ذكراهم خالدة

نصب تذكاري للعقيد المغوار الشهيد ميلاد النداف
إعداد: روجينا خليل الشختورة

برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ممثلًا باللواء الركن ميشال منير، أقيم في البوشرية، حفل إزاحة الستار عن النصب التذكاري للعقيد المغوار الشهيد ميلاد النداف. حضر الاحتفال ممثل وزير الدفاع الوطني وقائد الجيش العميد الركن شامل روكز، ممثل وزير الداخلية والبلديات المهندس سامر شربل، قائمقام المتن مارلين حداد، رئيس بلدية الجديدة - البوشرية - السد أنطوان جبارة وأعضاء المجلس البلدي، قادة الألوية والأفواج في الجيش، إضافة إلى عائلة العقيد الشهيد النداف والأصدقاء.

 

إزاحة الستار
بعد النشيد الوطني وإزاحة الستار عن النصب التذكاري، ووضع أكاليل الزهر على وقع عزفة الموتى، ألقى رئيس بلدية الجديدة - البوشرية - السد كلمة قال فيها: «قبل أن يذهب الشهيد ميلاد النداف الى المعركة مررت عليه، وأعطاني ورقة كتب عليها: إذا متنا، نموت كالشجر، واقفين على باب الحرية، وإذا سقط السلاح من يدنا، يسقط الوطن من يدنا. علّموا أولادكم صناعة التاريخ لا دراسته...».
وأضاف: «أعطاني ميلاد النداف هذه الورقة وكان القدر بانتظاره... لقد قبّل التراب الذي وقع عليه قبل أن يموت، رسم خريطة لبنان بدمه وزرع بندقيته في الأرض فأنبتت رجالا وانتصارًا».
ثم ألقى نجل الشهيد الملازم الأول جوزف النداف كلمة قال فيها:
«نجمتي الساطعة هذه أهديها إليك، يا من أصبحت كوكبًا مشرقًا في سماء الخلود.
سيدي وأبي، حين نصاب بالألم، كنا نلتفت وننظر إليك، فإن كان ألمًا لا يصل إليك، إذن ليس ألمًا، ويموت في نفوسنا.
حين ننعم بالفرح كنا نلتفت إليك، فإن كان فرحًا لا يصل إليك، فهو إذن ليس فرحًا، ويموت في نفوسنا».
وأضاف: «يوم استشهادك كان يوم موت الألم والفرح في نفوسنا، ولصغر سننا بتنا مكسوري الجناحين، لكنّ احتضان المؤسسة لنا وانتظارنا إحقاق الحق والعدالة، وإيماننا بأن العدالة الإلهية لا تضيع حقًا، كل ذلك زاد من إيماننا بأن قدر هذا الجيش البطل أن يدفع دائمًا الدماء الزكية دفاعًا عن الوطن بكل إخلاص وتضحية وبعيدًا من التجاذبات التي لا تفيد، إلا للذين يسعون للنيل من استقرار لبنان».
وتابع: «يقول أحد الحكماء، أجلس على ضفة النهر، وأنتظر ولا بدّ أنه في يوم ما، ستمر جثة عدوي من أمامي. ونحن نطمح، كما جميع اللبنانيين، أن نجلس معًا على ضفة الوطن وننتظر، ولا بد أنه في يوم من الأيام، ستمر قوافل أعداء لبنان وهي ترحل عنه، لننعم بالطمأنينة والأمان، ولكي نتمكن بحكمة فخامة الرئيس وقائد الجيش من إبعاد لبنان عما يدور حوله من أزمات وحروب».
وفي الختام، شكر «الرئيس سليمان على رعايته الاحتفال، وقيادة الجيش التي لم تتخلَ عنا يومًا، وفوج المغاوير وبلدية الجديدة - البوشرية - السد، وجميع الذين ساعدوا في إقامة النصب التذكاري»، معاهدًا «الوالد المحافظة على الأمانة».

 

كلمة القيادة
من جهته، ألقى العميد الركن روكز كلمة قائد الجيش، وقال: «نلتقي اليوم هنا لنجدد وفاءنا لأحد شهدائنا الأبطال العقيد المغوار ميلاد النداف، من خلال إقامة نصب تذكاري بإسمه نعبّر برمزيته عن سمو معاني الشهادة ومآثر شهيدنا الكبير، كما عن ارتباط المواطن بجيشه، وتقديره لرسالته التي تستدعي في كل حين البذل والتضحية حتى الاستشهاد في سبيل الوطن. إن عائلة الشهيد نشّأت فارسًا مقدامًا، ينبري لخدمة هذه الرسالة بعد أن زودته الرجولة والعلم والأخلاق. وإنّ رفيقة دربه وأولاده، تقاسموا معه المهمة الوطنية، وهو على قيد الحياة، فأطلقوا يديه للعمل وتحملوا الكثير من الأعباء والأعمال، وهذا ما واصلوا فعله بعد استشهاده ورحيله. وأصدقاء الشهيد النداف يذكرون ويذكّرون بخصاله ومآثره، ليس لأنه استبسل في ساحة الشرف، وسقط شهيدًا في مواجهة الإرهاب المجرم فحسب، بل لأنه أضاف مدماكًا جديدًا الى كيان الأمن والاستقرار في الوطن، فارتفع إلى فضاء المجد والخلود مع كوكبة من رفاقه الأبرار، مرصعين أسماءهم في سجل الخلود، بأحرف من اخضرار بلادهم، ولمعان صخورها ونقاء ترابها الغالي...».
وشكر «بلدية الجديدة - البوشرية - السد، وكل من ساهم في إقامة هذا الحفل وشارك في حضوره، ومن صنع النصب التذكاري».
وبعد عرض عسكري رمزي، انتقل الحضور إلى كنيسة القيامة، حيث احتفل مطران جبل لبنان للروم الكاثوليك كيرلس سليم بسترس، يعاونه الأب طوني النداف بالذبيحة الإلهية لراحة نفس الشهيد العقيد ميلاد النداف.
وألقى بسترس عظةً شبه فيها «تضحيات الجيش اللبناني في سبيل الوطن بتضحية المسيح من أجل شعبه.»
وبعد أن عدّد صفات الشهيد النداف «الذي يواصل التضحيات من خلال نجله الملازم الأول جوزف»، أكد «وجوب بناء جيش قوي إذا أردنا وطنًا قويًا».