رحيل

مي منسّى: سقط القلم مضَرّجًا بإبداعاته
إعداد: جان دارك أبي ياغي

غيّب الموت صاحبة الإحساس المرهف والكلمة الأنيقة مي منسّى عن عمر يناهز الثمانين عامًا. «انتعلت غبارها ومشت»، «قبل أن يشق الفجر قميصه»، فكان نعيها «المشهد الأخير» على مسرح حياتها، الذي ملأته عطاء لم ينضب إلا عندما سقط القلم من يدها مضَرّجًا بإبداعاته.
كانت ملاك الإعلام الراقي، وملكة التلفزيون الأول، ونجمة الأدب الرائد، والناقدة الفنيّة المرهفة، والصحافية الهادئة.

 

ولدت مي عبد الستار في 20 تموز من العام 1939 في بيروت، وحصلت علی دبلوم دراسات عليا في الأدب الفرنسي. بدأت مشوارها المهني في الصحافة منذ العام 1959 في تلفزيون لبنان، كمذيعة ومُعدّة لبرنامجين هما: «نساء اليوم» و «جرف على طريق الزوال». التحقت في العام 1969 بجريدة «النهار»، كناقدة في شؤون الأدب والمسرح والموسيقى، وبقيت تكتب فيها حتى النفس الأخير. بالإضافة إلى عملها في «النهار» كانت رئيسة تحرير مجلة «جمالك» الشهرية التي تصدر في بيروت منذ العام 1986.
إلى جانب عملها الإعلامي كان لها إنتاج أدبي مميز قوامه سبع روايات باللغة العربية واثنتان بالفرنسية، إضافة إلى كتاب للأطفال وترجمات عديدة، معظمها من الفرنسية إلى العربية.

 

رواياتها
من مؤلّفاتها: «حكاية ناصر» (1972)، «أوراق من دفاتر شجرة رمان» (1998)، وقد ترجم إلى الفرنسية تحت عنوان: Sous les branches du grenadier (2000)، «أوراق من دفاتر سجين»، «المشهد الأخير» (2002)، كتاب مصوّر بالفرنسية للأولاد Dans le jardin de Sarah (2004)، «الساعة الرملية» (2008)، «حين يشق الفجر قميصه» (2009)، «ماكنة الخياطة» (2012)، «تماثيل مصدعة» (2013).
روايتها «أنتعل الغبار وأمشي» (2006) صُنِّفت من بين أفضل خمس روايات، رُشِّحت للجائزة العالمية للرواية العربية في العام 2008، المعروفة بجائزة «بوكر». أما «الغربة» فهي الرواية الأخيرة التي كانت تشق طريقها بقلم الكاتبة. وقد جاءت وفاة مي منسى بعد أسبوعين فقط من اختيار روايتها «قتلت أمي لأحيا» ضمن القائمة الطويلة للجائزة العالمية للرواية العربية للعام 2019، والتي تعدّ أبرز جائزة أدبية حاليًا في المنطقة العربية.

 

وسام الاستحقاق
شُيّعت مي منسى في مأتم رسمي حاشد، وإنفاذًا لوصيتها، دُفنت إلى جانب والدتها في بشري.
وقد نعاها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قائلاً: «بغيابها، خسر لبنان وجهًا مشرقًا من وجوهه الفكرية والأدبية والإعلامية وهي التي تميّزت بالكلمة الهادفة والرأي الناقد السديد بأسلوب وضعها في مصاف كبار أدبائنا ومفكرينا وإعلاميينا، الحاضرين منهم والذين غابوا». ومنحها وسام الاستحقاق اللبناني تقديرًا لعطاءاتها.
وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال ملحم رياشي كتب في تغريدة على حسابه عبر «تويتر»: «رمت عليها عطر المحابر، انتعلت غبار الثلج عند المغيب، لبست النجوم... ورحلت مي منسى».
وكتب وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل في تغريدة على تويتر: «سنفتقدك مي منسى... لبنان سيفتقد روحك الجميلة وابتسامتك وكلماتك التي دخلت القلوب والتي ستبقى إرثًا للبنان واللبنانيين».
أما الأب البروفسور يوسف مونّس فكتب على صفحته يقول: «مي منسى القلب المتوهّج والقلم المبدع والكلمات الصلاة على أبواب السماء، أصلي لكِ وأقول إلى اللقاء يا كاهنة قربان الكلمة والمحبة والصداقة والشعر، كمزامير وبخور النسّاك في الوادي المقدّس، في ظلال أرز الرب...».