ندوة

ندوة في كلية فؤاد شهاب للقيادة والاركان
إعداد: ليال صقر الفحل

المخدرات آفة الآفات

 

بحضور ممثّل قائد الجيش العميد الركن جميل حمدان، أقام البرنامج الوطني للوقاية من الإدمان في وزارة الشؤون الاجتماعية ندوة في كليّة فؤاد شهاب للقيادة والأركان، حول آفة تعاطي المخدّرات والأضرار الناجمة عنها. أقيمت الندوة بالتعاون مع البرنامج الوطني للحدّ من التدخين في وزارة الصحّة العامة وجمعيّة «جاد»، وحضرها ضبّاط دورة الأركان وآخرون من قطع الجيش وألويته.


إتجار نحو الانتحار
بداية مع النشيد الوطني، عرّف بعدها رئيس جمعية جاد السيد جوزيف الحوّاط بأنواع المخدّرات، القديمة منها والحديثة، خصوصًا تلك التي بدأت بالانتشار مؤخرًا عبر شبكة الانترنت.
وأكّد أن آفة تعاطي المخدّرات هي أصلاً بدعة يعمل على نشرها وتشريع استخدامها، من ينتمون إلى ما يعرف بـ«عبدة الشيطان» الذين يقيمون طقوسًا دمويّة غريبة تستخدم خلالها المخدّرات للتأثير على عقول العنصر الشبابي للانغماس في الرذيلة والقتل والاغتصاب والجريمة.
كما شرح السيد الحوّاط كيفية شراء أصحاب الأموال المخدّرات الباهظة الثمن، بينما يلجأ ذوو الدخل المحدود، خصوصًا الشباب منهم، إلى أنواع المخدّرات الأخرى الأرخص ثمنًا والتي تكون عادةً مصنّعة من أدوية مخصّصة لتخدير الحيوانات أو للاستعمال الزراعي. والخطير في هذا الشأن أنّ الإدمان قاد بعض المراهقين عبر مزج مواد كيميائية كالـتينير والنفتالين والأسيتون إلى الحصول على تأثير المخدرات، وهو أمر غاية في الخطورة نظرًا إلى أن هذه المواد تؤدّي، بعد فترة لا تتعدّى السنتين، إلى تآكل الأنسجة كليًّا مما يتسبّب بالموت المحتّم.
كذلك عرض السيد الحوّاط كيف يتمّ بيع المخدّرات على اختلاف أنواعها عبر شبكة الانترنت من دون حسيب أو رقيب، معرّفًا بنوع المخدّرات الرقميّة الجديدة التي يعمل المروّجون على بيعها عبر موقع idoser.com الأميركي الذي يبيع الموسيقى الرقميّة المخدّرة المسمّاة بأسماء أنواع المخدّرات: Cocaine وHeroine وkeptagone وبأسعار متفاوتة حيث يتمّ الدفع ببطاقات الاعتماد.
وفي السياق عينه، عرض كيف تروَّج المخدّرات في المدارس والجامعات عبر طرق عديدة منها الاحتيال واستغلال المشاعر الانسانية. كما عرّف بأنواع المأكولات والمشروبات المستخدمة في عمليات الاحتيال هذه، ومنها الحلوى والمشروبات الغازيّة والروحية الممزوجة بالمواد المخدّرة المتطوّرة التي لا طعم لها ولا رائحة.
وختم المحاضر معرّفًا بالطرق الجديدة المستخدمة في كشف المأكولات التي تحتوي على المخدّرات، ومنها آلة صغيرة شبيهة بالـUSB يتمّ وضعها في الطعام المشبوه فتضيء باللون الأخضر دلالة على وجود مخدّر؛ فضلاً عن أكواب زجاجية تتلوّن بالأحمر إذا وضعت المخدرات فيها.

 

أدوية أم سموم؟
بدوره تحدّث نقيب الصيادلة السابق الدكتور زياد نصّور عن الأدوية التي تستعمل في العلاجات المختلفة، ومنها تسكين الآلام ومعالجة السعال، والتي يستخدمها المتعاطون لأهداف أخرى تصبّ في خانة الاسترخاء وصولاً إلى الهلوسة والتخدير. كما عرض الأدوية التي يتناولها رياضيو كمال الأجسام, Anabolic) Steroid  Protein) والتي تسبّب أمراضًا خطيرة تضرب الكبد والأعضاء البشريّة الأخرى وتقود إلى الموت.
وفي هذا الإطار تحدّث الدكتور نصّور عن مشروبات الطاقة المنتشرة في الأسواق اللبنانية والتي تعتبر سلاحًا موجّهًا مباشرة إلى أجساد المراهقين، إذا تمّ استهلاكها بكثرة. ويكمن الخطر الأكبر في الأنواع الجديدة  التي طرحت والتي ستطرح قريبًا في الأسواق والتي تحتوي على الحشيشة والمخدّرات.

 

ابتكارات حديثة
أخيرًا عرض المحاضر أنواع الكحول التي صنعتها حديثًا أكبر شركة كحول في العالم، وهي عبارة عن أقراص من الكحول (علنًا) والمخدّرات (ضمنًا)، تذوّب في الماء لإعطاء التأثير ذاته. واللافت فيها أنّها توضّب في أكياس صغيرة جدًا تحتوي على عدد كبير من الأقراص، وهو ابتكار طوّر للاستخدام خلال السفر، فبدل حمل أربع أو خمس زجاجات من الويسكي في حقائب السفر، يمكن حمل كيس صغير من هذا المنتج الخفيف الوزن والذي يمكن أن يمرّ قانونيًا عبر الجمارك من دون أي عقبات.

