ذكراهم خالدة

نصب تذكاري للرئيس فؤاد شهاب في كلية القيادة والأركان
إعداد: جان دارك أبي ياغي


العماد قهوجي: إنّه الأرزة الراسخة جسمًا وروحًا في قلب الجيش

 

برعاية قائد الجيش وحضوره، احتفلت كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان بإزاحة الستار عن تمثال نصفي للرئيس الراحل فؤاد شهاب، وذلك في حرم الكلية.
حضر الاحتفال رؤساء الجمهورية السابقون أمين الجميل، ميشال سليمان (ممثلًا باللواء الركن المتقاعد شوقي المصري)، وإميل لحود (ممثلًا بالعميد المتقاعد موسى زهران)، دولة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل، رئيس الأركان اللواء الركن وليد سلمان، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن محمد خير، مدير المخابرات العميد الركن إدمون فاضل، قائد كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان العميد الركن علي مكه، وعدد كبير من كبار ضباط القيادة، وفعاليات اقتصادية وثقافية وإعلامية.
بدأ الاحتفال بالنشيد الوطني اللبناني أعقبه الوقوف دقيقة صمت إجلالًا لأرواح شهداء الجيش.


كلمة القائد
قائد الجيش العماد جان قهوجي، نوّه بمزايا الرئيس اللواء فؤاد شهاب، أبرز رجالات لبنان الكبار. واستهلّ كلمته بالقول:
بكلِّ فخر واعتزاز نلتقي وإياكم اليوم، لنكرّم مجددًا أبرز رجالات لبنان الكبار، الرئيس الراحل فؤاد شهاب، بعد أن كرّمته قيادة الجيش في العام 2005، وتشرّف هذا الصرح العسكري التعليمي العالي بحمل اسمه منذ ذلك الحين. الرئيس فؤاد شهاب، إنّه الأرزة الراسخة جسمًا وروحًا في قلب الجيش، كما في قلب الوطن الذي أحبّه حتى نكران الذات، وضحّى في سبيله حتى الرمق الأخير، فمضى إلى حيث مضى، شامخ الرأس عالي الجبين، مرتاح الضمير لما حقّق وأنجز.
وأضاف قائلًا: ليس بالأمر الاستثنائي أن يحظى رجل الدولة بإعجاب الناس وهو في موقع المسؤولية، لكنّ الاستثنائي أن يستمرّ هذا الإعجاب بعد تركه هذا الموقع، أو بعد رحيله عن الحياة الدنيا. إنه حال الرئيس القائد فؤاد شهاب، الذي لا يزال بعد عقود طويلة من الزمن على وفاته، حيًّا في الذاكرة الجماعية للوطن، قيمًا وأخلاقًا، نهجًا وفكرًا، وأسلوب عمل وممارسة.
فؤاد شهاب الإنسان، ذلك الزاهد بمغريات الحياة، الصامت الأكبر والمتعالي على الجراح، حين تختلط المفاهيم والقناعات، ويتغرّب ضوء الحقّ، كما حصل عندما قدّم استقالته في العام 1960، لشعوره بغياب الوعي الوطني المطلوب. وفؤاد شهاب رجل الدولة الحقيقي، الذي لم يسمح لنفسه يومًا بما لم يسمح به الدستور والقانون، ورجل الدولة أيضًا بوسع حكمته وبصيرته وبعد رؤيته، والذي عبّر عن ذلك ذات يوم بالقول، «إن الاستقلال الحقّ لا يؤخذ ولا يعطى، إنّما يبنى». وقد ترجم هذا القول ببنائه دولة المؤسسات كضمانة أكيدة للحفاظ على ديمومة الوطن ومنعته واستمراره.
ولعلّه من المنصف الاعتراف لهذا الرجل الكبير، ونحن نلتفّ حول تمثاله اليوم، بأنّ تلك المؤسسات التي بناها، لا تزال الضمانة، فمن خلال إعادة تفعيلها، ومن خلال تزخيم دورها، يمكن أن تعود الجمهورية إلى زمن الاستقرار والبناء والتطوّر، بدلاً من أن تبقى في زمن الشغور والفراغ والتعطيل والتأجيل. كما أن مؤسسة الجيش التي كان أوّل قائد لها لا بل أبًا لها، بقيت موحّدة متماسكة، بفضل دوره الأساس في بنائها على دعائم متينة وثوابت وطنية جامعة، وإبعادها عن السياسة والمصالح الفئوية الضيّقة. ولقد عبّر عن المكانة الوطنية للجيش بالقول: «جيشنا هو مدرسة الوحدة الوطنية يحياها ويحميها»، والجيش اليوم لا يزال كما أراده فؤاد شهاب. إنه في ظل كل ما يحصل في الجوار والمنطقة، وفي ظل اجتياح موجات التفكيك والشرذمة، لا يزال الجامع المشترك بين اللبنانيين، لا بل حجر الزاوية في إعادة بناء لبنان القوي، لبنان القيم، لبنان البقاء والازدهار.

