أخبار ونشاطات

ندوة عن «خدمة العلم» في مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية
إعداد: نينا عقل خليل

العقيد رمّال: لخدمة العلم فوائد عديدة وهي افتقرت إلى حملة توعية وتوجيه


نظّم «مركز فارس للشؤون اللبنانية» ندوة عن «خدمة العلم» حاضر فيها العقيد الدكتور محمد رمال وحضرها ممثل قائد الجيش العقيد عفيف شعيتو وضباط متقاعدون وصحافيون وممثلون عن منظمات شبابية وطلابية ومهتمون.
بداية كانت كلمة لمستشار المركز رغيد الصلح الذي لفت إلى أن حادثة عين الرمانة وما رافقها من ردّات فعل ومشاكل شكّلت إشارات ضمنية، إلى الفارق بين التحديات المتفاقمة التي تواجه الجيش اللبناني ومحدودية الإمكانات التي يملكها.
ورأى أن «إقرار خدمة العلم منتصف السبعينيات جاء نتيجة قراءة صحيحة للمسؤولين اللبنانيين في ذلك الوقت بعد أن وجدوا أن الفارق كبير بين حاجات السلامة الوطنية من جهة، والإمكانات المتوافرة للقوات المسلحة من جهة أخرى، لكن هذه الفجوة بدت وكأنها غائبة عن الذين اندفعوا إلى إلغائها».
وختم الصلح بطرح أسئلة حول مدى إمكان علاج الانتقادات الموجّهة إلى خدمة العلم عن طريق إدخال تعديلات على قانون هذه الخدمة أو عبر إلغاء القانون برمته، وإذا كان هناك من سبل بديلة تحقق الغايات المتوخاة من خدمة العلم.
ثم تكلم العقيد رمال فقدَّم شرحاً مُسهباً عن خدمة العلم والأسباب الموجبة لها والإعتراضات عليها والإقتراحات التي قدّمت في سبيل تعديلها. ورأى أن خدمة العلم كانت تشكو من عدم وجود التوعية المرجوّة، وأن حسم الجدل الناشئ حول جدواها لا بد وأن يسلك الإتجاه الذي يبيّن طبيعة دورها الوطني، والمعوقات التي قد تحول دون تحقيق هذا الدور، وكيفية مواجهة هذه المعوقات.
وشدّد العقيد رمال على أن نتائج الدراسات التي قامت بها المراكز الإحصائية ووسائل الإعلام وقيادة الجيش أظهرت أن الشاب اللبناني، سواء كان مدعواً للخدمة أو خاضعاً لها، لا يرفض الخدمة بالمطلق، إنما لديه تحفظات على الطريقة التي تتم فيها هذه الخدمة. واعتبر أن هامش الحرية الواسع الذي يتمتع به الإعلام اللبناني سمح لوجهات النظر المعترضة أن تصل بفعالية إلى المنتديات السياسية والشعبية، فتكوّن رأي عام شبابياً حول ضرورة إعادة النظر في هذه الخدمة. ولفت إلى أن السلطة السياسية تشترك في المسؤولية من خلال عدم وضع خطة رسمية على صعيد الدولة، تشترك فيها الوزارات المعنية، وتهدف إلى شرح الأبعاد الوطنية لخدمة العلم على الصعيد الشخصي والوطني، وتهيئ الشباب لتقبّل فكرة الخدمة من دون مواقف مسبقة. وأضاف أن الواقع الذي يسود العائلة اللبنانية هو واقع لا ينظر بالإجمال إلى خدمة العلم على أنها عامل إستثمار شخصي ووطني، بل أنها محطة ينسلخ فيها الإبن عن ذويه قسراً، وربما إلى المجهول. وأكد أن أخطر ما واجهته خدمة العلم هو حصرها في الشق المادي فحسب، وتجاهل إحدى أهم غاياتها، تلك المتصلة ببناء الشخصية الوطنية.
وعدّد العقيـد رمال الأسبـاب الموجبـة التي تمسّكـت بهـا وزارة الدفاع وقيـادة الجيـش في دفاعهمـا عن خدمة العلم، لجهـة الحاجة إلى عديـد المجنّدين، ولجهة إيجابيات الخدمة على الصعيد الوطني والإقتصادي، فضلاً عن المساهمة بالجهوزية العملانية ودعم السلم الأهلي، والمحافظة على الإستقرار العام، وتحقيق الوحدة الوطنية، ومواجهة التهديدات الإسرائيلية.
وقال إن «من بين فوائد خدمة العلم في السلوك الاجتماعي التنشئة الاجتماعية والمتمثلة بسلسلة المحاضرات وجلسات التوعية، ما يحصّن المجند إلى حد ما بوجه الآفات الإجتماعية، كالإدمان ولعب الميسر والإنتحار والسرقة والشذوذ والجريمة... وأكد أن خدمة العلم توحّد المجنّدين في مرجعيتهم القيادية، وفي حياتهم اليومية، كما توحّد نظرتهم إلى الوطن والجيش، وتساهم في عملية الإندماج الوطني، بحيث يصبح الشبان مستعدين لتقبل فكرة الولاء للجيش. كذلك عندما يلتقون على أهمية السلم الأهلي والأهداف الوطنية الأخرى، فسيتغيّر لديهم مفهوم الإنتماء، وإن لم يكن هذا التغيير كاملاً».
وذكّر العقيد رمال بأن البدل المادي مقابل الإعفاء والذي اعتمد في بدايات خدمة العلم أدى إلى ردود فعل سلبية لدى المواطنين، إذ سارع الميسورون إلى دفع البدل وبدا وكأن قانون خدمة العلم يميز بين المواطنين على أساس طبقي، وقال إنه يعرف حالات استدان فيها مواطنون، حالتهم المادية ليست جيدة، مبالغ من أجل دفع البدائل المادية لإعفاء أولادهم من خدمة العلم. وأكد أنه لا يجوز أن يكون الدفاع عن الوطن حكراً على فئة واحدة.
ولفت إلى أن «الأجواء التي أحاطت بخدمة العلم منذ إنطلاقها قد مرّت بفترات حرجة، شهدت خلالها حملات منظّمة وموسمية، كانت على صلة بحركة الواقع السياسي».
ورداً على مداخلات الحضور شدّد العقيد رمال على أن «الجيش ليس طائفياً فبعد الدخول إلى المؤسسة العسكرية يحاسب الجندي على أساس إنتاجيته ومدى إخلاصه وولائه للمؤسسة بغض النظر عن إنتمائه، فيرقّى ويحاسب وفق ذلك». وإذ لفت إلى أن الحرب تركت آثارها على المجتمع اللبناني ذكر أن أطروحته التي تمحورت حول خدمة العلم وكان عنوانها «خدمة العلم ودورها في بناء المواطنية» تضمّنت أمثولات على التعايش في داخل الجيش والصداقات الحقيقية التي نشأت بسبب خدمة العلم».
ولفت إلى أن العودة إلى مخيمات التدريب العسكري التي كان ينظمها الجيش للطلاب قبل بدء الحرب العام 1975 ربما تشكّل إحدى البدائل لصيغة خدمة العلم، كاشفاً أن الفوائد من المخيمات التي كانت تنظمها قيادة الجيش للطلاب الجامعيين، وشارك في إعدادها، كانت كثيرة، حيث كانت تشهد نقاشاً حراً بين الشباب الآتين من بيئات مختلفة».
وشكر ممثل قائد الجيش العقيد شعيتو مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية مبادرته إلى طرح النقاش حول خدمة العلم ووعد بنقل أفكار الحضور لتعديل صيغة خدمة العلم إلى قيادة الجيش.