ندوة علمية

ندوة علمية في مجلس البحوث شارك فيها خبراء دوليون وعرب

عقد المجلس الوطني للبحوث العلمية في مقره في بئر حسن، ندوة علمية جرى خلالها عرض نتائج البحث عن الأورانيوم المستنفد والمخصب نتيجة العدوان الاسرائيلي صيف 2006، بالتعاون مع قيادة الجيش والوكالة الدولية للطاقة الذرية والهيئة العربية للطاقة الذرية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمة الصحة العالمية.

حضر الندوة ممثل قائد الجيش العقيد رولان أبو جودة، ممثل مدير عام الأمن العام العقيد تريز رزق الله، ممثل مدير عام قوى الأمن الداخلي العميد سامي نبهان، ممثل مدير عام أمن الدولة العقيد أنطوان مكاري، وعدد من الفاعليات السياسية والبيئية والصحية. وقد حال ظرف صحي طارئ دون مشاركة الأمين العام للمجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور معين حمزة في الندوة التي كان قد عمل شخصياً منذ أشهر على تنظيمها.


فحص عيّنات من المياه والتربة في مختبرات سويسرية أكّد خلوّها من مادة الأورانيوم المستنفد والمخصّب

بعد النشيد الوطني، القى رئيس ادارة المجلس الوطني للبحوث العلمية الدكتور جورج طعمة كلمة قال فيها: «غداة توقف العمليات العدوانية في منتصف آب الماضي، اجرت الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية التابعة للمجلس، الكشوف الاشعاعية الميدانية على المواقع المقصوفة. وقد كان التعاون العلمي مع فوج الهندسة في الجيش اللبناني عميقاً وفعالاً. وبعد اخذ عينات من اماكن القصف، تم تحليلها بواسطة احدث الآلات والوسائل المزودة بها الهيئة اللبنانية، وعلى يد تقنيين يشهد لهم بالكفاية». واضاف: «ان المجلس عمم في بيانه الصحافي يوم 25/8/2006، ما توصل اليه من نتائج حول الحقبة الاولى من العمل الذي تناول اثني عشر موقعاً كان قد تم الكشف الاشعاعي عليها وتحليل العينات التي اخذت منها. وبينت النتائج الاولية خلو هذه المواقع من الاورانيوم المصنع. وفي ما بعد، تم استكمال عمليات الكشف الاشعاعي على المواقع المقصوفة، وبيّن المجلس خلال لقائه مع أهل الصحافة في 20 تشرين الاول 2006 النتائج العلمية للتحاليل الاشعاعية العائدة إلى خمسين موقعاً جديداً. وبعد القيام باتصالات متتالية بين الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية والوكالة الدولية للطاقة الذرية وبرنامج الامم المتحدة للبيئة حول التحاليل الاشعاعية، وجدنا أنه من المفيد، بل من واجبنا عقد هذه الندوة لكشف النتائج العلمية التي توصل اليها اختصاصيو الهيئة والمنظمات الدولية المجتمعة هنا اليوم، وذلك بكل شفافية وموضوعية لتبيان الحقائق العلمية للشعب اللبناني في موضوع علمي لا ندخل في جدل حوله».

وتناول النقيب روجيه عيد الاعمال التي قام بها فوج الهندسة لمواكبة اعمال المجلس الوطني للبحوث العلمية، وعرض مهمة فوج الهندسة في الجيش اللبناني والقطاعات التي يعمل فيها ومشاركته في محو آثار عدوان تموز 2006 التي تجلت، اضافة إلى مساعدة المواطنين للعودة إلى قراهم، في مد الجسور والعبارات لتسهيل الوصول الى القرى والبلدات التي قصفت. كذلك تناول المهمات الاساسية لفوج الهندسة في ما يتعلق بنزع الالغام وتفجيرها وتعاونه مع المجلس الوطني للبحوث العلمية والوكالة اللبنانية للطاقة الذرية في مجال فحص القذائف وقنابل الطائرات للتأكد من خلوها من مادة الاورانيوم.