وختم بالقول:
ما أحوج اللبنانيين في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ الوطن، إلى الاقتداء بالنهج الوطني للرئيس فؤاد شهاب، والحفاظ على إنجازاته والعمل على تطويرها، بما يتناسب مع مقتضيات عصرنا الحاضر.
أمّا نحن في المؤسسة العسكرية، فعهدٌ منّا أن نواصل مسيرة الشرف والتضحية والوفاء، مستمدّين من مبادئ الرئيس شهاب ومآثره الوطنية، القوّة والإرادة والأمل للحفاظ على لبنان، واحدًا سيّدًا مستقلاً، ونقطة إشعاع في المنطقة والعالم. عندها وعندها فقط نستحق لبنان، ونفخر بأننا أبناؤه المخلصون.
فؤاد شهاب أيها الرئيس الأمير، شكرًا لك، لأنك أعطيت الوطن الكثير الكثير، ومن حقّك علينا جميعًا أن نبادلك الوفاء بالوفاء، والعطاء بالعطاء، ونتطلع إلى مزاياك الشخصية والوطنية بأسمى مشاعر الاحترام والتقدير.

 

كلمة المؤسسة
بعدها، تحدّث رئيس مؤسسة فؤاد شهاب شفيق محرّم منوّهًا فيها بعهد الرئيس فؤاد شهاب الذي شكّل علامة فارقة في تاريخ لبنان المعاصر، وقال:
أسّس الأمير فؤاد شهاب الجيش اللبناني على قواعد وطنية سليمة. هذا الجيش الذي هو مدرسة للوحدة الوطنية بالفكر والممارسة، أصبح سياج الأمة وعنوان كرامتها. وقد مارس اللواء فؤاد شهاب مهمات قيادة الجيش بتجرّد ونزاهة وروح الخدمة، وهي الميزة الأولى لرجال الدولة في التاريخ. كما نظّم الجيش وأمّن لجميع عناصره من ضباط وأفراد، ولعائلاتهم، الضرورات الحياتية من تعليم واستشفاء وغيره، فأعطوا الجيش ولاءهم الكامل حتى التضحية.
وأضاف: تميّز عهد الرئيس فؤاد شهاب بالتزامه بناء دولة الإستقلال من خلال اعتماده مشروعًا واضحًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة وإنشاء المؤسسات القادرة على تأمين تنفيذ السياسات الهادفة إلى تلبية حاجات المواطنين والمجتمع.
وختم معددًا إنجازات المؤسسة التي تأسست العام 1998 وهي تقوم بنشاطات ثقافية واجتماعية إحياءً للقيم التي آمن بها وعمل لها الرئيس اللواء فؤاد شهاب، بهدف مساعدة المجتمع اللبناني على تخفيف تناقضاته واقتراح الحلول لمشاكله.
في الختــام، قدّم السيد محرّم درع المؤسسة لقائد الجيش، ثم توجّه الجمــيع لإزاحة الستـار عن النصب التذكاري للرئيس شهاب في الباحة الخارجية للكلية.
إشارة إلى أن التمثال من صنع النحات بيار كرم وهو من البرونز الخالص، وقد استغرق تنفيذه خمسة أشهر.