 

أخطار أخرى
أما مدير البرنامج الوطني لمكافحة التدخين ومفوّض الحكومة في مستشفى ضهر الباشق الدكتور فادي سنّان، فتمحورت مداخلته حول قانون منع التدخين في الأماكن العامة، وقد شرح آليات تطبيق القانون بصرامة، على الرغم من أن الأمر على الأرض مغاير لذلك؛ فأرباب العمل يتساهلون في تطبيق القانون إذا كانوا من المدخّنين.
كذلك شرح الدكتور سنان واقع انتشار النارجيلة في المجتمع اللبناني والذي يزيد من خطر التدخين، ويضاعف أضراره، موضحًا أن عمر المراهقين الذين «يؤرجلون» يبدأ من سن الرابعة عشرة؛ والأخطر من ذلك أن الأمر يتمّ أمام أعين الأهل.
من هنا دعا الدكتور سنان الجميع إلى الوعي والتعاطي بمسؤولية في هذا الموضوع، خصوصًا أن بعض المقاهي تدسّ المخدّرات في «رأس الأركيلة» لنشر الإدمان والترويج للمخدّرات، لافتًا إلى أن المواد المستخدمة في صناعة التنباك رخيصة، وتضمّ البلاستيك والنايلون والنكهات الاصطناعية التي تسبب سرطان الرئة والجهاز التنفسي.

 

القانون
بعدها عرّف مستشار وزير العدل القاضي محمد صعب بأبرز بنود قانون جرائم المخدّرات، شارحًا كيف يتعامل القانون اللبناني مع المتعاطي على أنّه ضحيّة ومريض فيتمّ تحويله إلى المستشفيات والجمعيات المختصّة. أما إذا لم يرضَ بالمعالجة، فتتمّ محاكمته.
في الإطار عينه تحدّث القاضي عن الجريمة المنظّمة وعن تجارة المخدّرات وعن حقيقة انتشارها محليًا وعالميًا، شارحًا كيف تقود هذه الآفة بشكل مباشر إلى القتل والسرقة والاغتصاب والاحتيال والإرهاب وبالتالي إلى الجريمة.
أخيرًا، أوضح القاضي صعب كيف تبذل السلطات اللبنانية جهودًا جبّارة، على الرغم من إمكاناتها الضئيلة لوقف صناعة حبوب الكابتاغون، بحيث أوقفت عمليات تهريب ملايين الحبوب وقبضت على المهرّبين خلال العام المنصرم.
كما تحدّث كلّ من الدكتورة سارة علاء الدين والدكتورة جوانا فرنسيس عن تأثير المخدّرات والكحول على أداء السائق، وكيف يعاقب قانون السير الجديد المخالفين، وكيف يتمّ ضبط مستوى الكحول في الدم والاختبارات التي يستخدمها رجال قوى الأمن الداخلي لهذا الغرض.
كما نوقش موضوع الأدوية المسكّنة والأدوية المستخدمة في معالجة السعال والحساسيّة وتأثيرها على السائقين، حيث تسبّب النعاس وقلّة التركيز، تمامًا كتعاطي المخدّرات والكحول، مما يؤدي إلى الحوادث وبالتالي إلى الأضرار البشرية والماديّة.

 

التعرّف إلى المدمنين
أمّا مديرة البرنامج الوطني للوقاية من الإدمان في وزارة الشؤون الاجتماعية، السيدة أميرة ناصر الدين، فعملت خلال الوقت الذي خصّص لها في الندوة على تعريف الحاضرين على طرق اكتشاف المتعاطين، من خلال تصرّفاتهم وارتباكهم وقلّة تركيزهم ونسيانهم للتفاصيل، بالإضافة إلى العلامات التي تظهر على أجسادهم والمتمثّلة باحمرار العين وانتفاخ الجفون وتوسّع البؤبؤ وجفاف الفم والشفتين، والحركات اللاإرادية للعينين والفم؛ فضلاً عن العلامات الأخرى كالازرقاق والندوب التي تتركها الإبر المستخدمة في عملية التعاطي، إلى المشاعر المرتبكة وعدم الاستقرار العاطفي وعدم الاتزان وصولاً إلى الاضطرابات الغذائية (شهيّة مفرطة، فقدان الشهيّة).

 

كلمة شكر
أخيرًا، كان لممثل قائد الجيش العميد جميل حمدان كلمة شكر فيها المحاضرين على الجهود التي بذلوها في سبيل إيصال رسالة خطورة هذه الآفة على المجتمع اللبناني، ولتسليط الضوء على هذه المشكلة التي تهزّ العائلة اللبنانية، من خلال ضربها عنصر الشباب، مستقبل الوطن؛ موضحًا أن قيادة الجيش تولي المسألة اهتمامًا خاصًا، ليس فقط من خلال تعاونها مع المؤسسات الحكومية والجمعيات المدنية في نشر الوعي واليقظة، بل في اتخاذها، إلى جانب كل ذلك، إجراءات مشددة ومكثّفة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى للقضاء على زراعة الحشيشة وضبط مروّجي المخدرات وتجّارها والمتعاطين.