الجيش بأقلامهم

نصوص للجيش وفي الجيش
إعداد: هيام كيروز

 فجر يشرق من دم شهدائه وكلمات تبحث عن حبر
للجيش عند المواطنين اللبنانيين تقدير واحترام ومهابة، وقد ترجمها الأدباء والشعراء بقصائد ونصوص تستقي مفرداتها من الأقانيم الثلاثة التي يقوم عليها وجوده: شرف، تضحية، وفاء.

بين الارتجال والبلاغة
في مزاوجة فذّة بين الشعبي المرتجل الإنشائي، وبين البلاغة المحلّقة في الكلمة، تتجلّى بطولات الجيش وتضحياته كعنصر جوهري يشكّل مادة للإبداع الأدبي والفني، ويشتعل حماسة في فسيفساء متناغمة.
بعض القصائد تعالى إلى مستويات راقية التعبير، وتجاوز مهمات الجيش الجسام، إلى أهميته ومدى ارتباط وجود لبنان بوجوده.
وإذا كانت هذه النصوص تفي الجيش بعضًا من حقّه، فإنّها تكتسب أهمية مضافة من كون الجيش نبع إلهام لا ينضب، وطاقة تستثير الفكر والـروح، وتتجــدّد في تراكمــات الذاكــرة.
إنّ هذا النتاج الأدبي والفني هو رديف دور الجيش في صقل انتمائنا إلى الوطن، وهو لن يتوقّف، لأنّ التفاعل مع تضحياته يولد إشعاعًا أدبيًا، يفتتح كل يوم على أفق رحب، ويمتد امتداد لبنان في الزمن...
في ما يلي بعض النصوص شعرًا ونثرًا وزجلًا...

 

مع الفجر يعود الشهداء
الشاعر ريمون عازار
أحسّ الأرض في وطني
تميد
تمزّقه القبائل
والعبيد
يثيرون الحروب على ترابي
فلا أفنى
ويغمرني الخلود.
تهدّمني القذائف
لا أبالي
تقطّعني السيوف
ولا أحيد
أذود
فإن قضيت فذاك مجدي
وإن أحيا
أنا الحيّ الشهيد.
إذا أحرقتم جسدي وأرضي
فمن خلال الرماد
يشعّ ومضي
ويبقى الحقّ يعصمني
ونبضي
ويشرق من دمي
فجر جديد.


له السلاح
الشاعر ريمون شبلي

له السلاح... ادفنوا التنين، لا تسلوا:     وبعد؟: قولوا كفى! فليطفىء الخبل!
لا بندقية إلا بندقيته                     تبني السلام تعليه فيكتمل
تحمي كرامته... لبّيك يا وطني،         ولا إليك يدٌ تمتدّ أو تصل...
لبنان، جيشك قله قائدًا بطلًا            على خطاه يسير العسكر البطل
السّيف في يده سيفان، بعضهما         حقٌّ وعدلٌ وبعض حدّه النّبل
وقله تضحية تسمو على شرف          وقل: وفاءٌ يناديه فيمتثل
والشعب يهتف: لا حريّة انتصرت       بدون جيش، ولا أمن ولا أمل
لا عنفوان ولا أرض مسيّجة             ولا ازدهار ولا مستقبل جلل
والأرض تغضب: لا للطارئين! كفى!    ما غير جيشك يا لبنان، احتمل...
لبنان، جيشك عينٌ لم تنم، ويدٌ...       فلتطمئنّ الشواطي الزّرق والجبل
وليطمئنّ زمان صار ذاكرة،             وحاضرٌ عابرٌ ينتابه الوجل
وليطمئنّ غدٌ... لن ينحني وطني        والجيش، في كلّ شبرٍ، يشتعل


يا جيش لبنان
الشاعر جورج بو أنطون

اللي استشهدوا من الجيش كم وكم        طلعوا على بواب السما دقّوا
جايي وحامل عاكتافي همّ               عاقدّ مَ الكلمات يتنتّوا
اللي استشهد وقدّم لأرضو دمّ            بأيا حبر رح ينوفا حقّو؟
يا ابن هالجيش اللي دربك انتصار      ومعتاد تتحدّا المصاعب والمحن
بدّك تضل المرجعيّه والقرار             وبدّك تضل تدفّع الإعدا ثمن
ويللي إجو بعتم الليالي عالديار         تا يزرعوا بهالأرض أحقاد وفتن
سيوفن بتقتل ناس وبتهدم عمار         وسيفك بحرّر شعب وبيحفظ وطن
ويا جيش لبنان القوي الجبّار           خليّك صامد ماحدا قدّك
ناس العلى غصون الأرز بتغار        بقلوبها وأرواحها حدّك
وكلنا حدّك ع خطّ النار               تا ما حدا يقرّب على حدّك
وتا الأرض تبقى منبت الأحرار        وتا الشعب يبقى للأمن مرتاح
                    خلّيك باسط عالأرض يدّك


