو ولن أسمح بولادة أخرى أزنَخ وأسمَج منها.

لمن يودّ متابعة تحركاتي. أنا متوجه حاليًا إلى أقرب مخفر للإدلاء بشهادتي. سأعترف أنّ الـ٢٠٢٠ هي البادئة والمتجنّية. أنا مواطن أحببت كل السنوات المنصرمة. تعايشتُ معها بالتي هي أحسن. الـ٢٠٢٠ وقِحة وبلا أخلاق. لم تأخذ بأي فضيلة من السنوات التي سبقتها. سبق وأن أرشدت الأدلة الجنائية على مكان الجريمة. أخبرني المحقّق أنّ الشرطة وجدت كيس الخيش مفتوحًا. كانت الـ٢٠٢٠ خارجه على بعد بضعة أمتار. شاهد أفراد الشرطة إلى جانب جثّتها ثلاثة أو أربعة أشهر من أولادها. البعض منها كان ما يزال يتحرك وتم نقله إلى مستشفيات المنطقة للمعالجة وعُرِف من الأشهر الناجية شهر كانون الأول ربما لأنّ ميلاد يسوع المسيح يصادف وقوعه في الرابع والعشرين منه.

كل أيام الـ٢٠٢٠ قضت نَحبَها مع أمها. كانت الرفسة قوية والانحدار عميقًا والسقطة عمودية والمسافة كبيرة. لم يبقَ يوم لم أنتقم منه. حتى الساعات والثواني تبعثرت بين الصخور والأشواك واختفى أثرُها.

يتمّ اقتيادي حاليًا إلى مصحّ عقلي بعد أن قرر القاضي أنّ ما قمت به ضرب من الجنون وأنّ صحتي العقلية قد تشكّل خطرًا على السنة المقبلة. الـ٢٠٢١ وصلت وهي تتجول في أيامنا بمواكب أمنية مخافة تعرّضها لما تعرّضت له زميلتها. من جهتي أتابع عن كثب مواقف الزائرة الجديدة لأبنيَ على الشيء مقتضاه.