ثم كانت مداخلة للمدير العام للهيئة العربية للطاقة الذرية الدكتور محمود ناصر الدين الذي تطرق الى موضوع موثوقية الاعمال العلمية والتصريحات التي ادلى بها عدد من الباحثين والعلميين، واكد اهمية دور المؤسسات المسؤولة، مشيراً إلى «ان اي تصريح لا ينطلق من مؤسسة او من جهة علمية مسؤولة عن مؤسسة لا يتمتع بالموثوقية التي يتمتع بها موقف المسؤولين عن المؤسسات». كما شدد على ضرورة وجود مؤسسات ومختبرات مرجعية على الصعيدين الوطني والدولي، مؤكداً ان الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية هي المؤسسة المرجعية الوطنية وتعمل على نحو دائم للتعاون مع مؤسسات دولية وعربية.

كذلك تطرق الى موضوع معاينة الاجهزة لتكون قراءتها صحيحة، وهو ما تقوم به الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية بواسطة مختبر خاص لديها وبواسطة مختبرات دولية، مما يعطي الثقة.

وتحدث المسؤول عن قسم الوقاية من النفايات المشعة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية الدكتور ديديه لوفات، حيث عرض المناطق التي اجرت فيها الامم المتحدة تقويماً للأثر البيئي والصحي للحروب من كوسوفو 2001 وصربيا 2002 والبوسنة 2003 والكويت 2004 والعراق 2005 ولبنان 2006. واشار الى ان الاورانيوم المستنفد هو عبارة عن اورانيوم قليل الاشعاعية ينتج من عملية الحصول على الوقود النووي. كما تناول الخطر الناجم عن استنشاق الاورانيوم المستنفد او ابتلاعه، مؤكداً ان خطورة الاورانيوم المستنفد تمتد مئات من الامتار حول منطقة القصف، ومشيراً إلى خطورة شرب المياه الملوثة وتناول الاغذية الملوثة بالاورانيوم. ولفت الى ان خبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية كانوا على اتصال مباشر بخبراء الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية بدءاً من آب 2006، حيث تم تقديم بعض الاجهزة المكملة وتم التنسيق مع الخبراء اللبنانيين ومع منظمة الصحة العالمية وبرنامج الامم المتحدة البيئي.

وتلاه المدير الاقليمي لغرب آسيا لبرنامج الامم المتحدة للبيئة الدكتور حبيب الهبر، فقدم ملخصاً عن الاعمال التي قام بها البرنامج الذي يعمل عادة على التقويم البيئي ما بعد النزاعات، مشيراً الى ان العمل بدأ في هذا المجال منذ 9 اعوام في عدد من المناطق والدول، ومنها البلقان وكوسوفو والاراضي الفلسطينية. ولفت الى ان البرنامج عمل في لبنان بطلب من الحكومة اللبنانية، حيث شكل فريقاً مؤلفاً من 12 خبيراً جاؤوا الى لبنان اواخر ايلول الماضي وقاموا مع فريق متخصص من وزارة البيئة والجامعة الاميركية ومنظمة الارض بزيارات الى عدة مناطق كانت عرضة للقصف الاسرائيلي ابان حرب تموز 2006، واخذوا عينات مستقلة من المياه والتربة وجرى فحص هذه العينات في مختبرات سويسرية، حيث اظهرت الفحوص خلوها من  مادة الاورانيوم المستنفد والمخصب.

وتحدث عن المكتب الاقليمي للشرق الاوسط لمنظمة الصحة العالمية الدكتور حسين ابو زيد، فتطرق الى الآثار الصحية للأورانيوم المنضب، مؤكداً ان اشعاعه اقل منه الاورانيوم الطبيعي بالنسبة الى الجوانب السامة.