هامات تقول للصخر إفسح
القاضي مارون زخور

ما هذه الهامات تقول للصخر:
«إفسح في المجال لنا
نحن جيش البطولات والغد
نحن أعمدة الفداء والجنى
وإنا رجال لبنان الخلود مجدنا
من سؤدد الأرز ومن هنا
حيث التراب عزيز
والشعب أبيّ كريم
والأرض لنا
نسقيها بالجهد والدم
ونبذل دونها الروح والأعين
فتغدو مثل الشمس لآلىء
فاتنات من سنا
تنثر فوق ذرى الأيام أنوارًا
ساطعات من صنعنا
إسألوا التاريخ فهو يعلم
أننا الأسد
لا نهاب الزمن
نخوض غمار الحرب والوغى
وننقذ من سواد الظلمة المدن
نرفع راياتنا في الريح تعلو كالأنجم
فالنصر عندنا
نظير الشذا في الزهر
أو كما
الشجر الأخضر على دربنا
عيدنا عيد الكرامة والأباء
عيد الوفاء والرخاء والمنى.


حرّاس عزّتنا
الشاعرة والرّسامة باسمة بطولي

خلّدت حبك في قلبي وفي كبدي
يا واهب الروح، كي يحيا بها بلدي
يا جيش لبنان، هذا الشعب أنت له
أغلى من الروح، والأموال، والولد
خذها بطاقة حبّ، صغتها دررًا
يفنى الزمان، ولا تفنى مدى الأبد.

 

راية الجيش مجد الاستقلال
الشاعر لامع الحر
يبتكر العالم حريته لينطلق في رحاب الفضاء نسرًا يحلّق ويحلّق ليعطي الوجود كنهه الجميل. يسير العالم برمته وراء الراية، راية التحدّي، راية الابتكار، وراية البهاء المستعر، كي يكون للاستقلال معنى الحرية، وكي تكون الحرية صرح الفداء الماضي إلى عرينه يدمج الأحلام الكبيرة، ويعطيها ما تشاء من المعاني الوارفة. لا راية غير راية الجيش، إنه الحامي والفادي، والضوء المستمر في خلايانا دمًا يجدّد ودمًا يبثّ في الشرايين بهاء الحياة. راية الجيش في مجد الاستقلال الذي ينتفض على وقع أقدام رجال الله الماضين إلى حتفهم، ليمنح الأرض بريق الحرية، وليكلّل الإنسان مجدًا وغارًا، ولكي يبقى الجيش متراسنا الأوّل ووجودنا الأوّل وصعودنا الأوّل إلى ذلك البهاء المنتظر. لا استقلال إن لم يكن وراءه جيش قوي قادر. الجيش هو الاستقلال، وهو الوطن وهو الذهاب المستمر إلى العرين الذي لا يحتضن إلا الأسود.


في عين الخوف وفي جفن الردى
الأديب سليمان بختي

كلنا يحمل الوطن في حنايا الروح، أمّا الجيش فهو في أوّل الفعل والسياج الذي يحمي ويذود. كلنا يخاف على الوطن، أمّا الجيش فيمشي في عين الخوف، وفي جفن الردى ويردّ الضيم عن الوطن وأهله. كلنا يحلم بالوطن برفعته وغناه وازدهاره وتقدمه وذروة قممه، أمّا الجيش فيعيش الحلم ليل نهار كأنّه غاية الوجود ومبرره وفحواه. كلنا يقف للعلم احترامًا وسموًا، أمّا الجيش فيبذل في سبيله الدم والروح. كلنا ينام في بيته في آخر النهار، أمّا الجيش فيبقى ساهرًا حتى لا نفقد الأمان ولا يضيع المعنى. كلنا ييأس من أوضاع البلد، أمّا الجيش فيبدّد اليأس وينهض للأمل ويبقيه حيًا في القلوب والأرواح. كلنا نظن أنّنا نعطي للوطن، أمّا الجيش فهو العطاء الحق وبذل الذات بدون قيد ولا شرط وبمجانية مطلقة. كلنا للوطن، أمّا الجيش فهو للوطن كي يبقى الوطن، يبقى الوطن، ونبقى كلنا للوطن.

 

الجيش
الشاعر موسى زغيب

كان الزمان مسرسب وتعبان
وقاعد... ما بين السّر والمجهر
يخزّق ورق... يحفر على الصّوان
لون الكرامه ببدلة العسكر
ويقول... يا جيش الوطن عطشان
وأنت الرجا. والنبع والكوثر
غيرك... عاطاولة الورق سهران
وإنت... على حفظ الأمن عمتسهر
ومن جرحك على صخرة الإيمان
بتكتب كرامتنا. بحبر أحمر
تغيّر وجوه كتار... في لبنان
ووجهك حقيقي... ما بيتغيّر