نحن والقانون

نحن والقانون
إعداد: د. نادر عبد العزيز شافي
محام بالإستئناف

بعد مرور عشرات السنوات على تنفيذ قانون السير القديم الرقم 76/67 (تاريخ 26/12/1967)، وما رافقه من عقبات في التنفيذ والتطبيق، وبعد العديد من المطالبات والمحاولات الحثيثة لمواكبة التطورات التي شهدها عالم السير والطرقات، صدر قانون السير الجديد الرقم 243/2012 (بتاريخ 22/10/2012)، ونشر في الجريدة الرسمية (بتاريخ 25/10/2012).
وكأي قانون حديث، لاقى قانون السير الجديد ترحيبًا من البعض واعتراضًا من البعض الآخر، لكنه صار واقعًا يجب التعامل معه على أنه قانون دخل حيّز التنفيذ، ويجب احترام أحكامه وتطبيقه وفرض العقوبات على مخالفته. فتنظيم السير واستعمال الطرقات العامة وتدريب السائقين وامتحانات السوق وشروط المتانة في المركبات والسلامة العامة، باتت كلها خاضعة لأحكام هذا القانون، والجدول والملاحق المرفقة به، والشرعة اللبنانية لحقوق المشاة.


لمحة عامة عن القانون
يفرض قانون السير الجديد عقوبات شديدة على المخلّين قد تصل فيها الغرامة المالية في حدها الأقصى إلى ثلاثة ملايين ليرة لبنانية مع السجن لمدة سنتين وسحب دفتر القيادة. كما يقضي بإنشاء وحدة خاصة بالمرور في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي. ومن أبرز بنوده ما يتعلق برخصة القيادة التي أصبحت تستند إلى النقاط، وكلما ارتكب السائق مخالفة يحذف عدد منها وصولاً إلى سحب الرخصة. كما يقضي القانون بتعليم قيادة السير عبر مدارس متخصصة وليس عبر مكاتب.
وسوف نعالج في ما يلي الأحكام القانونية الخاصة بالمشاة التي نص عليها قانون السير الجديد والشرعة الوطنية الخاصة بالمشاة الملحقة به.

 

الأحكام القانونية الخاصة بالمشاة
1- تعريف المشاة:
يعتبر من المشاة كل من يستعمل الطريق سيرًا أو مشيًا على الأقدام. ويعتبر في حكم المشاة من أجل تطبيق قانون السير الجديد (م3):
1- الأشخاص الذين يجرّون عربة طفل أو كرسي مريض أو معوّق أو أي عربة أخرى صغيرة من دون محرّك.
2- الأشخاص الذين يجرّون دراجة هوائية أو دراجة ذات محرك باليد.


2- حماية أرصفة المشاة:
حظّر قانون السير الجديد استخدام الأرصفة بما يعيق سير المشاة. واعتبر أنه يمكن لذوي الحاجات الخاصة الذين يتجوّلون في عربة خاصة تسير بسرعة الخطى، أن يسلكوا الأرصفة أو جوانب الطريق، وهم في هذه الحالة يعتبرون مشاة. وإذا جرى تخصيص قسم من الطريق لفئة معينة، تحتّم على هذ الفئة أن تلزمه وعلى باقي الفئات أن تتجنّبه(م3).

 