من جهته، قال مدير الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية الدكتور بلال نصولي: «فور انتهاء العمليات الحربية في آب الماضي، استنفرت الهيئة جهازها العلمي التقني المتخصص. وبالتعاون والتنسيق مع فوج الهندسة في الجيش، بدأت المسح الاشعاعي للمواقع المقصوفة في مناطق الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية وبيروت وغيرها، وقد تمّ اخذ عينات نموذجية من اكثر من مئة موقع مشبوه لاجراء التحاليل المخبرية اللازمة. لقد تعاونت الهيئة منذ اليوم الاول لانتهاء العدوان مع قسم الامان النووي في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأرسلت الوكالة على الفور معدات وتجهيزات محمولة، مكملة واضافية لتجهيزات الهيئة لزيادة فاعلية العمل الميداني وانجازه بالسرعة الممكنة، وكانت الهيئة تنسق في هذا الموضوع مع الوكالة وتناقش نتائجها معها أولاً بأول».

واضاف: «كذلك تعاونت الهيئة مع قسم تقويم ما بعد النزاعات التابع لبرنامج الامم المتحدة للبيئة في ما يخص محور الاسلحة المحرمة وغير الاعتيادية وخصوصاً الاسلحة التي قد تحتوي مواداً مشعة. وتمّ هذا التعاون على مرحلتين: المرحلة الاولى في شهر تشرين الاول 2006 وتمت خلالها زيارة عدد من المواقع المشبوهة والقيام بالمسوح الاشعاعية الميدانية واخذ عينات من التربة والغبار والمياه وشظايا الصواريخ والقنابل. اما المرحلة الثانية فشهدت تعاوناً لاجراء مسوح معمقة للحفرة المشبوهة في حي الجلاحية - التعمير في بلدة الخيام في 20 تشرين الثاني 2006 و 21 منه، بعدما كان هذا الموقع قد أثير حوله الجدل إثر المعلومات التي تداولتها الصحافة المحلية والعالمية حيال وجود أورانيوم مخصب فيها. والجدير بالذكر، ان موقع الجلاحية - التعمير كان قد سبق لخبراء الهيئة ان اخذوا عينات منه في اواخر آب 2006، ولم تشر التحاليل التي اجريت في حينه في مختبرات الهيئة ومختبرات الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى وجود أي أثر للأورانيوم المخصب أو المنضّب».

وختم نصولي: «على الرغم من ذلك، تعاملت الهيئة بكل جدية مع الخبر الذي ورد في 28 و30 تشرين الاول 2006 حول احتمال وجود أورانيوم مخصب في هذا الموقع، وزار خبراء الهيئة الموقع مرة اخرى في أول تشرين الثاني 2006 وتم أخذ عينات وجرى تحليلها في مختبرات الهيئة وفي مختبرات الوكالة مجدداً. وجاءت نتائج التحاليل في مختبرات الهيئة والوكالة وبرنامج الامم المتحدة للبيئة على العينات المأخوذة من كل المواقع المشبوهة متطابقة تماماً لتشير الى عدم وجود اورانيوم مخصب او منضب في كل العينات».

وعرض رئيس قسم الرقابة الاشعاعية البيئية في الهيئة اللبنانية للطاقة الذرية الدكتور عمر الصمد النتائج التي توصلت اليها الهيئة من خلال المسح الاشعاعي الذي تم على الاراضي اللبنانية التي تعرضت للقصف، بدءاً من تحديد المواقع واخذ عينات التربة والمباني المدمرة وشظايا القنابل والصواريخ، من سطح التربة الى عمق ثلاثة امتار، كما عرض لنتائج تحاليل العينات التي ارسلت ايضاً إلى مختبرات مستقلة في سويسرا وانكلترا والوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال انه في اثناء القيام بعملية التحاليل، جرت زيارة 80 موقعاً منتشراً في ضاحية بيروت الجنوبية وبعلبك والبقاع والجنوب، وتم اخذ 90 عينة من تلك المناطق لتحليل تركيزات الأورانيوم فيها، لافتاً إلى ان الخبراء استخدموا كاشفاً للدلالة على الاورانيوم المخصب. واوضح ان الكشف لم يظهر أي أثر لأي مادة مشعة، مشيراً إلى الأورانيوم الطبيعي الموجود أصلاً في التربة.

واختتمت الندوة بنقاش شارك فيه الحضور.