3- واجب المشاة في اعتماد الطرق الخاصة بهم:
فرض قانون السير الجديد (المادة 4 وما يليها) على المشاة أن يعتمدوا الأرصفة أو الممرات أو الجسور أو الأنفاق المخصّصة لهم، وفي حال عدم وجودها، عليهم أن لا يعبروا المعبّد أو يتخطوه، إلا بعد التثبت من إمكان القيام بذلك بدون أي خطر. وتكون أفضلية المرور لهم عند عدم وجود إشارة ضوئية أو رجل أمن لتوجيه السير (يقصد بالمعبّد: القسم من الطريق المعدّ لسير المركبات) (م2).
ويسمح للمشاة بالتجوال في أجزاء أخرى من الطريق، شرط اتخاذ تدابير الحيطة والحذر، وذلك عندما يستحيل عليهم سلوك الأماكن المخصّصة لهم أو في حال عدم وجودها. وقد فرض علهم قانون السير الجديد عدة واجبات، أهمها:
- أن يأخذوا بعين الإعتبار، الرؤية والمسافة التي تفصل بينهم وبين المركبة ومدى سرعتها، وأن يعبروا المعبّد على ممر المشاة عند إضاءة الإشارة المخصّصة لهم. وفي حال وجود عنصر من قوى الأمن الداخلي أو الشرطة البلدية ينظم عبور المعبّد، عليهم التقيد بإشارته، كذلك عليهم عبور المعبّد بزاوية مستقيمة، واعتماد الطرف الأيسر من الطريق...
- يحظّر على المشاة السير أو التوقف على الجسور وفي الأنفاق إلا عند حصول حادث طارىء، كما يحظر عليهم استخدام الأرصفة أو المعبّد بغية الصعود إلى المركبات الآلية ضمن مسافة خمسة وعشرين مترًا عن المستديرات والتقاطعات والمنعطفات ورؤوس المرتفعات والإشارات الضوئية.
- على المشاة السائرين في مجموعات منظّمة، أن يستعملوا ليلاً أضواء (أبيض أو أصفر في الأمام وأحمر في الخلف) يمكن مشاهدتها بشكل واضح على بعد مائة وخمسين مترًا عندما تكون الرؤية صافية. أما الذين يعملون في الليل على الطرقات، فعليهم ارتداء سترات عاكسة للنور لتلافي تعرضهم لحوادث الصدم. كما يحظر على المشاة وأصحاب الحاجات الخاصة استعمال الأوتوسترادات (م57).


4- القوى المسلّحة والمواكب المنظّمة:
حصرت المادة 9 من قانون السير الجديد تطبيق الأحكام القانونية الخاصة بالمشاة بهؤلاء المذكورين أعلاه، ولا تطبّق هذه الأحكام على تشكيلات القوى المسلّحة وعلى مواكب المشاة السائرة بشكل منظّم أو مواكب الجنازات وعلى رجال القوة العامة أثناء تأديتهم وظائفهم. إنما يجب على هذه التشكيلات والمواكب أن تلتزم جانب المعبّد بحيث تترك الجانب الآخر منه حرًا قدر الإمكان لمرور مركبة على الأقل. وعليها إذا كانت مكوّنة من عدة فرق أن تترك بين الفرقة والأخرى مجالًا يكفي لتلاقي المركبات.


5- حماية المشاة من الغير:
بهدف حماية المشاة أثناء تنقلهم على الطرقات واحترام حقوقهم وحريتهم، فرض قانون السير الجديد على الغير من السائقين والمركبات والدراجات التزام عدة موجبات، أهمها ما يلي:
- على سائق المركبة أن يخفّف سرعته أو أن يتوقف ليسمح بمرور المشاة والمعوّقين (المادة 15).
- على السائق أن يخفّف سرعة مركبته كلما دعت الظروف إلى ذلك، وبنوع خاص لدى التلاقي مع مجموعة مدنية أو عسكرية من المشاة أو لدى تجاوزها، وعند الاقتراب من الممرات الخاصة بالمشاة (م23).
- على السائق خلال التجاوز، الانحراف بالقدر الكافي إلى اليسار لتجنب إزعاج سائقي المركبات التي يجري تجاوزها. وفي كل الحالات، يجب أن لا تقل المسافة الجانبية عن /75/ سنتمترًا عن المشاة... (م27).
- يحظّر تجاوز المركبات عند الاقتراب من معابر المشاة (م29).
- يحظّر الوقوف في الأماكن المشار إليها بلافتة ممنوع الوقوف، وفي ممرات المشاة، والمداخل والمخارج لا سيما المرائب والحدائق العامة والمعابد والمدارس وطوارىء المستشفيات. وعلى الأرصفة المعدة لسير المشاة (م42).
- يحظّر الوقوف والتوقف على الخطوط المتقطّعة الخاصة بعبور المشاة عند الإشارات الضوئية (م43).
- يحظّر استخدام وإيقاف الدراجات الآلية على الأرصفة أو المسالك المخصّصة للمشاة وللفئات الأخرى من مستخدمي الطريق (م281).
- يجوز للدراجات الهوائية أن تسير في الأمكنة المخصّصة للمشاة شرط موافقة السلطات المختصّة بناءً على قرار يصدر بهذا الخصوص، وعلى سائق الدراجة الهوائية السير بسرعة الخطى وأن لا يسبّب إزعاجًا للمشاة (م305).
- يجوز للدراجات الهوائية ذات العجلتين، أن تسير على الأرصفة والممرات المخصّصة للمشاة في الطرقات المعبّدة خارج المناطق المأهولة والتي تكون قيد الصيانة. وفي هذه الحال يجب على السائقين، أن يسيروا سيرًا معتدلاً قرب المنازل وبسرعة الخطى حين التقائهم بمشاة (م306).


6- الإشارات الضوئية الخاصة بالمشاة:
تنقسم الإشارات الضوئية إلى إشارات خاصة بالمركبات وأخرى خاصة بالمشاة (م68 و70). وتكون الإشارات الضوئية الخاصة بسير المشاة ذات لونين أحمر وأخضر، وتعني ما يلي:
1- الضوء الأحمر يعني ممنوع عبور المشاة للمعبّد.
2- الضوء الأخضر يعني السماح بعبور المعبّد في الممر المخصّص للمشاة مع توخي الحذر.
على أن يصاحب هذه الأضواء رموز دالّة على التوقف أو السّير للمشاة.


7- علامات سطح الطريق الخاصة بالمشاة:
تتضمن علامات سطح الطريق مجموعة من الرسوم التكميلية، من أهمها علامات ممرات المشاة. وتحدّد ممرات المشاة بخطوط ذات لون أبيض، موازية لمحور المعبّد، وتبين لمستخدمي الطريق بأن عليهم فسح المرور للمشاة العابرين أو الذين لديهم أولوية المرور، ويمنع توقف أو وقوف المركبات عليها (م77).


8- العقوبات الخاصة بمخالفات المشاة:
نص قانون السير الجديد على عقوبات خاصة بالمشاة، وفصّلها في المادة 374 منه، واعتبرها من المخالفات التي ينظّم بها محضر، والتي يترتب عليها غرامة نقدية تراوح بين خمسين ألف وماية ألف ليرة لبنانية.

 

الشرعة اللبنانية لحقوق المشاة
نص قانون السير الجديد على شرعة خاصة بحقوق المشاة، وفيها:
1- للمشاة الحق في العيش في بيئة صحية، وحرية التمتع بمرافق المساحات العامة في أوضاع تؤمن حسن حالهم وراحتهم من النواحي المادية والنفسية.
2- للمشاة الحق في العيش في مراكز مدنية أو قوية موائمة لاحتياجات الإنسان، وليس لاحتياجات المركبات الآلية.
3- للأولاد والمسنّين والمعوقين، الحق في التطلّع بأن تكون المدن أماكن للإتصال الإجتماعي الميسّر وليست أماكن تفاقم نواحي الضعف فيهم.
4- للمشاة الحق في مناطق حصرية مخصّصة لهم ولكنها متجانسة مع تنظيم المدينة الشمولي، وعلى أكبر قدر ممكن من المساحة.
5- للمشاة الحق في الحركة الكاملة من دون عوائق، والتي يمكن تحقيقها من خلال الاستخدام المتكامل لوسائل النقل.


وبشكل خاص لهم الحق في التطلع إلى وجود:
1- نظام شامل للنقل العام، صديق للبيئة، ومجهز تجهيزًا جيدًا يؤمن حاجات جميع المواطنين، بمن فيهم من لديهم إعاقة.
2- أرصفة مخصّصة لتنقل المشاة خالية من جميع العوائق وصالحة لتنقل من لديهم إعاقة.
3- ممرات آمنة لعبور المشاة بين جانبي الطرق، خاصة السريعة منها.
4- مرافق للدراجات في جميع المناطق المدنية.
5- مساحات لوقوف السيارات والمركبات الآلية، في مواقع لا تؤثر على حركة المشاة ولا تضعف قدرتهم على التمتع بالمناطق المميزة معماريًا.